السيد رشاد هل وقف الدور التركى الضالع فى المخطط الغربى لتقسيم العالم العربى حسب خرائط برنارد لويس، حائلا دون التأييد الغربى الواضح والحاسم لانقلاب بعض قادة الجيش التركى من العلمانيين ضد نظام أردوغان الإسلامى؟ وهل قبض "أردوغان" أول أثمان هذا الدور بحمايته ليكمل دوره المرسوم فى مؤامرة الشرق الأوسط الكبير انتظارا للجائزة الكبرى ممثلة فى حصته من هذا المشروع التى تحقق لتركيا أردوغان أطماعها القديمة وتقربها خطوات مهمة من حلم استعادة الخلافة، الذى ستصبح فيه معظم الدول العربية مجرد «محطات» سياسية أو «ولايات» عثمانية! ولماذا تتخلى أمريكا وأوروبا عن دعم "العلمانيين" الذين يتفقون معها أيديولوجيا وفى النسق القيمى والمنهج السياسى والاجتماعى والفكر الثقافى والاخلاقى، وتنحاز إلى نظام إسلامى مغاير تماما لكل ذلك! هل هذا الموقف يؤكد بما ل ايدع مجالا للشك أن أوروبا وأمريكا إنما هى انحازت كعادتها -دائماً- للنظام الذى يحقق مصالحها، والذى حول تركيا إلى مجرد «ورشة» لكل المؤامرات والمكائد ضد العالم العربى، وفى القلب منه.. مصر.. خصوصا فى ظل حالة الفراغ التى تسود المنطقة بعد انهيار النظام الإقليمى العربي، وحالة التفكك والتردى اللذين اعتريا الوضع العربى بشكل عام، وخصوصًا بعد الاحتلال الأمريكى للعراق فى عام 2003 . فى المقابل فإن المنطقة العربية والشرق الأوسط هو المجال الجغرافى الوحيد فى جوار تركيا الذى يمكنها فيه لعب دور إقليمى دون الاصطدام بقوى عالمية، بالمقارنة بالقوقاز، حيث النفوذ الروسي، أو فى ألبانيا والبوسنة، حيث نفوذ دول أوروبا الوسطى، وقد تجلى هذا فى أكثر من توجه تركى منها على سبيل المثال موافقة أردوغان على نشر الدرع الصاروخى الأطلسى الأمريكى على الأراضى التركية حتى من دون موافقة البرلمان التركي، وهو قرار إستراتيجى خطير، نظرًا لأنه موجه ضد دول المنطقة، كذلك إظهار تركيا البعد الطائفى فى سياستها تجاه المنطقة العربية، على أكثر من مستوى وصعيد، فمن جهة دعمت حركات الإسلام السياسى، لاسيما حركات الإخوان المسلمين فى البلدان التى شهدت ثورات واحتجاجات مثل مصر وتونس وليبيا وسوريا، بل كانت الممول الأساسى بشريا ولوجستيا لحركة داعش فى كل من سوريا والعراق، باعتبارها وكيلا للغرب فى هذا الشأن .. ومن جهة ثانية نسقت مع السعودية وقطر والجامعة العربية تجاه الملف السوري،. لفرض ترتيب سياسى جديد فى المشهد الإقليمى للمنطقة، فالتخلص من النظام السورى يعنى تفكيك التحالف السورى الإيرانى ومعه حزب الله، وفتح المجال الجغرافى السورى كى يكون معبرًا لإقامة تحالف مختلف بين تركيا ودول الخليج يكون مرتبطًا بالسياسة الأمريكيةوالغربية بشكل عام، ولعل هذا ما يفسر سر الحديث عن ضرورة الاقتداء بالنموذج التركى فى المنطقة، بوصفه حقق تجربة ناجحة بين الإسلام والعلمانية والاقتصاد، وفى الحالة العراقية مارست تركيا سياسة تقوم على التدخل فى الشئون الداخلية العراقية من خلال تبنى لون سياسى محدد وإظهار خطاب معاد لمكونات أخرى. استطاع الغرب الذى طور تفكيره الإستراتيجى أن يهزم الدولة العثمانية وينهيها من خلال خلق ما يسمى بالاستراتيجية المضادة التى نجحت فى تقسيم الدولة العثمانية وإضعاف الفعل الإستراتيجى لتركيا، وتحويلها إلى ممر دولى تستخدمه القوى الاستعمارية للهيمنة على العالم الإسلامي.. وهو ما أكده لى الدكتور بشير عبد الفتاح، خبير الشئون التركية بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام فى اتصال هاتفى، أشار من خلاله إلى أن الرفض الغربى لتأييد الانقلاب الأخير ضد أردوغان يرجع إلى أن تركيا جزء من المشروع الأمريكى فى منطقة الشرق الأوسط وشرق آسيا، وحائط صد بين أوربا والشرق الأوسط، وبالتالى لن يسمح لتركيا بنظام غير موال للغرب، خصوصا أن أمريكا والاتحاد الأوربى غير مستعد لتفتيت تركيا فى الوقت الراهن فى ظل موالاة النظام الحاكم هناك للغرب، خصوصا بعد خروج "أردوغان" زكثر قوة، ومن ثم استمرار السياسة الخارجية بذات التوجهات من ناحية، وإحكام السيطرة تماما على مقاليد الأمور فى البلاد داخليا من ناحية أخرى، خصوصا الجيش التركى، الذى يعد السيطرة عليه وضمان ولائه أولوية قصوى لأمريكا ودول حلف الأطلسى باعتبار تركيا العضو الأهم فيه عسكريا، بغض النظر عن الرئيس المدنى الجالس فى مقعد الرئاسة التركى، وطالما يحقق نظام "أردوغان " القوى المصالح الأمريكية والأوروبية، ستظل القوى الغربية متمسكة به وتدعمه يشدة، فالغرب لايصفق إلا للفائز، وقد فاز "أردوغان" ونظامه .