بالتأكيد حزن الجميع عند متابعة أخبار محاولة إحراق مجلس الشعب فى شارع قصر العينى فى كبد القاهرة والأحداث الأليمة التى تلته.. لكن الحالة النفسية السيئة تعدت ذلك لدى البعض لأنهم فوجئوا بأنهم شاهدوا هذا السيناريو من قبل فى فيلم « ثاء من ثأر»!! فقد نجح بطل الفيلم فى الدخول إلى مبنى إحدى القنوات التليفزيونية المسيطرة داخل الدولة، واتخذ من العاملين فى غرفة البث المباشر رهائن، حتى يتمكن من إذاعة كلمته الثورية ودعوته لحرق البرلمان!! فقبيل اندلاع الثورات العربية بدأت بعض القنوات العربية المتخصصة فى الأفلام الأجنبية فى عرضه، ومازالت توالى عرضه! يأتى اسم الفيلم"ثاء"أو"فى"وهو حرف فاء ورقم خمسة لاتينيا، وبالإنجليزية تعنى كلمة “فندنتا" Vendetta الثأر، وهو إنتاج 2006. ويروى عن السجين “فى" أسير الزنزانة رقم خمسة، الذى يتعرض لتجارب علمية، ثم يهرب ويخطط لتفجير البرلمان فى الخامس من نوفمبر! ويبدو"فى" متأثرا بالقصة الشهيرة التى تحولت إلى أفلام مختلفة فى جميع أنحاء العالم “الكونت ديه مونت كريستو"، القائم على فكرة الانتقام مع مزجها بجانب تاريخى ووطنى مركب. وقبل وبعد الثورة المصرية، وجدنا كثيرا من الشباب المتحمس يفضل استخدام صورة قناعه الشهير من خلال المنتديات ومواقع التواصل الاجتماعى على شبكة الإنترنت. فهو يعتبر رمزا للثورة، مهما كانت درجة ثورية الشخص!حتى إنه ظهر ائتلاف يحمل اسم فى. تى. فى وهو مستوح من فقرة قدمتها الشخصية فى التليفزيون، أيضا لتبعث برسالة ثورة للشعب! وشاهدناه أيضا أثناء أحداث «احتلوا وول ستريت»! وهو قناع شخصية معروفة فى التاريخ الإنجليزى جاى فوكس، الكاثوليكى الذى حاول فى عام 1605 نسف البرلمان البريطانى والقضاء على الملك البروتستانتى جيمس الأول لكنه فشل، فعذبوه وأعدموه مع مجموعته! ومن أشهر الجمل التى وردت فى الفيلم، والتى تبين كيف يمكن تلفيق التهم وتحويل الشخص إلى إرهابى وتشويهه إعلاميا، ما يجىء عن مصير مذيع انتقد الديكتاتور فى برنامجه فقامت الشرطة بمهاجمة منزله واختفى، فيقول “فى" لصديقتهما المشتركة: أنا آسف لكن تم قتل السيد ديتريش، لقد قبضوا عليه وعندما وجدوا القرآن فى بيته قتلوه!! وعلى نفس النهج يعرض لنا فيلم"ترومان شو" من إنتاج 1998عملية التحكم الإعلامى من خلال عدة مستويات، مستوى النقد لبرامج «ريال تى.فى»أى»برامج تليفزيون الواقع»التى تشبه التلصص فيتسمر أمامها المشاهد لمتابعة أدق تفاصيل حياة الآخرين، والمستوى الإنسانى الذى يبين استغلال الإنسان لأخيه الإنسان، والمستوى الروحانى من وجهة نظر غربية عن علاقة البشر بربهم! الفيلم ممتع من خلال محاولة فك شفراته، وهو بطولة جيم كارى، ويحكى عن الطفل ترومان، تعنى بالإنجليزية الرجل الحقيقى وبالفعل هو إنسان نقى، وما إن يولد تتنازل والدته عنه للمنتج والمخرج التليفزيونى كريستوف، ويصنع هذا المخرج عالما جميلا خاصا لترومان بوربانك مكوناً من أم وأب وأصدقاء وزوجة ومدينة ومدرسة وعمل..كما يصنع له خوفا أيضا حتى لا يجرؤ على الابتعاد عن حدود مدينته ويتحكم فيه!! وقدمت السينما أمثلة أخرى عن تليفزيون الواقع فى إطار كوميدى، وقبل ظهور هذه الموضة، قامت السينما بعرض جوانب سلبية من كواليس نشرة الأخبار المصورة، حيث المنافسة الشرسة والتسلق الوظيفى وانتهاز الفرص، من أجل الظهور على الشاشة الصغيرة التى تضمن مستقبلا باهرا للمذيع أو المذيعة، وندرك أن الأساس ليس عرض الحقيقة بكل ضمير على المشاهد، مثلما فى فيلم “بث الأخبار"إنتاج 1987 بطولة وليام هيرت.