سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
فى الذكرى ال 27 للغزو العراقى لدولة الكويت: الشيخ صباح الأحمد قاد التحرك الدبلوماسي لحشد التأييد العربى والدولى لدعم الشرعية الكويتية استنادا إلى خبرته الكبيرة
تحل الذكرى الأليمة ال 27 للغزو العراقى الغاشم لدولة الكويت حين استباح المحتل فى فجر الثانى من أغسطس عام 1990 حرمة هذه البلاد أرضا وشعبا محاولا طمس هويتها وتاريخها ووجودها. وبسبب الغزو تعرضت معظم المبانى والوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية وشركات القطاع الخاص والمنازل الخاصة لأضرار جسيمة لم يسبق لها مثيل، إلا أن الكويتيين ومع تواتر الأخبار الأولى لدخول قوات الاحتلال لتلك الأرض الطيبة أعلنوا رفضهم للعدوان السافر ، ووقف أبناء الكويت فى الداخل والخارج إلى جانب قيادتهم الشرعية صفا واحدا للدفاع عن الوطن وسيادته وحريته. وإبان ذلك عمد نظام الاحتلال البائد إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة ولجأ إلى إحراق 752 بئرا نفطية وحفر الخنادق التى ملأها بالنفط والألغام لتكون فى وقت لاحق من فترة الغزو حدا فاصلا بين القوات العراقية وقوات التحالف. فى مقابل ذلك كان للادارة الحكيمة المتمثلة فى أمير الكويت الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح والأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح اضافة الى أمير البلاد الحالى الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذى كان يشغل منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية آنذاك فضلا عن التأييد الشعبى داخليا وخارجيا .. كان لهذه الادارة الواعية الدور البارز والكبير فى كسب تأييد المجتمع الدولى لتحرير دولة الكويت من براثن الغزو. وأدان المجتمع الدولى جريمة النظام العراقى البائد فى حق دولة الكويت وأصدر مجلس الأمن الدولى قرارات حاسمة بدءا بالقرار رقم 660 الذى طالب النظام العراقى بالانسحاب فورا بالإضافة إلى حزمة القرارات التى أصدرها المجلس تحت بند الفصل السابع من الميثاق والقاضية باستخدام القوة لضمان تطبيق القرارات. وصدر الكثير من المواقف العربية والدولية التى تدين النظام العراقى وتطالبه بالانسحاب الفورى من الأراضى الكويتية وتحمله المسئولية عما لحق دولة الكويت من أضرار ناجمة عن عدوانه ، كان فى مقدمتها الموقف المصرى الحاسم الذى انطلق من ثوابت الرؤية المصرية للامن القومى العربى ، وهى الرؤية التى حكمت هذه المواقف من قبل فى ظل قيادة الرئيس جمال عبد الناصر عندما تصدى لاطماع حاكم العراق الاسبق عبد الكريم قاسم عام 1961 ورفض مساعيه لاحتلال الكويت مؤكدا بذلك ان مصر لا تقايض على مواقفها وان علاقتها بدولة الكويت الشقيقة علاقة استراتيجية لا تتأثر بالمصالح الوقتية او المواقف التكتيكية. حشد التأييد وقام الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح حينذاك بدور كبير فى حشد التأييد الدبلوماسى العربى والدولى لمصلحة دعم ومساندة الشرعية الكويتية استنادا إلى خبرته الدبلوماسية الكبيرة منذ بداية تسلمه حقيبة وزارة الخارجية عام 1963 ونجاحه فى توثيق علاقات دولة الكويتبالأممالمتحدة ومنظماتها ودولها الأعضاء.. ونجحت جهوده الدبلوماسية فى كسب الكويت مساندة عالمية وعربية من خلال توافق الإرادة الدولية مع قيادة قوات التحالف الدولى لطرد المعتدى وتحرير الكويت. وعقب الغزو ارتكزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق وتحديدا فى الفترة من 1990- 2001 إلى عدة ثوابت قائمة على أساس القرارات الدولية الشرعية الصادرة عن مجلس الأمن التى صدرت أثناء فترة الغزو وقبلها النظام العراقى بقرار مجلس الأمن رقم 687 لسنة 1991. وتميزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق حتى عام 2003 بنقطتين مهمتين هما أن النظام العراقى البائد لا يمكن الوثوق به و التعامل معه وأن الشعب العراقى مغلوب على أمره ، وهو ضحية للنظام الحاكم لذلك وقفت الكويت الى جانب الشعب العراقى باعتباره شعبا عربيا مسلما. ملاحم المقاومة وقد اظهر الغزو معدن الشعب الكويتى الاصيل حيث انتفض رجالا ونساء دفاعا عن الارض والعرض والشرعية ، وشاركت نساء الكويت فى مقاومة الاحتلال ودعم الشرعية الكويتية ففى الداخل عملت المرأة الى جانب شقيقها الرجل فى إدارة مرافق الدولة لاسيما المستشفيات والجمعيات التعاونية كما قامت بتوزيع الأموال والمواد الغذائية على أهل الكويت الصامدين ، وتناقل اهل الكويت بكل الفخر حكايات التضحية والبطولة والفداء التى قدمتها الشهيدات بصفة خاصة مثل اسرار القبندى ووفاء العامر وسناء الفودرى وسعاد حسن وغيرهن اللواتى سطرن اسمى آيات البطولة فى الدفاع عن الوطن ومقاومة الاحتلال من خلال الانضمام الى المقاومة الكويتية او تنظيم المسيرات المناهضة للاحتلال حيث عرف عنهن الشجاعة والبسالة فى التصدى للمحتل وصولا الى نيل الشهادة. وفى هذا الصدد اكدت فاطمة الامير الوكيل بالديوان الاميرى الكويتى والمدير العام لمكتب الشهيد إن التاريخ سجل بأحرف من نور ارتقاء شهيدات كويتيات إلى جانب اخوتهن من الشهداء خلال فترة الغزو العراقى ، واوضحت أن عدد الشهيدات الكويتيات اثناء الاحتلال العراقى بلغ 67 شهيدة من بين 89 شهيدة من جنسيات مختلفة مشيرة إلى أن عدد الشهيدات الكلى يضم ثمانى شهيدات من فئة المقيمين وشهيدتين من البحرين وشهيدة واحدة من كل من مصر والأردن والهند. تضحيات الأطفال والى جانب الشهيدات من النساء فإن المحتل العراقى لم يراع فى غزوه أى اعتبار لحياة الإنسان أو مصير وطن وأهله بكل ما فيه من قيم وتاريخ وشرعية فكانت الطفولة ضحية أخرى تضاف إلى جرائمه التى فاقت كل تصور. ومع عنف المحتل وقسوة إجرامه لم تسلم الطفولة من الجرائم والبطش إذ استشهد الكثير من الأطفال سواء مع عائلاتهم أو فرادى لتمتزج بذلك دماء أهل الكويت بمختلف شرائحهم وفئاتهم العمرية مضحين بحياتهم كرامة لارضهم التى أحبتهم وبادلوها الوفاء بالوفاء وكانوا بحق مثالا للتضحية والإيثار. حيث بلغ عدد الشهداء الأطفال من الذكور والإناث 41 طفلا وطفلة جاء استشهادهم إما نتيجة إعدام مباشر أو أن بعضهم أطفال خدج أو نتيجة قصور فى الرعاية الصحية أو انفجار ألغام بهم بعد التحرير. الشعب العراقى فى القلب وفى هذا الجانب قال الشيخ صباح الأحمد فى تلك الفترة «نحن نفرق جيدا بين النظام والشعب ولا يسعنا إطلاقا أن نسمع عن شعب شقيق يتعرض للجوع والفقر» مؤكدا أن الكويت تساعد الشعب العراقى بعد التحرير بإرسال المعونات خاصة للنازحين من الشمال والجنوب. وكانت مقولته الشهيرة فى 4 أغسطس 1998 ردا على مزاعم نظام العراق البائد بأن الكويت تقف وراء استمرار العقوبات الدولية على حكومة بغداد الدليل الأكبر والقاطع على الموقف الكويتى حين قال «نحن لسنا دولة عظمى حتى نفرض على مجلس الأمن أن يرفع العقوبات أو يبقيها على العراق» مؤكدا أن العراقيين الذين يوجدون على أرض الكويت يعيشون فيها بكل تقدير واحترام . وفى تصريح آخر للشيخ صباح الأحمد بتاريخ 23 نوفمبر 1998 فى ختام زيارة وزير الخارجية الأسبق عمرو موسى للكويت بخصوص الأزمة العراقية مع العالم أكد أن الكويت لا تخطط للمساعدة على عمل أى شيء سلبى داخل العراق فمسألة إسقاط صدام حسين شأن داخلى عراقى لا دخل للكويت فيه. قوافل المساعدات واستنادا إلى المبادئ الإنسانية التى تؤمن بها الكويت حكومة وشعبا انطلقت المساعدات الكويتية إلى شعب العراق منذ عام 1993 ، وبتوجيهات من الشيخ صباح الأحمد بدأت جمعية الهلال الأحمر الكويتية فى إرسال مساعداتها الى لاجئى العراق فى إيران منذ أبريل عام 1995 ، وذلك حرصا من الكويت على الوقوف فى صف الشعب العراقى فى كل الأوقات بإنسانية ومحبة واحترام محافظة على حق الجيرة والجوار . وعقب حرب تحرير العراق عام 2003 سارعت دولة الكويت إلى تقديم العون والإغاثة إلى اللاجئين من هذا الشعب الشقيق حيث تعد الكويت اليوم من أكبر المانحين له .. وفى أبريل 2008 تبرعت الكويت بمبلغ مليون دولار لمفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين لدعم عملياتها فى مساعدة اللاجئين فى العراق بهدف تخفيف معاناتهم وتأمين احتياجاتهم من غذاء ومأوى وصحة وتعليم. وفى نوفمبر عام 2010 أعلنت الكويت تقديم مليون دولار لمفوضية الأممالمتحدة لشئون اللاجئين لمساعدة النازحين داخل العراق ومن اضطرتهم الظروف والأوضاع الأمنية إلى النزوح إلى أماكن أخرى ، وشددت الكويت أثناء اجتماع اللجنة الاجتماعية والإنسانية والثقافية التابعة للجمعية العامة للأمم المتحدة فى الدورة ال 65 على أهمية الجانب الإنسانى فى مشكلة النازحين العراقيين وتوفير الحماية لهم وتلبية احتياجاتهم ، وضمان أمنهم وأكدت أنها مسئولية مشتركة بين الدول والمجتمع الدولي. إغاثة اللاجئين وفى ضوء تزايد أعداد النازحين داخل المدن العراقية ، وتدهور أوضاعهم نتيجة للصراع الدائر فى العراق تقدمت الكويت فى 11 يوليو 2014 بتبرع سخى للمفوضية السامية لشئون اللاجئين فى الأممالمتحدة يقدر بثلاثة ملايين دولار لعملياتها الإنسانية بالعراق ، كما قدمت الكويت عام 2015 مبلغا وقدره 200 مليون دولار لإغاثة النازحين هناك أيضا كما وزعت الكويت ممثلة بجمعياتها الخيرية قبيل حلول شهر رمضان 2016 أكثر من 12 ألف سلة غذائية على الأسر النازحة فى إقليم كردستان فى حين شهد العام الماضى توزيع نحو 40 ألف سلة غذائية من قبل الهلال الأحمر الكويتى على العائلات النازحة فى مدن الإقليم . وفى يوليو 2016 تعهدت دولة الكويت بتقديم مساعدات إنسانية للعراق بقيمة 176 مليون دولار وذلك خلال مؤتمر المانحين لدعم العراق الذى عقد برعاية الكويت ودول أخرى فى واشنطن ما دفع مجلس الأمن إلى الإشادة بما تقدمه الكويت من دعم مستمر لتحقيق الاستقرار فى العراق. وعقب إعلان الحكومة العراقية تحرير مدينة الموصل من تنظيم (داعش) فى يوليو 2017 أبدت دولة الكويت استعدادها لاستضافة مؤتمر دولى لإعادة إعمار المناطق المحررة فى العراق وذلك تماشيا مع مبادئها فى دعم الأشقاء وترجمة حقيقية لتسميتها من قبل منظمة الأممالمتحدة مركزا للعمل الإنسانى العالمي.