قبل ثورة 25 يناير لم نكن نسمع عن النوبة ولا مشاكل أهلها ولا حتى تاريخها، وفى الفترة الأخيرة سمعنا عن وقفات احتجاجية للنوبيين واجتماع رئيس الوزراء بهم ومحاولة دراسة مطالبهم، ثم أخيرا تردد اسم النوبة عند الحديث عن المخططات الخارجية ومؤامرة تقسيم مصر إلى أربع دويلات منها دولة للنوبة. واكتشفت مثل الكثيرين أننا نجهل حقيقة مشكلة النوبة ذلك أن النظام السابق كان حريصا على تجاهل وتغييب أمور كثيرة لكى تظل النار تحت الرماد وهاهى الآن تنفجر ويخرج المارد من القمقم وتطفو المطالب على السطح، وقد بدأ بالفعل المسئولون ينتبهون لخطورة إهمال قضية تخص سكان قطعة غالية من أرض مصر وهى النوبة. أحمد عبدالحكيم، واحد من مواطنى النوبة وسكرتير عام مجلس مدينة نصر النوبة، هو أجدر من يتحدث عن تاريخها ومشاكل أهلها فيقول: نحن النوبيين، كنا نعيش على ضفاف النيل ومثل مصر القديمة كلها كان الأجداد يقدسون حابى إله النيل أو إله الخير الذى يأتى بالخير من الجنوب إلى الشمال ومن هنا يبدو عشق النوبى للنيل لايستطيع أن يفارقه وعندما تم بناء السد العالى عام 1964 تم تهجير أهل النوبة القديمة إلى المكان الجديد الذى أعد لهم عند هضبة كوم أمبو فى بطن الصحراء الشرقية 44 قرية على مساحة 55 كيلو مترا لكن النوبة الجديدة للأسف تبعد عن النيل 35 كيلومترا ونقلت القرى بمسمياتها القديمه مثل ملانه وتوشكى وعنيبة وأبوسمبل والدكة عبارة عن مدينتين هما كلابشه ونصر النوبه و9 وحدات محلية قروية هذه هى النوبة الحالية بعد التهجير. يبلغ عدد سكان النوبة حاليا 200 ألف نسمة نشاطنا الرئيسى الزراعة وخاصة قصب السكر والقمح والحبوب الأخرى، وللنوبيين كما يقول أحمد عبدالحكيم: لغتهم الخاصة بهم ولها حروف إبجديه لايجيدها غيرهم ورغم انفتاح المجتمع وانتشار التعليم الجامعى لكن ظل المجتمع النوبى محتفظا بثوابته وهى اللغه التى يجيدها الأجيال الجديدة وايضا عاداتهم وطقوسهم مثل مراسم الزواج التى تستمر على الأقل ثلاث ليال قبل الحنه وليلة الحنه وليلة الدخله والعريس النوبى يقدم لعروسه الشبكة ويتكفل ببيت الزوجية وتأثيثه ويقدم مهرا لوالد العروس والبيت النوبى يتميز بالبساطه والاتساع ولابد أن يكون له حوش واسع وأثاثه من منتجات البيئة وأهم ما يميزه النظافة فلا يوجد فى النوبه عامل نظافة كل ربة بيت تنظف يوميًا أمام بيتها ولذلك الشوارع دائما نظيفه. زمان لم يكن مسموحا بالزواج من خارج النوبة سواء للشباب أو الفتيات لكن بعد انفتاح المجتمع النوبى أصبح الرجل قادرًا على كسر هذه القاعده والزواج من غير النوبيات لكن ظل هذا الأمر محظورا على الفتيات فلا يحق لنوبية الزواج من خارج العائلة. واحترام الكبير والمجالس العرفية من طقوس أهل النوبة المتوارثة والتى مازالت موجودة ويراها أحمد عبدالحكيم ضرورية لحل مشاكل افراد العائلة داخل الخيمة. وعن مطالب أهل النوبة يقول أحمد: هناك من تم تهجيرهم وحتى الآن لم يعودوا إلى ديارهم ثم إننا عند تهجيرنا ووفقا للقرار الجمهورى يستوجب حصولنا على أرض وبيت ولم يحدث كما أن هناك تقديرات مجحفة، فالبعض الذى كان يملك نخلا يعيش من محصولة يقدرون سعر النخله بعشرة قروش بتقديرات وقت التهجير وهذا غير منطقى، نحن نطالب أيضا بمجتمع عمرانى لنا على ضفاف بحيرة السد العالى وهى منطقة غنية بالثروات الطبيعية مثل الحديد ومصنعه فى حلوان مع أنه كان عندنا مصنع وتم إغلاقه ويوجد أيضا رخام وجرانيت ورمال وكوارتز ويورانيوم وكلها تتطلب إقامة صناعات عليها مثل السيراميك والأسمنت، باختصار مجتمع عمرانى متكامل زراعيا وصناعيا. فقط نحتاج من المسئولين نظرة للجنوب ونحن بدورنا لن نتخلى عن وطننا مصر، ولذلك تبرع العاملين فى الوحدة المحلية هنا بأجر يوم لدعم الاقتصاد المصري.