ثمن الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، موقف مصر من الغزو العراقي، وقال: "إنه كان حاسمًا وانسجم مع مكانتها ومواقفها التاريخية وترسيخًا لدورها القومي، جاء ذلك بمناسبة حلول الذكري 27 للغزو، التي جرت فجر 2 أغسطس 1990، استعرضت من خلاله الأحداث التي واكبت هذه الجريمة. ولفتت إلى أن الأمير الذي كان وزيرًا للخارجية وقتها، وقاد التحرك الدبلوماسي لحشد التأييد العربي والدولي لدعم الشرعية الكويتية، استنادًا إلى خبرته الكبيرة. وأشار التقرير إلى أن الكويت كانت تفرق دائمًا بين النظام والشعب العراقي وتعد من أكبر المانحين الدوليين له حاليًا، كما نوه بما صدر عن مجلس الأمن الدولي بهذا الخصوص، حيث أشاد بجهود الكويت لدعم الأمن والتنمية بالعراق، كما استذكر أن هناك 89 شهيدة من النساء و41 شهيدًا من الأطفال من بين ضحايا العدوان. وبسبب الغزو، بحسب التقرير، فقد تعرضت معظم المباني والوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية وشركات القطاع الخاص والمنازل الخاصة لأضرار جسيمة لم يسبق لها مثيل، إلا أن الكويتيين ومع تواتر الأخبار الأولى لدخول قوات الاحتلال لتلك الأرض الطيبة أعلنوا رفضهم للعدوان السافر، ووقف أبناء الكويت في الداخل والخارج، إلى جانب قيادتهم الشرعية صفًا واحدًا للدفاع عن الوطن وسيادته وحريته. وإبان ذلك عمد نظام الاحتلال البائد إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة ولجأ إلى إحراق 752 بئرًا نفطية وحفر الخنادق التي ملأها بالنفط والألغام لتكون في وقت لاحق من فترة الغزو حدًا فاصلاً بين القوات العراقية وقوات التحالف. وقال التقرير إنه في مقابل ذلك كان للإدارة الحكيمة المتمثلة في أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح والأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح، إضافة إلى أمير البلاد الحالي الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، فضلاً عن التأييد الشعبي داخليًا وخارجيًا، حيث كان لهذه الإدارة الواعية الدور البارز والكبير في كسب تأييد المجتمع الدولي لتحرير دولة الكويت من براثن الغزو. وقام الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حينذاك بدور كبير في حشد التأييد الدبلوماسي العربي والدولي لمصلحة دعم ومساندة الشرعية الكويتية استنادًا إلى خبرته الدبلوماسية الكبيرة منذ بداية تسلمه حقيبة وزارة الخارجية عام 1963 ونجاحه في توثيق علاقات دولة الكويتبالأممالمتحدة ومنظماتها ودولها الأعضاء. ونجحت جهوده الدبلوماسية في كسب الكويت مساندة عالمية وعربية من خلال توافق الإرادة الدولية مع قيادة قوات التحالف الدولي لطرد المعتدي وتحرير الكويت. وعقب الغزو ارتكزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق وتحديدًا في الفترة من 1990- 2001 إلى عدة ثوابت قائمة على أساس القرارات الدولية الشرعية الصادرة عن مجلس الأمن التي صدرت أثناء فترة الغزو وقبلها النظام العراقي بقرار مجلس الأمن رقم 687 لسنة 1991. وتميزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق حتى عام 2003 بنقطتين مهمتين هما: أن النظام العراقي البائد لا يمكن الوثوق به والتعامل معه وأن الشعب العراقي مغلوب على أمره، وهو ضحية للنظام الحاكم، لذلك وقفت الكويت إلى جانب الشعب العراقي باعتباره شعبًا عربيًا مسلمًا. وفي هذا الجانب قال الشيخ صباح الأحمد في تلك الفترة "نحن نفرق جيدًا بين النظام والشعب ولا يسعنا إطلاقًا أن نسمع عن شعب شقيق يتعرض للجوع والفقر"مؤكدًا أن الكويت تساعد الشعب العراقي بعد التحرير بإرسال المعونات خاصة للنازحين من الشمال والجنوب. وكانت مقولته الشهيرة في 4 أغسطس 1998 ردًا على المزاعم نظام العراق البائد بأن الكويت تقف وراء استمرار العقوبات الدولية على حكومة بغداد الدليل الأكبر والقاطع على الموقف الكويتي حين قال "نحن لسنا دولة عظمى حتى نفرض على مجلس الأمن أن يرفع العقوبات أو يبقيها على العراق" مؤكدًا أن العراقيين الذين يوجدون على أرض الكويت يعيشون فيها بكل تقدير واحترام . وفي تصريح آخر للشيخ صباح الأحمد بتاريخ 23 نوفمبر 1998 في ختام زيارة وزير الخارجية الأسبق عمرو موسى للكويت بخصوص الأزمة العراقية مع العالم، وأكد أن الكويت لا تخطط للمساعدة على عمل أي شيء سلبي داخل العراق فمسألة إسقاط صدام حسين شأن داخلي عراقي لا دخل للكويت به، واستنادًا إلى المبادئ الإنسانية التي تؤمن بها الكويت حكومة وشعبًا انطلقت المساعدات الكويتية إلى شعب العراق منذ عام 1993، وبتوجيهات من الشيخ صباح الأحمد بدأت جمعية الهلال الأحمر الكويتية في إرسال مساعداتها إلى لاجئي العراق في إيران منذ إبريل عام 1995، وذلك حرصًا من الكويت على الوقوف في صف الشعب العراقي في كل الأوقات بإنسانية ومحبة واحترام، محافظًا على حق الجيرة والجوار، وعقب حرب تحرير العراق عام 2003 سارعت دولة الكويت إلى تقديم العون والإغاثة إلى اللاجئين من هذا الشعب الشقيق. حيث تعد الكويت اليوم من أكبر المانحين له، وفي إبريل 2008 تبرعت الكويت بمبلغ مليون دولار لمفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين لدعم عملياتها في مساعدة اللاجئين في العراق بهدف تخفيف معاناتهم وتأمين احتياجاتهم من غذاء ومأوى وصحة وتعليم، وفي نوفمبر عام 2010 أعلنت الكويت تقديم مليون دولار لمفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين لمساعدة النازحين داخل العراق ومن اضطرتهم الظروف والأوضاع الأمنية إلى النزوح إلى أماكن أخرى. وفي ضوء تزايد أعداد النازحين داخل المدن العراقية، وتدهور أوضاعهم نتيجة للصراع الدائر في العراق تقدمت الكويت في 11 يوليو 2014 بتبرع سخي للمفوضية السامية لشئون اللاجئين في الأممالمتحدة يقدر بثلاثة ملايين دولار لعملياتها الإنسانية بالعراق، كما قدمت الكويت عام 2015 مبلغًا وقدره 200 مليون دولار لإغاثة النازحين هناك أيضًا، كما وزعت الكويت ممثلة بجمعياتها الخيرية قبيل حلول شهر رمضان 2016 أكثر من 12 ألف سلة غذائية على الأسر النازحة في إقليم كردستان، في حين شهد العام الماضي توزيع نحو 40 ألف سلة غذائية من قبل الهلال الأحمر الكويتي على العائلات النازحة في مدن الإقليم، وفي يوليو 2016 تعهدت دولة الكويت بتقديم مساعدات إنسانية للعراق بقيمة 176 مليون دولار، وذلك خلال مؤتمر المانحين لدعم العراق الذي عقد برعاية الكويت ودول أخرى في واشنطن، مما دفع مجلس الأمن إلى الإشادة بما تقدمه الكويت من دعم مستمر لتحقيق الاستقرار في العراق، وعقب إعلان الحكومة العراقية تحرير مدينة الموصل من تنظيم (داعش) في يوليو 2017 أبدت دولة الكويت استعدادها لاستضافة مؤتمر دولي لإعادة إعمار المناطق المحررة في العراق، وذلك تماشيًا مع مبادئها في دعم الأشقاء وترجمة حقيقية لتسميتها من قبل منظمة الأممالمتحدة مركزًا للعمل الإنساني العالمي .