قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة جامل مبارك لفترة طويلة انتهت عند تحويله إلى محاكمة علنية، وأنه لا يحكم بعقلية مبارك، لكن بطريقة رجل تفاجأ بالأوضاع وليس لدية خبرة سياسية لإدارة الدولة، وأن لدينا الآن حالة تفريغ سياسية بشعة تظهر فى الانتخابات المقبلة. وعقب هيكل عن عدم تخوفه من وصول العسكرى إلى الحكم، لأن هناك عددا من الدول لجأت إليه فى ظروف معينة، لأننا فى مرحلة انتقالية تحتاج الدولة إلى رئيس لتصريف أمورها فى وجود مجلس أمناء. وأضاف الكاتب الكبير خلال برنامج (مع هيكل) الذي أذاعته قناة "الجزيرة" منذ قليل أن الحدث الكبير والشبح المعلق أمام المنطقة العربية هو العلاقة مع إيران. وأوضح أن وقوع الثورة لم يكن مفاجأة، وكان يندهش من توقع الناس أن الجيش هو من أجبر مبارك على الابتعاد، وقال: أكاد أتذكر رواية موثوق بها، أن مبارك قال بالنص للمشير طنطاوى "يا إما تحمى الشرعية أو تشيل الشيلة" ومن الثورة لم يدرك أحد، ثلاثة أشياء، هى فعلناه فى أنفسنا خلال 30 سنة، وما فعله بنا الآخرون وما فعلته إسرائيل بنا خلال هذه الفترة، فالجميع وجد لحظة الفرحة الأولى في تنحي مبارك أمام مشكلة حقيقية هى غياب الحقائق. وتحدث هيكل حول موقف الجيش قائلاً: فى ذهنى دائمًا أنه لايستطيع أحد التصرف فى موقف إلا برؤية أكبر جزء من الحقائق. وأضاف موضحًا سيناريوهات الحكم التى كانت موجودة قبل الثورة، وهو سيناريو الإدارة الأمريكية، بأن الرئيس القادم لابد أن يأتى من خلال الجيش، لذا فقد كان دعمهم للواء عمر سليمان، وعندما تم عرض سيناريو مبارك لتوريث ابنه، قالت كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة: لا اعتراض على الشاب لكننا نريد رئيسًا من الجيش. وأضاف أن الجيش كان لديه سيناريو واحد هو ألا يُستخدم ضد الشعب فى حالة رفض التوريث، وهو ما يفسر موقف الجيش من ثورة 25 يناير، لكن جميع السيناريوهات لم تأخذ فى الحسبان إمكانية خروج الناس على النحو الذى حدث. وعقب هيكل عن عدم تخوفه من وصول العسكرى إلى الحكم، لأن هناك عددا من الدول لجأت إليه فى ظروف معينة، لكن فى مصر ليس هناك أى فرصة إلى وصول العسكرى إلى الحكم بسبب الوضع الأمنى الذى يقتضى من القوات المسلحة أن تنهض بالأمن القومى. وقال أعتقد إننى لا أستطيع أن أفرض على حركة التاريخ أحكاما مسبقة، ولا أريد أن يحكم العسكر لأنه ليس من تخصصاته، لكن ليس لدى حساسية فى حكم العسكر، لأننا فى مرحلة انتقالية تحتاج الدولة إلى رئيس لتصريف أمورها فى وجود مجلس أمناء. ولفت الكاتب الكبير إلى الوضع الاقتصادى فى مصر الآن، مؤكداً أن جميع الدول التى تمر بمرحلة تطور مثل التى تمر بها، تحتاج إلى مرحلة انتقالية لتتبين الأمور خصوصا فى ظل اتجاه خارجى يتعمد تعويق رموز الدولة. وقال لدينا الآن حالة تفريغ سياسية بشعة تظهر فى الانتخابات المقبلة، والسؤال الحقيقى من يصلح لتولى السلطة التنفيذية اليوم فى مصر "لا أجد أحدا" وقال: بعد لقاء 10 فبراير بين الجيش والشباب التقى الطرفان أحدهما يعرف ماذا يريد وهما الشباب، والآخر لايعرف ماذا يفعل وهو الجيش، وأستطيع القول: إن المجلس الأعلى للقوات المسلحة جامل مبارك لفترة طويلة انتهت عند تحويله إلى محاكمة علانية وقال: الجيش لم ينقلب على مبارك لكن مبارك سلمه السلطة، لافتاً النظر إلى أنه جيش لا يحكم بعقلية مبارك، لكنه يحكم بطريقة رجل تفاجأ بالأوضاع الحقيقية وليس لدية خبرة سياسية لإدارة الدولة. وأضاف أستطيع القول إن الانتخابتات البرلمانية المقبلة لن تأتى بالنتائج المرجوة، فالشباب هم القوة الوحيدة على الساحة السياسية التى لديها وعى مازال سليمًا، لكن الجميع مثل الأحزاب والإخوان لم يستطيعوا أن يقدروا الموقف، لأنهم لايعرفوا حقيقة ما يحدث، وعندما تبحث عن رجال لتولى الأمر تجدهم إما متورطون مع النظام السابق أو لايعرفوا حقيقة ما يحدث. وأوضح أنه فى وقت من الأوقات بدى له أن هناك تلفيقا فى التفكير، بأن هناك تعاونا بين المجلس العسكرى وبين الإخوان والوفد، لكن علينا إدراك ألا أحد يعرف شكل النظام المقبل ولا يصح أن يبنى شكل مستقبل مصر على تلفيق. وأعرب عن تعاطفه فى جزء معين مع الإخوان، فالديمقراطية بحسب قوله لن تستقيم فى مصر دون دخول التيار اليسارى والتيار اليمينى الإسلامى، وتابع موضحا بحسب قوله: إن الإخوان المسلمين ليسوا تيارًا متشددًا لكن دخوله فى العمل السرى والاغتيالات أسفر بشكل كبير على تفكيرهم. وقال: أعتقد أن التيار الدينى فى مصر ليس مستعداً لتولى الحكم فى لحظة مثل التى نمر بها الآن، إلا لو كان هو خيار الشعب بشكل حقيقى وبممارسة الحرية. وأزعم أن كل من يقول إن لديه حلا لما تمر به مصر غير حقيقى، فجميعنا لدينا طريق للحل ولا أحد يعرف كل الحقيقة وتحدث عن المرشحين لمنصب رئيس الجمهورية، قائلاً جميعهم نجوم محترمون، لكن لا يجوز أن نلقى مسؤلية مستقبل مصر على مصادفة والسؤال كيف بقى مبارك لمدة 30 سنة؟ وهو أمر علينا دراسته. وطالب هيكل من المجلس الأعلى العسكرى إصدار تقرير حالة عن الوضع الذى وجد عليه مصر عندما تولى السلطة وعقب تنحى مبارك. وفى نهاية الحلقة قال هيكل إن المسار الحالى لابد وأن تمر فيه البلاد عن طريق التجرية والخطأ لأن مصر بلد مستهدف ولابد له من خريطة وجدول أعمال محدد.