عندما تفاقمت الأزمة الأوروبية العام الماضى اضطرت شركات الأزياء العالمية الى اعادة النظر فى سياساتها للتسعير، وعلى سبيل المثال قررت شركة لاكوست ولديها 500 متجر فى أوروبا فقط، أن تجرى بعض التعديلات. كان لايزال هناك طلب على سلع الرفاهية، ولذلك اتخذت الشركة الفرنسية، صاحبة العلامة التجارية المميزة، خطوة جريئة بتقديم منتجات غالية جديدة من المصنوعات الجلدية، لكنها ايضا بدأت طرح موديلات رخيصة فى الأسواق من التيشيرتات بسعر 45 يورو أو 59 دولارا، او بنصف سعر البولوشيرت الشهيرة لها. وباستثناء بعض المنتجات الرئيسية تضع الشركة حاليا اسعارا لكل دولة على حدة، حسب حجم الطلب ومستوى المنافسة فيها. وفى حين تراجع عدد المترددين على محلات لاكوست فى أوروبا فإن الشركة رصدت زيادة فى المبيعات لكل زيادة وخلال الفترة من شهر يناير حتى اغسطس الماضى، المبيعات فى المتاجر التى تم افتتاحها من فترة قصيرة ولا تقل ايضا عن سنة ,وكما يقول أحد مديرى المتاجر التى تحمل رخصة لبيع منتجات لاكوست المسألة أصبحت مسألة موازنة. وما يحدث فى لاكوست يعكس اتجاها عاما فى أوروبا بالاهتمام بوضع نظام جديد للتسعير، فالمنتجون يعيدون النظر فى منظومة التسعير إدراكا منهم لما يمر به المستهلكون فى أوروبا من ازمة اقتصادية تؤثر على جميع نواحى الحياة. ومعظم الشركات تسعى للحفاظ على ربحيتها إما عن طريق الابقاء على اسعارها منخفضة أو باستهداف سوق سلع الرفاهية الذى لاتزال مساهمة السياح الاسيويين فى رواجه تمثل دعما كبيرا للصناعة أما الشركات التى رفضت خفض اسعارها مثل ابركرومبى آند فيتش فتواجه مشكلة هذه الأيام بتباطؤ الطلب على سلع الرفاهية. ومن أشهر الشركات التى تفاعلت مع التراجع الاقتصادى الأوروبى بإيجابية شركة مانجو الإسبانية للأزياء العصرية التى خفضت جميع اسعارها بنسبة 20 % هذا العام كرد فعل للأزمة المالية والاقتصادية فى المنطقة. كما انها بدأت تعلن عن أسعارها فى اعلاناتها لأول مرة فى تاريخها وهى السياسة التى تبدو حتى الآن ناجحة، حيث تقول الشركة ان مبيعاتها خلال النصف الأول من العام الحالى قد قفزت بنسبة 30 % مقارنة بنفس الفترة من العام الماضى. وكذلك مجموعة آنديتكس الشركة الاسبانية التى تمتلك العلامات التجارية الشهيرة: زاراوماسيهو دوتى وغيرهما، اختارت ان تتحمل ارتفاع التكاليف ولا تحملها للمستهلكين. وفى شهر يوليو الماضى، عندما اعلنت اسبانيا عن زيادة ضريبة القيمة المضافة من 18 % الى 21 % لم ترفع اسعارها. ويمكن تفسير ما سبق بأنه لايزال هناك اعتقاد راسخ لدى الشركات بالقدرة على تحقيق نمو قوى فى المبيعات مهما كانت حالة المناخ الاقتصادى، وذلك بتقديم جودة وسعر مناسب. ومجموعة انديتكس على سبيل المثال سجلت مبيعاتها نموا مذهلا خلال السنوات الأخيرة بالرغم من انها تبيع 25 % من منتجاتها فى اسبانيا التى تعانى من ازمة ديون، ولكن المجموعة نجحت فى رأى المحللين فى تقديم اسعار تنافسية للمستهلك الاسبانى وتحملت عنه الزيادات الضريبية قدر المستطاع. وقد حافظت شركة اتش اند ام ايضا على ثبات اسعارها دون زيادة حتى مع استمرارها فى إدخال أقسام جديدة ذات شريحة أعلى من الأسعار، أما العلامة التجارية COSالتابعة لها التى تقدم نوعية أغلى من الملابس ولديها 13 متجرا فى أوروبا فتسير على خطى التوسع وبصدد افتتاح المزيد من الفروع فى امستردام، مدريد، بولندا، وقد اعلنت مؤخرا عن خطط لافتتاح فروع جديدة فى دول اوروبا خلال عام 2013 التى يتوقع ان تبيع سلعا فاخرة، وهذا لم يمنع ان تكون اتش اند ام صارمة فى قرارها بشأن الأسعار، يوضح أحد مسئولى الشركة، ارتفعت مبيعات اتش اند ام فى فروعها الجديدة خلال النصف الأول من العام الحالى بنسبة 3 % ولاتزال خطط التوسع سارية التنفيذ. وعلى صعيد آخر لا تجرى الرياح دائما بما تشتهيه السفن للجميع، فالنجاح فى اوقات الازمات نعمة لا تحظى بها شركات كثيرة مثل شركة جاب GAPالتى اعلنت عن انخفاض مبيعاتها على مستوى العالم بنسبة 5 % خلال الربع الثالث من هذا العام، اما شركة ابركرومبى اند فيتش التى احتفلت العام الماضى بافتتاح متجرها الجديد فى باريس، اعترفت بأنها أساءت عملية التسعير خلال الأزمة الاقتصادية الأوروبية الحالية. وفى اجتماع له مع المستثمرين، قال المدير التنفيذى ل ابركرومبى اند فيتش ان مبيعات الشركة قد انخفضت بنسبة 26 % فى الربع الثانى معترفا بأنهم قد وضعوا اسعارا عالية لا تتناسب مع الظروف الراهنة، وقال ان استمرار الأزمة الأوروبية يزيد من صعوبة الوضع فى الشركة، حتى انها اضطرت مؤخرا الى الرضوخ وخفض الاسعار، بل وتخطط لمزيد من الخفض فى الربع الأخير من هذا العام. كان مديرو شركة رالف لورين قد رصدوا تأثر فروعها بتراجع حركة السفر والسياحة فى أوروبا، ووقوع الأوروبيين تحت وطأة خطط التقشف وذلك بالرغم من تسجيل مبيعات فروع الاوتلت التى تبيع مباشرة من المخزن للجمهور فى انحاء العالم لمستويات جيدة. كما اعلنت شركة فووت لوكر للملابس والأحذية الرياضية عن إضافة نحو 35 فرعا لمجموعتها فى أوروبا هذا العام حيث تخطط لاستثمارات طويلة الأجل فى أوروبا حسب تصريحات مديرها التنفيذى وذلك فى اشارة الى التفاؤل بمستقبل قطاع الأزياء والموضة فى أوروبا .