شهدت الدورة الثانية لملتقى رجال الأعمال المصريين والصينيين، فى إطار بناء الحزام والطريق، الذى تعقده «الأهرام» بالتعاون مع المركز الصينى للتعاون الاقتصادى وسفارة الصين، عددا من الشراكات الاقتصادية فى عدد من القطاعات أهمها الطاقة المتجددة والسياحة والزراعة والثقافة. قال سونغ آي، السفير الصينىبالقاهرة: إن دولته تستهدف زيادة التبادل التجارى مع مصر خلال الفترة المقبلة، لافتا النظر إلى أن الصين صدرت لمصر ما قيمته 9.8 مليار دولار خلال العام الماضي. وأضاف، أن الصين على استعداد لتعظيم استفادة مصر من الفرص التمويلية التى يقدمها صندوق طريق الحرير، للدول الواقعة على طريق الحرير فى إطار مبادرة الحزام والطريق التى أطلقها الرئيس الصينى شى جين بينغ فى عام 2013. أكد الدكتور أحمد السيد النجار، رئيس مجلس إدارة مؤسسة الأهرام، ضرورة السعى وراء التعاون المثمر مع الصين، التى أصبحت القوة الاقتصادية الأكبر على وجه الأرض -حسب قوله- حيث يقدر الناتج الإجمالى لها بنحو 19.6 تريليون دولار، وفقا لتعادل القوى الشرائية فى مقابل الولاياتالمتحدة التى تحتل المركز الثانى بنحو 17.9 تريليون دولار. وشدد على أن مبادرة الرئيس الصينى “حزام واحد – طريق واحد” هى عبارة عن نيات سلمية حتى الآن ويجب تحويلها إلى قوة مادية حقيقية تسعى الصين فيها لتوسيع التعاون باليوان الصينى بدلاً من سيطرة الدولار غير المبررة التى تسيطر على 41.7 % من التعاملات الدولية. ولفت النجار النظر إلى أن الصين لم تصنع هذا المجد الاقتصادى على سياسات النهب والتدمير، ولكنها اتخذت طريق الدخول السلمى والتعاون المتكافئ والعادل مع البلدان الأخرى. وتابع أن الاستثمارات الخارجة من الصين فى عام 2015، بلغت 127 مليار دولار، نصيب مصر منها معدوم، وجاءت الصين من الصفوف الخلفية لحركة السياحة، للتقدم والمنافسة، وأخرجت 98.2 مليون سائح، وفى عام 2014 أنفقت نحو 138 مليار دولار، نصيب مصر منها أقل من 0.01 %. وأضاف أن مصر لديها عجز تجارى مع الصين، وفقًا للإحصاءات الصينية، بلغ 9 مليارات دولار. وانتقد النجار أن يظل الدولار هو العملة المسيطرة على اقتصاد العالم، مستنكراً أن يظل الوضع نفسه الآن كما هو دون تغيير بعد أن تدنى نصيب الولاياتالمتحدةالأمريكية لنحو 17 % من الناتج العالمي. وتبلغ صادرات الصين حالياً نحو 2.4 تريليون دولار، فيما تبلغ صادرات الولاياتالمتحدة نحو 1.5 تريليون دولار والتى لديها عجز تجارى يقدر بنحو 12 تريليون دولار، ما يفسر ضرورة تنحيها عن السيطرة على الاقتصاد العالمي. وقال الدكتور عصام شرف، رئيس وزراء مصر الأسبق، إن مبادرة “طريق الحرير الجديد” الذى أطلقه الرئيس الصينى من الممكن أن يشكل نقلة اقتصادية شاملة تعمق من جذور التعاون بين الحضارة الصينية ونظيرتها العربية العريقة، من خلال إعادة إحياء طريق الحرير القديم الذى ربط بين الصين والدول العربية ليترك تراثاً فنياً مؤثراً. وتابع أن المبادرة هى شبكة تنمية وجسر عالمى يتخطى الفجوات التنموية وإحياء للحضارات القديمة العميقة للعودة للعمل معا، مشيراً أنه على مستوى المشروعات فالمبادرة تشمل محاور البنية الأساسية والصناعة والمناطق الاقتصادية والطاقة وصناعة الثقافة. وشدد شرف على أن العلاقات المصرية، الصينية تتخطى ال 60 عاماً وهو عمر العلاقات الدبلوماسية الرسمية، مشيراً إلى الإلهام الذى قدمه ساسة الحزب الشيوعى الصينى الحاكم، الذى واجه تحديات عالمية كبرى لإثبات نجاحه إلى أن وصل إلى إمداد يد العون إلى العديد من الأحزاب على مستوى العالم العربية منها والمصرية. ومن جانبه أكد الدكتور محمد السبكي، رئيس هيئة الطاقة المتجددة، أن هناك تعاونا وثيقا بين قطاع الكهرباء فى مصر وقطاع الطاقة فى الصين، ويجرى حالياً التعاون مع بعض الشركات الصينية الرائدة لمضاعفة وتقوية شبكات الجهد العالي، كما يجرى دراسة بين وزارة التعاون الدولي، ووزارة الكهرباء، ووزارة الإنتاج الحربى لإنشاء مصانع لمعدات الطاقة المتجددة فى مصر. وأضاف السبكى أن الهيئة تستهدف ألف ميجا وات سنوياً من هذه الشبكات والصناعات الجديدة لتعزيز الشراكة الصينية - المصرية لتصبح مصر نقطة انطلاق الصين فى جميع الأسواق الإفريقية، فضلاً عن فرص الاستثمار فى مجال إنتاج الكهرباء خصوصا من الطاقة المتجددة، لاسيما الرياح والطاقة الشمسية. وأشار إلى أن الأراضى المتوافرة فى مصر تكفى لإنتاج 30 ألف ميجا وات من الكهرباء الناتجة عن طاقة الرياح، بالإضافة إلى نحو 50 ألف ميجا وات من الطاقة الشمسية. وكشف عن تفعيل الشراكة بين الشركات الصينية والحكومة المصرية فى قطاع إنتاج الطاقة المتجددة من شركة “state grid” الصينية من خلال إنشاء 1210 كيلو متر من خطوط ذات الجهد الفائق لتقوية شبكة نقل الكهرباء المصرية، وتم بالفعل الانتهاء من تنفيذ 10 % منه حتى الآن على أن تنتهى جميع مراحل المشروع بنهاية 2017. وأوضح رئيس هيئة الطاقة المتجددة أن مجموع استثمارات تقوية شبكات النقل تقدر بنحو 180 مليار جنيه، لافتاً النظر إلى سعى الحكومة المصرية لعقد شراكات جديدة على مستوى التصنيع فى مجال الشبكات الفوتوفولتية والسخانات الشمسية، وكذلك معدات الرى عن طريق طلمبات مزودة بخلايا فوتوفولتية لصالح مشروع المليون ونصف المليون فدان. وأضاف أن الاستثمار فى الصناعة لن يكون صينياً بالكامل بل سيشارك الصناع المصريون به بالنسبة الأكبر، لكنها لا تزال حالياً فى مرحلة المشارورات. وألمح الدكتور سعد نصار، مستشار وزير الزراعة وأستاذ الاقتصاد الزراعى بجامعة القاهرة إلى التعاون مع الصين ليس فقط من خلال الاستيراد والتصدير ولكن أيضاً على مستوى تصدير التكنولوجيا والتعاون الفني، فالزراعة فى مصر قطاع رئيسى فى الاقتصاد القومى يعمل به 50 % من عدد السكان الذين يعتمدون على الزراعة، ويسهم فى 20 % من حصيلة الصادرات، ويمثل 14 % من الناتج المحلى الإجمالي، و27 % من القوى العاملة فى مصر. وعلى مستوى التعاون السياحي، قال وانج فانج هو، رئيس مجلس إدارة شركة الجسر الذهبى للسياحة فى الصين: إن شركته تمتلك 163 وكالة داخل الصين و20 وكالة حول العالم، فضلا عن شبكة واسعة من المواقع الإلكترونية للدعاية للسياحة من و إلى الصين، مؤكدا أنه بعد زيارته لمصر اليوم للمرة الأولى والاطلاع على السوق السياحى المصرى قرر افتتاح مكتب لشركته فى القاهرة لتعزيز التعاون السياحى المصرى الصينى . ومن جانبه شدد هشام الدميري، ممثل هيئة تنشيط السياحة المصرية، على عراقة العلاقات الثنائية بين البلدين، لافتاً النظر إلى التطور الهائل للاقتصاد الصينى على مدى العقود الستة الماضية، التى من أبرزها القطاع السياحي. وبالتزامن مع احتفالات مصر هذا العام على مرور 60 عاماً على العلاقات الدبلوماسية المصرية الصينية، أوضح الدميرى أن مكتب تنشيط السياحة المصرى فى الصين يقوم بعدة فاعليات للاحتفال بهذه المناسبة، حيث تولى مصر اهتماما كبيرا بالسوق الصينى كأحد أهم الأسواق السياحية الواعدة. وبلغ عدد السائحين الصينيين الخارجين نحو 90 مليون سائح، كما يعتبر السائح الصينى من أعلى معدلات الإنفاق السياحى حول العالم، وقد زادت أعداد السائحين الصينيين إلى مصر بمعدل 86 % فى عام 2015 مقارنة بالعام السابق .