يستعد ما يزيد عن 56 مليون ناخب تركي للمشاركة في اقتراع الأحد المقبل، في انتخابات مزدوجة رئاسية وبرلمانية هي الأولى من نوعها تشهدها تركيا أردوغان، حيث سيتقد المواطنون لانتخاب رئيس وبرلمان جديد للبلاد للسنوات الخمس المقبلة، ما اعتبر أنّه افتتاح لعهد "الجمهورية الثانية" ذات النظام الرئاسي. وكما قبل كل استحقاق انتخابي، تتكثف استطلاعات الرأي لرصد اتجاهات الرأي العام والسلوك المتوقع للناخبين قبيل توجههم الى صناديق الاقتراع. وتشير نتائج أحدث هذه الاستطلاعات كافة، إلى أنّ مرشّح حزب العدالة والتنمية رجب طيب أردوغان سيتفوّق على جميع منافسيه، لكنّ ثلاثة من أصل عشرة استطلاعات فقط أشارت إلى أنّ أردوغان سيحصل على نسبة أصوات تتجاوز الخمسين في المائة، وفقا لموقع "مونت كارلو". وسجل أول استطلاع "فورسايت" نسبة 50.8% لأردوغان مقابل منافسيه، واستطلاع "ماك"، سجّل 51.5%، وأخيراً استطلاع "أو آر سيط سجل 53.4%. هذا يعني أنّ نسبة نجاح أردوغان في الجولة الأولى لا تتخطى ال %30 من مجموعات الاستطلاعات العشر الأخيرة، وهو الأمر الذي لا يعكس التفاؤل الكبير الذي يبديه بعض المسؤولين في حزب العدالة والتنمية الحاكم. محرّم إنجة أمّا بالنسبة إلى محرّم إنجة، وهو مرشّح حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، يمكن الاستنتاج وبالأرقام أن 8 من أصل 10 استطلاعات توقّعت ان يحصل على نسبة أعلاها 29.9 لمؤسسة ميديار، وأدناها 23.8% لمؤسسة أو آر سي. الفارق بين الحد الأدنى والأعلى يعطي فكرة إلى حد بعيد عن الشريحة التي تمثّل حزب الشعب الجمهوري التي تأتي غالباً في هذه الحدود، إذ بلغ معدّلها في الانتخابات البرلمانية منذ 2011 حوالي 25%. ويعتبر البعض أنّ قدرة مرشح المعارضة محرم إنجة على استمالة أنصار من خارج الإطار الحزبي ستكون في حدّها الأدنى، وقد تتراوح في حدّها الأقصى 4%، بينما يرى البعض من الذين شملهم استطلاع الرأي أن محرّم قادر على جذب أصوات لا يستهان بها من خارج إطاره الحزبي. وفي ما يتعلق بمرشحة حزب إيي، ميرال أكشينار، فإن نتائج الاستطلاعات العشرة المتعلقة بها جاءت متفاوتة جداً، أعلاها 21.2%، وأدناها 8% والفارق بين النسبتين شاسع ويقارب 13%، ولعل أحد الأسباب المهمّة التي تدفع باتجاه مثل هذا المنحى، هو الضبابية المتعلقة بمعرفة حجم القاعدة الشعبية التي ستصوّت لها، خاصة أن الحزب الذي أنشأته جديد ومن غير المعلوم بعد مدى القبول الذي يحظى به لدى العامة، ولذلك ستكون الانتخابات القادمة الاختبار الأول له. ديمرتاش والكورد بالنسبة إلى النتائج المتعلقة بمرشّح حزب الشعوب الديموقراطية، الكردي، صلاح الدين ديمرتاش، فهي في حدود الممكن والمتعارف عليه كردّياً. ديمرتاش كان قد ترشّح إلى جانب أردوغان في الانتخابات الرئاسية أغسطس 2014، وحل آنذاك بالمرتبة الثالثة والأخيرة بنسبة 9.8% المفارقة أنّ بعض نتائج الاستطلاع تشير إلى حصول ديمرتاش على 9.3%، وهي نسبة تكاد تكون متطابقة إلى حد بعيد مع ما حصل عليه في الانتخابات السابقة. في جميع الأحوال، وجود ديمرتاش في هذه الانتخابات هو مجرّد تسجيل موقف، لكن إذا استطاع هذا الأخير جذب أصوات الأكراد المحافظين وأولئك الذين يميلون عادة إلى حزب العدالة والتنمية، فسيكون ذلك على حساب أردوغان في الغالب. أمّا مرشح حزب السعادة، كرم مُلاّ أوغلو، فيمكن الملاحظة أنّ نتائج الاستطلاعات المتعلقة به مختلفة بشكل كبير، كما انّ أحدها أعطاه نسبة 3%، وهي نسبة تبدو كبيرة لمرشّح الحزب المحافظ، وستكون إحدى المفاجآت إذا ما تحققت إن علمنا أن قاعدة الحزب المحافظ محدودة جداً، ولا يوجد ما يؤكد أنه قادر على جذب أصوات من قبل أحزاب راسخة، لكن إذا استطاع هذا المرشح جذب المزيد من الأصوات من الخارج، فإن ارتفاع نسبة التصويت لمرشح حزب السعادة ستكون في الغالب على حساب مرشح حزب العدالة والتنمية، نظراً لطبيعة القاعدة الشعبية للحزب التي تتسّم بالتوجه الإسلامي المحافظ، والعكس صحيح.