في ظروف استثنائية عالمية وإقليمية، تعقد اللجنة الإقليمية لشرق المتوسط دورتها الثامنة والخمسين بمقر المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بالقاهرة وذلك في المدة من 2 - 5 أكتوبر 2011. وتلقي الأزمة الإنسانية الطاحنة في الصومال بظلالها على اجتماعات هذه الدورة، لاسيما أنها اندلعت ولم يتمكَّن العالم بعد من احتواء تداعيات الأزمة المالية العالمية، ومن ثمَّ لم تصدر استجابة كافية وملائمة على صعيد الإغاثة الإنسانية المطلوبة عاجلًا لهذا البلد المنكوب. بل إن آثار هذه الأزمة المالية تنسحب كذلك على جميع أنشطة العمل الصحي داخل المنظمة وخطط الإصلاح الإداري وإعادة التنظيم فيها. كما أن هذه الدورة تنعقد في ظل ما يشهده عدد من بلدان الإقليم من دعوات التغيير، والتي صاحبتها حالة من عدم الاستقرار مما يؤثر سلبًا على الصحة العامة. وتشهد هذه الدورة انتخاب مدير إقليمي جديد يخلف الدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لشرق المتوسط، الذي تنتهي مدته الحالية في 30 سبتمبر 2012. وعلى طاولة البحث والنقاش للّجنة الإقليمية، وهي الهيئة الرئاسية العليا بمنظمة الصحة العالمية على الصعيد الإقليمي، العديد من القضايا والموضوعات الصحية الهامة التي يشارك في بحثها أعضاء اللجنة الإقليمية من السادة وزراء الصحة في بلدان الإقليم ومن يمثِّلهم، ويشارك فيها الدكتورة مرغريت تشان، المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، والدكتور حسين عبد الرزاق الجزائري، المدير الإقليمي لشرق المتوسط، وممثلو المنظمات والهيئات الدولية والإقليمية والمحلية المعنيون بالصحة، فضلًا عن خبراء المكتب الإقليمي والمقر الرئيسي لمنظمة الصحة العالمية. وتضم قائمة القضايا المطروحة العبء المرضي المزدوج في كثير من دول الإقليم، والتي يعاني بعضها من استمرار تفشي الأمراض المعدية وتعاني جميعها ودون استثناء من عبء الأمراض غير السارية. وفي مقدمة ما يتناوله البحث خلال أعمال هذه الدورة سُبُل الوقاية من السرطان. ويُعدُّ سرطان الثدي أكثر السرطانات شيوعًا بين الإناث في إقليم شرق المتوسط. وقد أبدت البلدان التزامًا قويًا بالتحرّي عن سرطان الثدي والكشف المبكر له، من خلال دورات تدريبية وتوجيهية حول الفحص الذاتي للثدي. ويحشد المكتب الإقليمي وشركاؤه الموارد لتمويل التدريب في هذا المجال، وكذلك في مجال الرعاية الملطِّفة. وسوف تناقش الدورة الثامنة والخمسون للّجنة الإقليمية لشرق المتوسط تقريرًا مرحليًا حول هذا الموضوع بغرض مواجهة العوائق المتمثّلة في ضعف الالتزام السياسي والعقبات المالية، ونقص القدرات الوطنية في معظم مجالات الوقاية من السرطان ومكافحته. كما تناقش هذه الدورة، الاضطرابات النفسية والعصبية والإدمانية، والتي لها تأثير على جميع فئات المجتمع من كل الأعمار، وهي مسؤولة عن 14% من العبء المرضي عالميًا و12% إقليميًا. وتمثِّل الصحة النفسية وما يتصل بها من مشاكل إحدى قضايا الصحة العمومية، التي ترتبط ارتباطًا وثيقًا بجودة الحياة، وبالإنتاجية ورأس المال الاجتماعي، ومن هنا تتمثَّل الأهمية الاستراتيجية الإقليمية للصحة النفسية والإدمان التي تغطي المدة من 2012 إلى 2016، وسوف تنظر الدورة الثامنة والخمسون للّجنة الإقليمية في هذه الاستراتيجية خلال اجتماعاتها. ولمكافحة التبغ موقعها على جدول أعمال اللجنة الإقليمية، إذْ تتزايد البيِّنات التي تؤكِّد أن زيادة أسعار منتجات التبغ من خلال زيادة الضرائب هي أكثر الطرق فعالية في خفض تعاطي التبغ، حيث إن ارتفاع الأسعار يثني الشباب وغير المدخنين عن الدخول في نفق التدخين، ويشجِّع المدخنين الحاليِّين على الإقلاع عن التدخين، ويمنع المدخنين السابقين من معاودة التدخين، كما أنّ زيادة الضرائب تزيد من إيرادات البلدان التي يمكن أن تنفق على تعزيز البرامج الصحية وتمويل برامج مكافحة التبغ. وقد أشار تقرير منظمة الصحة العالمية عن وباء التبغ العالمي لعام 2008 إلى أن زيادة الضرائب على التبغ بمعدل 10% يقلِّل استهلاك التبغ عمومًا بنسبة 4% في البلدان ذات الدخل المرتفع، وبحوالي 8% في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط، بينما تزيد إيرادات ضرائب التبغ بما يقرب من 7%. وسوف تناقش الدورة الثامنة والخمسون للّجنة الإقليمية لشرق المتوسط تقريرًا مرحليًا حول هذا الموضوع. ومن شأن التصدِّي لمشكلة السرعة وتحقيق الأمان على الطرق أن يعود بفوائد جمَّة على الاقتصاد، فهو يعني توفير جانب لا يستهان به من الإنفاق الطبي، والإنفاق لتعويض التلفيات والخسائر، والإنفاق لإعادة التأهيل، والأمر الأهم هو إنقاذ الأرواح التي تُزهَق في التصادمات على الطرق، وهو أمر لا يمكن تعويضه بأي ثمن. وفي إطار مكافحة الأمراض المدارية فلاتزال الملاريا تمثل مشكلة ذات أولوية في عدد من دول الإقليم، وكلما تحقَّق تقدُّم في مكافحة الملاريا أمكن بلوغ مرامٍ صحية وتنموية هامة مثل مرمى "استئصال شأفة الفقر المدقع والجوع"، ومرمى "الحد من وفيات الأطفال"، ومرمى "تحسين صحة الأمهات". لذلك حثَّت جمعية الصحة العالمية دولها الأعضاء منذ عام 2005، على ضمان استفادة 80% على الأقل من المعرَّضين لخطر الإصابة بالملاريا من التدخلات المضادة لهذا المرض بحلول عام 2010. وهناك العديد من التحدِّيات التي تواجه التخلُّص التام من الملاريا في الإقليم، وسوف يتم مناقشتها خلال اجتماعات الدورة الثامنة والخمسين للّجنة الإقليمية لشرق المتوسط التي تنعقد في المكتب الإقليمي لشرق المتوسط في المدة من 2 – 5 أكتوبر 2011. كذلك تناقش اللجنة الإقليمية موضوع شلل الأطفال، وقد واجه الإقليم أزمات مستمرة طبيعية ومن صنع الإنسان، أثَّرت تأثيرًا كبيرًا على جهود استئصال شلل الأطفال، ولاسيَّما في البلدَيْن الموطونَيْن المتبقيَيْن، وهما أفغانستان وباكستان، وعلى الرغم من هذه التحدِّيات، واصل الإقليم جهوده الرامية إلى بلوغ هدف استئصال شلل الأطفال، وحافظ 19 بلدًا على وضع الخلوّ من شلل الأطفال. كما نجح السودان في استعادة وضع الخلوّ من شلل الأطفال بعد الفاشية التي ظهرت نتيجة توافد الحالات المصابة عام 2008. وإذْ يعتبر الفقر العامل الأساسي وراء التعثُّر الراهن الذي يعيق بلوغ المرامي الإنمائية للألفية في عديد من بلدان العالم، بما فيها البلدان الواقعة في إقليم شرق المتوسط، فإن التقدُّم المحرَز في بلدان الإقليم على صعيد تحقيق المرامي الإنمائية للألفية، يواجه عددًا من التحدِّيات التي تهدِّد قدرة عشرة بلدان على الأقل على تحقيق معظم هذه المرامي. ويبحث المشاركون في اللجنة الإقليمية هذه التحديات وسبل تجاوزها. وحيث أن للبحوث الصحية أهمية كبرى في التخطيط للعمل الصحي، إذْ من شأنها أن تضع السيناريوهات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية، الدائمة التغيُّر، في الاعتبار عند التخطيط لصحة السكان، فإن هناك قصورًا في مجال البحوث الصحية في إقليم شرق المتوسط، وحاجة ملحّة إلى دعم تنفيذها في هذا الإقليم. وقد أكَّد المكتب الإقليمي لشرق المتوسط منذ وقت مبكر على الحاجة لرأب الفجوة بين الباحثين الصحيِّين وأصحاب القرار في الإقليم، وأن الوقت قد حان للتحوُّل في التفكير في ما يختص بالكيفية التي ينبغي إجراء البحوث بها، من أجل صياغة السياسات والاستراتيجيات الصحية والتنموية وتسعى اللجنة الإقليمية في دورتها هذه لتحقيق تقدم في هذا المجال.. إلى جانب العديد من الموضوعات الصحية الهامة والقرارات والمقرَّرات الصادرة عن جمعية الصحة العالمية في اجتماعاتها الأخيرة. وسوف تشهد الجلسة الافتتاحية للّجنة الإقليمية التي تبدأ في التاسعة صباح الأحد 2 أكتوبر 2011 بقاعة الكويت بمقر المنظمة بمدينة نصر تكريم عدد من الشخصيات المتميِّزة في المجال الصحي. فقد قرّر المجلس التنفيذي منح جائزة مؤسسة الدكتور علي توفيق شوشة لعام 2011، إلى الأستاذ الدكتور أمجد داوود نيازي (العراق) تقديرًا لإسهامه الكبير في مجال الصحة العمومية في إقليم شرق المتوسط. كذلك يجري تكريم الدكتور علي رضا أنصاري- مقدم من جمهورية إيران الإسلامية تقديرًا لإسهامه الملموس في مجال مكافحة وعلاج السرطان.