أكثر من ضرورة تفرض الحوار مع الدكتور على مصيلحى الآن.. الأولى أنه كان وزير التموين الأسبق المسئول عن حماية «الغلابة» من غول الأسعار، والوصول إليهم بالدعم فى أى مكان. والثانية: لكونه الرئيس الحالى للجنة الاقتصادية بمجلس النواب، التى تعد «المطبخ» التشريعى للقرار التنفيذى المؤثر فى نجاح برنامج الاصلاح الاقتصادى الذى تطرحه الحكومة هذه الأيام، أما الثالثة: فكان ولايزال شريكا سياسيا فى حكومات متعاقبة قبل ثورتى يناير ويونيو، وبعدهما شرف بتمثيل الأمة تحت قبة البرلمان. قبل بدء جلسات الثلاثاء الماضى، التقيناه بمكتبه على مساحة من الوقت امتدت قرابة نصف الساعة، طرحنا خلالها كل مايدور فى ذهن الشارع حول صعوبة إجراءات الاصلاح، وقرض صندوق النقد، وتقرير فساد «القمح» ، وظاهرة غياب النواب، و تساؤلات أخرى. ومن حصيلة اللقاء، جاء هذا الحوار. البداية، كانت حول تقييمه للأداء البرلمانى، مع نهاية الفصل التشريعى الأول للدورة الحالية، خاصة ولم يعد يبقى على رفع جلسات المجلس سوى أيام؟ قال الدكتور على مصيلحى: أنا أؤمن بأن هذا البرلمان يضم عناصر متميزة، وعددا من النواب الشباب الذين لا يقل عددهم عن 35 نائبا، ولا يزيد عمرهم على 35 عاما، وفى هذا أمل كبير للممارسة السياسية مستقبلا، وكذلك المرأة الى جانب النواب المخضرمين وذلك يعكس التنوع بشكل جيد. وهذا التنوع، هل خدم الممارسة البرلمانية؟ قال: خدم ومازال يخدم. البعض يرى عكس ذلك، فهناك ارتباك وتباطؤ فى الأداء؟ مقاطعا يرد: لا ننسى ان هذا البرلمان جاء عقب دستور جديد، وضاع نصف وقته فى عمل لائحة جديدة، ولجان مؤقتة ثم دائمة، ونعلم إنها »المطبخ« الرئيسى للتشريعات، ثم بدأ المجلس عمله. حصاده التشريعى خلال هذه الفترة، هل أنت راض عنه؟ راض من حيث الكم، وليس من حيث النوعية والكيف! بمعنى؟ كان ينبغى أن نلتزم دستوريا بالتشريعات المكملة للدستور، مثل قوانين دور العبادة، ومفوضية الانتخابات، والاعلام، والعدالة الانتقالية، وقد نستطيع أن ننجز قانونى دور العبادة ومفوضية الانتخابات قبل فض دور الانعقاد الأول. ومتى يتم الفض رسميا؟ لم يحدد موعد حتى الآن، ونتمنى أن ننتهى من التشريعات المكملة للدستور قبل الفض. وكرئيس للجنة الاقتصادية، ماهى أهم مشروعات القوانين التى تقدمت بها اللجنة البرلمانية؟ من أهم مشروعات القوانين، هو تعديل قانون الاستثمار الذى جاء قرار بقانون فى غياب المجلس، وتم إدخال ملاحظات اللجنة عليه فى عهد الوزير أشرف سليمان، ثم تواصلنا مع داليا خورشيد الوزيرة الحالية، وهناك لجنة بين الحكومة والبرلمان، لوضع اطار جديد لمشروع القانون لتهيئة المناخ الجاذب للمستثمرين. كما لنتهينا أيضا فى الاسبوع الماضى من قانون سجل المستوردين، والموافقة على مجموعة من الاتفاقيات الاقتصادية بيننا وبين الصين والسعودية وألمانيا الاتحادية والتى أبرمت من قبل. ولكن فى قانون سجل المستوردين، لماذا ألغت اللجنة الحبس، واكتفت بالغرامة؟ يجب أن نعترف ان الحبس فى الجرائم الاقتصادية والمسائل التجارية أمر مبالغ فيه فلو كانت هناك جريمة استيرادية فيختص بها قانون العقوبات، ولكننا نعد قانونا يتعلق بصحة إجراءات الاستيراد، لذلك غلظنا عقوبة المخالفات من 500 ألف كحد أقصى الى 5 ملايين جنيه لضبط إجراءات الاستيراد. وإذا أضر الاستيراد بصحة المستهلك ؟ مقاطعا بحسم : يتم شطب المستورد من سجل المستوردين وهذا القانون يمثل نقلة حقيقية لضبط العملية الاستيرادية بعيدا عن الحبس الذى لن يفيد الدولة بشىء. د. مصيلحى، أعلن مؤخرا عن إجراءات للاصلاح الاقتصادى، والتى يصفها البعض بالدواء المر، برأيك لماذا تأخرت؟ وماهى ضرورتها؟ وكيف تنجح؟! قال : الاعتراف بالمشكلة يمثل 50% من حلها، فمن يستطيع أن ينكر الآن أن الوضع الاقتصادى حرج ويحتاج للتدخل السريع، فبرنامج الاصلاح الاقتصادى سوف يحقق هدفين، ارتفاع معدل النمو من 5.4% الى 5.5 الى 6،5٪ خلال 3 سنوات، وزيادة احتياطى النقد الأجنبى ليصل الى 03 مليار دولار، حتى نحد من التضخم ونوفر فرصا للعمل فينخفض معدل البطالة. وكيف نصل الى ذلك؟ عن طريق تخفيض الاستهلاك، وزيادة الانتاج، وهنا يجب على كل وزارة أن تحد من استهلاكها ولو بنسبة 5% من خلال خطة معلنة للجميع، وتأتى زيادة الانتاج عن طريق ضخ أموال لتشغيل المصانع العاطلة، ورفع الطاقة الانتاجية للمشروعات المتعثرة من خلال الاستفادة من قرض صندوق النقد الدولى. ومن أين نبدأ؟ بوضع قيمة قرض صندوق النقد الدولى، الجزء الدولارى لزيادة احتياطى النقد الأجنبى، ثم يضخ ماقيمتها بالمصرى لرفع القدرات الانتاجية، وتشغيل المصانع العاطلة لزيادة الانتاج. مرة أخرى نقطة البداية؟ من خلال قطاع الأعمال، وفقا لما كشفه الوزير عن وجود برنامج متكامل لاصلاح مسار قطاعى الحديد والصلب والغزل والنسيج باعتبارها طاقات وأصولا موجودة ولكنها معطلة، ولا تحتاج سوى التمويل حتى تحقق انتاجا وتسد أصل الدين وفوائده. وكم عدد المصانع المعطلة تحديدا؟ وفقا لحصر وزير الصناعة هناك أكثر من 872 مصنعا مغلقة، وتم تحديد 50 مصنعا لتشغيلها بالاتفاق عن طريق اقراضها 3 مليارات جنيه من البنوك. كلامكم يؤكد أن قرض الصندوق ضرورة ؟ القرض ضرورى ولكن برنامج الاصلاح وآليات تنفيذه أهم من القرض، من خلال الاصلاح الهيكلى للعمالة عن طريق قانون الخدمة المدنية، لكشف العامل الجيد، والآخر "النص نص". هل سيتم الاستغناء عن مليون عامل كما يتردد؟ لا.. بل العكس فسوف يكون هناك برنامج لتأهيل وتدريب العديد من العمالة الزائدة، للاستفادة بها فى المجالات والمصانع الجديدة التى سيتم افتتاحها، بجزء من قرض الصندوق لرفع كفاءتهم المهنية.
ولكن قرض الصندوق له التزامات أو شروط مجحفة؟ مقاطعا يجيب : لا أحد يعطى فلوسا إلا إذا اطمأن أنه سيأخذها، فالقرض ليس معونة، ولذلك لابد من التزامات، والبعض يسميها شروطا، وأيا كانت المسميات، فالصندوق يشترط وضع برنامج يتضمن إجراءات تتم فى وقت محدد، وتؤدى الى نتائج ملموسة. وتلك الشروط ماهي؟ الالتزام بإصدار قانون الخدمة المدنية، وتم تمريره، ثم اصلاح هيكلى فى جهاز الضرائب المصرية لزيادة الحصيلة الضريبية، بالتحول من ضريبة المبيعات الى ضريبة القيمة المضافة، لفرض ضريبة على السلع والخدمات، وخصم 1% من قيمة الضريبة لتحفيز وتحدثت أساليب وقدرات العاملين بها، لزيادة المجتمع الضريبى وزيادة الحصيلة. وأين هنا حماية محدودى الدخل؟ قال: اعفاء السلع الاساسية والمحاصيل الغذائية التى يحتاجها 50% من المجتمع المصرى بمن فى ذلك محدودو الدخل، بالإضافة إلى اعفاءخدمات الصحة والتعليم والنقل والمواصلات من هذه الضريبة. وتبعيات برنامج الاصلاح كيف نحد منها؟ لابد من وضع خطوات تنفيذ البرنامج بالتفصيل حتى نحد من الاخطاء، وبالتوازى من وضع برنامج للحماية الاجتماعية للفئات التى قد تضار من تطبيقه، مثل زيادة المعاشات الضعيفة، ومعاش الضمان الاجتماعي، واذا كان ترك الوضع ماهو عليه حماية للفئات الاكثر احتياجا، فان ذلك أسوأ خيار وسيتحمل ضررا أكبر لتلك الفئات مستقبلا، والمؤكد ان الفرد البسيط هو اكثر المتضررين من غلاء الاسعار وتراجع سعر الجنيه أمام الدولار. وعمر برنامج الاصلاح المشروط ؟ 3 سنوات حتى يؤتى ثماره، ويبدأ العائد لسداد القرض وفوائده. والموافقة النهائية على قرض الصندوق.. متى تأتي؟ خلال اسبوعين، بعد اقرار برنامج الاصلاح الاقتصادى الذى تدرسه ادارة الصندوق حاليا، ثم يعرض القرض على البرلمان لاقراره. وأين الضريبة العقارية، والتصاعدية ومكافحة الفساد، بدلا من تحميل محدودى الدخل تلك الاعباء؟ قال الضريبة العقارية، بدأ تطبيقها من السكان القائمين بالساحل الشمالى والمنتجعات، وكذلك سيحقق التحول من ضريبة المبيعات الى القيمة المضافة ما يقرب من 30 مليار جنيه سنويا، لانه كلما زاد الاستهلاك تزيد الضريبة سوف تدعم الانتاح وخصم ضريبة شراء الخامات من ثمن بيع السلعة فى النهاية، أما ضريبة الدخل، وهى الضريبة التصاعدية فأنا معها ولكن ليس الآن لجذب المستثمرين فى ظل إلغاء الاعفاءات الضريبية، والاجراءات الروتينية التى سيعالجها برنامج الاصلاح. وتبقى مكافحة الفساد مهمة معطلة؟ لابد من اختصار الاجراءات وسد الثغرات حتى لا تفتح أبوابا للفساد، وذلك فى المجال الاداري، أما فساد الذمم والتربح فذلك مسئولية الجهات الرقابية. وفساد القمح الذى مازال تقرير لجنة تقصى الحقائق البرلمانية عاجزا عن كشفه؟ مقاطعا يرد: نحن أول من كشف فساد القمح فى اللجنة الاقتصادية، وكشفنا الاخطاء فى توريد الموسم الماضى والحالي، وشكلنا لجنة تقصى حقائق لتحيل المخالفات الى النيابة العامة. واين هذا التقرير؟ المفروض أنه سيناقش موعد تحديد اعلانه مع رئيس المجلس لعرضه على الرأى العام. تردد أن هناك بعض النواب ورجال الاعمال شركاء فى صوامع الغلال التى تم ضبطها؟ لا أريد أن أشير الى احد بالاتهام، طالما وقائع التقرير معروضة على النيابة العامة، حتى يتم عرض التقرير وإجلاء الحقيقة امام الرأى العام. وما رأيك حين يلوم نائب بمجلس النواب أعضاء لجنة تقصى الحقائق انها لم تخبر أصحاب الصوامع المخالفة لتجهيز مستنداتهم؟ مقاطعا يرد: هذا لايجوز من نائب، واللجنة ليست مخولة بالكشف عن خطة رقابية خاصة وانها مشكلة بقرار من هيئة مكتب المجلس، وباختصار هناك تضارب مصالح لابد من الكشف عنه، وارجاء اعلان التقرير حتى الآن يثير الشك. ولماذا لا يطبق قانون من أين لك هذا على الوزراء والنواب؟ تسأل فى هذا الهيئات القضائية، التى يجب أن تحصر الذمم المالية، وما اسهل حصرها لو أرادوا، وتنفيذ القانون هو المطلوب. ومسئولية البرلمان الرقابية؟ الا يجب سحب الثقة من الوزير المخطئ؟ الدستور حدد هذه المساءلة البرلمانية، وهناك استجوابات قادمة، سيجرى مناقشتها وقد تصل الى سحب الثقة، وهناك طلبات احاطة قدمت للجنة وتم مساءلة وزير التموين، ولكنه اجاب بشكل غير مقنع للنواب، مما دفعهم إلى ضرورة تشكيل لجنة تقصى حقائق ولكن لم تعلن تقريرها حتى الآن، فنحن أول من نبه لفساد القمح. وما هى أخطاء هذه اللجنة فى رأيك؟ خطؤها انها تأخرت فى اعلان تقريرها، مما ساعد على نشر الشائعات وفتح أبواب الشك امام الجميع، لأنها لم تتحرك فى الوقت المناسب، وفى النهاية من أخطأ لابد أن يحاسب، حتى تعطى القدوة امام المجتمع، فأى بطء فى اقرار حق يثير الشك، مع عرض تقرير اللجنة فى اسرع وقت. منظومة الخبز التى تطبقها وزارة التموين حاليا، أنت كنت مع ارجائها يوم كنت وزيرا كيف تقيمها بعد أن ثبت التلاعب بها؟ هذه المنظومة فى منتهى الخطورة، لأنها بدأت بتحرير الخبز مثل تحرير أسعار القمح والدقيق، وهذه نقطة ضعفها، وثغرة فسادها، ولكن لابد من وجود احتياطى استراتيجى من القمح فى ظل تحرير سعره على جدول اعمال البرلمان. ضريبة 10 جنيهات على كل ورقة تتداول فى المحاكم لدعم صندوق علاج القضاة؟ هل انت معها؟ مقاطعا بكلمات محددة، قد يكون لهم الحق؟ ولكننى قلت فى اللجنة العامة امام وزير الحكومة فى البرلمان بحضور رئيس مجلس النواب، ان توقيتها غير مناسب على الاطلاق، وان الاسرة المصرية تتحمل حاليا اعباء كثيرة، وطرحها الآن يطرح تساؤلا لماذا القضاة دون غيرهم، ويشعر البعض بأن هناك تمييزا بين مهنة وأخري، وقد يثير الشارع ضدهم. استقالة الوزير أسقطت الاستجوابات، والمسئولية الجنائية تحركها النيابة - بعد صدور تقرير تقصى الحقائق.. كيف ترى النتائج التى توصل إليها؟ قال: لقد تم تشكيل اللجنة بعناصر على كفاءة عالية من خبراء الفحص والقياس بالشركات العالمية المتخصصة الى جانب مسئولى الصوامع ومباحث التموين، ومارست اللجنة عملها بطريقة احترافية، انعكست فى صورة توصيات جادة وملزمة ومؤكدة وايضا نتائج دقيقة بعد مراجعة جميع الاحكام اكثر من مرة وصولا لحقائق ثابتة. - وهل استقالة الوزير قبل تقرير اللجنة جاءت لإنقاذ الوزارة ككل؟ مقاطعا يرد: استقالة الوزير تسقط الاستجوابات لأنه مسئول سياسيا عما حدث. - ومسئوليته الجنائية؟ لم يحمله التقرير مسئولية جنائية، ولا يملك أن يتهمه بذلك، ولكن توصيات اللجنة ونتائج التقرير تمت إحالتها للنيابة العامة التى ستقوم بمباشرة التحقيق وهى التى تملك استدعاء من تراه لمساءلته جنائيا. - وهل تم منع الوزير من السفر بالفعل؟ لا أعلم - ومنظومة الخبز، هل ستستمر بفساد البطاقات؟ منظومة الخبز مستمرة وسوف يتم ضبط البطاقات لمكافحة أى فساد. النواب - بدأنا بتقييم أداء النواب، وننتهى بشكوى رئيس البرلمان من غيابهم عن حضور الجلسات، أليس ذلك يعطل آلية التشريع؟ قال الدكتور مصيلحي: هذا الغياب يؤثر على سرعة إصدار القوانين، ويسهم فى تباطؤ الاداء، وأنا أرى اسبابه فى غياب خطة عمل المجلس، ويجب أن يكون هناك جدول اعمال شهرى للتشريع يحدد اعداد النواب المطلوب حضورهم للتصويت حول اى من القوانين التى تحتاج ثلثى الاعضاء أو تلك التى يحتاج نصفهم وهكذا، علما بأنه ينبغى أن يكون الجدول اسبوعيا. - أين الخطأ؟ غياب التخطيط المسبق واعلام النواب به، ومن يتغيب تطبق بشأنه اللائحة، حتى تفعل من قيمة النائب الملتزم، ونؤكد هيبة البرلمان، وتلك مسئولية هيئة مكتب المجلس ورؤساء هيئاته البرلمانية.