هذا العام سيكون علامة مميزة في تاريخ رويال دويتش شل. فلأول مرة منذ106 أعوام هي عمر عملاقة النفط الانجلوهولندية سوف تنتج الشركة كميات غاز طبيعي أكبر مما تنتجه من نفط. وهذا التحول التاريخي لأكبر منتج للنفط والغاز في أوروبا يعكس اتجاها أوسع في الصناعة. فلعشرات السنين كانت الشركات العملاقة تنتج النفط, تقوم بتكريره وبيعه. لكن اليوم بات الغاز يلعب دورا أكثر أهمية في نشاطها. وأوضح مثال علي هذا التغيير, استحواذ اكسون موبيل عل شركة اكس. تي. او للطاقة مقابل41 مليار دولار في عام2010 أحد أكبر شركات الغاز الصخري في الولاياتالمتحدة. وشغف الشركات الكبري لانتزاع حصة من كعكة الغاز الصخري الامريكية هو مجرد جزء من القصة. فما يقود استراتيجية الغاز هو اعتقاد راسخ بأن الغاز الطبيعي هو وقود المستقبل. وترجع جاذبيته المتزايدة, الي حد كبير, إلي تنامي مخاطر مشكلة الاحتياطي الحراري. ولكن في الوقت نفسه, الغاز لايحل محل الفحم فحسب, فهو, وعلي نحو متزايد, يتحدي هيمنة النفط كوقود للنقل وفي صناعة البتروكيماويات الي ان تصبح مصادر الطاقة النظيفة مجدية اقتصاديا. ويقول البعض انه طالما ظلت الطاقة النظيفة الرخيصة مجرد حلم سيكون الغاز هو البديل المنطقي لمصادر الطاقة الملوثة للبيئة. وهكذا تشير كافة التوقعات الي زيادة الطلب علي الغاز. فتشير شل, علي سبيل المثال, الي نمو يزيد عن60% بين عامي2010 و2030 أو بواقع2 3% سنويا وترجح نموا بوتيرة اسرع في حالة انتشار استخدامات جديدة للغاز لاسيما كوقود للنقل. وهنا يقول مدير قسم الغاز في شركة شل إننا نشهد ثورة في كل من الطلب والعرض. من ناحية أخري, صعود نجم الغاز له تداعيات بعيدة المدي ليس أقلها الطلب علي النفط فلسنوات كان هناك إجماع علي أن الطلب علي النفط وبالتبعية سعره سوف يرتفع, بلا هواده, مدفوعا بعوامل, مثل الارتفاع الكبير في مبيعات السيارات في الصين. لكن حاليا يراجع المحللون توقعاتهم. فمثلا مجموعة سيتي جروب التي اعدت دراسة بعنوان نمو الطلب العالمي علي النفط النهاية الوشيكة, تقول ان الطلب علي الخام سيصل الي مستوي الذروة خلال العقد الحالي.والاتجاه البديل يبدو اكثر وضوحا في الولاياتالمتحدة حيث اسفر الاستخدام الواسع لتقنيات التكسير الهيدروليكي للصخر الي الوصول الي احتياطيات ضخمة من النفط والغاز المحبوس في الصخو الزيتية الكثيفة كانت تعد لزمن طويل غير مجدية اقتصاديا. ونتيجة لزيادة الانتاج والاصدرات شهدت اسعار الغاز انخفاضا حادا بما يزيد من تنافسيته بالنسبة لوسائل النقل. والآن الغاز الطبيعي في امريكا أرخص من البنزين أو الديزل. في إيران أيضا, اسفرت العقوبات الدولية عن حدوث عجز في واردات البنزين ودفعت للتحول لاستخدام السيارات التي تعمل بالغاز الطبيعي فقفز عددها من اقل من50 ألفا في عام2005 الي2.9 مليون سيارة في2011 حسب احصاءات سيتي جروب. في الوقت نفسه, هناك اتجاه في مدن تمتد من نيويورك الي لندن الي تحويل سيارات التاكسي فيها الي سيارات تعمل بالغاز الطبيعي المسال وشركات مثل جنرال موتورز وفورد وكرايزلر تنتج شاحنات تعمل بالغاز الطبيعي المكثف(CNG). وفيدكس وول مارت من بين مجموعة من الشركات التي حولت اسطول النقل الخاص بها الي استخدام الغاز الطبيعي المكثف او المسال. وتتوقع سيتي جروب ان ترتفع نسبة السيارات والشاحنات التي تعمل بالغاز الطبيعي في الولاياتالمتحدة الي30%50% بحلول عام2020. واذا كان المحرك الرئيسي لإحلال الغاز الطبيعي محل النفط في الولاياتالمتحدة هو التفاوت الكبير بين سعر الغاز والنفط, إلا انه في الصين الامر يختلف, حيث الدافع البيئي يهيمن علي صناع القرار ويتمثل في الحاجة الملحة لحل مشكلة تلوث الهواء. وتبذل الحكومة جهودا كبيرة لاستبدال البنزين بالغاز الطبيعي المسال. وعلي الصعيد الاوروبي كذلك, هناك اتجاه لاستخدام المزيد من الغاز في وسائل المواصلات علي حساب البنزين. وقد اوصي تقرير المفوضية الاوروبيبة عن استراتيجية الوقود النظيف المنشور في شهر يناير بانشاء محطات لوقود الغاز الطبيعي المسال كل400 كيلو متر علي شبكة الطرق السريعة الرئيسية في اوروبا وذلك بحلول عام2020. هذا الاتجاه يقود موجة من الطلب القوي علي الغاز الطبيعي. ويري محللون في جولدمان ساكس نمو الطلب علي صادرات الولاياتالمتحدة من الغاز الطبيعي بحوالي21 مليار متر مكعب يوميا من الان وحتي عام2020 وذلك بناء علي زيادة استحدام الغاز في محطات الطاقة ومصانع البتروكيماويات. واحدث الصفقات في مجال الغاز الطبيعي ما اعلنت عنه مؤخرا رويال دويتش شل من انها أبرمت اتفاقا لمدة ثلاثين عاما لتنمية وانتاج الغاز الطبيعي من حقول باب في أبو ظبي بالامارات العربية المتحدة. وتشير التقديرات الي ان احتياطيات باب قادرة علي انتاج3.6 مليون متر مكعب من الغاز يوميا بقيمة200 مليون دولار سنويا.