على الرغم من أن قانون فاتكا الامريكى الذى يلزم الأفراد بالإفصاح عن إيراداتهم الخارجية فإن الشركات التى تمتلك بالفعل الثروات الحقيقية لا تدفع الضريبة المقررة عليها والمقدرة بنسبة 35٪ وهى التى تعد من أعلى معدلات الضريبة فى العالم مما يحفز الشركات الأمريكية على التهرب وإخفاء أموالها بعيدا عن عيون السلطات. ولكن وبمناسبة موسم الانتخابات الرئاسية فى الولاياتالمتحدة يتجدد الحديث عن الإصلاح الضريبى. ما بين اتهام الإدارة الأمريكية بمعاداة المستثمرين المحليين ودفاع الشركات الأمريكية باضطرارها إلى الاحتفاظ بأرباحها الخارجية خارج البلاد تدور قصة التهرب الضريبى للشركات الأمريكية والمقدرة بأكثر من تريلونى دولار. فثمانية من أكبر الشركات التكنولوجية فى الولاياتالمتحدة حققت أرباحا بقيمة 69 مليار دولار من نشاطها فى الخارج خلال العام الماضى فى الوقت الذى اضطرت فيه شركات فى صناعات أخرى إلى إعادة أرباحها من الخارج. شركات مايكروسوفت وآبل وجوجل وخمس شركات أخرى تمثل ما يزيد على 20٪ من ال2.1 تريليون دولار من الأرباح التى تخفيها الشركات الأمريكية فى ملاذات ضريبية تهربا من دفع المستحق عليها ،وذلك وفقا لإحصاءات بلومبرج لأكثر من 300 شركة التى كشفت ارتفاع تلك المبالغ عن العام السابق بنسبة 8٪ على الرغم مما تزعمه 58 شركة من خفض احتياطياتها الخارجية. ويبدى الرئيس الأمريكى باراك أوباما والسلطات المعنية اهتماما كبيرا بملاحقة تلك الأموال وتعديل قانون الضرائب بما يشجع الشركات على إعادة أرباحها الخارجية المتراكمة واستثمارها داخل الولاياتالمتحدة. ولكن تلك الجهود توقفت ولا يوجد ما يشير إلى استعداد الشركات لجلب ثرواتها من الخارج حتى يمنحها الكونجرس حافزا أو وعدا رسميا بخفض الضرائب. وكانت شركات مايكروسوفت وآبل وجوجل سجلت 20٪ زيادة فى أرباحها الخارجية المتراكمة خلال العام الماضى وهى أكبر زيادة لأى من ال 34 شركة بأرباح خارجية لا تقل عن 16 مليار دولار . هذا فى حين سجلت كل من سيسكو سيستمز وأوراكل وكوالكوم وهيوليت باكارد ما لا يقل عن 4 مليارات دولار. وتمثل أرباح الثمانى الكبار 45٪ من إجمالى الأرباح الخارجية للشركات التى شملها مسح بلومبرج. فى الوقت نفسه اضطرت شركات أخرى من خارج قطاع التكنولوجيا إعادة أرباحها الخارجية لسداد التزاماتها المحلية. ومن المنازعات الضريبية الشهيرة ما يتعلق بشركة ديوك إنرجى التى اضطرت إلى دفع 373 مليون دولار ضرائب على أرباحها فى شهر فبراير ضمن اتفاق للحصول على إذن بوضع يدها على 2.7 مليار دولار من الأرباح المتراكمة. على الرغم مما تبذله السلطات الأمريكية من جهود لمحاربة التهرب الضريبى لمواطنيها وشركاتها فإن الواقع هو قيام الشركات بإخفاء المزيد من الأرباح بعيداً عن عيون الأجهزة الضريبية. وللعام الخامس على التوالى تصدرت جنرال إليكتريك هذا العام قائمة أكبر الشركات الأمريكية المتهربة من الضرائب. ولدى الشركة الآن 119 مليار دولار خارج الولاياتالمتحدة بزيادة 8 ٪ على نهاية 2013 و27٪ على عام . 2010 وفى المقابل ضاعفت مايكروسوفت حيازاتها الخارجية من السيولة بأكثر من ثلاث مرات منذ عام 2010، أما آبل فقد زادتها إلى 69.7 مليار دولار مقارنة ب 12.3 مليار فقط فى عام 2010 فى حين ان لدى سيسكو أرباحا خارجية متراكمة بنحو 52.7 مليار دولار بزيادة 10٪ على عام 2013 . يذكر أن مبررات الشركات هجومية باتهام الإدارة الأمريكية بمعاداة الاستثمارات المحلية دفاعية برغبتها فى التوسع فى الخارج وليس بغرض الإخفاء عن مصلحة الضرائب. وكان نائب رئيس شركة مايكروسوفت بيل سامبل قد قال فى شهادته أمام الكونجرس فى عام 2012 إن الشركة تعتمد فى جزء كبير من المبيعات على الخارج، وان قوانين الولاياتالمتحدة غير مشجعة للاستثمارات الأمريكية. وأشارت شركة جوجل إلى رسالة بعثتها فى ديسمبر 2013 إلى لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية التى أبلغتها فيها بحاجتها إلى مبلغ يتراوح بين 20 و30 مليار دولار لعقد صفقات استحواذ خارج الولاياتالمتحدة وبين 12 و14 مليار دولار هى حصة الفروع الخارجية فى تطوير براءات الاختراع الخاصة بالشركة وبين 2 و4 مليارات للنفقات الرأسمالية . أما شركة سيسكو فقد أعلنت مؤخرا انه فى ظل عدم تغيير قانون الضرائب الأمريكى فان الشركة ستستثمر أرباحها الخارجية فى الهند وإسرائيل وفرنسا. تحليل وكالة بلومبرج شمل 304 شركات أمريكية تكشف عن أرباحها السنوية الخارجية التى لا تشمل السيولة وإنما الأرباح المتراكمة والتى تشمل المبالغ التى يعاد استثمارها فى مصانع وأنشطة حيوية. وتقول الشركات إنها لن تعيد تلك الأموال إلى الولاياتالمتحدة وإنها لم تأخذ فى حسبانها دفع ضرائب عليها مستقبلا. ومن أسباب رغبة الشركات فى الاحتفاظ بأرباحها الخارجية بعيدا عن عيون السلطات الأمريكية أيضا التهرب من دفع ضريبة الأموال العائدة من الخارج. تحليل بلومبرج تناول الشركات الأمريكية المدرجة فى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 والخاضعة لضريبة الشركات فى الولاياتالمتحدة المقدرة بنسبة 35٪ من الأرباح المحققة فى أى مكان فى العالم وليس بالضرورة داخل الولاياتالمتحدة. وبموجب القانون الأمريكى تحصل الشركات على إعفاءات ضريبية بقيمة الضرائب التى تدفعها فى الخارج ولا يتعين عليها دفع المبلغ المتبقى من الضرائب حتى تعيدها إلى الولاياتالمتحدة. ويقدر متوسط معدل الضريبة التى تدفعها الشركات الأمريكية على أرباحها الخارجية بحوالى 6.7٪ .وعلى سبيل المثال تدفع شركة نايكى ضريبة 2.2٪ على أرباحها الخارجية المقدرة بنحو 6.7 مليار دولار. وهنا تجدر الإشارة إلى أن احتفاظ الشركات بأرباحها فى الخارج أمر يسير على شركات التكنولوجيا والأدوية نظرا لان أرباحها تتحقق من براءات اختراع يمكن نقلها بكل سهولة. وهو ما لا يتوافر بالنسبة للشركات فى صناعة الخدمات المالية. وعلى سبيل المثال تمكنت شركة «جيليد للعلوم» من الاحتفاظ بنحو 15.6 مليار دولار خارج الولاياتالمتحدة بنهاية 31 ديسمبر الماضى مقارنة « ب 8.6 مليار دولار وذلك بفضل طرح انجازها العلمى «سوفالدي» فى ايرلندا قبل موافقة إدارة الغذاء والدواء الأمريكية عليه فى عام 2013. كان اوباما قد اقترح فرض ضريبة لمرة واحدة بواقع 14 ٪ على الأرباح المتراكمة للشركات فى الخارج و19٪ حدا أدنى لضريبة الأرباح الخارجية سنويا فيما بعد. مقترحات اوباما جزءا من محاولة أكبر لإصلاح قانون الضرائب الأمريكى وتخفيض المعدل الحالى للشركات من 35 فى المائة على الرغم من أن عددا قليلا من الشركات هو من يدفع المعدل الأعلى. ولكن أوباما والجمهوريين الذين يسيطرون الآن على الكونجرس يختلفون بشأن حجم خفض المعدل الضريبى وبشأن الإعفاءات الضريبية التى يجب إلغاؤها أو تخفيضها لتعويض العائد المفقود. ومن المتوقع أن توفر الضريبة لمرة واحدة 268 مليار دولار على مدى ست سنوات . وستستخدم الحصيلة فى تمويل مشروعات فى البنية التحتية . فى مطلع الشهر الجارى اجتمع اوباما مع رؤساء شركات زيروكسمايكرون و كوالكوم وأى بى ام وإى ام سى التى لديها أرباح تراكمية فى الخارج يصل مجموعها إلى 114 مليار دولار. وتمت مناقشة سبل الإصلاح الضريبى . ولكن هذا لا يعنى حدوثه فى أى وقت قريب بحسب بلومبرج. //////////////// السلطات الأوروبية تفكك شبكة للتهرب الضريبي على الصعيد الأوروبى أعلنت الشرطة الأوروبية (يوروبول) الأسبوع الماضى أن أجهزة الشرطة من تسع دول أوروبية تعاونت مع السلطات الأوروبية لتفكيك شبكة للتهرب الضريبى يشتبه فى مسئوليتها عن إخفاء ضرائب مستحقة تصل إلى 150 مليون يورو (168 مليون دولار) فى هذه الدول. وألقت الشرطة القبض على تسعة أشخاص وفتشت 26 منزلا فى الدول التسع فى إطار التحقيقات فى هذه القضية. وجاءت هذه العملية الأمنية بعد أن لاحظ المحققون زيادة غير طبيعية فى عدد حالات استعادة ضريبة القيمة المضافة من كل من ألمانيا وهولندا. وكشف المحققون عن ان هذا التهرب الضريبى كبد ألمانيا خسارة بلغت 100 مليون يورو وهولندا 30 مليون ويورو و10 ملايين لكل من جمهورية التشيك وبولندا. كانت هذه الشبكة تتهرب من الضرائب من خلال نقل السلع بين دول أوروبية مختلفة والادعاء أنه تم سداد ضريبة القيمة المضافة المستحقة عليها عدة مرات رغم أنه لم يكن يتم سداد أى ضريبة عنها.