يعد سعد الحريري رئيس الوزراء اللبناني الذي تقدم باستقالته اليوم السبت، أحد أبرز السياسيين اللبنانيين الذين لعبوا دورًا مهمًا على الساحة السياسية اللبنانية منذ عام 2005 عندما تم اغتيال والده رفيق الحريري في عملية إرهابية وسط بيروت. "الشيخ سعد" و"دولة الرئيس" .. هو رئيس تيار المستقبل سعد الحريري الذي كلفه الرئيس اللبناني ميشال عون، بتشكيل الحكومة، في نوفمبر الماضي، بعد شهور طويلة من أزمة الفراغ الرئاسي التي عاشها لبنان. وهو الاختيار الذي اعتبرته الأوساط السياسية حينها "صفقة" تتضمن أن يعتلي حليف حزب الله "العماد" عون قصر "بعبدا" الجمهوري بدعم مفاجئ من تيار "الحريري"، مقابل تكليف نجل الراحل رفيق الحريري ووريثه السياسي برئاسة الحكومة. الحريري الابن خريج جامعة جورج تاون في واشنطن، مولود في الرياض، وحاصل على شهادات في إدارة الأعمال ولم ينخرط في السياسة خلال حياة والده، ما جعل خصومه يأخذون عليه افتقاره إلى الخبرة. ولكن "الشيخ سعد" أثبت أنه يتمتع بشعبية داخلية وقبول إقليمي، واستطاع أن يفوز فور دخوله المعترك السياسي في 2005 عقب اغتيال والده برئاسة أكبر كتلة برلمانية ضمت 35 نائبا من أصل 128 مقعدا، ليقوم بعد عامين بتأسيس تيار المستقبل. وفي 2009 حقق الحريري فوزا ثانيا في الانتخابات التشريعية، وحصل مع حلفائه على 71 مقعدا، وبذلك تولى منصب رئاسة الوزراء لأول مرة في مسيرته السياسية ما بين 2009 وعام 2011، وبعد تكليفه نال "الحريري" ثقة 110 أصوات من نواب البرلمان البالغ عددهم 126، فشكّل حكومته الثانية بعد 40 يوما من التكليف. في 27 يونيو 2009 كلفه الرئيس ميشال سليمان بتشكيل الحكومة الجديدة الأولى له التي تلت الانتخابات وذلك بعد الاستشارات النيابية وتسميته من قبل 86 نائبا يمثلون نواب تحالف 14 آذار ال71 ونواب حركة أمل. وفي 7 سبتمبر وبعد شهرين ونصف من تكليفه بتشكيل الحكومة قدم إلى رئيس الجمهورية ميشال سليمان تصورا لتشكيل الحكومة، إلا أن المعارضة رفضت هذه التشكيلة. وفي 10 سبتمبر أعلن بعد لقائه رئيس الجمهورية عن اعتذاره عن تشكيل الحكومة. وفي 16 سبتمبر أعاد رئيس الجمهورية تكليفه بتشكيل الحكومة بعد أن أعاد أكثرية نواب مجلس النواب تسميته لرئاسة الحكومة بالاستشارات النيابية، حيث سماه نواب تحالف 14 آذار ال71 ونائبا حزب الطاشناق وحصل بذلك على 73 صوتا. وبعد حوارات ومناقشات ومفاوضات شاقة استطاع أن يعلن عن تشكيل حكومته الأولى بتاريخ 9 نوفمبر2009. وقد واجهت حكومته صعوبات عديدة خصوصًا بعدما بدأ يقترب صدور القرار بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري وإصرار وزراء حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر على طرح موضوع شهود الزور بالقضية وطلب إحالتهم للمجلس العدلي، وأدى كل ذلك إلى إعلان وزراء تكتل الإصلاح والتغيير وحركة أمل وحزب الله في 12 يناير 2011 استقالتهم من الحكومة وذلك بعد وصول محاولات تسوية مشكلة المحكمة الدولية الخاصة بمحاكمة مرتكبي جريمة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري إلى طريق مسدود مع رفضه لعقد جلسة لمناقشة القضية، ولذلك وحسب بيان الاستقالة فإنها جائت نتيجة للتعطيل الذي أصاب الجهود الرامية إلى تخطي الأزمة الناتجة عن عمل المحكمة الدولية، كما اتهموا فريقه السياسي بالرضوخ للضغوط الخارجية لا سيما الأمريكية، وقد تبعهم استقالة وزير الدولة عدنان السيد حسين والذي أعلن أن استقالته جاءت لتمكين المؤسسات من تشكيل حكومة جديدة تلبي طموحات الوحدة والاستقرار، وأدت استقالة الوزراء الأحد عشر إلى فقدان الحكومة نصابها الدستوري وبالتالي اعتبارها مستقيلة. وبعدَ انتخاب العماد ميشال عون رئيسا للجمهورية اللبنانية قامَ الأخيرُ بتكليفِ الحريري رسميا لرئاسَةِ الحكومة وذلكَ في 11 نوفمبر من عام 2016، ونال الحريري 110 أصوات من نواب البرلمان البالغ عددهم 126 بعد استقالة أحد النواب. شكّل حكومته الثانية بعد 40 يوما من التكليف، واستطاع الحريري الابن أن يقود لبنان خلال هذه الفترة إلى مرحلة من المواءمات بين تيار المستقبل وحزب الله وبقية المكونات السياسية في لبنان رغم اختلاف الحسابات والمرجعيات.