ما بين مؤيد ومعارض استقبل الخبراء التعديلات المقترحة على المادتين رقم 411 و126 من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى والنقد رقم 88 لسنة 2003 الخاص بتنظيم عمليات النقد الأجنبى التى تضمنت تغليظ العقوبات على كل من يتعامل فى النقد الأجنبى خارج البنوك أو الجهات المرخص لها بذلك لتشمل الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على ثلاث سنوات وغرامة تتراوح بين مليون وخمسة ملايين جنيه (115 ألفا و565 ألف دولار). الفريق المؤيد يرى فى مثل هذا الإجراء تحجيما للمضاربين على العملة الأجنبية ومحاولة لكبح انفلات الاسعار فى السوق الموازية ومن ثم تقليص الفرق بين السوقين الرسمية وغير الرسمية بينما يذهب المعارضون للقرار إلى كونه استمرارا فى مسلسل إحكام القبضة الأمنية دون حل لجذور الأزمة بما سيقفز بسعر الدولار لارتفاع نسبة المخاطرة على تداوله خارج الجهاز المصرفى ومن ثم عودة تجارة العملة فى الخفاء كما حدث فى الستينيات. رحب هانى توفيق، رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية للاستثمار المباشر والخبير الاقتصادى بالتعديلات المقترحة على القانون التى ستسهم فى تحجيم المضاربات على العملة الصعبة التى تقودها عصابات تجارة العملة حيث ستؤدى هذه التعديلات إلى مواجهة انفلات أسعار الدولار فى السوق السوداء خاصة أن الحرب على المضاربين تقتضى إجراءات قانونية صارمة واستثنائية . وقال توفيق إن السوق السوداء ستظل موجودة ولكن تعاملاتها ستقل بصورة ملحوظة ومن ثم فهذه التعديلات تعد خطوة فى الطريق الصحيح تحسب للحكومة كما أن ارتفاع أسعار الدولار سيظل ما لم تحل مشكلة العملة عن طريق زيادة المعروض وترشيد الطلب من خلال الاقتصاد الحقيقى لكن هذه التعديلات ستحل جزءا كبيرا من المشكلة فلا توجد دولة فى العالم يجرى تداول العملات الاخرى بها جهاراً نهاراً فى الشوارع والميادين والمقاهى دون مساءلة قانونية. وتختلف مع سابقها الدكتورة عالية المهدى أستاذ الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة فى أن هذه التعديلات لن تحل المشكلة ولكنها ستؤدى إلى نتائج عكسية حيث سيجد تجار العملة أمامهم فرصة ذهبية للمزيد من المضاربات على العملة وستعود عمليات البيع فى الخفاء كما كان يحدث إبان الستينيات كأن ترفع المحلات شعار بيع المشغولات الذهبية مثلا بينما يكون نشاطها هو تجارة العملة . وقالت المهدى إن المضاربين سيبدعون فى اختراق القانون فلن يسهم تغليظ العقوبة فى ردعهم بل سيستمر التداول على الدولار فى القرى والنجوع ونواصى الشوارع وسينشط جمعه بالخارج ودفع المقابل بالداخل. وقال على الحريرى نائب رئيس شعبة الصرافة باتحاد الغرف التجارية إن التعديلات التى أقرها البنك المركزى ستؤدى إلى تقليص حجم تعاملات المضاربين على العملة الصعبة فأثرها الإيجابى سيطال المتلاعبين الحقيقيين بالورقة الخضراء فشركات الصرافة البالغ عددها 29 شركة بعد شطب 19 شركة من اصل 111 رخص لها المركزى يقابلها 5 ملايين تاجر عملة على حد وصفه وإحكام الرقابة على تعاملات الأفراد وعلى رأسهم المضاربون ستضمن خفض أسعار الدولار بشكل كبير . وفى رده على سؤال حول عدم ظهور نتائج لشطب 13 شركة صرافة حتى الآن على سعر الدولار فى السوق الموازية أكد الحريرى أن الأسعار تراجعت ولكن هذا الأثر سيظهر بعد أعياد الفطر لانتهاء مواسم استيراد مستلزمات رمضان واحتياجات الشركات غير المدرجة على قوائم البنك المركزى لتدبير العملة. وأكد الحريرى أن التعديلات الجديدة تمنح لمحافظ البنك المركزى سلطة تعليق ترخيص أى شركة صرافة لمدة عام علاوة على فرض غرامة مماثلة فى حالة مخالفة القواعد ويكون للبنك فى حالة تكرار المخالفة الحق فى إلغاء ترخيص الشركة وتطبيق عقوبة السجن لفترة تتراوح بين ثلاث وعشر سنوات لكل من يتعامل فى النقد الأجنبى خارج البنوك أو الجهات المرخص لها بذلك. وأكد أن القانون وحده هو الذى يضمن حدوث تناغم بين شركات الصرافة والسوق فوفقا للقانون فإن التورط فى أى اعمال غير مشروعة أو تلاعب يتم مواجهتها والأموال العامة تتحفظ بشكل سريع على أموال الشركات التى تلجأ لطرق غير قانونية او تتلاعب فى طريقة عملها. ويضيف: اصلاح شركات الصرافة يتطلب ضبط منظومة النقد الأجنبى والإسراع بتوفير العملة الصعبة من مصادر أساسية مثل السياحة وتحويلات المصريين بالخارج والاستثمار الأجنبى. يؤكد أنه لن يكون هناك معارض لأى قرار قانونى لغلق شركة صرافة حال ثبوت التهم عليها وفقا لتحريات البنك المركزى فوفقا للقانون يحق لمحافظ البنك المركزى إلغاء الترخيص أو شطب القيد من سجل شركات الصرافة لأى شركة يثبت قيامها بأى أفعال من شأنها إلحاق الأذى بالاقتصاد وقال باسل الحينى الخبير المصرفى إن تجريم تداول الدولار خارج الجهاز المصرفى لن يسهم فى تجاوز الوضع الحالى بل سيفاقم أزمة الدولار وسيضيف أعدادا جديدة من المضاربين بسبب ارتفاع مخاطرته ومن ثم زيادة سعره فلا يجب الاعتماد على مثل هذه الحلول بل يجب علاج الأزمة من جذورها . وأشار إلى أن إغلاق شركات الصرافة ليس الحل النهائى لهذه المشكلة لأن البديل لها سيظهر فى أصحاب البازارات وسماسرة العملة موضحا أن تنمية موارد العملات الأجنبية تتطلب المواجهة الشاملة والتنفيذية لمشاكل الصناعة والمصدرين كما أن قواعد لعبة الصرافة يجيدها تجار الذهب وبعض أصحاب محلات التحف وهناك خوف من انتعاش مثل هذه المصادر كما حدث فى الثمانينات من القرن الماضى.