اعتبر السفير أحمد بن حلى نائب الأمين العام للجامعة العربية موافقة الحكومة السورية على استقبال كوفى عنان المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية فى دمشق مؤشراً إيجابياً إلا أنه شدد على ضرورة تجاوب حكومتها بصورة جادة وحقيقية مع مهمته بما يخدم مصلحة سوريا ووحدتها واستقراراها وإنجاز الإصلاحات التى تحقق مطالب الشعب السورى. ولفت بن حلى فى حوار مع "بوابة الأهرام" إلى أن عنان سيجرى مباحثات مكثفة مع نبيل العربى الأمين العام لجامعة العربية غداً بالقاهرة بعد أن تقرر أن يكون مكتبه الرئيسى بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية والتى انتهت من إعداده وتوفير طاقم المعاونين له ستتركز على أبعاد مهمته والتى سيشاركه فيها نائبه الدكتور ناصر القدوة، وقال إنه سيجرى سلسلة من اللقاءات مع عدد من وزراء الخارجية العرب قبيل توجهه إلى دمشق يوم الجمعة. وفيما يلى تفاصيل الحوار: - كيف تقرأ مهمة كوفى عنان كمبعوث مشترك للأمم المتحدة في سوريا وما هى القيمة المضافة التى تشكلها فى ضوء التطورات الأخيرة؟ المهمة الرئيسية لكوفى عنان المبعوث المشترك للأمم المتحدة والجامعة العربية ولنائبه الدكتور ناصر القدوة محددة فى تنفيذ عدد من المطالب وفقا لقرار الجمعية العامة للامم المتحدة الأخير ومبادرات الجامعة العربية والتى صدرت تباعا فى 2 نوفمبر و22 يناير و 12 فبراير الماضى وتتضمن ما يشبه خارطة طريق لمعالجة الأزمة السورية والتى تشتمل على مرحلتين؛ الأولى تتعلق بالأمور العاجلة وفى مقدمتها وقف إطلاق النار بشكل عام وشامل من قبل الحكومة وحتى من الأطراف الأخري ويتزامن ذلك مع الإسراع بإنقاذ المناطق المتضررة والمحاصرة جراء العنف الذى تمارسه قوات الحكومة ونجم عنه المئات من القتلى والجرحى والمشردين، وأعتقد أن هذا الجانب سيعالج خلال الزيارة التى ستقوم بها "فاليري آموس"مفوضة الأممالمتحدة للشئون الإنسانية لدمشق قريبا بعد موافقة الحكومة السورية على استقبالها، ثم خلق مناخ من الهدوء بما يهيئ الأجواء للدخول فى المرحلة الثانية وهى المرحلة السياسية والتى يجب أن تتجسد فى إطلاق مؤتمر للحوار بين ممثلى الحكومة وممثلى المعارضة يركز على بحث كيفية إدارة المرحلة الانتقالية لتحقيق مطالب الشعب السورى المتعلقة بإحداث تغيير وإصلاحات حقيقية، وأظن أن مواقفة الحكومة السورية على استقبال عنان تمثل مؤشرا إيجابيا نتطلع إلى أن يترتب عليها القبول بما هو مطلوب منها على صعيد الحلول السياسية. - هل يؤشر بدء عنان لمهمته أن الخيار العسكرى للتعامل مع الأزمة السورية بات مستبعداً؟ إن الجامعة العربية وفق تأكيدات أمينها العام ملتزمة بقرارات مجلسها الوزارى التى صدرت منذ أغسطس الماضي وحتى فبراير الماضى ولا يوجد بين هذه القرارات ما يقتضى أو يؤشر للجوء إلى الخيار العسكرى فتركيز حركة الجامعة يقوم على الإطار السياسى والدفع باتجاه الحوار بين مختلف أطراف الأزمة السورية فى ظل التزامات من قبل الحكومة بتحقيق الإصلاحات المطلوبة فى إطار التوافق مع أطياف المعارضة. - لكن برزت فى الآونة الأخيرة دعوات بتسليح المعارضة رداً على العنف المفرط من قبل القوات الحكومية والذى تجلت قسوته فى التعامل مع مدينة حمص وغيرها من المدن فهل من المتوقع أن تدعم الجامعة هذا التوجه خاصة أن السعودية وقطر أعلنتا دعمها لهذه الخطوة ؟ الجامعة العربية ما زالت ملتزمة بالخيار السياسى والسلمى للتعامل مع الأزمة وتجنب الدخول فى أى مواقف من شأنها إضفاء المزيد من التعقيد على الوضع من قبل تسليح المعارضة، وذلك حتى يكون هناك قرار مغاير فى هذا الشأن أما بالنسبة للدول العربية التى تعلن دعمها لتزويد المعارضة بالأسلحة فلاشك أنه لكل دولة مواقفها وسياساتها بيد أن الجامعة العربية ملتزمة بالموقف العربى الجماعى والذى لايتضمن أى توجه الى تسليح المعارضة أو دعم التدخل العسكرى. - هل أفهم من ذلك أن النموذج اليمنى بات هو المطروح للتعاطى مع الأزمة السورية وليس النموذج الليبى؟ لاأظن أن ثمة نموذجا بعينه قابل للتطبيق فى الحالة السورية فلكل دولة عربية ربيعها الخاص ووضعها المغاير ونسيجها الاجتماعى ودرجة تطورها ووزنها ومكانتها ومشكلاتها المختلفة ولاشك أن سوريا ضمن هذا المنظور تتفرد بوضعية خاصة سواء من حيث تكوينها الديموجرافى والسياسي وتشابك علاقاتها مع الملفات الأقليمية أو على صعيد ما تمثله من رقم مهم فى معادلة الاستقرار الإقليمى، وبالتالى بتعين النظر إلى أزمتها وفق كل هذه المعطيات حتى لا يقود تبنى أى موقف إلى المزيد من التعقيد فيها أو إحداث اضطراب فى مكونات المجتمع السورى. - كيف تفسر رفض النظام السورى للتجاوب مع المبادرة السياسية الأخيرة للجامعة العربية؟ دعنى أؤكد لك أمرا لدينا قناعة قوية به فى الجامعة العربية مؤداه أنه مهما كانت المبادرات والاجتهادات والطروحات الخارجية فهى مجرد عنصر مساعد أما حل المسألة السورية فى آخر المطاف فلن يكون بكل أمانة إلا بأيدى السوريين أنفسهم بأى صيغة يرونها وهو ما يستوجب أن يجلس جميع أطراف الأزمة حكومة ومعارضة معاً فى حوار مسئول وشجاع مع استعداد لتقديم التضحيات سواء من قبل القيادة أو الاطراف الأخرى للمحافظة على الوطن من خلال وقف نزيف الدم والإسراع بتحقيق الإصلاحات المطلوبة.