دعا علماء الدين جموع المواطنين إلي المشاركة الإيجابية في الانتخابات البرلمانية التي ستبدأ بعد يومين، وأشاروا إلي المعايير التي يجب أن يتم اختيار أي مرشح علي أساسها، مؤكدين أن العبرة في الاختيار هي كفاءة المرشح وخبرته السياسية بصرف النظر عن حزبه أو تياره الذي ينتمي إليه. في البداية لفت الدكتور حسني أبو حبيب مدير إدارة الإرشاد الديني بوزارة الأوقاف د.حسني أبو حبيب إلي أن الانتخابات هذه المرة، تحظي بخصوصية معينة، حيث إنها ليست مجرد مرحلة نيابية عادية تمر بها مصر ولكنها مرحلة تأسيسية لبناء دولة من جديد، ومن ثم فإن الدستور سيكون منهجا إما للأمام وإما للخلف..كما أنه ينبغي أن يدرك كل مواطن أنه مشارك حقيقي في هذا البناء باختياره من يمثله في البرلمان أولا ثم في رئاسة الجمهورية.وإذا كان البعض يعزف عن المشاركة في الدورات السابقة استنادا إلي أن رأيه هو مجرد "تحصيل حاصل" وما يريده النظام سيكون رغم أنف الجميع، فإن ثورة 25 يناير قضت علي هذا الأمر نهائيا، ولن يمثل الشعب إلا من يختاره أبناؤه طواعية دون إكراه أو تزييف لإرادتهم. ولخص د.حسني الصفات المطلوبة فيمن يتولي امرا من أمور المسلمين والتي تدل علي كفاءة المرشح، في أربع خصال، هي: الحفظ، العلم، القوة، الأمانة..وذلك لقوله تعالي علي لسان يوسف عليه السلام"اجعلني علي خزائن الأرض إني حفيظ عليم"، أي نختار الذي يحفظ الأمانة ويصونها كما أراد الله، وكذلك العليم بدوره وتخصصه والمهمة الملقاة علي عاتقه. أما عن القوة والأمانة، فقد عبر عنهما القرآن الكريم علي لسان ابنة الرجل الصالح شعيب " يا ابت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين"، لأن الحق يحتاج قوة تحميه، والقوة تحتاج إلي أمين يصونها ويوجهها التوجيه الصحيح. وحذر أبو حبيب الدعاة من استغلال المنابر في الدعاية لبعض المرشحين، وقال إن ذلك لا يجوز، كما لا يجوز استغلال المنابر للإساءة أو النيل من مرشحين آخرين حتي لو كانوا غير صالحين للتمثيل. كما دعا إلي تحذير الناس من الانسياق وراء المال أو القرابة أو المصلحة الشخصية في الاختيار، وأن يكون المحك والفيصل هو الكفاءة للدور الذي سيقوم به المرشح، وأن يذكر الناس دائما بأنه إذا ظهر الرجل الكفء وتم العزوف عنه لأي سبب من الأسباب فإن ذلك يعد خيانة لله وللرسول وللمؤمنين لقوله صلي الله عليه وسلم " من ولي أمرءا علي عصابة (أي جماعة) وهو يعلم أن فيهم من هو أرضي لله منه ( أي أكفأ منه) فقد خان الله ورسوله والمؤمنين".. هذا بالإضافة إلي أن ذلك يعد تضييعا للأمانة وإيذانا بقيام الساعة، لقوله صلي الله عليه وسلم" إذا ضيعت الأمانة فانتظروا الساعة، قيل :وكيف إضاعتها يا رسول الله؟ قال صلي الله عليه وسلم: إذا وسد الأمر إلي غير أهله..". من جانبه أكد الداعية الإسلامي الدكتور مبروك عطية الأستاذ بجامعة الأزهر أن المعيار لاختيار المرشحين في الانتخابات هو الكفاءة والخبرة السياسية وليس التدين والالتزام الديني، مشيرا إلي أنه لا يجوز للناخب أن يختار مرشحا لمجرد حزبه أو تياره الديني أو لمجرد أن هيئته وسمته ديني فقط، فهذا فهم خاطئ، لأن المعيار في تولي الناصب القيادية أو الإدارية والتنفيذية لا يحتكم فيه إلي الدين فحسب، بل العبرة في ذلك بالخبرة والكفاءة أولا، وليس بالتدين، أو الحزب أو الانتماء.. ورب متدين اقرب الناس إلي الله ليس خبيرا بما يقوم به من عمل، ومثل هذا يؤخر الأمة ولا يصلح، لذا فلا مانع من أن أعطي صوتي لغير متدين أو حتي لغير مسلم، مادامت تتوافر فيه الكفاءة والخبرة السياسية، فالإسلام لا يمنعني من أذهب لطبيب ماهر ولو كان يعبد الحجارة، والنبي صلي الله عليه وسلم أمر بالتداوي عند الحارث بن كلدة رغم أنه لم يكن مسلما، ولكنه كان خبيرا في الطب، كما اتخذ صلي الله عليه وسلم لهجرته عبد الله بن أريقط اليهودي لأنه كان خبيرا بالطرق. لذلك نجد القرآن الكريم عندما يتحدث عن هذا المعني يقول "فاسأل به خبيرا" ولم يقل –مثلا- فاسأل به متدينا! كما أن من الأقوال المأثورة عن العرب"اعط القوس باريها" أي الماهر بها الذي يجيد الرمي. وأشار د.مبروك عطية إلي أنه إذا وجد المرشح الخبير الكفء وفي الوقت نفسه متدين، فما أجمل الدين والدنيا إذا اجتمعا، وحينئذ يكون هذا المتدين الكفء أولي من ذي الكفاءة فقط، لأنه إذا كان متدينا تدينا حقيقيا فإنه سيقدر معني المسئولية ويتقي الله فيمن ائتمنوه علي أنفسهم وجعلوه يتحدث باسمهم، كما أن المسلم الملتزم الذي يفهم دينه جيدا سوف يحافظ علي إخوانه المسلمين ويرعي حقوق الأقلية غير المسلمة التي تشاركه نفس الوطن.