حول محاكة الرئيس المخلوع مبارك، أوضح هيكل أنه لم يحدث في التاريخ أن يقوم رئيس بالتنحي إلا وحددت إقامته أو محاسبته، مضيفاً أن القوات المسلحة جاملت مبارك وانتهت هذه المجاملة بمحاكمته، وذكر أن الجيش لم ينقلب علي مبارك. كما أن المجلس العسكري فوجئ بما حدث، إضافة إلي أنه ليس لديه خبرة سياسية في إدارة شؤون البلاد. وأوضح الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، خلال لقاؤه مع قناة "الجزيرة" الفضائية في برنامج "مع هيكل"، مساء أمس السبت، أن الحقائق في مصر غائبة ولا أحد يملك حل لكل ما يحدث فيها، مبينًا أن: "مبارك قال للمشير قبل تنحيه بفترة قليلة.. إما أن تحمي الشرعية أو أن 'تشيل الشيلة'"، في إشارة منه إلي تحمل أعباء إدارة البلاد. وصرح الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، أن الجيش المصري كان لديه مطلب من النظام الحاكم وهو ألا يُستخدم في عملية فرض جمال مبارك رئيسًا لمصر، مؤكدًا أنه لا يري أن هناك فرصة لبقاء الجيش في الحكم، لأن الظرف الراهن يقتضي تفرغ الجيش للحفاظ علي الأمن القومي وحدود مصر. مضيفًا: "لا أريد للجيش أن يستمر في الحكم.. ولكن نريد فترة انتقالية تتكشف فيها الحقائق.. ولابد أن نأتي برئيس للوزراء يكون قوي وقادر علي استعادة الأمن في الشارع المصري". وأشار هيكل إلي أن مشكلة الإخوان المسلمين تكمن في نشأة عملها السياسي السري، ولا تستقيم ديمقراطية في دولة إلا بوجود طرفين، الطرف الأول هو اليسار والثاني هو اليمين الذي يمثله التيار الديني -علي حد رأيه. مؤكدًا أن الإخوان والتيار الديني عمومًا ليسوا مستعدين لحكم البلاد، خاصة في مثل هذه الظروف التي تعيشها مصر، معربًا عن خوفه وقلقه من إجراء 'الانتخابات' المقبلة في ظل غياب الأمن، وعدم إتاحة الفرصة للقوي الجديدة والشباب الذين قاموا بالثورة لتهيئة أنفسهم. وأكد هيكل، بالرغم من أن الشعب المصري بطبيعته متدين، إلا أن مصر لا يمكن أن تُحكم من منظور ديني، موضحاً أن أكبر خطأ وقع فيه المجلس العسكري هو أنه لم يضع خطة وجدول أعمال لتلك المرحلة الانتقالية. وأضاف هيكل، إن المجلس الأعلي للقوات المسلحة جامل مبارك لفترة طويلة انتهت عند تحويله إلي محاكمة علنية، وأنه لا يحكم بعقلية مبارك، لكن بطريقة رجل تفاجأ بالأوضاع وليس لديه خبرة سياسية لإدارة الدولة، وأن لدينا الآن حالة تفريغ سياسية بشعة تظهر في الانتخابات المقبلة. وعقب هيكل عن عدم تخوفه من وصول العسكري إلي الحكم، لأن هناك عددًا من الدول لجأت إليه في ظروف معينة، لأننا في مرحلة انتقالية تحتاج الدولة إلي رئيس لتصريف أمورها في وجود مجلس أمناء. وأفصح هيكل عن موقف الجيش قائلاً: "في ذهني دائمًا أنه لا يستطيع أحد التصرف في موقف إلا برؤية أكبر جزء من الحقائق". وأضاف موضحًا سيناريوهات الحكم التي كانت موجودة قبل الثورة، وهو سيناريو الإدارة الأمريكية، بأن الرئيس القادم لابد أن يأتي من خلال الجيش، لذا فقد كان دعمهم للواء عمر سليمان، وعندما تم عرض سيناريو مبارك لتوريث ابنه، قالت كونداليزا رايس- وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة: "لا اعتراض علي الشاب لكننا نريد رئيسًا من الجيش". موضحًا أن الجيش كان لديه سيناريو واحد هو ألا يُستخدم ضد الشعب في حالة رفض التوريث، وهو ما يفسر موقف الجيش من ثورة 25 يناير، لكن جميع السيناريوهات لم تأخذ في الحسبان إمكانية خروج الناس علي النحو الذي حدث. ولفت الكاتب الكبير إلي الوضع الاقتصادي في مصر الآن، مؤكداً أن جميع الدول التي تمر بمرحلة تطور مثل التي تمر بها مصر، تحتاج إلي مرحلة انتقالية لتتبين الأمور خصوصًا في ظل اتجاه خارجي يتعمد تعويق رموز الدولة. وحول الانتخابات البرلمانية المقبلة، أكد هيكل أنها لن تأتي بالنتائج المرجوة، فالشباب هم القوة الوحيدة علي الساحة السياسية التي لديها وعي مازال سليمًا، لكن الجميع مثل الأحزاب والإخوان لم يستطيعوا أن يقدروا الموقف، لأنهم لا يعرفوا حقيقة ما يحدث، وعندما تبحث عن رجال لتولي الأمر تجدهم إما متورطون مع النظام السابق أو لا يعرفوا حقيقة ما يحدث. وطالب هيكل من المجلس العسكري، إصدار تقرير حالة عن الوضع الذي وجد عليه مصر عندما تولي السلطة وعقب تنحي مبارك. وفي نهاية اللقاء، قال هيكل: "إن المسار الحالي لابد وأن تمر فيه البلاد عن طريق التجربة والخطأ، لأن مصر بلد مستهدف ولابد له من خريطة وجدول أعمال محدد".