تخطو الهند خطوات جديدة فى اتجاه العم سام، وهو الذى يقابله اوباما بالود مثله، وكانت زيارة الرئيس الأمريكى يوم 26 يناير إلى الهند لحضور الاحتفالات بالعيد الوطنى الهندى وإجراء مباحثات مع رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى شاهدا على تطور العلاقات بين البلدين. الرئيس الأمريكى باراك اوباما هو أول رئيس أمريكى يزور الهند مرتين خلال فترة رئاسته . وجاءت تلك الزيارة الأخيرة بعد 4 شهور من زيارة مودى إلى الولاياتالمتحدة وبعد لقائهما على هامش المنتدى الآسيوى فى ماينمار فى شهر نوفمبر الماضى. الجدير بالذكر هنا أن العلاقات الأمريكيةالهندية شهدت تحسنا «كبيرا» على مدار العام الماضي. وحاليا» هناك 3 ملايين هندى يعيشون فى الولاياتالمتحدة، معظمهم من الأثرياء ومن ذوى النفوذ المالى والسياسى والحكومى ومن ثم بإمكانهم إضافة الكثير إلى الاقتصاد الهندى إذا تمت تهيئة الأجواء المناسبة. وعلى صعيد التعاون العسكرى بين الهندوالولاياتالمتحدة، فإن الهند - أكبر مستورد للسلاح فى العالم - التى دأبت على اللجوء إلى روسيا لتزويدها باحتياجاتها باتت تفضل وعلى نحو متزايد التكنولوجيا المتطورة التى تقدمها الشركات الأمريكية والإسرائيلية وغيرها. وفى المقابل أرسلت روسيا فى شهر نوفمبر وزير دفاعها إلى العاصمة الباكستانية إسلام آباد فى إشارة واضحة إلى احتمالات بيع السلاح إلى باكستان. ويأمل رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى أن يتم إنتاج السلاح الأمريكى فى الهند. ولكن نظرا لتحديد سقف ملكية الأجانب لشركات السلاح المحلية عند 49٪، تبدو طموحات مودى غير واقعية. فضلا عن التعاون فى مجال الدفاع، لدى اوباما ومودى رؤية مشتركة حول توطيد العلاقات بين البلدين . ويرى محللون تحولا خطيرا فى العلاقات الهنديةالأمريكية فى ظل رئاسة مودى لحكومة الهند، فيما تلعب الهند دورا أكبر على الصعيد الدولى اعتمادا على نموها الاقتصادى المتسارع . ويتوقع صندوق النقد الدولى أن يحقق الاقتصاد الهندى نموا قويا فى عام 2015 يصل إلى 5.8٪ . وقد أعلن أوباما خلال زيارته عن اتفاقات استثمار وقروض للهند بإجمالى 4 مليارات دولار. زيارة اوباما اسفرت عن إحراز تقدم فى تطبيق اتفاقية الطاقة النووية المدنية، التى تجمدت منذ ستة أعوام. وهو ما عبر عنه اوباما قائلا حققنا تفاهما مهما بشأن قضيتين كانتا تعرقلان قدراتنا على التقدم فى مجال التعاون فى الطاقة النووية المدنية، ونحن ملتزمون بالتحرك تجاه التطبيق الكامل. ويشار إلى أن القضيتين هما قانون المسئولية النووية الهندى، الذى يمنع الشركات الأمريكية من العمل، والأخرى إصرار أمريكا على تتبع المواد الانشطارية التى تقدمها للهند. وقال مودى وأوباما: إن دولتيهما اتفقتا على التعاون فى مشروعات الدفاع المتطورة ومن جانبه قال بن رودز نائب مستشارة الأمن القومى الأمريكى إن الهندوالولاياتالمتحدة يمكن أن تتعاونا فى التصدى لتنظيم الدولة الإسلامية خاصة فيما يتعلق بالتمويل والمقاتلين الأجانب. وأضاف «فيما يتعلق بتعاوننا مع الهند فقد تركز على هذا الجانب من العالم والتنظيمات المختلفة مثل عسكر طيبة» فى إشارة إلى الجماعة المتمركزة فى باكستان والمتهمة بالتخطيط لهجمات مومباى فى نوفمبر عام 2008 . وقال «نعتقد أن هناك فرصة للتعاون مع الهند فيما يتعلق بقضايا مثل المقاتلين الأجانب وتمويل الإرهابيين الذى يمكن أن يكون له صلة بتنظيم الدولة الإسلامية. وجاءت هذه التصريحات بعد ساعات من مشاهدة الرئيس الأمريكى عرضا مبهرا للقوة العسكرية فى الهند وتنوعها الثقافى فى ثانى أيام زيارته للبلاد التى وصفت بأنها فرصة لتأسيس شراكة إستراتيجية قوية بين أكبر ديمقراطيتين فى العالم. كان متابعون للعلاقات الهنديةالأمريكية رصدوا رغبة مودى فى بحث قضايا تتجاوز حدود الهند منها مسألة الدولة الإسلامية حين زار رئيس وزراء الهندواشنطن فى سبتمبر . ويقول محللون إن الولاياتالمتحدة ترى فى الهند سوقا كبيرة وقوة آسيوية محتملة موازية للصين لكنها شعرت بالإحباط إلى حد كبير جراء بطء وتيرة الإصلاحات الاقتصادية لنيودلهى وعدم استعدادها لدعم مواقف واشنطن فى الشئون الدولية. وقال جون هانتسمان السفير الأمريكى السابق فى بكين وباهارات جوبالاسوامى القائم بأعمال مدير مركز جنوب آسيا فى مقال رأى مشترك «الهدف الأكبر الذى تسعى وراءه الولاياتالمتحدة هنا هو إقناع الهند بالانضمام إلى ائتلاف الدول الديمقراطية لموازنة صعود الصين.» وقد اتفق مودى وأوباما على التشاور عن كثب فيما يخص الأزمات الدولية بينها العراق وسوريا. كما اتفقا على إطار عمل مدته عشر سنوات بشأن علاقات الدفاع واتفاقات للتعاون منها اتفاق على الإنتاج المشترك لطائرات بلا طيار ومعدات لطائرة النقل العسكرية سي-130 من إنتاج شركة لوكهيد مارتن. وشملت الاتفاقات الأخرى إقامة خط ساخن بين أوباما ومودى وهو أول خط ساخن للهند على مستوى الزعامة إلى جانب مبادرات خاصة بالتمويل لمساعدة الهند على استخدام الطاقة المتجددة. فى الوقت نفسه قدم الرئيس الهندى براناب موكيرجى تقييما قاتما لبلاده بعد 65 عاما من إعلانها الاستقلال عن بريطانيا وانتقد تعطيل عمل البرلمان والمغالاة فى اللجوء إلى إصدار المراسيم فى رسالة قد يكون لها صدى بالنسبة للرئيس الأمريكى باراك اوباما الذى يزور البلاد. وفى خطاب وجهه فى يوم الجمهورية عشية الاحتفالات بالعيد الوطنى انتقد رئيس الهند ومنصبه شرفى إلى حد كبير انتشار العنف ضد المرأة فى ثانى أكبر دول العالم من حيث تعداد السكان. وطالب موكيرجى المعارضة بمناقشة مسئوليات القوانين بدلا من أن تعطل عمل البرلمان وحذر حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودى من الحكم من خلال إصدار المراسيم. وقال «هذا ليس جيدا بالنسبة للديمقراطية ولا بالنسبة للسياسات المتعلقة بهذه القوانين». وأصدر مودى معظم هذه المراسيم حين منعت أحزاب المعارضة البرلمان من العمل احتجاجا على تصريحات مناهضة للأقليات الدينية أدلى بها أعضاء فى الحزب الحاكم. وقد تكون الرسالة التى وجهها موكيرجى مثيرة لاهتمام الرئيس الأمريكى باراك أوباما الذى يزور الهند كضيف شرف فى الاحتفالات بالعيد الوطني. ففى الداخل اضطر اوباما إلى تجاوز الكونجرس المنقسم بإصدار أوامر تنفيذية. وقال موكيرجى انه لا يمكن ان يكون هناك حكم بدون مجلس تشريعى يقوم بوظيفته.