يعيش المجتمع المصري أجواء انتخابات مجالس إدارات الأندية بكل تفاصيلها، بعد أن خرجت في ظاهرة لافتة للجميع خارج أسوار الأندية، وأصبحت الدعاية تحاصر المواطنين على شاشات التليفزيون وفي الراديو ومواقع الأخبار، وحوارات بالصحف والمجلات، وحتى الكباري والواجهات الإعلانية الكبيرة والرئيسية بالشوارع امتلأت بصور المرشحين، وكأنهم في سباق انتخابات رئاسية. وبنظرة على قوائم الأندية الكبيرة مثل النادي الأهلي والزمالك، وكذلك الأندية العريقة مثل الجزيرة وهليوبوليس والشمس والصيد، فإن المرأة هي مرشحة واحدة فقط ضمن قائمة بها 12مرشحًا، ويحسب وجودها إجمالًا ما بين ثلاثة أو أربعة مرشحات في كل القوائم بكل ناد، ومنهن قليلات من يخضن المعركة بشكل مستقل، وكأن وجودها تم فرضه، أو ضمها على استحياء، ومن باب جبر خواطر المرأة المصرية، وليس عن قناعة بأهمية دور المرأة، بل وقدرتها الحقيقية على التفاعل مع الأعضاء، وبذل مجهود حقيقي في كل المجالات والأنشطة داخل الأندية، فالمرأة للأسف لم يتم احتسابها كقيمة مضافة، بل مجرد ديكور وبرغم الصورة القاتمة، فإن نادي سبورتنج العريق بالإسكندرية أعطانا قليلًا من الأمل ولعضواته كل التحية والتقدير، ولكل من في القوائم؛ حيث وصل عدد المرشحات إلى 12 عضوة، بالإضافة إلى منافسة مرشحة على مقعد نائب رئيس النادي. فتحية للست السكندرية الواثقة من نفسها ومن قدرتها على خدمة مجتمعها داخل النادي، وتحية إلى كل من ساندها واعتبر وجودها حقًا، وليس مجرد واجهة قوائم. والحديث عن صورة المرأة في مشهد انتخابات الأندية هو أكبر دليل على أننا لا نزال ندور في حلقة مفرغة من التاء المربوطة، وكيف أنه برغم كل الجهود التي تبذل من الدولة، بداية من الرئيس الذي أعلن عن دعمه وتقديره للمرأة في كل مناسبة، وكذلك جهود جهات كثيرة أبرزها المجلس القومي للمرأة الذي لا يتوانى في كل وقت عن تقديم الدعم للنساء في كل المجالات، والتوعية بكل الوسائل وبشكل مكثف، خصوصًا هذا العام الذي أعلن فيه أنه عام المرأة المصرية، ولم يتبق على انتهائه سوى أشهر قليلة تنتهي في مارس 2018 في يوم المرأة المصرية، إلا أن الحقيقة المؤسفة أن عقلية المجتمع الذكوري لا تزال هي الغالبة على قناعات وقرارات هيئات وأماكن حيوية كثيرة بالدولة؛ سواء رسمية أو غير رسمية. التحيز هنا ليس فقط من أجل النساء كنوع، ولكنه حق منقوص لنصف مجتمع؛ فمهما كانت القوائم تضم عناصر الخبرة من رياضيين ورجال أعمال وأطباء ومهندسين، وغيرهم من الرجال، فبالتأكيد كل هذه المجالات وأكثر يوجد داخل الأندية عضوات على نفس المهنية والكفاءة والتميز أيضًا؛ لأنها الأوعى والأكثر خبرة بمشكلات عديدة اجتماعية تمس أسر الأعضاء جميعًا كبارًا وصغارًا؛ بحكم تواجدها فترات أكبر في النادي، وتمارس أكثر من نشاط مع أبنائها أو بمفردها. فالعنصر النسائي يعادل النصف في كشوف أعضاء الجمعية العمومية في كل الأندية الكبيرة والصغيرة، وحتى في المحافظات المختلفة، لكن من الواضح أنه لا يزال أمامنا شوط طويل يعادل السنوات الطويلة السابقة لنرسي قواعد المساواة ونغير الثقافة الذكورية، وليس علينا سوى أن نظل نعمل ونجاهد لنحقق ذلك؛ لنترك لأبنائنا مجتمعًا يسوده العدل بين جميع أفراده، فدائمًا يقيني بأنه يمكن للإنسان أن يعيش بلا بصر، ولكنه لا يمكن أن يعيش بلا وعي. [email protected]