الفهم الواقعي والشرعي لكيفيه اداره شئون الناس أو مايسمي في الشرع بالولاية بقسميها العامة والخاصة يساهم مساهمة كبيرة في اختيار الأشخاص أو الاداريين المناسبين لتحقيق أعلي مردود في الأداء وتحقيق الهدف المنشود من العمل. مما ينعكس علي تسهيل حياة الناس وتيسير أمورهم, وهنا يظهر لي نوع من الخلط الشديد بين قضيه الولاية الدينية والولاية الدنيويةوايهما أفضل وأقرب للشرع..... المتدين غير الكفء.... أم غير المتدين الكفء؟. وعندنا هنا نموذج عملي ودليل شرعي لتولي الكفء والخبير في مجاله دون النظر لدينه بل النظر فقط لكفاءته وأمانته( والأمانة خصلة إنسانية فطرية قد تتوافر في المسلم وغيره لقول الله عز وجل( ومن أهل الكتاب من أن تأمنه بقنطار يؤده إليك ومنهم من أن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا مادمت عليه قائما)هذا الموقف هو اتخاذ الرسول صلي الله عليه وسلم في أثناء هجرته من مكةإلي المدينة عبد الله بن اريقط لكفاءته وعلمه بطرق الجبال ودروبها بالرغم من أنه كان مشركا, فكان هو قائدا يسمع له ويطاع ويتبع, والرسول صلي الله عليه وسلم هو وأبوبكر يتبعانه, فكان هذادرسا في تقديم الكفاءة والخبرة والامانة والأخذ بالاسباب دون نظر إلي الدين. ثم يأتي مثل آخر عكسي وهو عدم موافقة الرسول صلي الله عليه وسلم علي تولي أبي ذر الإمارة عندما طلبها بالرغم من زهده وتقواه, حيث قيل فيه( ماوجد تحت اديم السماء أزهد ولا اتقي ولا أجرأ في قول الحق من أبي ذر... ومواقفه في الزهد والتقوي وقول الحق في ولاية عثمان معروفة حتي انه ترك المدينة الي الصحراء لعدم قدرته علي السكوت علي أمور مباحة شرعا, لكنها كانت في نظرة من الترف.!!, لكنه كان في أمور الادارة وتسيير أحوال الناسضعيفا ولا يمتلك هذه الملكة وقد يجبر الناس إذا تولي الحكم علي أمور في الزهد وفضائل الأعمال يستطيع هو أن يتحملها لكن غيره لايستطيع, فالناس تتفاوت في الايمان والقدرة علي تنفيذ الاحكام الشرعية. والقوانين لاتوضع لأهل العزائم والقوة لكن يراعي فيها الرخص ومراعاة الضعفاء ولذا قال له صلي الله عليه وسلم( يا أبا ذرانها أمانة وانها يوم القيامة خزي وندامةوأنت رجل ضعيف) فلم يشفع لأبي ذر تقواه وزهده في تولي الإمارة وإدارة أمور الناس( وهذا يجب أن تنتبهه له الاحزاب عامة والاسلامية خاصة في اختيار الافراد والمسئولين عن شئون الناس الا يتغلب الانتماء الحزبي والولاء التنظيمي في الاختيار بل الاصلح وهو الاكفأ والافيد للناس).. وهذا له سوابق وأدلة أيضا من قصص الأنبياء عليهم السلام ففي قصه موسي عليه السلام عندما قالت ابنة شعيب عليه السلام( ياأبت استأجره ان خير من استأجرت القوي الامين) فكان محل الاختيار القوة والأمانة... والقوة هنا بكل معانيها الجسدية والفكرية والقدرة علي الحسم واتخاذ القرار الصوا ب... والامانة ايضا بمعناها المادي والمعنوي ويأتي مثل آخر واضح وجلي وهو قصه يوسف عليه السلام حيث كان محل الاختيار له من جانب الملك.. علم يوسف( حيث فسر له حلمه بعد ان عجز كهنته عن ذلك) وكفاءته الاقتصادية الدنيوية( حيث أشا ر عليهم بترك القمح في سنبلة حتي لا يصيبه السوس وكانت هذه افضل طريقه للتخزين ويتركوا قليلا لاكلهم) مما ساهم بعد ذلك في تجنب ازمة اقتصادية طاحنة والنجاة من شبح المجاعة, ودين الملك هنا يختلف عن دين يوسف عليه السلام( ماكان ليأخذ اخاه في دين الملك) ولكن مصلحة الناس هنا هي الأهم خاصة أن الأمر يتعلق بسياسة الدنيا وليس أمرا دينيا بحتا. ... لماذا نقول هذا الكلاملأنه بعد أن ظهرت نتيجة الانتخابات وتصدر التيار الاسلامي المشهد ظهر علي الساحة السياسية والفكرية رأيان الأول يقول.. يجب ان يتولي المسئولية وإدارة شئون الدولة أصحاب الفكر الاسلامي الملتزمين دينيا حتي وإن كانوا أقل كفاة وخبرة وليكتسبوا الخبرة بالممارسةوأساس المفاضلة هو الدين ولا مكان للعلمانيين والليبرالين مهما كانت كفاءتهم وتخصصاتهم لأنهم ضد الفكرة الاسلامية.والرأي الآخر يقول إن الاسلاميين لا يفهمون شيئا في أمور الدنيا وإدارة الدولة وليس لهم سابق تجربة في هذا المجال ولا يفهمون ألا في أمور الدين كالصلاة وقراءة القرآن ويجب ترك الامر للبراجمتيين والتكنوقراطالذين يستطيعون إدارة الدولة بطريقة فنية مجردة وبعيدة عن تحكم التصور الديني للممارسات الادارية والسياسية. وكلاالرأيين فيه نوع من الا قصاء فالقضية هي النفع للناسوصلاح أحوالهمفي تولي الولايات العامه كالرئاسة والوزارات والادارات... وغيرها من الوظائف التي لها احتكاك مباشر بحياة الناس والامور الدينية البحتة يتولاها أهل الاختصاص اصحاب العلم الشرعي والعلوم الدنيوية والادارية.والسياسيه أيضا تكون لاهل الخبره والاختصاص كل في مجاله والمقياس هو الكفاءه والخبرة ومنفعة الناس والامة وليس الانتماء والولاء الحزبي..وكما قال شيخ الاسلام بن تيميه إن تولي الفاسق القوي أولي من تولي المؤمن الضعيف لأن الأول فسقهة علي نفسه وقوته للامة ولمصلحة الناس....... والثاني صلاحه لنفسه وضعفه علي الامة وعلي الناس..... ولعل هذه المقولة تحل كثيرا من الأشكال في هذا الموضوع. باحث في التيارات الاسلامية [email protected]