نموذج حقيقي لتعايش الأديان على أرض مصر بما يحوي من كنوز ومقتنيات أثرية تبرهن للعالم بأن مصر بلد السلام والأمن والأمان، جولة لن تجد مثيلها، حيث السير وسط تعانق الأديان ونشوة الروح المتوهجة من الرمال الملتفة حوله، ماحية الصورة التي رُسمت لسيناء بالحروب والنزاعات. لا نتحدث عن مكان جديد، إنما نحن أمام منشأ أثري (دير سانت كاترين)، مبحرين وسط طرازه الفريد وجدرانه الشاهدة الدالة على عبقرية الناشئين، حتى نصل ل "متحف مقتنيات دير سانت كاترين" المواجه لكنيسة التجلي معانقة مئذنة الجامع الفاطمي، وشجرة العليقة الملتهبة التي ناجى عندها موسى النبي ربه. يضم المتحف "العهدة النبوية"، هو كتاب العهد الذي كُتب للديرأيام النبي محمد الرسول عليه الصلاة والسلام ، حيث كان في الأصل محفوظا في الدير إلى أن فتح السلطان سليم مصر عام 1517م فأخذ الأصل وأعطاهم نسخة معتمدة منه مع ترجمتها بالتركية. هذا ما أكده الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بسيناء، التابع لوزارة الآثار، موضحًا أن المتحف يحوي عدة نسخ منها وهو العهد الذي أمن الرسول فيه المسيحيين على أموالهم، وأنفسهم، ومقدساتهم، وممتلكاتهم، كما يحوى أشهر مخطوطات الدير والتحف الفنية المختلفة المهداة للدير عبر العصور من تحف معدنية وخشبية رائعة. وأضاف "ريحان" أن رهبان الدير استغلوا موقعًا تاريخيًا بأحد أبراج الدير بمنتصف الجدار الشمالي الشرقي بالتنسيق مع منطقة آثار جنوبسيناء للآثار الإسلامية والقبطية، وهو برج القديس جورج وسمي بذلك لوجود كنيسة القديس جورج بداخله. يتكون البرج من أربعة مستويات المستوى الأول به مدخل المقدسين المسيحيين في رحلتهم للقدس عبر سيناء، حيث كانوا يدخلون منه إلى الدير، والمستوى الثاني يسمى "سكيفو فيلاكيون "وهو المكان المخصص لحفظ الأغراض الدينية من أيقونات وأواني وثياب مقدسة، بالإضافة إلى مخطوطات الدير. والمستوى الثالث من البرج به "الدوفارة"، وهو الونش الذي كان يتم عن طريقه سحب المؤن وأحيانًا الأشخاص للدير في العصور الوسطى والمستوى الرابع به كنيسة القديس جورج التي أعيد بناؤها عام 1803م . ولا يزال هذا البرج يحتفظ بالتخطيط الأصلي منذ بناء الدير فى القرن السادس الميلادي شاملا الدراوى العلوية والممر الداخلي، وقد حدث زلزال في القرن ال13 وال14 الميلادي، أدى لتهدم جزء من البرج، وفي عام 1798م تهدم جزء آخر من البرج نتيجة سيول شديدة، وقام "كليبر" الذى أرسله نابليون عام 1801م بترميم البرج، وفى هذا الترميم تم كساء البرج من الخارج بكسوة خارجية غيرت من شكل البرج الذي كان في الأصل برجًا مربعًا. وفى عام 1971م تهدم الجزء العلوي من البرج شاملاً كنيسة القديس جورج نتيجة حريق ولم تصل النار للمخطوطات الموجودة ب"سكيفو فيلاكيون". كانت قد أجريت ترميمات سريعة بالبرج عام 1977 للجزء الجنوبي من كنيسة القديس جورج بعمل أرضية أسمنتية كما أُعيد بناء "سكيفو فيلاكيون" باستخدام الأسمنت واستعملت لوقت قصير عام 1988 كسكن مؤقت لمطران الدير ومنذ عام 1988 حتى عام 2001 استخدمت كمخزن كما تم ترميم الواجهة عام 2001 وإعدادها كقاعة لعرض أيقونات ومقتنيات الدير، طبقًا لأساليب العرض المتحفية وهى الآن معرض لأيقونات وذخائر الدير. .