تباينت ردود الأفعال بين خبراء أسواق المال بعد قرار هيئة الرقابة المالية بعودة آلية البيع والشراء في ذات الجلسة الT+0 أواخر الأسبوع المقبل. ورغم أن تفعيل تلك الآلية التي طال انتظارها خصوصا مع تعدد التوقيتات الزمنية بشأن إعادتها, تمثل طوق نجاة للمتعاملين خلال الفترة الحالية, لتجاوز أزمة انخفاض معدلات السيولة وتداعيات التأثير السلبي النسبي المتوقع لضريبة الدمغة علي تعاملات السوق, فإن هناك من يري عدم وجود أي جدوي من تفعيل أي أداة مالية جديدة في ظل الظروف الراهنة التي تشهد تراجع السوق وإحجام الكثير من المتعاملين عن ضخ مزيد من السيولة بالإضافة إلي تخارج العديد من الشركات المقيدة بالبورصة فضلا عن انخفاض أحجام التداول بسبب التوترات السياسية. وأعلنت هيئة الرقابة المالية الأسبوع الماضي عن عودة آلية الT+0 اعتبارا من23 مايو المقبل نظرا لرغبة أطراف السوق والمتعاملين فيه في إعادة تشغيل هذه الآلية, بما يساعد علي استكمال عودة عمل آليات السوق إلي سابق طبيعتها وتوفير المزيد من السيولة من خلالها. يذكر أن آلية التداول في ذات الجلسة قد تم تعليق العمل بها ضمن حزمة متكاملة من الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الهيئة لإعادة العمل بسوق الأوراق المالية بعد أحداث ثورة25 يناير, التي تضمنت عددا من الضوابط والتدابير والآليات التي تعمل علي الحد من اضطراب السوق عند بدء التداول وتسمح بعودتها تدريجيا إلي العمل الطبيعي, وذلك بهدف تحقيق أقصي درجات الحماية لحقوق المستثمرين. يقول محسن عادل, نائب رئيس الجمعية المصرية لدراسات التمويل والاستثمار, إن عودة احدي الادوات المالية الموقوفة من جديد بالسوق المصري مرة أخري يعد أمرا جيدا في ظل افتقاد المستثمرين والمتعاملين المزيد من الادوات المالية لمواصلة استثماراتهم في البورصة, مؤكدا علي ضرورة تمتع الاسواق المالية بتنوع الاليات المالية بها, وذلك لتدعيم قدرة المساهمين علي اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بصورة سليمة. في الوقت نفسه, يري عادل أن ضريبة رسم الدمغة علي تعاملات البورصة ستوجه ضربة قاصمة لهذه الآلية مما قد يؤدي إلي اجهاضها بسبب ارتفاع التكاليف التي تصل في هذه الحالة الي100% بالنسبة للاعباء الحالية. ويوضح عادل ان قرار عودة العمل بهذه الآلية سبقه خطوات كثيرة بدءا من قرار الرقابة المالية بتحديد نسبة التأمين علي الشركات المتعاملة بآلية تداول الاسهم في الجلسة نفسها بنسبة25% من متوسط قيمة تعاملات الشركة بحد ادني مليون جنيه, بما يصب في صالح الشركات الصغيرة ويخفف من اعبائها كما انه سيؤدي لزيادة عدد الشركات المتعاملة بهذه الالية بعد التيسير علي شركات السمسرة الصغيرة, مضيفا ان قرار الهيئة بعدم تخطي قيمة التعاملات اليومية للعميل الواحد عن' واحد علي عشرين ألفا' من عدد الاسهم المقيدة للشركة بجداول البورصة يحد من المضاربات علي الاسهم ويمنع من السيطرة عليها بشكل يتسبب في تدني قيمتها, مشيرا الي ان القرار سيمنح مزيدا من المرونة في التعامل مع ظروف السوق المختلفة. ويري عادل ان تفعيل بعض الاليات بسوق المال المصرية لن يؤدي الي تحسن اداء السوق في الوقت الحالي بصورة مباشرة مؤكدا علي ان وضوح الرؤية والاستقرار السياسي هما المخرج الوحيد للازمة التي تمر بها السوق حاليا لهذا فان اصلاح هذه الاليات يعد تمهيدا لفترات ما بعد الاستقرار. وطالب بضرورة مراعاة عودة قيم وأحجام التداول لمستوياتها الطبيعية عند النظر في إلغاء أي من الإجراءات الاحترازية بالبورصة والنظر إلي كل إجراء احترازي علي حدة حسب طبيعته و تأثيره منوها بضرورة ان يتم ذلك من خلال التنسيق والتشاور التام والكامل فيما بين البورصة وهيئة الرقابة المالية. اتفق مع الرأي السابق, عيسي فتحي, نائب رئيس شعبة الأوراق المالية, مشيرا إلي أن عودة آلية التداول في ذات الجلسة سيسهم في تنشيط السوق وزيادة أحجام التداولات فضلا عن إيجاد حالة من التوزان في البورصة المصرية التي عانت كثيرا خلال الفترة الماضية, لافتا إلي أن هذه الآلية تعتبر أحد التسهيلات التي يقدمها سوق المال المصري للمتعاملين بهدف زيادة سيولة وكفاءة السوق حيث يقوم المستثمرون وفقا لهذه الآلية ببيع الاوراق المالية وشرائها خلال نفس الجلسة بهدف الاستفادة من الفروق السعرية للورقة المالية خلال نفس الجلسة وهو ما يسهم في زيادة كمية وقيمة التداول علي الورقة المالية وبالتالي زيادة سيولتها. ويشير عيسي إلي ان قرار الهيئة بعودة هذه الآلية تأخر كثيرا بسبب الظروف والاوضاع المضطربة التي شهدتها البلاد في اعقاب الثورة والتي أثرت بدورها علي سوق المال المصري, لافتا إلي ان استقرار الاوضاع علي الصعيدين السياسي والاقتصادي سيسهم في نجاح العمل بهذه الآلية. من جهته, يري عبدالفتاح مصطفي, رئيس قسم البحوث بشركة' سيتي تريد' لتداول الأوراق المالية, أن عودة هذه الآلية ستسهم بالضرورة في زيادة أحجام التداول بالسوق, بالاضافة إلي زيادة حدة التغيرات السعرية, مما يرفع من معدلات المخاطرة, الأمر الذي يتطلب حالة من الاستقرار النسبي علي الصعيد السياسي. ويري إسلام عبدالعاطي, خبير أسواق مال, أن هذه الآلية ستسهم في رفع أحجام التداول بالسوق, لاسيما مع اقتراب شهر رمضان, وتقليص ساعات العمل به لتصبح ثلاث ساعات للتداول داخل المقصورة بدلا من أربع, فضلا عن انخفاض أحجام التداول في ذلك الشهر, متوقعا أن تسهم في زيادة أحجام التداول في السوق بحوالي من30 إلي40%. الجدير بالذكر أن إعادة آلية الT+0 جاء بعد قيام كل من البورصة المصرية وشركة مصر للمقاصة والإيداع والقيد المركزي بعقد جلسات تجريبية للتحقق من جاهزية نظم التداول والمقاصة والتسوية, وإخطارهم للهيئة بجاهزيتهم لتشغيل تلك الآلية وفقا للضوابط الصادرة بقرار مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية67 لسنة2012 الصادرة في2012/10/8, التي تمكن المتعاملين بالبورصة من بيع كل أو جزء مما تم شراؤه من أسهم في ذات جلسة التداول, أو شراء كل أو جزء مما تم بيعه من الأرصدة المتاحة للعميل في ذات جلسة التداول وفقا للقواعد المرفقة بذات القرار, وذلك دون الإخلال بالقواعد والإجراءات الحاكمة للتداول الواردة بقانون سوق رأس المال ولائحته التنفيذية. ويعرف نظام' بيع وشراء الاوراق المالية في ذات الجلسة' بانه النظام الذي يتم وفقا له شراء الورقة المالية وبيعها في خلال اليوم الواحد او في ذات الجلسةT+0, والمقصود بT( يوم تنفيذ عملية التداول علي الورقة المالية بالبورصة) وZero( عدد الايام التي يتم فيها تسوية التعاملات علي هذه الورقة) وهو ما يختلف عن تسوية التعاملات الاخري2+T التي تتم تسويتها في يومين. ويؤدي هذا النظام الي زيادة سيولة وكفاءة السوق من جهة والي استفادة المستثمرين من الفروق السعرية خلال اليوم الواحد من جهة اخري, بالاضافة الي ان هذا النظام يسهم في تحقيق الحماية للمستثمرين من مخاطر تقلبات الاسعار علي المدي الطويل.