د. خالد سعيد معاريف: الزيارة تمثل تدشينًا لمرحلة جديدة فى علاقات السلام الدافيء بين البلدين
القضية الفلسطينية هى مفتاح العلاقات بين مصر وإسرائيل!
يديعوت آحرونوت: للتحضير لزيارة مهمة لنيتانياهو فى القاهرة
هاآرتس: ثمة منفعة اقتصادية وعسكرية مشتركة بين الطرفين المصرى والإسرائيلى
القناة الثانية الإسرائيلية: سلاح الجو الإسرائيلى ضرب داعش فى سيناء بالتنسيق مع مصر
" بلغ التقارب المصرى الإسرائيلى ذروته بزيارة وزير الخارجية المصري، سامح شكري، ممثل السيسي، تل أبيب، لم تجر منذ ما يقرب من عقد كامل، ليدشن مرحلة جديدة فى العلاقات الثنائية بين البلدين ". هكذا كتبت صحيفة " معاريف " العبرية تعليقًا على زيارة شكرى لإسرائيل الأحد الماضي، حيث أولت وسائل الإعلام الإسرائيلية، الصادرة باللغة العبرية، الاهتمام البالغ بزيارته، كونها تأتى بعد غياب ما يزيد على تسع سنوات كاملة، منذ زيارة السيد أحمد أبو الغيط لتل أبيب، فى العام 2007! إيلاء الاهتمام الإسرائيلى باستقبال وزير الخارجية المصرى بلغ أشدَّه، حينما تابع ورئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو، نهائى يورو 2016، بين فرنسا والبرتغال، مساء الأحد، فى مقر إقامة الأخير بمدينة القدسالمحتلة، وذلك على هامش اللقاء الثانى لشكرى فى إسرائيل، حيث التقى وزير الخارجية بنيتانياهو ظهر اليوم الأحد نفسه، لإطلاعه على الرؤية المصرية الجديدة لمسار السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، ومعرفة مدى رأى الحكومة الإسرائيلية منها. بيد أن مشاهدة سامح شكرى ونيتانياهو للمباراة النهائية، والتقاطهما لعشرات الصور التى ملأت وسائل الإعلام الإسرائيلية، المنشورة باللغة العبرية، يعنى وصول السلام الدافيء إلى قمته! أفادت صحيفة "معاريف" العبرية، بأن زيارة وزير الخارجية المصرى سامح شكرى لتل أبيب تأتى بهدف ترطيب الأجواء بين إسرائيل والفلسطينيين، ومحاولة عقد لقاء يجمع الرئيس محمود عباس ( أبو مازن ) ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نيتانياهو، وهو ما نقلته الصحيفة على لسان أحد المسئولين الفلسطينيين، حيث أشارت إلى أن أبو مازن أبدى موافقته على اللقاء بشرط ألا يفرض نيتانياهو شروطا معينة. ويبدو أن أحد الأسباب الرئيسية للزيارة يكمن فى تمهيد الطريق لزيارة محتملة لنيتانياهو للقاهرة قريبًا، فى وقت لم تفصح مصادر إسرائيلية عن ذلك، وهو ما أكده المحلل السياسى لصحيفة "يديعوت آحرونوت "، دانيال سيريوطي، من أن زيارة شكرى مهمة جدا فيما يتعلق بالتحضير لزيارة أخرى أكثر أهمية لرئيس الوزراء الإسرائيلى للقاهرة؛ بيد أن هناك سببًا آخر للزيارة يتعلق باستعادة حطام الطائرة المصرية التى سقطت فى البحر المتوسط قبل شهرين، والقادمة من باريس للقاهرة، وهى الحطام التى جرفتها المياه نحو شاطىء نتانيا الإسرائيلى أخيرًا. ركز المحلل السياسى لصحيفة معاريف، آساف جيبور، على أن السبب الحقيقى وراء زيارة سامح شكرى لإسرائيل يدور حول ضرورة استعادة مسار التفاوض بين الفلسطينيين وإسرائيل، بناء على مبادرة الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع تعديلات إسرائيلية تحفظ الأمن القومى الإسرائيلي، فى إشارة من الصحيفة العبرية إلى وجود تهافت مصري- عربى على تل أبيب للتطبيع معها، خصوصا أن زيارة شكرى جاءت فى أعقاب زيارة تاريخية لنيتانياهو لأربع دول إفريقية على منابع النيل، واحتياج إسرائيل للشرعية الدولية عبر البوابة الإفريقية، وهو ما يتماشى مع نظرية المسئولين الإسرائيليين بضرورة البحث عن بديل! وذلك كله بعد افتقاد تل أبيب لكثير من الدول الغربية بعد استشراء موجة المقاطعة الدولية لإسرائيل، اقتصاديًا وأكاديميًا وسياسيًا! وتعليقًا على لقاء شكرى بنيتانياهو مرتين فى يوم واحد، قال السفير الإسرائيلى الأسبق فى مصر، يتسحاق ليفانون، فى الفترة من ( 2009 – 2011 )، أن وزير الخارجية المصرى قدم اقتراحًا لتل أبيب ظهرًا، وانتظر الرد مساءً من نيتانياهو لينقله إلى الرئيس السيسي، ومنه إلى الرئيس الفلسطينى أبو مازن، ما يعنى أن الاقتراح ربما يتعلق بمسار المفاوضات بين الطرفين، الفلسطينى والإسرائيلي. أوضح ليفانون أن الاقتراح لا يعدو أن يكون متعلقًا بمبادرة السيسى القائمة على المبادرة العربية للسلام، مع بعض التعديلات والاقتراحات الصهيونة الجديدة، مقابل تطبيع للعلاقات العربية مع إسرائيل. فى وقت شدد ليفانون على أن زيارة شكرى تأتى تعزيزًا للدور المصرى فى منطقة الشرق الأوسط، خاصة حيال القضية الفلسطينية. ومن جهته، قال تسيفى مازال، الذى شغل منصب السفير الإسرائيلى فى مصر، فى الفترة من 1996 إلى العام 2001، إن العامل الاقتصادى يعد الهَم الأكبر للرئيس المصرى السيسي، فى المرحلة الراهنة، بدعوى أن الاقتصاد يمكنه تحريك المياه الراكدة بين الطرفين، برغم مرورها بمرحلة متقدمة ودافئة. واستطرد تسيفى مازل بالقول: "منذ صعود الرئيس السيسى للسلطة فى مصر، جرى تصاعد واضح جدًا فى العلاقات مع إسرائيل، من جهة الاستخبارات والأمن، وإن كان تحت السطح، لكنه يطمح فى تقوية وتعزيز هذه العلاقات، وهو فى رأيى السبب الحقيقى لزيارة نادرة ومهمة جدًا لوزير خارجية مصر. وثمة رفض مصرى واسع لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، خصوصا من الطبقة المصرية المثقفة، ولم يرغب الرئيس فى مواجهتهم، أو إغضابهم، سواء من جماعة الناصريين أم رجال الأزهر، والحكمة تقتضى السير فى مسار مساعدة الفلسطينيين، ويعلم السيسى أن حماس هى حماس، لم تتغير، والسلطة الفلسطينية كما هى لم تتغير، أيضًا، وحاول الرئيس الأسبق، حسنى مبارك، التوصل فى القضية الفلسطينية وفشل، لكن الرئيس الحالى ( السيسى ) يعلم أن تلك القضية هى مفتاح العلاقات مع إسرائيل، ومنها العامل الاقتصادى "! لخص السفير مازلت العلاقات المصرية الإسرائيلية فى اعتبار القضية الفلسطينية مفتاحها الحقيقي، وأن الشعب المصرى يتخوف من التطبيع مع بلاده، ويرفضها، وهو رفض شعبى واسع، لا يمكن للسيسى مجابهته، وهو ما أوضحته الصحيفة، غير مرة، سواء على لسان السفير مازل، أم على حد تفسير الصحفى " آساف جولان " محرر التقرير المهم، فقد أكد أن السعودية ودول الخليج لم يحبوا إسرائيل ولن يحبوها، لكنهم يعلموا جيدًا بأن تل أبيب هى القادرة على تقديم النصح والإرشاد لمقاومة داعش والتمدد الإيرانى فى منطقة الشرق الأوسط، وهذا الموقف لن يغير شيئا، لأن ما جرى سيجري، مجددًا، تحت السطح، أو تحت الترابيزة "! واستمرارًا لمفهوم " تحت السطح " ذكرت القناة الثانية الإسرائيلية، على موقعها الإلكتروني، أن سلاح الجو الإسرائيلى ضرب الكثير من أهداف تنظيم داعش فى شبه جزيرة سيناء بالتنسيق مع مصر، أو بموافقة مصرية، عبر استخدام طائرات بدون طيار، وهو ما يعنى وصول العلاقات المصرية الإسرائيلية إلى قمة السلام الدافيء بين الطرفين، وهو ما أكدته بعدها أكثر من وسيلة إعلامية منشورة باللغة العبرية، أهمها صحيفة " هاآرتس "، التى علقت على ذلك بأن ثمة منفعة اقتصادية وعسكرية مشتركة بين الطرفين، تأتى بثمارها فى محاولة للقضاء على الإرهاب فى شيه جزيرة سيناء، وهو هدف مشترك لكل من مصر وإسرائيل معًا! أشار السفير الإسرائيلى فى القاهرة، تسيفى مازل، إلى أن الرئيس السيسى بعد مرور عامين فى السلطة يشعر بالأمان النسبي، وأن زيارة ممثله سامح شكرى تعنى ثقة أمنية نابعة من تقدم الاقتصاد المصري، حيث شرع السيسى فى تدشين عدد من المشاريع القومية، منها العاصمة الإدارية الجديدة، سبقها إقامة قناة السويس الجديدة "! بيد أن الملاحظ فى كلمة سامح شكرى تكرار جملة " الصراع الفلسطينى الإسرائيلى "، وكأنه اختزل القضية الفلسطينية، القضية الأم للعالمين، العربى والإسلامي، والصراع العربى الصهيونى فى صراع فلسطينى - إسرائيلى فحسب، وهو يأتى فى سياق نجاح إسرائيلى فى تصدير المصطلحات، واللعب بها لصالح بقائها على الأراضى الفلسطينية المحتلة! تنبع أهمية زيارة سامح شكرى لإسرائيل كونها تأتى استكمالاً لمبادرة الرئيس السيسى والخاصة بإقامة سلام دافيء مع تل أبيب، على أساس المبادرة العربية للسلام، فى وقت تزامنت الزيارة مع أخرى مشابهة لنيتانياهو، ولكنها لأربع دول إفريقية، تحتاج إسرائيل إليها فى استكمال مشروعية كيانها الصهيوني، وللتأثير على القرارات العربية والإسلامية فى مجلس الأمن والمؤسسات الدولية، فضلاً عن محاربة " الإرهاب " فى سيناء!