ميز الله مصر بتنوع بيولوجي نادر من نوعه، فمنحها عددا من الحيوانات البرية والبحرية، تعرض بعضها للسرقة والصيد الجائر، وكان على رأس هذه الكائنات "السلاحف المائية" تلك التي تتغذى على أحد أنواع القناديل، وليست جميعها. حين انتشرت هذه المعلومة، اعتقد الكثيرين أن صيد السلاحف وتناقص أعدادها، كان سببًا في إحداث خلل بيئي، وزيادة أعداد القناديل التي اجتاحت شواطئ المحروسة، وكدرت على المصريين احتفالهم بالعيد. يختلط على السلاحف الأمر، فتتناول الأكياس البلاستيكية التي كانت تلقى بالمياه اعتقادًا منها بأنها "قناديل"، مما يسبب لها حالة من الاختناق وانقطاع النفس، فتموت فورًا، بحسب -أحمد فتحي رئيس مؤسسة شباب بتحب مصر - المعنية بالبيئة والكائنات الحية. إلا أننا لا ننكر أن هناك بعض الاعتقادات الخاطئة عند بعض المصريين، حول أهمية تناول وجبة السلاحف، من أجل تعزيز القدرة الجنسية عند الرجال، والتي كانت سببًا في توجه الصيادين للشواطئ لاصطيادها، بما ينافي اتفاقية سايتس الدولية. "عدم القلق من الظواهر الطبيعية" أحد مقولات وزير البيئة الدكتور خالد فهمي، ناصحًا المصريين بعدم الخوف الزائد منها، مشيرًا إلى أن قناديل البحار جزء من الطبيعة، تنتشر بمختلف بحار العالم، ولكن مع أخذ الحذر اللازم في الاعتبار. ورغم أن الكثير من المصريين انتابهم القلق والخوف من قناديل البحر، وكدرت عليهم عيدهم ومصايفهم، إلا أن على الجانب الآخر خرجت علينا المهندسة منار الهجرسي، من سكان محافظة الإسكندرية، وأعلنت عن طهوها لهذا الكائن اللزج، مشجعة السيدات، لتناوله كحساء جانبي على المائدة اليومية، كما هو الحال في كثيرًا من الدول. وبمناسبة الحديثة عن وجبات الطعام الرئيسية من قناديل البحار.. يحكي لنا فوزي عبدالحليم، رئيس قسم البيئة بمؤسسة الأهرام، عن رحلته إلى الصين، التي تذكرها بعد إعلان وزارة البيئة عن إمكانية تناول القناديل التي هاجمت شواطئ المحروسة، قائلًا: "تناولت حساء رخو على المائدة الصينية منذ سنوات، رُغما عني"، فيعود بذاكرته إلى سنوات قد مضت قائلًا: "انطلقت في رحلة بدعوة من اتحاد الشباب البيئي الصيني، للتعرف على طرقهم في تنمية البيئة، وفي كل دعوات الطعام الرسمية، كان طبق "القنديل" طبقًا رئيسيًا، فالصينيون يشعرون بالإهانة، إذا أبديت عدم الرضا عن طعامهم، لذا كنت أبتلعه مبتسمًا، وأنا أشعر أني أسقط من ارتفاع 200 متر. ومن جانبه، أشار الدكتور مصطفى فودة، مستشار وزير البيئة للتنوع البيولوجى، إلى أن القناديل جزء من نظام الطبيعة، ولها دور هام فى التوازن البيئي، وأن انتشارها بهذا الشكل يرجع إلى ارتفاع درجة حرارة البحر، مع بعض الممارسات الخاطئة، ومنها الصيد الجائر، مؤكدًا أن الأنواع التي تم رصدها إلى الآن بمصر تُعد من الأنواع الآمنة، ولم يتم تسجيل أي نوع سام إلي الآن، كما أن تلك الأعداد تعتبر قليلة بالمقارنة بالنسب العالمية. ويقول أحمد غلاب، مدير محميات البحر الأحمر، إن أكل القناديل أمر له علاقة بالذوق العام المصري، فهناك أكلات عديدة لا نتناولها وهي منتشرة بقوة في شرق آسيا، مؤكدًا، أن تلك الكائنات لا تهاجم الإنسان، ولكنها حين تلامس جسده، تفرد خلاياها الدفاعية اللاسعة فتصيبه، وذلك للدفاع عن نفسها. ويشير غلاب في تصريحات ل"بوابة الأهرام"، إلى أن القناديل الزرقاء والبيضاء، التي شوهدت بكثرة في السواحل، مستوطنة للبحر الأبيض المتوسط وليست وافدة، مطمئنًا المواطنين بعدم سميتها، كما انتشر بين المواطنين، وتسبب في حالة من الذعر والقلق، مؤكدًا أن تلك الأنواع السامة فرص الشفاء منها ضعيفة، وقد تتسبب في الوفاة فورًا. ويوضح غلاب، أن القناديل شوهدت وهي في أقصى معدلات تكاثرها، وهو أمر يحدث سنويًا في فصل الصيف، ولكنه صادف ذلك عيد الفطر المبارك، مضيفًا، أن الأنواع التي تنتشر في البحر الأبيض المتوسط هي من النوع متوسط التكاثر، وتتوطن في شرق وغرب المتوسط، ومنطقة الخليج. ورغم كل هذا القلق، لم يمتنع المصريون عن قضاء إجازاتهم في شواطئ البحر المتوسط، ومازالت الإسكندرية والساحل ومرسى مطروح تمتلئ بالمصيفين الذين اختاروها مكانًا مناسبًا للترويح عن أنفسهم.