الصورة الأخرى لأردوغان ظهرت فى الآونة الأخيرة لتؤكد أننا أمام شخصية لم نعرفها نحن كعرب باحثين عن بطولات حتى وإن كانت مزيفة، خاصة إذا كانت ترتدى عباءة الإسلام التى تمزقت للأسف فى الآونة الاخيرة بسبب أمثال أردوغان والإخوان المسلمين الذين يخلطون الحق بالباطل ويمارسون نوعاً من الديمقراطية العرجاء ويعيشون فى كنف بطولات وهمية، خاصة أن دورهم البطولى ما هو إلا قناع يخفون وراءه أهدافاً, فلا أحد يستطيع إنكار أن الموساد اخترقت المنظمات التركية ذات الصبغة الإسلامية، ومنها حزب العدالة والتنمية ورئيسه أردوغان فاتح باب التطبيع والمتمثل فى المناورات العسكرية والتعامل الاقتصادي، وجميعنا لا نستطيع نسيان موقفه المخزى بشأن تصرف إسرائيل تجاه لبنان في عام 2006، بحجة حماية مشروع مد إسرائيل بالنفط من خط باكو - تلبيسي، وأردوغان هو صاحب شعار «أن اللاسامية هي جريمة ضد الإنسانية».. وفى زمنه تحسنت العلاقات التركية - الصهيونية، وزاد التعاون الأمني المخابراتي والعسكري.. وإن كان بعضه قد تم فى سرية تامة، وهل ننسى أن «أردوغان» وافق على منح «إسرائيل» العضوية الكاملة في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية «OCDE»، إلى جانب موافقة تركيا على إقامة نظام دفاع صاروخي من حلف شمال الأطلسي على أراضيها، والذي يعطي الإشارة الواضحة إلى تل أبيب وواشنطن لاستعداد أنقرة للدفاع عن الدولة اليهودية وحماية المصالح العليا التركية والإسرائيلية.. وكشف مصدر مرافق لرئيس الوزراء الصهيوني إيهود باراك عام 2010، أن هناك 60 معاهدة سرية سارية المفعول للتعاون في الأمن وغيره. وفى الحقيقة أن الإعلام العربى لم يعط تصريحات رئيس الحكومة التركي السابق نجم الدين أربكان، اهتماماً عندما قال عن أردوغان وحزبه هما «أداة بيد المؤامرة الصهيونية».. وللأسف أن تركيا أردوغان دوامت على استخدام القوة الناعمة في المنطقة مقدمة كل التنازلات من أجل مصالح أمريكا وتعاونها مع إسرائيل والتى وصلت إلى حد استخدام الثورات في الدول العربية والمساعدة على تحقيق حلم بوش بتشكيل منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الجديد ووضع نظام إقليمي جديد للعلاقات السياسية والدينية والأيديولوجية والاقتصادية، وكما يقول الكاتب الفرنسى تيري ميسان: «لعبت تركيا فيه دوراً محورياً في فرض نموذجها السياسي في الحكم على العالم العربي كمثال لدولة علمانية يحكمها الإسلاميون مع احتمال نشر هذا النموذج في حال نجاحه بدعم من أمريكا والغرب في آسيا الوسطى ومنطقة القوقاز ويترافق استخدام أنقرة لرجال الدين الأصوليين لتنفيذ خطتها في العالم العربي مع تكثيف تحركاتها في مناطق آسيا الوسطى والقوقاز والذي سينعكس سلباً على أمن تلك المناطق، مما سيؤدي لنمو التطرف وانتشار الأسلحة في المناطق الروسية ذات الأغلبية الإسلامية ورغبة تركيا في التقرب من واشنطن أدى إلى تحولها كرهينة لطموحاتها الخاصة التي حولتها إلى حصان طروادة يمتطيه الغرب للقيام بتقسيم المجتمع الإسلامي لتحقيق مصالحه ومصالحها الاستراتيجية والتكتيكية التي تتعارض مع مصالح دول منطقة الشرق الأوسط حيث تهدف من الناحية التكتيكية من خلال تدهور اتصالاتها مع إسرائيل، بالإضافة إلى خطاباتها الصاخبة المناوئة لإسرائيل والمؤيدة للعرب الى تعزيز موقعها في العالمين العربي والإسلامي وتقديم نفسها كقوة إقليمية رائدة في الدفاع عن حقوق العرب والمسلمين باستخدام لغة معادية لإسرائيل ظاهرياً مع عدم تجاوز الخطوط الحمراء في علاقتها مع تل أبيب». بالطبع إن أردوغان حاول إقامة علاقات وثيقة مع الأنظمة الجديدة في دول الربيع العربى ولكن ولاءه الأول لواشنطن لتنفيذ سياستها فى الشرق الأوسط والمساعدة على تقسيمه لدويلات وإحياء مشروع الشرق الأوسط الكبير، وأردوغان الراعى الرسمى للإسلام السياسي و«الإخوان المسلمين» وتسويق التدخل الخارجي العسكري في الشأن العربى والإسلامى، وفتح الحدود أمام المسلحين العرب والأجانب وعناصر تنظيم «القاعدة» الإرهابي وتدفق السلاح إلى العصابات المسلحة في الداخل السوري، وحشد كل أعداء سورية في مؤتمر «أصدقاء سوريا» بإسطنبول. وحكومة أردوغان أوصلت تيار الإسلام السياسي إلى الحكم لأحياء عصر الخلافة العثمانية بشكل جديد ويكون الخليفة هو أردوغان, هذا الحلم الذى سيطر على عقله بعد فشل انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.. أن أردوغان يعيد ما فعله رئيس وزراء تركيا عدنان مندريس فى 1945 بتأييده لما أسماه «أحقية الإسرائيليين في إقامة دولتهم» أثناء زيارته إلى واشنطن، وسعى إلى استمالة الدول العربية لضمها في حلف مؤيد للغرب ومعاد للشيوعية آنذاك، وفي تلك الفترة هاجر أكثر من 34 ألف يهودي تركي إلى إسرائيل. ففي عام 2008 تواصل التعاون العسكري وتطور، وأجريت مناورات عسكرية جوية وبرية وبحرية مشتركة وبمشاركة الولاياتالمتحدة.. ومن أبرز المشاريع الاقتصادية بين البلدين، إنشاء خط أنابيب لنقل النفط والغاز الطبيعي والكهرباء والمياه إلى إسرائيل من ميناء جيحان التركي إلى ميناء عسقلان الفلسطيني، وبلغ عدد السياح الإسرائيليين الذين زاروا تركيا بين عامي 2005 و2009 حوالي 427.6 ألف سائح. إن أردوغان لا يعرف سوى مصلحته الشخصية وأحلامه الاستيطانية ومن أجلها قد يدمر أى شىء، فالغاية تبرر الوسيلة.. لذلك حان الوقت لمعرفة حقيقته التى بدت واضحة للجميع بعد سقوط قناع الديمقراطى وفى القريب لن ينقذه حتى رداء الإسلاميين.