رغم ان الأزمة المالية العالمية المستمرة منذ عدة سنوات خلفت آثارا واضحة على الأسواق المالية والاقتصادية العالمية ، فإن الأثرياء لم يتأثروا بهذه الأزمة كثيرا، بسبب سياساتهم الاستثمارية ? وربما تكون أسواق الأسهم فى العالم قد تراجعت خلال العام الماضى على خلفية أزمة الديون العالمية إلا انه من الواضح ان الاثرياء فى العالم ما زالوا قادرين على التعامل مع الأزمة بصورة جيدة بفضل تنوع استثماراتهم فى المنتجات المالية ذات العائد الثابت والأعمال الفنية القيمة، بل وحتى فى الماس? ووفقا للأرقام المتاحة، فإن أثرياء العالم فقدوا العام الماضى 700 مليار دولار من قيمة ثرواتهم وهو ما يقل قليلا عن المبلغ الذى تحتاجه دول منطقة اليورو لإطلاق آلية الاستقرار الأوروبية الرامية إلى حماية دول منطقة العملة الأوروبية الموحدة من الإفلاس ، والبالغ 880 مليار دولار ? وهذه الخسارة بالنسبة لأثرياء العالم طفيفة ويمكن استيعابها، فهى تمثل حوالى 1.7 ? من قيمة ثرواتهم ? ويمتلك هؤلاء الأثرياء اصولا بقيمة 42 تريليون دولار، بحسب بيانات مؤسسة ?كاب جيمنى? للخدمات المالية و?رويال بانك أوف كندا?? وقد نجح اثرياء منطقة آسيا والمحيط الهادى فى الحفاظ على ثرواتهم بعيدا عن التداعيات السلبية للأزمة المالية العالمية ، إذ لم تنخفض قيمة ثرواتهم العام الماضى? ورغم أن قيمة ثروات أصحاب الملايين فى العالم انخفضت العام الماضى، فإنهم لم يعانوا كثيرا بفضل الزيادة فى ثرواتهم العامين السابقين، إذ ازدادت قيمة هذه الثروات سنة 2010 بمقدار 3.7 تريليون دولار، مقارنة بزيادة قدرها 6.3 تريليون دولار سنة 2009 ? وفى الصين ذكرت وكالة أنباء ?شينخوا? فى تقرير لها أن أحدث طبعة من تقرير هورون التى صدرت مؤخرا أشارت إلى أن عدد المليارديرات فى الصين وصل إلى 1.02 مليون بنهاية عام 2011 ? وان عدد الافراد الصينيين الذين يملكون اكثر من 10 ملايين يوان ?1.6 مليون دولار أمريكي? كسر المليون للمرة الأولى ? كما كان هناك 63500 ملياردير بين هؤلاء الأفراد ? مشيرا إلى ان 84 ? من الأفراد الأثرياء يتركزون فى المناطق الشرقية، والشمالية، والجنوبية من البلاد? وقال إن بكين تضم العدد الأكبر من الأثرياء، حيث يوجد بها 179 ألف ملياردير? وأوضح التقرير ان ارتفاع أسعار العقارات، والنمو السريع لإجمالى الناتج المحلى هما المحرك الرئيسى لنمو عدد المليارديرات الصينيين عام 2011 ? وان هذه الإحصاءات لا تشمل هونج كونج، او تايوان، أو ماكاو ? يذكر ان تقرير هورون، الذى اسسه روبرت هوجويرف، هو مجلة شهيرة بقائمتها للأثرياء فى الصين، التى ترتب اكثر الأفراد ثراء فى الصين? وفى السياق نفسه احتفظ رجل الاعمال المكسيكى كارلوس سليم مؤخرا بصدارة قائمة مجلة فوربس السنوية لمليارديرات العالم بثروة تقدر بحوالى 69 مليار دولار بينما سجل منافسه المكسيكى ريكاردو ساليناس بليجو أكبر زيادة فى الثروة? وجاء الأمريكى بيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت لبرامج الكمبيوتر فى المركز الثانى بثروة قدرها 61 مليار دولار يليه وارن بافيت مالك مجموعة بيركشاير هاثاواى الاستثمارية بثروة قدرها 44 مليار دولار? واحتفظ الفرنسى برنار أرنو أغنى شخص فى أوروبا بالمركز الرابع وكان الأربعة فى نفس هذا الترتيب العام الماضى? وكانت اصغر امرأة عصامية سارة بلاكلى ?41عاما? مؤسسة سبانكس لملابس النساء الداخلية وتبلغ ثروتها مليار دولار وتحتل المركز 1153 بين 104 من النساء فى القائمة? وجرى تمثيل 58 دولة فى قائمة المليارديرات التى ضمت 1226 شخصا يبلغ متوسط الواحد منهم 3.7 مليار دولار وضمت قائمة فوربس حوالى 128 مليارديرا جديدا منهم الكولومبى اليخاندور وسانتو دومينجو ?35عاما? أغنى ملياردير جديد فى العالم بثروة بلغت 9.5 مليارات دولار وهو صاحب مجموعة سانتو دومينجو بعد وفاة والده العام الماضى وفضلا عن الأثرياء المعتادين الكبار فى السن والورثة جاء مؤسس موقع التواصل الاجتماعى فيسبوك ومديره التنفيذى مارك زوكربيرج ?27عاما? فى المرتبة 35 بثروة قدرها 17.5 مليار دولار? واتجه أثرياء العالم فى العام الماضى إلى الاستثمار فى منتجات مالية أقل مخاطرة وربحا، فى ضوء استمرار الأزمة المالية العالمية والاضطرابات السياسية فى العديد من مناطق العالم ? ويقول كلاوس جورج مير، المحلل الاقتصادى فى مؤسسة كاب جيمني إن المستثمرين يفضلون الاحتفاظ بأموالهم فى صورة سائلة أو ودائع ذات عائد ثابت، وتشير التقارير إلى مزيد من التباطؤ بالنسبة للاقتصاد العالمى خلال العام الحالى كما يستبعد المستثمرون الوصول إلى حل قريب لأزمة الديون الأوروبية كما أن تقرير مؤسسة ?كاب جيمني? يشير إلى أن الأزمة المالية والاقتصادية العالمية دفعت بعض أصحاب الملايين إلى استثمار جزء من ثرواتهم فى الأعمال الفنية والمجوهرات، رغم أن هذه الأصول لا تعد ضمن الثروة المالية لأى شخص يمتلكها ويرى ذات التقرير أن قيمة الأعمال الفنية ستواصل الارتفاع، مضيفا أنه فى حين حقق المستثمرون العام الماضى زيادة فى قيمة أصولهم من الذهب بنسبة 10 ? تقريبا خلال العام الماضى، فان معدل الزيادة فى القيمة بالنسبة لأصول الماس كان أكبر، إذ بلغ 20 ? بسبب النمو القوى للطلب على هذا المعدن النفيس، خاصة فى الصين، مع عدم قدرة الإنتاج على مواكبة ارتفاع الطلب