لاعبة السعودية تنسحب.. واللاعب المصري يشارك..والعالم يندهش.. ويسخر - العرب يطردون الكيان الصهيوني من بطولات آسيا ودورات ألعاب البحر المتوسط من أجل "القضية".. ويرفضون اللعب في فلسطين!
- نجوم العرب في الألعاب الشهيدة يسجلون مواقف الانسحاب.. ونجوم الكرة يظهرون في "تل أبيب"
- مصر مثال صارخ ل " شيزوفرنيا " المواقف.. والجزائر صاحبة الموقف الثابت
نلعب.. أم لا نلعب؟!. تلك هي القضية.. وهذا هو السؤال الشائك الذي لا ولن نعرف له إجابة. هناك من يقول.. نلعب.. فلا خلط بين الرياضة والسياسة. وهناك من يجاهر ويعلن رفض التطبيع.. حتي ولو في الرياضة. ما بين قمة هذا التناقض في الآراء ووجهات النظر، وفي ظل عدم وجود موقف واضح وصريح ومعلن من الحكومات العربية، تبقي قضية التطبيع الرياضي مع إسرائيل قضية معلقة، حتي وصل الأمر إلي حد التناقض في مواقف لاعبين من دولة عربية واحدة، إلي أن وصلنا إلي مرحلة رفعنا فيها شعار "اللعب حسب المزاج"!. وجاءت دورة الألعاب الأوليمبية، "ريو دي جانيرو " لتفضح أمام العالم، قمة تناقض الموقف العربي تجاه قضية اللعب مع إسرائيلي.. وكانت أول المشاهد التي رصدها العالم، واقعة رفض البعثة اللبنانية السماح لبعثة إسرائيل بالوجود معها في الحافلة التي كانت مخصصة لنقل بعثة لبنان إلي ملعب "ماركانا" لحضور حفل افتتاح الأوليمبياد.. وخرجت وقتها وسائل الإعلام العربية تحتفل بعنوان "لبنان يوجه أول صفعة عربية لإسرائيل في الأوليمبياد ".
تناقض مصري - سعودي ثم جاء موعد أول اختبار حقيقي للموقف العربي تجاه قضية التطبيع مع الكيان الصهيوني من عدمه، ووقتها أعلنت لاعبة الجودو السعودية، جودي فهمي، انسحابها من مواجهة نظيرتها الإسرائيلية جيلي كوهين، وهو الانسحاب الذي غلفه الاتحاد السعودي في سلوفان الإصابة، إلا أن وسائل إعلام إسرائيلية ادعت انسحابها بداعي التهرب. وقبل أن تشغل قضية لاعبة الجودو السعودية، الشارع العربي، كان العالم كله يتحدث عن واقعة رفض لاعب الجودو المصري إسلام الشهابي، مصافحة نظيره الإسرائيلي بعد مباراتهما معا.. وهو الواقعة التي كانت وما زالت حديث الإعلام العالمي، الذي اندهش بكثير من السخرية لتناقض الموقف العربي، وكيف أن العرب هللوا لبطلة السعودية لانسحابها، وكيف تبدل موقفهم 180 % ورحبوا بعدم انسحاب البطل المصري وعدم خلط السياسة بالرياضة!. وهو الأمر الذي أحسن الإعلام الصهيوني استغلاله، وتشويه المزيد من وجه العرب أمام العالم.. وكان المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي أوفير جندلمان، قد علق علي الواقعة، قائلاً: "أمر يتنافى مع الروح الرياضية". وتساءل جندلمان عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، "من يرفض مصافحة الخصم في المنافسات الرياضية غير العرب؟". وصف جندلمان، الشهابى بالمتطرف وقال: "مبروك للاعب الجودو أوري ساسون، الذي انتصر في مواجهته مع المصرى إسلام الشهابى، الرياضة ليست ساحة للسياسة وللتطرف". فيما ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" الإسرائيلية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نيتانياهو، أجرى اتصالا هاتفيا بلاعب الجودو الإسرائيلى أورى ساساون، الذى فاز على الشهابى وحصل بعدها على الميدالية البرونزية. وأضافت الصحيفة أن نيتانياهو هنأه بالفوز وتمنى له أن يواصل هذه الإنجازات على حد تعبيره، وفيما يتعلق برفض مصافحة "الشهابى" ل"ساسون" قال نيتانياهو إن السبب وراء ذلك هى الدعاية الإعلامية الوحشية التى تمارس ضد إسرائيل، وأن هناك عشرات السنوات من أجل القضاء عليها وسيأتى اليوم الذى يتم فيه تحقيق ذلك.
شيزوفرنيا مصرية والحقيقة أن مواجهة الشهابي للاعب الإسرائيلي، كشفت أول ما كشفت عن حالة "الشيزوفرنيا" التي يعاني منها المصريون، بعد التناقض الكبير في التعليق، حيث خرج الكثيرون يؤيدون تصريحات وزير الشباب والرياضة المصري المهندس خالد عبد العزيز، الذي كان رافضا لفكرة الانسحاب، فيما انتقد نشطاء مصريون عبر شبكات التواصل الاجتماعي، اللاعب المصري وقال الناشط السياسي، عضو الحملة الرئاسية السابقة للسيسي حازم عبد العظيم، في تصريح صحفي: "قبلت تلعب المباراة ولعبت وانهزمت وبعدين رفضت تسلم على اللاعب الإسرائيلي.. كنت رفضت من الأول أكرملك!"، إلا أن نشطاء آخرين قالوا تعليقا علي رفض المصافحة على مواقع التواصل: "ما أجمل الحفاظ على مواقفنا ومبادئنا". وعقب المستشار وليد شرابي، القاضي المصري علي المباراة منتقدا اللاعب المصري لأنه قبل اللعب فخسر احترامه لنفسه..حتي موقف الإعلام المصري كان قمة التناقض. ولم تكن حالة "الشيزوفرنيا" قاصرة علي النشطاء والخبراء، فقد تجسدت من قبل في عدد من الحالات لرياضيين مصريين، منهم من وافق ولعب، ومنهم من رفض وانسحب، وهو يؤكد حقيقة الشعار الذي ذهبنا إليه في البداية، أن اللعب مع إسرائيل يتم تحت شعار "حسب المزاج". فقد سبق للاعب الجودو المصري رمضان درويش، أن واجه لاعبا إسرائيليا في نصف نهائي بطولة العالم 2012، وفاز عليه، لكنه رفض مصافحته عقب المواجهة، في نفس العام، انسحب لاعب الجودو المصري أحمد عوض، أمام الإسرائيلي تيل بلاكير، في الدور ثمن النهائي لبطولة العالم في فرنسا. وقبلها بعام انسحبت لاعبة التايكوندو المصرية روان علي، من مواجهة اللاعبة الإسرائيلية سيفان فنيستر، في بطولة كرواتيا المفتوحة.. فيما خاض أحمد عبد اللطيف، لاعب منتخب شباب المصارعة، مواجهة أمام لاعب صهيوني في نصف نهائى بطولة العالم التى أقيمت بكرواتيا. وتلك الحالات المتناقضة التي رصدناها تعكس حاله الانفصام في الشخصية التي تعاني منها الرياضة المصرية، فيما يخص قضية اللعب مع إسرائيل، حتي إن الأمر وصل إلي تناقض لاعبين يمارسون لعبة واحدة تحت لواء اتحاد واحد مثل الجودو. وكانت أبرز المواقف علي الإطلاق التي تعكس حالة "الشيزوفرينا" المصرية، ما حدث العام الماضي، عندما اعتذر اتحاد السباحة برئاسة ياسر إدريس، عن المشاركة في بطولة العالم بسبب مشاركة إسرائيل، فيما شارك منتخب اليد في بطولة العالم الأخيرة بقطر برغم مشاركة إسرائيل!. والحقيقة أن هناك عدداً من الدول العربية مصابة بنفس الداء التي تعاني منه الرياضة المصرية وهو المرض الذي شتت الرأي العام، وفي المقابل هناك دول عربية قليلة لديها موقف ثابت وعلي رأسها الجزائر، وهي الوحيدة التي تجاهر رسميا علي الصعيدين الحكومي والشعبي برفض التطبيع الرياضي مع إسرائيل.
القضية واحدة.. والمواقف مختلفة وإذا كان التاريخ يسجل للعرب أن أكبر انتصار جماعي حققوه علي إسرائيل كان في مجال الرياضة، يوم اتحد العرب ونجحوا في إزاحة الكيان الصهيوني من اللعب في البطولات الآسيوية، واجبروا إسرائيل علي اللعب تحت مظلة الاتحاد الأوروبي، كما نجح العرب في إجهاض حلم إسرائيل في الظهور علي مسرح بطولات دورات ألعاب البحر المتوسط، وكان ذلك من أجل الدفاع عن القضية الفلسطينية، قضية كل العرب.. إلا أن العرب الذين يقاتلون من أجل فلسطين، تناقضت مواقفهم عند الامتحان، ولعل آخر تلك المشاهد وأبرزها علي الإطلاق، ما حدث أخيرا في التصفيات الحالية المؤهلة لكأس العالم 2018، والخاصة بالقارة الآسيوية، حيث رفضت السعودية أن يذهب منتخبها إلي "رام الله" لمواجهة شقيقه المنتخب الفلسطيني، وهو الأمر الذي تحول إلي أزمة أدت إلي تدخل الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، الذي استجاب للضغوط السعودية ونقل المباراة إلي أرض محايدة، وكان مبرر السعودية أن اللعب في "رام الله" يعني الاعتراف بوجود الكيان الصهيوني في فلسطينالمحتلة. وعلي النقيض من موقف السعودية، رأينا الإمارات ترحب باللعب في فلسطين، وبالفعل ذهب المنتخب "الأبيض" لقب منتخب الإمارات إلي "رام الله"، وخاض مباراة رسمية أمام نظيره وشقيقه المنتخب " الفدائي".
نجوم الكرة في تل أبيب وإذا كان نجوم الرياضة العرب، من لاعبي الألعاب الشهيدة قد كانوا أبطال الغالبية العظمي من مشاهد الانسحاب ورفض التطبيع الرياضي مع إسرائيل، طل علينا عدد كبير من أشهر نجوم الكرة العرب من قلب عاصمة الكيان الصهيوني تل أبيب، وإن كان الأمر قد حدث تحت شعار "مجبر أخاك لا بطل"، بعد أن أجبرتهم لوائح الاحتراف علي الذهاب برفقة أنديتهم الأوروبية إلي تل أبيب، ومن بينهم عدد من نجوم الكرة المصرية، منهم نادر السيد، حارس مصر الدولي السابق وقت احترافه في نادي بروج البلجيكي، ومن بعدها الثنائي الحالي محمد صلاح، ومحمد النني، وقت احترافهما في بازل السويسري، قبل انتقالهما إلي روما الإيطالي وأرسنال الإنجليزي علي الترتيب.. فيما رفض صقر الكرة المصرية، أحمد حسن، التوجه إلي تل أبيب برفقة فريقه البلجيكي.. كما رفض كل نجوم الكرة الجزائرية السفر مع أنديتهم الأوروبية إلي إسرائيل أبرزهم ياسين إبراهيمي، وتوفيق حنيش. وقال محمد صلاح، وقتها في تصريحات لصحيفة (زيتونج) السويسرية: "سأسافر إلى إسرائيل مع النني برفقة الفريق لأن كرة القدم هي وظيفتنا". وتابع: "سنذهب إلى هناك لمساعدة بازل في التقدم خطوة نحو مرحلة المجموعات بدوري الأبطال، فأنا احترم النادي والأهداف التي يخطط لتحقيقها، فهذه رياضة وليست سياسة".
مواقف عربية وترصد "الأهرام العربي" في هذا التحقيق، عدد من الحالات التي شهدت رفض لاعبين وأندية ومنتخبات عربية التطبيع الرياضي مع إسرائيل. في فبراير الماضي، قرر الطفل التونسي محمد حميدة (10 سنوات) الذي مثل بلاده في بطولة العالم للشطرنج، التي أقيمت في مدينة أباشي في رومانيا، الانسحاب من البطولة تفاديا لملاقاة لاعب إسرائيلي. وقال: "لن أواجه قاتل أخوتي في مجرد لعبة، الأصح أن أواجهه على أرض القدس"، بحسب تعبيره. وأكد حميدة أن انسحابه جاء تضامنا مع أطفال فلسطين ومساندة لأطفال غزة المحاصرين. فيما رفض لاعب الاتحاد اللبناني للجودو وفروعه البطل ناصيف الياس، مواجهة لاعب إسرائيلي خلال مشاركته في جائزة تركيا الكبرى والمؤهلة لدورة "ريو دي جانيرو".. وسبق وأن رفض لاعب الاتحاد البطل دميان، الذي احتل المركز الثالث في دورة البحر المتوسط، التي أقيمت أخيرا في تركيااللعب مع اللاعب الإسرائيلي أوستياك خلال مشاركته في الجائزة الكبرى في إسبانيا. وفي الجزائر.. رفضت الجزائرية مريم موسى، مواجهة الإسرائيلية شاهار ليفي، في بطولة العالم للجودو التي أقيمت بالعاصمة الإيطالية روما في عام 2011، المؤهلة لأوليمبياد لندن 2012. وقبل 5 أشهر، وتأكيدا علي الموقف الجزائري الواضح، قرر مسئولو فريق المجمع الرياضي البترولي الجزائري الإنسحاب من بطولة العالم لرياضة الكاراتيه، بعدما أوقعتهم القرعة في مواجهة فريق إسرائيلي. وفي تونس، وتحديدا في أكتوبر 2011، رفضت لاعبة المبارزة التونسية عزة بسباس، مواجهة الإسرائيلية ناعومي ميلس، في نهائي بطولة كأس العالم بإيطاليا في اليمن انسحب لاعب المنتخب اليمني للجودو الدولي على خصروف، من مواجهة لاعب إسرائيلي ضمن بطولة كأس العالم، التي أقيمت وقتها في مدينة "دوسلدورف" الألمانية، لرفضه اللعب مع إسرائيلي، وكانت وقتها إحدى البطولات المؤهلة لأولمبياد لندن 2012. في الكويت..وقبل 4 سنوات..انسحب لاعب تنس الطاولة عادل الحربي، من مواجهة لاعب إسرائيلي جيفا ليران، في نصف نهائي بطولة رومانيا لذوي الاحتياجات الخاصة.. كما انسحب لاعب التايكوندو الكويتي عبد الله الفرهود، من مواجهة خصمه الإسرائيلي في إطار منافسات الدور الثاني من بطولة دولية للعبة أقيمت في مملكة السويد عام 2013. وفي ليبيا.. رفض البطل الليبي في لعبة الجودو محمد الهادي الكويسح، أثناء مشاركته في بطولة العالم في كازاخستان عام 2015، مواجهة لاعب إسرائيلي، وذلك بعد أن أسفرت قرعة منافسات وزن 60 كيلو جرام عن مواجهته، وذلك للتعبير عن مساندته للقضية الفلسطينية. وكانت آخر المشاهد قد حدثت قبل شهرين فقط من انطلاق الأوليمبياد الحالية، وتحديدا في يونيو الماضي، انسحب الملاكم السوري علاء الدين غصون، من منافسات بطولة العالم للملاكمة التي كانت تجرى في أذربيجان، اعتراضًا على اللعب أمام منافس إسرائيلي. وقال غصون، "انسحبت من المشاركة لأن خصمي إسرائيلي ولا يشرفني مصافحته أو منازلته، وهو يمثل نظاما صهيونيا يقتل شعب سوريا الحبيبة".