اقترن اسم «ياسين» بصناعة الزجاج باعتباره رائدا لهذه الصناعة التى بدأها فى مطلع الثلاثينيات من القرن الماضى ولكنه قبل دخوله هذا المجال كان اول من ادخل فكرة «النقل العام» الى شوارع القاهرة .. ولد محمد سيد ياسين عام 1886 بحى بولاق وكان والده مقاولا كبيرا حصل على عملية تكسية جسور النيل ويدير رفاصات لنقل المحاصيل الزراعية والركاب بالمراكب الشراعية فورث عن ابيه ذلك كما ورث ديونا كبيرة تعدت 300 الف جنيه وكانت كلها «دين شرف» كما يذكر فى كتابه «عاشق الزجاج» فكانت ضمانات لاصدقاء تخلوا عن الدفع، فكان على الابن ان يجتهد ويعمل ويتحمل المسئولية. ابتكار الأوتوبيس لم يعمل سيد ياسين فى الزجاج فى بادئ الامر ولكنه كان اول من ادخل فكرة النقل العام الى مصر باختراعه سيارات اوتوبيس تجوب شوارع القاهرة وهناك روايتان لدخوله هذا المجال فتقول الرواية الاولى انه حين وصوله الى محطة السكة الحديد قادما من الاسكندرية عام 1921 كانت الشوارع قد تحولت الى كتل طينية بسبب الامطار وكان الترام متوقفا بسبب اضراب للعمال فاستأجر حنطورا وطلب منه السائق اضعاف اضعاف الاجرة المقررة ومن هنا فكر فى تحويل سيارتى اللورى اللتين كان يملكهما لوسيلة نقل للركاب مثل الترام. اما الرواية الثانية التى رواها ابنه سيد ياسين وهو الذى تولى مهمة انشاء مبنى مؤسسة الاهرام بشارع الجلاء فى الستينيات واصبح مدير عام المؤسسة ومدير المشروعات بها فهى أنه بعد الحرب العالمية الاولى حصل على عطاء من الجيش الانجليزى لتصنيع المنتجات الجلدية وانشأ ورشة لصناعة الاحزمة للجنود والضباط والسروج لخيولهم ولظروف الحرب توقف استيراد الجلود وبالتالى توقف عمله ولانه كان ملتزما بعمله ويتقنه، عرض عليه المسئول عن المهمات فى الجيش الانجليزى ان يختار ما يشاء من مخلفات الجيش قبل بيعها فى المزاد وبالفعل اشترى سيد ياسين عشرة هياكل لسيارات نقل خردة مقابل 10 جنيهات لكل شاسيه. مشروع النقل العام وبعد انتهاء الحرب وبالتحديد عام 1919 خطرت له فكرة تصنيع سيارات لنقل الركاب فى الشوارع مثل الترام واستعان باثنين من النجارين وركب معهم الترام وطلب منهم ان يصنعا فوق هياكل سيارات النقل «دكك خشبية» بمساند للجلوس عليها كما فى الترام وتحولت سيارات اللورى الى اوتوبيسات مفتوحة من الجانبين ويتم الصعود اليها بواسطة سلم ثم اضاف اليها جوانب من الصفيح وبذلك يكون سيد ياسين اول من انشأ اوتوبيسا لنقل الركاب دون ان يراه من قبل ! نجحت الفكرة رغم احجام الناس عنه فى البداية، وزاد عدد الاوتوبيسات حتى بلغ 100 اوتوبيس عام 1932 وحقق المشروع ارباحا طائلة مما جعل الحكومة تمنح تراخيص الاوتوبيس لشركات انجليزية، وخاض ياسين حربا مع الحكومة لاستمرارية المشروع ولكن المشروع توقف وعرضت عليه الحكومة ان يتنازل عن الاوتوبيسات ويبقى مشرفا على المشروع ولكنه رفض. وقرر مقاضاة الحكومة ولكن نصحه محاموه بانه يمكنه الحصول على تعويض من الحكومة قيمته 150 الف جنيه ولكن بعد 10 سنوات يقبل تعويضا قيمته 16 الف جنيه يحصل عليه فورا. عاشق الزجاج اعتبر سيد ياسين مبلغ التعويض نواة لمشروع جديد على ان يحقق النفع العام وليس الغرض منه تحقيق ارباح ووقع اختياره على «صناعة الزجاج» فعلى الرغم من انها صناعة قديمة منذ قدماء المصريين ونقلها الفرس ثم الرومان وانتشرت فى مصر بعد الفتح الاسلامى واستخدمت المصابيح فى الجوامع والشوارع فإن الاحتلال الانجليزى قضى على اى جهود لقيام صناعات مصرية لذلك قرر سيد ياسين ان يخوض التجربة مستفيدا من خبراته وتجاربه السابقة فانشأ مصنع زجاج لمبات الجاز التى كانت مطلبا ضروريا للمصريين خاصة فى الريف وظل لمدة ثلاث سنوات يتكبد خسائر كبيرة بسبب قلة الانتاج وتلف الخامات وجهل العمال بالصنعة ولكن بدعم وتشجيع الاقتصادى العظيم طلعت حرب تم تطوير هذه الصناعة، فقد تقدم ياسين بطلب الحصول على سلفة قيمتها 80 الف جنيه من بنك مصر ولكن ادارة البنك رفضت طلبه الى ان علم طلعت حرب فوافق على السلفة وقام بنفسه بمراقبة المشروع ومتابعته وتشجيعه. من هنا انطلق سيد ياسين لتنفيذ مشروعه الضخم فأنشأ اول مصنع للزجاج المسطح فى الشرق الاوسط وزار مصانع الزجاج فى ألمانيا واستعان بمدربين من التشيك ليبنى مصنعا جديدا باحدث تقنيات صناعة الزجاج فى العالم ويتطور المصنع ويسد احتياجات مصر فى مرحلة البناء والتعمير بعد الحرب العالمية الثانية ونجح المصنع فى انتاج اول زجاجة كوكاكولا عام 1946 لينتهى تماما استيراد زجاجات المياه الغازية الفارغة من الخارج . كما انشأ شركة القاهرة لانتاج المعدن وشركة مصر للاعمال الهندسية والنقل واصبح سيد ياسين ملك الزجاج فى مصر الى ان تم تأميم شركاته عام1961 .