سوزى الجنيدى يعتبر السفير ماجد عبد الفتاح، مستشار السكرتير العام للأمم المتحدة للشئون الإفريقية واحدا من أكثر السفراء المصريين ذكاء وجدعنة، ويمتلك خبرة دبلوماسية خاصة فى التعامل داخل أروقة الأممالمتحدة، حيث عمل مندوباً لمصر داخل مقر المنظمة بنيويورك لسبع سنوات، ثم مستشارا خاصا للسكرتير العام، ويرى عبد الفتاح أن المنظمة الدولية تتغير فى أدائها بتغيير السكرتير العام، مشيرا إلى أن انتخابات السكرتير العام الجديد بدأت فاعليتها حاليا، وستتم عبر مرحلتين وتنتهى على الأغلب فى سبتمبر المقبل، وشرح السفير ماجد عبد الفتاح فى حديثه ل «الأهرام العربى» كيفية إجراء الانتخابات وأسباب الاتجاه لأن تكون السكرتير العام القادم امرأة ومن أوروبا الشرقية تحديدا، كما شرح خطة عمل الأممالمتحدة وجهودها لمكافحة الإرهاب، ودور مصر المهم فى هذا الإطار بحكم رئاستها الحالية لمجلس الأمن ورئاستها للجنة الإرهاب، موضحا أسباب تأجيل البت فى موضوع إصلاح الأممالمتحدة وتوسعة مجلس الأمن فى الفترة الحالية.
ستتم انتخابات هذا العام لأمين عام جديد للأمم المتحدة بدلا من بان كى مون.. فهل المنظمة الدولية تتغير بتغير شخصية من يترأسها أم أن النظام يسير كما هو بدون تغيير؟ بالطبع تفرق كثيرا، خصوصا أن استقلالية الأمين العام فى اتخاذ القرارات أمر مهم، وقد صدر قرار من الجمعية العامة فى الدورة الماضية، أكد أن عملية انتخاب السكرتير العام الجديد لا بد ألا تقترن بأى ضغوط تمارسها الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن للحصول على تنازلات من السكرتير العام قبل انتخابه، وبالتالى فإن رئيس الجمعية العامة تنفيذا لهذا القرار عقد مناقشة مفتوحة للمرشحين التسعة الذين تقدموا حتى الآن، وقدم كل مرشح برنامجه وأجاب عن كل الأسئلة المحرجة من الدول الأعضاء، مثل كيف ستكون مسئولا أمامنا؟ وهل ستفرق بين الدول الخمس الأعضاء بمجلس الأمن والدول الأعضاء بالأممالمتحدة؟ وما موقفك من قضية إصلاح الأممالمتحدة والإصلاح المالى والإدارى؟ وموقفك من حقوق الإنسان والتنمية وعمليات حفظ السلام، وبناء عليه ستقرر الدول الأعضاء كيفية التصويت وهل سيعقدون تصويتا مبدئيا أم سينتظرون إلى أن يتم إغلاق الباب للترشح للمنصب، حيث أعلن تسعة مرشحين حتى الآن ترشحهم، وبالتالى ستكون هناك جلسة ثانية لانتخاب الأمين العام. هناك عدة مرشحات للمنصب فهل آن الأوان لأمين عام امرأة للأمم المتحدة؟ البعض يدفع بقوة فى هذا الإطار، ويطالب بأن يكون الأمين العام التاسع للأمم المتحدة امرأة، ليكون هناك تمثيل للمجتمع، ولدينا أربع مرشحات من الثمانية وهن: هيلين كلارك، رئيسة برنامج الأممالمتحدة الإنمائى، وأيضا وزيرة خارجية ميلدوفا، وكذلك وكيلة الأمين العام ومديرة اليونسكو، وأيضا وزيرة خارجية كرواتيا، ومن بين من يدفعون فى إطار أمين عام امرأة مجموعة مشكلة من 57 سفيراً، وهى مجموعة البحث عن أمين عام امرأة، لكن كل ذلك لا يعنى أن هناك اتفاقا عاما على انتخاب أمين عام امرأة، فالبعض يرى ضرورة عدم التفريق وآخرون يرون أنه من الأهم انتخاب أمين عام من أوروبا الشرقية، لأن الدور على تلك المجموعة، وبالطبع لا يوجد فى الميثاق ما يؤكد ضرورة أن يكون الأمين العام من مجموعة محددة، لكن هناك حديثا عن التدوير الإقليمى، وحتى الآن لم يتم انتخاب أى أمين عام من شرق أوروبا، ويوجد ستة من المرشحين من شرق أوروبا، متى سيتم انتخاب أمين عام جديد للأمم المتحدة ؟ غالبا بعد انتهاء دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر المقبل، وبعد أن يقدم الأمين العام الحالى بان كى مون تقريره للمنظمة، وتتم الانتخابات على مرحلتين الأولى تتم فى إطار مجلس الأمن والتصويت غير الرسمى، وبناء عليه يتم استبعاد عدد من المرشحين والإبقاء على اثنين أو مرشح واحد من المرشحين، والمرحلة الثانية من الانتخابات تتم فى إطار الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد ذلك، ويتسلم الأمين العام الجديد مهام عمله منذ بداية العام المقبل. كم نسبة النساء العاملات بالأممالمتحدة ؟ إننا كرجال قاربنا على الشعور بالاضطهاد، فنسبة المرأة فى الوظائف العليا فى الأممالمتحدة بلغت 54%، وبان كى مون السكرتير العام للأمم المتحدة مؤمن إيمانا كبيرا بموضوع دعم المرأة، ودائما يجب أن يتضمن الترشح للمناصب بالمنظمة الدولية أسماء سيدات. هل ستشهد الفترة المقبلة مناقشات حول مخاطر بوكو حرام فى نيجيريا والأوضاع فى جنوب السودان ؟ لدينا إستراتيجية الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب تم اعتمادها عام 2006، ويجرى مراجعتها كل عامين، وحاليا هناك مراجعة لها فى ضوء التطورات المرتبطة بالإرهاب فى العالم كله سواء المرتبطة بالشرق الأوسط وفى العراق وسوريا وليبيا ومصر أم فى نيجيريا وبوكو حرام والصومال ومنظمة الشباب ومالى والكونغو، ويتم تعديل إستراتيجية الأممالمتحدة لمكافحة الإرهاب لكى تتواكب مع هذه التطورات، وكذلك فى ضوء تنامى ظاهرة التطرف وارتباطها بالعنف، ومصر تقوم بجهد فاعل فى هذا الموضوع باعتبارها ترأس لجنة الإرهاب، بالإضافة إلى وجود جهود يقوم بها الاتحاد الإفريقى، حيث توجد مجموعة مكونة من عشرة رؤساء دول لإعادة تفعيل إستراتيجية التعامل مع الإرهاب فى إفريقيا وهى من ضمن إحدى أولويات أجندة 2315 للقضاء على الإرهاب والتطرف وتعزيز العلاقة بين التنمية وإقرار السلم والأمن. وماذا عن التعاون بين الأممالمتحدة كمنظمة دولية والمنظمات الإقليمية مثل الجامعة العربية؟ أتمنى أن تلعب الجامعة العربية فى الفترة المقبلة دورا أكبر وأكثر كفاءة فى التعامل مع القضايا العربية والتعاون مع الأممالمتحدة، والتعاون يتم فى أطر مختلفة مثل ليبيا وسوريا، حيث يوجد مبعوثون من الأممالمتحدة لتلك الدول، وأتمنى أن يزيد التعاون خصوصا فى قضايا مثل مكافحة الإرهاب، وربما تكون للأمين العام الجديد للجامعة العربية أحمد أبو الغيط أفكار جديدة وكثيرة لزيادة التعاون. هل تم التغاضى عن موضوع إصلاح الأممالمتحدة وتوسعة مجلس الأمن فى الفترة الحالية؟ هناك أولويات حاليا، وانتخابات لانتخاب سكرتير عام جديد للأمم المتحدة وانتخابات لرئيس جديد للمفوضية الإفريقية فى يونيو المقبل فى بيجالى، وقد كان ذلك أحد الأسئلة التى تم توجيهها للمرشحين لمنصب سكرتير عام جديد للأمم المتحدة، ويمر هذا الموضوع بمراحل من النشاط والخمول منذ أن بدأ الحديث حوله عام 1993، وهناك مواقف مختلفة بين الدول والتجمعات المختلفة، فالدول الأربع الرئيسية G4 وهى: اليابان وألمانيا والبرازيل والهند تريد عضوية لها بمجلس الأمن مع الاحتفاظ بحق الفيتو، والبعض يوافق على العضوية بدون الفيتو، وهناك مجموعة المتحدين من أجل الإجماع التى تطالب بإلغاء الفيتو من الأساس، ومجموعة توافق إيزولينى للدول الإفريقية التى تطالب بمقعدين دائمين للدول الإفريقية بمجلس الأمن واحتفاظهما بحق الفيتو، وبالتالى فإن المحور الأساسى للخلاف حاليا هو موضوع حق الفيتو، ومسألة احتفاظ الدول الخمس دائمة العضوية بحق الفيتو وحدهم، أما الدول الخمس نفسها فتلعب ألعابا مختلفة، فإنجلترا وفرنسا اقترحتا مقاعد جديدة انتقالية مؤقتة بمجلس الأمن بحيث تكون مدة المقعد عشر سنوات، ولا يكون له حق النقض، بحيث تستبدل المقاعد غير الدائمة الحالية ومدتها عامان، لكن الأفارقة طالبوا بأن تصبح الدول الأعضاء الجدد بمجلس الأمن بعد العشر سنوات دولا دائمة وتحصل على حق النقض الفيتو، ورفضت إنجلترا وفرنسا ذلك، أما الصين فلا تعارض رسميا منح حق الفيتو للأعضاء الجدد، لكن تترك المعارضة للدوائر الأخرى حولها، وكذلك الولاياتالمتحدة التى تتبع أسلوبا لننتظر ونرى، أما روسيا فترفض تماما إعطاء حق الفيتو للأعضاء الجدد، وتؤكد أن الفيتو منح للدول الخمس المنتصرة بالحرب العالمية الثانية، بعد أن فقدت أرواحا بالملايين، وهناك محاولة تجرى الآن فى نيويورك لصياغة ورقة مبادئ تضم عدداً من العناصر الرئيسية التى يمكن أخذها فى الحسبان عندما تبدأ عملية توسيع مجلس الأمن، ولكنى لا أتوقع شخصيا حسم هذا الموضوع على الرغم من المطالبات بأنه فى ظل وجود عوامل مثل اعتماد خطة التنمية من 2016-2030 واعتماد اتفاقية تغير المناخ فى باريس فيجب أيضا حسم مسألة الإصلاح المؤسسى لمجلس الأمن، والبعض الآخر يقترح إصلاح سبل عمل مجلس الأمن عن طريق تغيير أسلوب عمل استخدام الفيتو، فمثلا إيقاف أى قرار باثنين أو ثلاثة فيتو وليس بفيتو واحد، وتفعيل الوثيقة التى تم إقرارها عام 2005 حول مسئولية الحماية، والتى تطالب بعدم استخدام الفيتو فى حالات إدانة الإبادة الجماعية والتطهير العرقى والجرائم ضد الإنسانية والأعمال الحربية بين الأحزاب، لكن أيضا بعض الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن يرفضون تطبيق ذلك. ما الفاعليات التى عقدت حول إفريقيا داخل الأممالمتحدة ؟ كان لدينا القمة فى 22 إبريل الماضى التى عقدت لفتح باب التوقيع على اتفاقية التغير المناخى الذى تم الاتفاق عليها فى باريس، وحضرها عدد كبير من رؤساء الدول والحكومات، وكذلك كان لدينا الاجتماع السادس لوزراء التنمية الاقتصادية والمالية ومحافظى البنوك المركزية الإفريقية للاتفاق على خطة عمل موحدة، وهى تنفيذ كل من الأجندة الدولية 2030 وكذلك الاجندة الإفريقية 2063، حيث كان الأفارقة قد وضعوا أجندة جديدة تشمل التنمية وحقوق الإنسان والأمن والسلم تبدأ من 2015 وتتزامن من مرور خمسين سنة على إقامة الاتحاد الإفريقى فى 2063، وتم تنفيذها بالفعل والاتفاق على خطة عمل محددة، وعدد كبير من الخطوات لمكافحة الفقر، وتمكين المرأة والاهتمام بقضايا السلام والحماية البيئية، وتمت مناقشتها فى الجمعية العامة الأيام المقبلة، حيث حضرها رؤساء السنغال وسيراليون ونامبيا ورئيس وزراء أوغندا ونائب السكرتير العام للأمم المتحدة وكبار المسئولين لبحث الخطة، ثم تم بحثها فى جلسة خاصة للأمم المتحدة يوم 21 إبريل الماضى، كما ستعقد جلسة وزارية لمجلس الأمن مفتوحة لجميع أعضاء الأممالمتحدة منتصف مايو الحالى حول مكافحة الفكر المتطرف كأساس لتعزيز جهود مكافحة الإرهاب، وهو ما يتزامن أيضا مع رئاسة مصر الحالية للجنة مكافحة الإرهاب بمجلس الأمن. وستعقد أيضا الاجتماعات رفيعة المستوى التى يعقدها رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة يومى 10 و11 مايو لمناقشة سبل تعزيز دور وهياكل الأممالمتحدة فى مجال السلم والأمن، والعمل على التوصل إلى مقاربة جديدة لتعزيز استجابة الأممالمتحدة وتحسين فاعليتها وتأثيرها فى مواجهة الأزمات.
عبد الفتاح فى سطور السفير ماجد عبد الفتاح عبد العزيز 1954 ، تخرج فى كلية الشرطة عام 1973. وعمل خمس سنوات بوزارة الداخلية، قبل أن يقدم استقالته ويقرر دخول امتحان وزارة الخارجية، لينجح باقتدار وتدرج بعمله الدبلوماسى، حيث عمل فى مندوبية مصر بالأممالمتحدةنيويورك، وسفارة مصر فى موسكو قبل تعيينه منذ عدة سنوات، مديراً لمكتب الرئيس السابق حسنى مبارك للمعلومات لمدة عام ثم مندوبا لمصر فى الأممالمتحدة من 2005 إلى 2012، ثم تم تعيينه مستشارا خاصا للسكرتير العام للأمم المتحدة للشئون الإفريقية فى مارس 2012.