تعد قرية "بهتا" التابعة لمركز المراغة بسوهاج، البالغ عدد سكانها نحو 10 آلاف نسمة، ضمن القرى المنسية بصعيد مصر، حيث يرى أهلها أنهم سقطوا سهوا من ذاكرة المحافظة ، وتحاصرهم المشكلات المتعلقة بالصحة والتعليم والنظافة ، مرورًا بتلوث مياه الشرب إلى جانب اغتصاب أملاك الدولة من جانب البعض، وصولًا لاستبعاد القرية مؤخرًا من خريطة الصرف الصحي، رغم أنها كانت ضمن القرى المقرر عمل صرف صحي بها على غرار قرى" البطاخ والوقدة والغريزات". "بوابة الأهرام" زارت قرية "بهتا" وتجولت وسط سكانها لتكشف من خلال الصور وعلى لسان أهلها، حجم المشكلات التي باتت تؤرق مضاجعهم وجعلتهم عرضة للأمراض والموت هم وصغارهم. غاز الميثان وذعر القوارض والثعابين يقول (حشمت عبدالوهاب -مدرس) من أبناء القرية: "أكثر مانعانيه هو تراكم أكوام الزبالة والمخلفات الزراعية وروث الحيوانات بشوارع القرية ومحيطها، حتى المدخل الرئيسى لها لم يسلم، ويحلم الشاب الثلاثيني بأن يقوم مجلس قروي البطاخ الذي تتبعه القرية توفير سيارة أو جرار لنقل هذه القمامة خارج القرية، إسوة بباقي القرى المجاورة". يفيد الشاب بأن الأهالي يموتون خنقًا بسبب غاز "الميثان" المنبعث من تلك القمامة، وأنه يتسبب في انتشار أمراض الحساسية بين أطفال القرية، وأن نقل القمامة لأماكن مخصصة سيقضي أيضًا على تواجد القوارض والعقارب والثعابين، التي تختبئ داخل هذه الأكوام، وتهاجم منازل القرية ليلًا بما يعرض أرواحهم للخطر الدائم. التعديات على أملاك الدولة يشترك محمود أحمد، بالحديث معنا فهو من أبناء القرية أيضًا، ويوضح أن أراضي الري وأملاك الدولة داخل زمام القرية في حالة نهب واغتصاب مستمرين، من جانب بعض الأهالي وأن ذلك يتم تحت سمع وبصر المسئولين بمجلس قروي البطاح ومجلس مدينة المراغة، مع توجيهات الرئيس المستمرة والمشددة على إنهاء تلك التعديات تمامًا. يضرب الشاب مثالًا ويقول: أراضي أملاك الدولة والري بترعة السوهاجية المردومة، استولى عليها عدد من الأهالي حيث أقاموا عليها منازل وورشًا ومعارض، بل قام بعضهم ببيع تلك الأراضي للغير من دون وثائق تثبت الملكية، يغضب الشاب ويقول: لم يتم اتخاذ أي إجراء رادع حيال تلك المخالفات، في الوقت الذي تفتقر فيه القرية لأراضي مطلوب تخصيصها للمشروعات والمنافع العامة، مثل المدارس ووحدة للإسعاف!. "نطالب المسئولين بضرورة الفصل بين الأملاك الخاصة للأهالي وأملاك الري والدولة؛ لحمايتها وتخصيصها للمنافع العامة"- مطلب اجتمع عليه الأهالي. 14عاما من الإنتظار يقول أحمد إمام- مدير المعهد الابتدائي الأزهري- إن المعهد يقوم بتخريج العشرات من التلاميذ في كل عام، "يعانون الأمرين"- على حد وصفه؛ للالتحاق بالمعاهد الأزهرية الإعدادية والثانوية خارج القرية؛ نظرًا لبعد تلك المعاهد وتعرض التلاميذ للحوادث المرورية خارج القرية. ويشير.. تم تخصيص 14 قيراطًا منذ 14عاما لبناء معهد أزهري إعدادي وثانوي فتايات، وحتى الآن لم تتخذ أي إجراءات لبناء المعهد، ومازال أبناؤنا في معانات لا يقبلها مسئول على أولاده، وكأننا سقطنا بالفعل من حساب المسئولين. لم تتوقف المشكلات التي تحاصر القرية حسب "إمام" الذي أكد أن الوحدة الصحية بالقرية تفتقر لوجود أطباء متخصصين في الأسنان أوالعظام والجراحة، حيث لا يوجد بها سوى "ممارس عام"، يقوم بمزاولة جميع التخصصات، أضف إلى ذلك اختفاء الأمصال والأدوية. وفى نفس السياق أشار إمام إلى وجود عشرات الأفدنة من الأراضى الزراعية الفاسدة والغير صالحة للزراعة بسبب ارتفاع نسبة الأملاح بها وذلك بأحواض المشايخ وقص اللحية، وان المزارعين لم يتلقوا أى مساعدة لعلاج هذه الأرض من الإدارة الزراعية، مما تسبب فى توجه أصحابها لبيعها كأراضٍ للبناء، وهى خسارة كبيرة لقطاع الزراعة. "ارتفاع مستلزمات الإنتاج الزراعي، بداية من ارتفاع أسعار الري من المواتير الخاصة حيث يتم تحصيل مبلغ 8 جنيهات عن ري القيراط الواحد، إلى جانب اختفاء الأسمدة من الجمعيات الزراعية، وبيع الشيكارة الواحدة في السوق السوداء ب200جنيه"- معلومات قالها أحد أبناء القرية. تلوث مياه الشرب يحكي بريقى السيد علي - من أهالي القرية- أن مشكلة تلوث مياه الشرب بسبب ما يعرف ب"القيسونات"، وانتشار الأمراض بين المواطنين وخاصة الفشل الكلوى، مشكلة ذات صلة، موضحا أن القرية تستقبل مياه الشرب من مصدرين، الأول من محطة مياه المراغة وهى مياه نقية ونظيفة، والثاني محطة مياه البطاخ الملوثة بمياه الصرف الصحي نتيجة لوجود القيسونات المحيطة بها ويستخدمها الأهالى لمياه الصرف الصحي، ويتم خلط مياه المصدرين في ماسورة مياه تغذي سكان القرية!. "اضطرالأهالى لبناء 7 محطات لمعالجة مياه الشرب، ولكن شركتي المياه والكهرباء تقوم بقطع المياه والكهرباء عنهم بحجة مخالفاتهم"- قالها "بريقي" مطالبًا الشركتين بتركيب عدادات مياه وكهرباء لتلك المحطات على أن يقوم السكان بسداد فواتير تلك العدادات. ويتابع: قام محافظ الإقليم بنقل موقف سيارات الأجرة من منطقة الشهيد إلى منطقة معزولة تسمى ال3 كباري، وهى منطقة لا يوجد منفذ لها سوى مزلقان للسكة الحديد غير مخصص لعبور المشاة، مما يتسبب فى وقوع ضحايا للقطارات بشكل شبه يومي، لذا نطالب بعودة الموقف لمكانه القديم. بوضع هذه الملفات على مكتب ممدوح عبدالشكور، رئيس المجلس قروي البطاخ، يقول إن المجلس قام بحملة لإزالة التعديات على أملاك الدولة بزمام قرية بهتا، وأن هذه الإزالات استهدفت المباني التى بنيت بالطوب الحجري والأطواف غير المسكونة، أما المنازل المقامة على أراضي أملاك الدولة وبها سكان لم نقترب منها. وفيما يتعلق بمياه الشرب ، يفيد "عبد الشكور" بأن القرية تتم تغذيتها من مصدرين هما محطة المياه الجوفية بقرية البطاخ محل الأزمة، وهذه المحطة تتم من خلالها تغذية كل قرى المجلس، وأن شركة المياه تقوم بمعاينتها بصفة مستمرة، والمصدر الثاني هو محطة مياه المراغة ولم نتلق شكاوى بشأنها، وبالنسبة لمشكلة القمامة فجارِ تخصيص سيارات لنقلها إلى المكان المخصص لها بقرية الغريزات. وعن مشكلة نقص الأسمدة، يقول المهندس عبدالعاطي الخطيب مدير عام التعاون بسوهاج، إن المحافظة في نفس التوقيت من كل عام، تعاني نقص الأسمدة، ولكن مديرية التعاون بالتنسيق والجهات المختصة تتواصل مع وزارة الزراعة ، للحصول على حصتنا كاملة مبشرًا بانفراجة هذا الأسبوع في الجمعيات الزراعية. كمال شلبي، سكرتير عام مساعد محافظة سوهاج يوضح أن مشكلة تلوث مياه الشرب غير دقيقة وأن هناك لجنة مشتركة ومعامل بين المحافظة والصحة وشركة مياه الشرب تقوم بعمل تحليل دوري لمحطة آبار البطاخ، ولم يثبت سوى ارتفاع نسبة أملاح الفوسفات، وليست لها أضرار. "مكتبى مفتوح لأهالي القرية لتقديم أي شكوى متعلقة بالتعديات على أملاك الدولة بأرض السوهاجية، وإذا ثبت عدم قيام رئيس المجلس القروي بعمل محاضر لهذه المخالفات سيتم التحقيق معه، وسيتم فورًا التنسيق مع مديرية الأمن لإزالتها"- وفقًا لما قاله "شلبي". .