كشف تقرير اللجنة الدولية لحماية الصحفيين أن الحكومة المصرية أطلقت حملة منهجية لتهديد الصحفيين وإعاقة التغطية الصحفية خلال الثورة التي امتدت 18 يوما والتي أدت إلى الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك. وأوضح التقرير أنه تم تسجيل عشرات الانتهاكات الخطيرة لحرية الصحافة ما بين 25 يناير 2011 حتى التنحي 11 فبراير من العام نفسه، مؤكدين أنه تم الاعتداء علي الصحفيين في الشوارع بواسطة عناصر الشرطة ومؤيدى الحكومة، وقد لقي صحفي حتفه برصاص أطلقه قناص بينما كان يغطي التظاهرات. أضاف التقرير خلال المؤتمر الصحفي الذي نظمته نقابة الصحفيين بإشراف الكاتب الصحفى هشام يونس عضو مجلس النقابة اليوم الثلاثاء أن السلطات المصرية احتجزت عشرات الصحفيين، وأغلقت خدمة الإنترنت لمدة ستة أيام، وعلقت عمل خدمات الهواتف النقالة، وحجبت بث القنوات الفضائية، وألغت وثائق اعتماد صحفيين، وأقامت عوائق بيروقراطية أمام الصحفيين الأجانب، وصادرت معدات من الصحفيين، وداهمت مكاتب مؤسسات إخبارية. وأوضح التقرير أنه بعد سقوط نظام مبارك، أظهر المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يحكم البلاد عدائه للتغطية الإخبارية الناقدة، فقد أقام المجلس نظاما جديدا للرقابة، وفرض على محرري الصحف الحصول على موافقة مسبقة قبل نشر أية تغطية تتعلق بالقوات المسلحة، موضحين أنه في شهر يوليو الماضي، أعاد المجلس العسكري وزارة الإعلام القمعية ؛ وفي شهر سبتمبر، أعلن المجلس أنه سيطبق قانون الطوارئ الذي كان سارياً في عهد الرئيس المخلوع مبارك الذي يتيح احتجاز المدنيين لفترات مفتوحة، كما داهمت السلطات مرافق البث الإعلامي، وفرض رقابة على الصحف، واحتجزت مدونين ناقدين. ورصد التقرير أنه في شهر أكتوبر الماضي، حدثت مواجهات دامية بين الجيش ومدنيين أمام مقر اتحاد الإذاعة والتلفزيون مما أدى إلى مقتل عشرات الأشخاص، بمن فيهم صحفي، وفي الشهر التالي، تعرض 35 صحفيا للاحتجاز أو لاعتداءات بينما كانوا يغطون تظاهرات امتدت لمدة أسبوع طالبت المجلس العسكري بتسليم السلطة للمدنيين. وأكد التقرير أن مصر سجلت أعلى رقم من مستخدمي موقع فيسبوك في العالم العربي، حيث وصل رقم المستخدمين 8.9 مليون مستخدم بواقع 11% من نسبة السكان، على الرغم من أن نسبة انتشار الموقع أعلى في عدة بلدان في الإقليم، حسب إحصاءات موقع فيسبوك وقد استخدم الصحفيون مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة لنشر المعلومات من ميدان التحرير ومناطق ساخنة أخرى في جميع أنحاء البلاد. وأوضح التقرير أن السلطات المصرية سعت في ذروة التظاهرات الشعبية إلى احتواء المعارضة من خلال منع إمكانية الوصول إلى شبكة الإنترنت، كما استخدمت هذا الأسلوب أيضا عدة حكومات إقليمية تواجه اضطرابات مدنية، ولم ينتج عن هذه المحاولات سوى نجاح محدود. وتاريخيا، استخدمت بعض الحكومات الآسيوية أسلوب إغلاق خدمة الإنترنت لقمع المعارضة، لافتين إلي أنه لجنة حماية الصحفيين وثقت 160 اعتداء على الصحفيين والمرافق الإعلامية خلال الثورة التي امتدت 18 يوما. وقد تم استهداف الصحفيين على نحو مستمر من قبل عناصر أمن يرتدون ملابس مدنية وعملاء للحكومة، حسبما تظهر أبحاث لجنة حماية الصحفيين. ورصد التقرير احتجاز مدونين ناقدين في نهاية العام وهما مايكل نبيل سند أول مدون يحتجز في فترة ما بعد مبارك، حسبما تظهر تقصيات لجنة حماية الصحفيين، كما وجهت السلطات في نوفمبر تهمة "التحريض على العنف ضد الجيش" إلى علاء عبد الفتاح، بالإضافة إلي قتل المصور الصحفي أحمد محمد محمود الذي كان يعمل مع صحيفة "التعاون" إثر إصابته برصاص أطلقه قناص في 29 يناير 2011 ، وفي أكتوبر 2011، قتل المصور وائل ميخائيل الذي يعمل مع قناة البث القبطية 'الطريق' إثر إصابته برصاصة بينما كان يصور المواجهات العنيفة بين المتظاهرين المسيحيين الأقباط وقوات الجيش في أحداث ماسبيرو. من جانبه قال روبرت ماهوني نائب المدير التنفيذي لمنظمة حماية الصحفيين إن التقرير يعرض بالتزامن في مصر مع لندن ونيويورك، لافتاً إلي أن الهجوم علي الصحافة وثيقة مهمة خلال عام 2011، كمجموعة من الصحفيين نستخدم انتهاك الصحافة للعمل علي منع تلك الانتهاكات، لافتاً إلي أن زيادة الرقابة كانت مقترنة بالزيادة في سهولة التواصل الإلكتروني، وأيضاً لوحظ قوة الإعلام الإلكتروني في الانتفاضات، ولكن الحكومات والنظم السلطوية تعلمت استخدام التكنولوجيا لدفع حرية الصحافة للقمع.