قال الناقد د. جابر عصفور أن من أهم المميزات التي اتسم بها الكاتب الراحل خيري شلبي هي الجسارة، ولا يمتلك هذه الصفة غيره من الكتاب حتي نجيب محفوظ الذي يوجد لديه أماكن كثيرة في كتاباته مسكوت عنها،. وتابع: خيري يستطيع أن يقول ما يريد، فلا يضاهيه غير ألف ليلة وليلة، لأن كتاباته تأتي من دائرة المهمشين، مثل و"كالة عطية" و"زهرة الخشخاش"، إذ يكسر التابوه ويسرق القارئ من نفسه ويتقبل قواعد هذا العالم وقوانينه ببساطة. جاء هذا خلال حفل تأبين الكاتب الراحل خيري شلبي الذي أقامه المجلس الأعلي للثقافة مساء أمس الأحد بحضور عدد كبير من المثقفين ومحبي الراحل. وقال د. جابر عصفور عرفت خيري في السبعينيات قبل أن يكون مشهورًا وقبل أن يأخذ مكانه الحقيقي على الخارطة، أولا من خلال كتاباته لأنه لفت نظري بصفحاته التي كانت موزونة بأكملها، فكان شاعرا في البداية، وعندما كان ينفعل في الكتابة تتحول لكلمات موزونة، لذا أعجبت به إعجابًا كبيرًا، فمدخل الإعجاب هو اللغة. وأضاف عصفور "مرت الأيام وتصادف أن د.سهير القلماوي كلفتني أن أكون ضمن لجنة في المجلس كانت لتحكيم كتاب عن الرحلات لجائزة الدولة التشجيعية، وكان فيها خيري شلبي، تحمست له وكان الكتاب "فلاح مصري في بلاد الفرنجة".. كتبت تقريرا لصالح الكتاب الذي حصل علي الجائزة. واستطرد: عرفني هو بعد قراءة التقرير، وتقابلنا بعدها بفترة وأصبحنا أصدقاء صداقة حميمية. ويضيف عصفور من أهم ما يميز كتابات خيري هو الصلة بين اللغة الشفاهية التي يتحدث بها واللغة الروائية التي يكتبها، فالفرق بينهما قليل جدا، قلما أن تجد هذا عند كاتب.. الاستثناء الوحيد هو يوسف إدريس، كما أن خيري حكاء من طراز نادر، ويطعم اللغة بكلمات عامية حتي تكون عفوية نابضة بالحياة اليومية. وكان موضوع خيري شلبي الأساسي هو المهمشون، إذ فتح باب لم يفتحه أحد قبله ولا بعده بهذا القدر من الشمول والتنوع، إذ كتب عن قاع قاع الريف بشفافية وقدرة وعمق، كما تتسم كتابات خيري شلبي وفقا لعصفور بالتلقائية، فكان يتحدث كما يكتب، حياته كانت قاسية لم يمر بها أحد، لذا عرف المهمشين عن قرب. وأكد الناقد د. حسين حمودة أن خيري شلبي استطاع ان يفارق بدايته، فأصبحت أعماله متنامية ومتغيرة الملامح، لأنه أعاد النظر في بعض تصوراته عن العالم، وأصبح خيري شلبي أبا لسلالة الحكائين. وقال الشاعر شعبان يوسف: إن خيري صنع أسطورته بيده، ففي بداياته لم ينتظر تحية أو تعظيمًا من أحد قبل روايته الأولى، ولم تنتبه له الدولة بأي شكل من الأشكال، لأنه لم يكن على هواهم حتي التيار النقدي لم يتسع لكتابات خيري شلبي في هذه اللحظة، لأنها كانت تتعالي عن هذا النوع من الكتابات. ومن جانبة، قال د. شاكر عبدالحميد أن مقولة "الإسلوب هو الرجل" هي أصدق تعبير لحياة خيري شلبي ولكتاباته، فكان يكتب مثلما يعيش ويعيش مثلما يكتب، ويكتب عن المتناقضات الموجودة في المسافة البينية بين الحياة والموت.. فعالمه وجود يتجلي علي أنحاء شتي.