استطلاع لمركز جالوب: 25% من الشباب المصرى يخططون للهجرة و75% ساخطون لأسباب مختلفة على رأسها الواسطة - د. عز الدين حسنين: 40٪ نسبة الفقراء في مصر منهم 25٪ يعيشون تحت خط الفقر برغم أن هناك أبحاثا متعددة ناقشت قضية الفقر والهجرة، لكن لم تستطع الحكومات حتى الآن إيجاد حلول فعلية لمكافحة الفقر، ومعالجة تدفقات المهاجرين إلي الخارج، والدافع الرئيسى الفقر، وما أظهره استطلاع للرأي أجراه مركز جالوب لدراسات الرأي العام العالمي في وقت سابق أن 25% من الشباب المصرى يخططون للهجرة من بلدهم للعمل في الخارج، وأن ال75% الآخرين ساخطون لأسباب مختلفة على رأسها الواسطة، ومدى القدرة على العمل يجعلنا نبحث عن السبب الحقيقى، هو الفقر الذي بدأ فى التزايد فى الفترة الأخيرة، بعد تقليص الدعم وزيادة الضرائب وارتفاع الأسعار فضلا عن عدم استطاعت سوق العمل استيعاب وظائف جديدة للخريجين، مما يزيد من الهجرة خارج البلاد. تقوم الدول الأوروبية بتخصيص مبالغ مالية للحد من الفقر والهجرة الدولية ويكلف أوروبا سنويا 44 مليار يورو، حيث كشفت المسئولة العليا للسياسة الأمنية والخارجية للاتحاد الأوروبى فيديريكا موغيريني، عن تخصيص المفوضية والمؤسسات المالية الأوروبية والدولية مبلغ 44 مليار يورو للاستثمار الخارجى الأوروبى فى البلدان الشريكة والإستراتيجية مثل البلدان الإفريقية، خصوصاً فى مجال الأمن والحد من الهجرة مشيرة أن الهدف من ذلك تحريك كل الآليات والوسائل من أجل تشجيع الاستثمار الأوروبى فى الخارج، "من أجل تحقيق التنمية فى البلدان المجاورة والشريكة ومعالجة ظواهر الفقر والوقاية من الهجرة والإرهاب هناك"، حيث إن تحسين الأوضاع فى البلدان المجاورة سينعكس بشكل فورى وإيجابى على الوضع فى أوروبا، وشددت موغيرينى على أن الاستثمار الأوروبى سيركز على قطاع الشباب، وخلق فرص العمل لهم، من أجل حمايته من الوقوع فى براثن التطرف أو محاولة الهجرة إلى أوروبا. الدكتور أشرف العربى، وزير التخطيط والمتابعة والإصلاح الإدارى أكد أن نسبة الفقر وفقا لبحث الدخل والإنفاق ارتفع من 26% إلى 27.8%، مشيرا أنه فى حالة عدم اتخاذ تلك الإجراءات الإصلاحية كانت النسبة سترتفع إلى 33% مشيرا إلى وجود تقوية شبكات الأمان الاجتماعى وحماية الفقراء، من خلال فكرة الدعم النقدى المشروط وغير المشروط، ومعاشات الضمان الاجتماعى، لافتا النظر إلى أنه يتم حاليا عمل برنامج خاص بالأمان الاجتماعى للفئات الأفقر، التى تحاول الدولة أن توفر لها مسكن، والقضاء على العشوائيات. زيادة نسب الفقر الدكتور عز الدين حسنين، يقول إن الفقر كارثة مجتمعية، ولا سلمت أمة كثر فيها الفقر، فهو مدعاة للسخط والغضب والاضطراب المجتمعى، وانهيار السلام الداخلى للمجتمع وانتشار السرقات والجرائم وكل الموبقات، تلاحظ أن المصريين هم والفقر متلازمان منذ عقود، فنسبة الفقر فى مصر تتجاوز 40٪ من عدد السكان، وهناك نسبة تتجاوز 25٪ من السكان يعيشون تحت خط الفقر، هذا وقد تم تعريف خط الفقر بأنه هو أدنى مستوى من الدخل يحتاجه المرء أو الأسرة حتى يكون بالإمكان توفير مستوى معيشة ملائم فى بلدٍ ما. ومن هنا يظهر مصطلح الفقر المدقع (absolute poverty ) وهو مستوى من الفقر يتمثّل بالعجز عن توفير تكاليف المتطلبات الدنيا الضرورية، من حيث المأكل والملبس والرعاية الصحية والمسكن، وبعبارة أخرى فإن الناس الذين يعيشون تحت خط فقر محدد هم أناس يمكن أن يوصفوا بأنهم يعيشون فى حالة فقر مدقع. وأوضح أن خط الفقر المتعارف عليه عالمياً كان نحو دولار أمريكى واحد فى اليوم للفرد، لكن البنك الدولى عاد فى عام 2008 رفع هذا الخط إلى 1.25 دولار عند مستويات القوة الشرائية لعام 2005. ومع ذلك فإن العديد من الدول تضع خطوط فقر خاصة بها وفق ظروفها الخاصة. فمثلاً عام 2009 كان خط الفقر فى الولاياتالمتحدة للفرد دون سن 65 هو 11 دولار تقريبا يوميا، ولعائلة من أربعة أفراد من بينهم طفلين هو 22 دولار يوميا، فى مصر أرى أن خط الفقر يبدأ من دخل شهرى 3000 جم ( ثلاثة آلاف جنيه)، أو مائة جنيه يوميا لأسرة من أربع أفراد، أما الفقر المدقع فهو يبدأ من 1200 جنيه أى أربعين جنيه يوميا لأسرة من أربع أفراد، معظم الدول التى تقدمت وضعت نصب عينيها الهدف الأسمى وهو خفض الفقر لأدنى مستوى ممكن، حتى يستقر المجتمع داخليا، فدولة مثل بنجلاديش كانت حتى السبعينيات دولة من أفقر دول العالم، فقد وصلت نسبه الفقر بها إلى 90٪ تقريبا من عدد السكان، الأمر الذى دعى الاقتصادى الدكتور محمد يونس، من التفكير فى وسيلة لتقليل الفقر بين السكان وخصوصا بين النساء المعيلات، فبدأ بفكرته عن بنك الفقراء (بنك جرامين) وبدأ بمبلغ 27 دولاراً فى آواخر السبعينيات وزعهم على النساء فى شكل قروض متناهية الصغر، لإقامه مشروع تجارى على أن يسترجعهم خلال ستة أشهر من ناتج هذه المشروعات، وبالفعل نجحت الفكرة وانتشرت وزاد رأسمال المشروع، وانتشر بنك الفقراء فى كل الأماكن الفقيرة فى بنجلاديش، وبعد مرور عشرين عاما تقريبا وصل رأسمال البنك مليارين دولار، أيضا اعتمدت بنجلاديش فى تخفيض الفقر إلى المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، التى استطاعت أن تخفض بها نسبة البطالة إلى 6٪، وانخفض الفقر إلى أقل من 15٪، ووضعوا خطة حتى عام 2025، لتصل نسبة الفقر إلى صفر٪، وقال محمد يونس، مؤسس بنك الفقراء مقولة شهيرة بإنهم بحلول 2025 سيضعون الفقر فى أحد متاحفهم. وأشار أن كثيرا من الدول التى تقدمت وأصبحت نمورا اقتصادية بدأت بانتشال الفقراء بإيجاد فرص العمل من خلال التمويل المتناهى الصغر وإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، فدولة مثل ألمانيا تعترف بأن اقتصادها لا يزال معتمدا على تلك المشروعات الصغيرة والمتوسطة، اليابان تقر بأن نهضتها كانت بسبب المشروعات الحرفية والصغيرة والمتوسطة، والصين والهند وكوريا الجنوبية، والبرازيل والأرجنتين وشيلى وغيرهم، ممن تقدموا اقتصاديا كانت أهم خططهم هى الاهتمام بالفقراء، وتوفير فرص العمل إليهم من خلال تلك المشروعات ومن خلال التمويلات المتناهية الصغر. رشيد تغرق فى الفقر وأضاف أن ما حدث أخيرا وشهدته مصر من كارثة مركب رشيد التى راح ضحيتها أكثر من 160 شاب من شباب مصر وخيرتها للمستقبل فى قاع البحر غرقا فى هجرة غير شرعية، للوصول إلى شواطئ أوروبا بحثا عن لقمة العيش وبحثا عن حياة أفضل يرجع إلى انتشار الفقر والبطالة فى عدد كبير من محافظات مصر، فتعيش الأسر تحت خط الفقر محرومة من أدنى مستوى من الخدمات، فلا تعليم ولا صحة ولا مياه نظيفة ولا صرف صحى ولا أدنى مستوى لحياة آدمية مع تدنى مستويات المعيشة والفقر المدقع الذى يعيشه الأهالي، فتلجأ الأسرة بالتضحية بأبنائها ودفعهم نحو هجرة غير شرعية تمثل رحلة الموت، فالحياة بفقر هى الموت بعينه، فأصبحت الحياة بمصر فى تلك القرى كالموت، فالمخاطرة بالهجرة عبر البحر هى مخاطرة بين الحياة ميتا فى بلدك أو احتمال النجاة بنسبة 5٪ والوصول إلى أوروبا، لتبدأ رحلة السعادة من وجهة نظرهم وتكوين الثروة وانتشال الأسرة من فقرها ووضعها فى مصاف الأسر المتوسطة أو الغنية، فتجارب نجاح من سبقوهم تثبت ذلك، فالمخاطرة مطلوبة من أجل الحياة بعد ذلك. وطالب الدولة المصرية بالانتباه جيدا إلى خطورة مثل هذه الهجرات على شباب مصر وعلى الدولة أن تخطط من الآن وسريعا، لمنع حدوث هذه الكوارث التى تتكرر دون اتخاذ الإجراءات التى تكفل عدم تكرارها، فكل يوم وكل ساعة هناك مراكب للموت فى عرض البحر تحمل أطفال ونساء وبنات وشباب محملين على ظهر كفن متحرك داخل البحر، ولا ينجو متهم سوى 10٪ على الأكثر، التنفيذ الفعلى للشمول المالى والوصول إلى الأماكن الأكثر فقرا واحتياجا لتقديم التمويل الكافى، لإقامة مشروعات حرفية وتجارية للشباب وللعاطلين بهذه الأماكن ستحد بشكل كبير من الهجرة غير الشرعية، فهناك مبادرة الرئيس التى أعلن عنها منذ شهور مضت بتوفير 200 مليار جنيه على خمس سنوات كتمويلات للمشروعات المتناهية الصغر والصغيرة جدا والصغيرة والمتوسطة، فما السبب أن هذه المبادرة لم تفعل حتى الآن؟ أين البنك المركزي؟ أين البنوك التجارية التى من المفترض تنفيذ هذه المبادرة منذ مارس الماضى؟، وعلى الدولة السعى سريعا لإقامة المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر من خلال إنشاء شركة مساهمة مصرية، يسهم فيها أهل مصر كلهم بأسهم وكل سهم قيمته 10 جنيهات فقط، ومن ناتج هذه الأسهم يتم إقامة المشروعات الصغيرة والمتناهية الصغر لهؤلاء الشباب. علاج المشكلة ومن جانبه يقول الدكتور وليد الحداد، الخبير الاقتصادى إن الوضع الاقتصادى ليس هو الأساس فى المشكلة، لأنه مرتبط ارتباط وثيق بأشياء أخرى كثيرة، ولا تنسى أن الاقتصاد والسياسة وجهين لعملة واحدة، والسياسة هنا بمعنى بناء جسور الثقة بين المواطن والحكومة واتفاق المجتمع على توجهات الحكومة حيث إن مؤسسات المجتمع المدنى مسئولة، ومن المفروض أنها تضع يدها فى يد الحكومة، التى بدورها تدعمهم لكى يرفعوا الوعى عن المواطنين، وينشروا فكر المشروعات الصغيرة، ويعلموا الناس كيف يقوموا بعمل مشروعات صغيرة ويدعموا هذه المشروعات وإعطائهم أفكاراً جاهزة على التطبيق، فضلا عن التوعية والتدريب والمساعدة فى الحصول على التمويل والتنفيذ، مضيفا أن علاج هذه المشكلة له عدة محاور منها خطط تنمية شاملة، منها ما هو قصير الأجل بما يشعر المواطن بثمار التنمية، حتى نبنى جسور الثقة بين الحكومة والمواطن، ومنها تطوير التعليم وزيادة الوعى عن طريق مؤسسات المجتمع المدني، الدولة الآن تبذل جهوداً كبيرة ولكن معظمها فى اتجاه المشروعات القومية الكبرى والتى تحتاج استثمارات كبيرة وفى نفس الوقت تحتاج إلى وقت حتى يشعر المواطن بثمارها. وأوضح د. الحداد أن هناك علاقة بين الفقر وتزايد معدلاته والهجرة غير الشرعية والفقر ليس فى معناه الضيق والواردة فى تعريفات الأممالمتحدة التى تعرف الفقر بمن يعيشون على أقل من دولار فى اليوم، ولكن بمعناه الأوسع وهو عدم الإحساس بالأمان واليأس من مستقبل أفضل وعدم الحصول على الحقوق الأساسية التى يجب أن توفرها الدولة، مشيرا أن أطراف المشكلة تتكون من المواطن وقلة وعيه وأحلامه غير الواقعية والحكومة ومؤسسات المجتمع المدنى وكل له دور مهم ولا ننسى دور المؤسسات الدينية فى التوعية. ..واقرأ المزيد: البحر ابتلع 4 من شبابها فى حادث رشيد.. "زعفران" كفر الشيخ قرية تروى حكاية شعب معظم أبنائها يعملون فى أوروبا هربا من الفقر.. شباب "زعفران" كفر الشيخ ضحية أحلام الثراء أم الفقر والبطالة؟ حتى لا يتكرر حادث رشيد.. هل ينجح القانون فى مكافحة الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر