اليوم.. حفل توزيع جوائز مسابقة هيكل للصحافة العربية لعام 2024    خدمة عملاء فودافون تكشف ل"مصراوي" حقيقة سحب أرصدة العملاء- صور    سعر الذهب في مصر اليوم الاثنين 23-9-2024 مع بداية التعاملات    أمريكا تحذر إسرائيل من دخول حرب شاملة مع حزب الله    جمال عبدالحميد: الأهلي يمتلك دكة قوية.. والثقة الزائدة «نقطة ضعف»    إيمي سمير غانم تتعرض ل أزمة صحية مفاجئة.. ما القصة؟    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس "الحركة الوطنية".. والحزب: "كان قائدًا وطنيًا"    ثمانية أيام راحة للاعبي المصري والفريق يستأنف تدريباته في الأول من أكتوبر المقبل    نائب رئيس الوزراء يكشف حقيقة ما تم تداوله بشأن الحالات المرضية في أسوان    تكثيف البحث عن شقيق اللاعب عمرو ذكي بعد تعديه على حارس عقار بالمنصورة    شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي على مدرسة تؤوي نازحين بالنصيرات    المهندس عبد الصادق الشوربجى: صحافة قوية فى مواجهة التحديات    حريمة حرب جديدة.. تغطية إخبارية لليوم السابع بشأن قصف مدرسة تؤوى نازحين فى غزة    طلب جديد لإيقاف القيد.. محامي حسام حسن يكشف تفاصيل صادمة بشأن أزمة المصري    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    ملف يلا كورة.. منافس الأهلي.. مدرب المنتخب.. وموعد قرعة دوري الأبطال    "بالتوفيق يا فليبو".. صلاح يوجه رسالة لأحمد فتحي بعد اعتزاله    "زيلينسكي" يؤكد أنه سيعرض على الرئيس الأمريكي "خطة النصر الأوكرانية"    أطفال التوحد خارج مقاعد الدراسة..والأصحاء مكدسين فوق بعض بمدارس "المزور"    180 ألف راكب دراجات نارية يتجمعون عند ضريح فاطيما لمباركة خوذاتهم في البرتغال (فيديو)    بدء تشغيل شادر نجع حمادي الجديد في قنا بتكلفة 40 مليون جنيه    أول تعليق من سامو زين بعد تعرضه لوعكة صحية    عرض «كاسبر» يناقش القضية الفلسطينية في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    رئيس غرفة صناعة الدواء: كل الأدوية تحتاج تعديل أسعارها بعد تعويم الجنيه    شعبة الأدوية توضح كيفية الحصول على الدواء الناقص بالأسواق    القبض على شخص قاد سيارته داخل مياه البحر في دهب    ارتفاع درجات الحرارة وأمطار.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الإثنين    «بسبب علامة غريبة على وجه ابنته».. زوج يتخلص من زوجته لشكه في سلوكها بمنطقة بدر    «البحوث الزراعية» تكشف أسباب ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس (فيديو)    جدول مواعيد مباريات اليوم الإثنين والقنوات الناقلة    اقتحامات واشتباكات وإصابات.. ماذا يحدث في الضفة الغربية؟    رانيا يوسف: فيلم التاروت لم يكن يوما ممنوعا.. وحصل على موافقة الرقابة    رامي صبري يطرح أغنية «أهلي أهلي» تتر «تيتا زوزو» بطولة إسعاد يونس (فيديو)    «مراتي بقت خطيبتي».. أحمد سعد يعلق على عودته ل علياء بسيوني (تفاصيل)    بالمدفعية.. حزب الله يستهدف جنود إسرائيليين في موقع جل العلام    برلمانية أوكرانية: خسارة أوكرانيا لمدينة أوجليدار مسألة وقت    وفاة والد الإعلامي أحمد عبدون    ملف رياضة مصراوي.. قميص الزمالك الجديد.. مدرب منتخب مصر للشباب.. منافس الأهلي في إنتركونتيننتال    الأزهر يُعلن تكفله بكافة مصروفات الدراسة للطلاب الفلسطينيين بمصر    ماذا سيعلن وزير الصحة من مؤتمره الصحفى بأسوان اليوم؟.. تفاصيل    ميلان يحسم ديربي الغضب بفوز قاتل على الإنتر    هل يلوث مصنع كيما مياه النيل؟.. محافظ أسوان يجيب    تحذير بشأن حالة الطقس اليوم الإثنين: ظاهرة جوية وصفتها الأرصاد ب «الخطيرة»    انتداب المعمل الجنائي لفحص آثار حريق منزل بالجيزة    محمد عدوية وحمادة الليثي.. نجوم الفن الشعبي يقدمون واجب العزاء في نجل إسماعيل الليثي    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 سبتمبر 2024    بعدما سجل سعر الكرتونة 190 جنيها.. «بيض السمان» بديلا عن الدواجن    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد افتتاح مهرجان حصاد أرز الجفاف"عرابي 3"    وكيل «صحة الشرقية» يجتمع بمديري المستشفيات لمناقشة خطط العمل    حملة 100 يوم صحة تقدم أكثر من 82 مليونا و359 ألف خدمة مجانية في 52 يوما    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة جماعة مع زوجي؟.. سيدة تسأل والإفتاء تجيب    بالصور .. الأنبا مقار يشارك بمؤتمر السلام العالمي في فرنسا    محمود سعد: الصوفية ليست حكراً على "التيجانية" وتعميم العقاب ظلم    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    كيف تُحقِّق "التعليم" الانضباطَ المدرسي في 2024- 2025؟    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    "كلامه منافي للشرع".. أول تعليق من على جمعة على تصريحات شيخ الطريقة الخليلية    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علامة إيطالية مسجلة.. شفرة دافنشى
نشر في الأهرام العربي يوم 27 - 04 - 2016


سامى القمحاوى
«ليوناردو دا فينشى، ليس مجرد فنان تشكيلى، حتى وإن كانت أعماله فى هذا المجال عبقرية خالدة ومنها لوحة الموناليزا».. هذه العبارة يعتبرها الإيطاليون حقيقة لا تقبل النقاش، فهو بالنسبة لهم علامة مسجلة ورمز من رموز ثقافتهم، وعبقرى متعدد المواهب، فهو مهندس ومصور ونحات وباحث وفيلسوف درس الفضاء وتشريح الأجسام، ورسم أول تصميم لطائرة هليوكوبتر وسيارة ذاتية الدفع، بالإضافة إلى أكثر من 400 اختراع لم يتم تنفيذ معظمها فى عصره.

منجزات ليوناردو دا فينشى، المتعددة فى المجالات المختلفة لا تعكس الحياة الدرامية التى عاشها، والتى كانت تؤهله لأن يكون إنسانا فاشلا لا مبدعا خلد اسمه بحروف من نور فى تاريخ البشرية، فقد عاش الفنان العظيم، المولود عام 1452م بقرية فينى القريبة من مدينة فلورانسا الإيطالية، طفولة بائسة بين أب لا يريد الاعتراف به وأم تركته لتتزوج من رجل غير والده، وتعاطفت معه زوجة أبيه وحن عليه جده لكنهما ماتا وهو لا يزال بعد صبيا، ومرة أخرى وجد ليوناردو نفسه وحيدا أمام قسوة الحياة منطويا لا يتواصل بشكل طبيعى مع جذور أمه الشعبية ولا مع أقارب والده سليل العائلة المرموقة، واضطهده إخوته غير الأشقاء ولفقوا له التهم لأنه كان أقوى بنيانا وأفضل هيئة منهم، لكن بنيانه العملاق كان مقترنا بخجل ورقة أنثوية فقرر والده إرساله إلى مرسم المعلم فيروكيو بعيدا عن الإيذاء.

فضيحة ليوناردو
فى فلورانسا عاش ليوناردو مع الرسم، وتزامل مع بعض الشباب الموسرين المتحررين فى أفكارهم، وكانت فلورنسا آنذاك مدينة الشذوذ والمجون والشائعات، وذات يوم وجد ليوناردو اسمه بالكامل فى "لوحة العار" بالصحيفة المعلقة على حائط القصر، حيث كان بين المتهمين فى فضيحة ممارسة الشذوذ، فرحل إلى مدينة ميلانو فى محاولة لبدء حياة جديدة مختلفة، وحينما وصلها أرسل خطابا إلى حاكمها يعرض خدماته عليه، قال فيه: "فى أوقات السلم أعتقد بأنى قادر على أن أعطيك ما يرضيك وما يبعث فى نفسك البهجة بتصميم أجمل المبانى".
وهكذا بدأ ليوناردو حياته فى "ميلانو"، التى مازال سكانها يعرفونه جيدا وكأنه يعيش بينهم، حيث إن أعماله وآثاره لا يخلو منها شارع فى المدينة، ففى ساحة "ديلا سكالا" التى تحمل اسم دار الأوبرا العريقة يوجد تمثال ضخم للفنان الكبير، وفى أسفله أربعة تماثيل لأربعة أشخاص آخرين كان لهم دور فى بناء حضارة المدينة، وقد تم وضع تمثال دا فينشى فوقهم بلحيته الطويلة وهو يفكر فى أحد اختراعاته، وقد تم وضع التمثال فى هذا المكان البارز حتى يتمكن كل زائر لوسط ميلانو أن يراه بسهولة، فهو الذى قام بتخطيط شوارع المدينة وقنوات المياه والمبانى الرئيسية بها، كما ترك فيها واحدة من أشهر الجداريات، وهى جدارية "العشاء الأخير" التى رسمها على أحد جدران كنيسة "سانتا ماريا دى لاجراتسيا"، وتجسد العشاء الأخير للمسيح مع حوارييه، وما زالت تثير الجدل حتى يومنا هذا.

المخترع العظيم
أما المكان الذى يجمع أكبر عدد من آثار ليوناردو دا فينشى الباقية فى مدينة ميلانو الإيطالية فهو القاعة الخاصة به فى "المتحف القومى للتكنولوجيا والاختراعات"، والتى تؤكد معروضاتها أن دا فينشى كان إنسانا فذا عبقريا فى مجالات كثيرة مختلفة، فالمتحف، الذى تم افتتاحه فى 15 من فبراير 1953، يخصص الدور الأول منه لابتكارات دا فينشى، التى تخيلها ورسم تصميماتها فى، حياته فهناك نماذج للساعات وبعض الآلات الموسيقية، وبعض الروافع وعدد كبير من المبتكرات التى تعبر عن تطلعاته وأفكاره، التى لا تعد ولا تحصى، حيث ترك ما يقارب 4 آلاف رسم تمثل مجموعة اختراعات على جانب كبير من الإتقان، حيث تجاوز دا فينشى حدود التقليد وتخطى المدارس الإيطالية في عصره إلى حد بعيد، والدليل أنه بعد مضى أكثر من 500 سنة على تصميمه لأول "باراشوت" تم إثبات سلامة التصاميم التى أعدها، حينما قفز البريطانى أدريان نيكولاس عام 2000 من منطاد يحلق على ارتفاع 3 آلاف متر مستخدما مظلة صنعت وفق تصاميم دا فينشى، وكانت المحاولات التى جرت سابقا في بريطانيا لتجربة تصميم دا فينشى قد فشلت بسبب الرياح والقضايا المتعلقة بالسلامة فى المناطق المأهولة، حيث يبلغ وزن المظلة أكثر من 85 كيلو جراما، لكن نيكولاس أجرى تجربته بمنطقة نائية فى جنوب إفريقيا وقال: إن المظلة حلقت بسلاسة تحسدها عليها المظلات الحديثة.
كان دا فينشى، الذى توفى عام 1519، قد رسم التصميم الأصلى للمظلة فى دفتر خاص به عام 1483 وكتب إلى جانب التصميم: "إذا زود الإنسان بقطعة من قماش الكتان المصمغ يبلغ طولها وارتفاعها 12 ياردة فهو يستطيع القفز من أى ارتفاع دون أن يصاب بأذى".

السيارة والهليوكوبتر
من بين أهم مخترعات ليوناردو دا فينشى أنه صمم فى ذلك الوقت المبكر سيارة من الخشب ذاتية الدفع، ولا تحتاج إلى حصان لجرها كما كان سائدا، حيث يستطيع الراكب فوقها من خلال تحريك ذراع خشبى تحريك السيارة، ومن بين أكثر من 400 اختراع تركها ليوناردو دا فينشى رسمه لأول تصميم لطائرة عمودية هليوكوبتر، حيث تمكن من اكتشاف مبادئ الهليوكوبتر عندما تصور أن مروحة هوائية تدور بسرعة كبيرة تُحدث فراغا فى الهواء فيدفعها الضغط إلى الارتفاع، كما اكتشف دافنشى حلقة الإطلاق فى البندقية، واخترع كذلك المقص وغيره الكثير من الاختراعات التى نستخدمها حتى الآن.
وتشهد قاعة دا فينشى بالمتحف إقبالا كبيرا من الزوار، حيث يقصدها السياح من دول العالم المختلفة نتيجة شهرة الفنان الكبير، كما تعتبر زيارة أساسية لطلاب المدارس على اختلاف أعمارهم.

حصان دا فينشي
فى مجال التشريح اهتم ليوناردو بالحصان اهتماما كبيرا ومميزا عن غيره من فنانى عصر النهضة، لما لهذا الحيوان من دور تاريخى وأثر عميق في حياة عصر النهضة، وقد كتب العديد من الشروحات والتعليقات حول تشريح الحصان، ومكانة هذا الحيوان النبيل باعتباره جهازا عضويا حيا يحوى ما وراء جلده عوالم مجهولة ومتعددة، وقد رسم عشرات التخطيطات للشكل الخارجى للحصان، ومن جوانب متعددة، خصوصا الأرداف والصدر والأقدام الأمامية والخلفية، كما رصد حركات جسم الحصان بإيقاعات الخطوط المتكررة الدقيقة، لتمثل القراءة الأولى للعين البشرية بمخيلتها وصلابتها وتوازنها وتناسبها محكومة بمهارات مقتدرة وسعى الفنان لتقديم فكرته عن كيفية توازن هذا الحيوان وخلق التفتح فى معرفته والتسيد عليه، ومثلت هذه المجموعة من التخطيطات الدراسات الأولية للوحته التى أنجزها فيما بعد عن معركة (دانجارى) الشهيرة التى وقعت بين أبناء فلورانسا وأبناء ميلانو، وبعد مرور أكثر من 500 عام على وفاته تحقق حلم ليوناردو دا فينشى، وتم عام 1999 وضع أضخم تمثال لحصان فى العالم مصنوع من البرونز في وسط مدينة ميلانو، حيث يزن التمثال أكثر من 15 طنا ويرتفع علي الأرض ثمانية أمتار، ووصلت تكلفته وقتها إلى 6 ملايين دولار، وكان هدية من جمعية (مؤسسة ليوناردو دا فينشى للحصان) التى أسسها الفنان الراحل (تشارلس دينيت) من أجل إنجاز حلم واحد من أبرز الفنانين الذين أنجبتهم البشرية.

العشاء الأخير
من أكثر جداريات ليوناردو دافينشى شهرة لوحة "العشاء الأخير" أو "العشاء السرى" كما يطلق عليها البعض، وهى اللوحة التى أتم دا فينشى رسمها عام 1497 فى كنيسة "سانتا ماريا ديلا جراتسيا"، التى توجد بالقرب من وسط ميلانو وتعتبر من أقدم الكنائس فى المدينة، وتزامن إنجاز اللوحة مع سقوط ميلانو فى يد الفرنسيين، وتجسد اللوحة المأساة التى مازالت تثير الجدل، فما أن انتهى ليوناردو من رسمها حتى اختارها ملك فرنسا كى تُنقل إلى بلاده، ولأنها لوحة جدارية ضخمة فشل الجنود فى نقلها، فما كان منهم إلا أن جعلوا شخوص اللوحة هدفا لسهامهم، وبعد سنوات جاء أحد القساوسة ليفتح فى وسط اللوحة بابا داخليا، واكتملت مأساة اللوحة حين أصابتها القنابل فى الحرب العالمية الثانية.
تصور اللوحة السيد المسيح عليه السلام جالسا بين حواريه الاثنى عشر، ومن كثرة ما تعرضت له هذه اللوحة من محاولات تدمير كانت عمليات الترميم مستمرة وكانت غالبا ما تؤدى إلى إخفاء أجزاء من اللوحة الأصلية تحت طبقات من الأصباغ، وفى سبعينيات القرن الماضى أخذ التفكير بمصير رائعة دا فينشى أشكالا مختلفة، حيث تقرر ترميم اللوحة بدءا من إزالة آثار الترميم السابقة، وهكذا وطوال أكثر من 30 سنة من الجهد الدقيق والمتأنى أزيلت كل آثار الترميمات القديمة طبقة إثر أخرى، لكن هذا العمل الشاق والصبور الذى انطوى عليه مشروع الترميم لم يحظ برضا العديد من نقاد الفن ومؤرخيه، والذين يرون أنه قد أدى إلى محو الألوان الأصلية وتناسق الإنشاء التصورى فى اللوحة، مما قضى على جمالها الفنى إلى الأبد كما يعتقدون.
الجيوكندا
لو كانت الجيوكندا أو "الموناليزا" هى اللوحة الوحيدة التى رسمها ليوناردو دا فينشى فى حياته كلها لكانت كافية لإثبات أنه فنان عظيم متمكن من أدواته، هكذا يرى عدد كبير من نقاد الفن التشكيلى، حيث يؤكدون أنها أروع صورة شخصية رسمها فنان في التاريخ، ومازالت أسرارها وحكاياتها لا تنتهى، فقد استغرق دا فينشى فى رسمها 4 سنوات كاملة من عام 1500 إلى 1504، وأكثر الروايات تأكيدا أنها صورة لفتاة فى السادسة عشرة من عمرها، كانت الزوجة الثالثة لضابط فى الخامسة والثلاثين يُدعى "فرانشسكو زانوبى جيوكوندو"، وفى نفس الوقت كانت عشيقة لقائد الجيش، والجيوكندو تأنيث للقب زوجها. هذه اللوحة اشتراها ملك فرنسا بالإكراه، حيث كان دا فينشى يعتز بها ويحملها معه فى كل مكان يذهب إليه، وكان يرفض بيعها بحجة أنها لم تكتمل بعد، لكن ملك فرنسا أصر على أخذها بعد أن دفع 12 ألف فرنك ذهبا، ومن هنا آلت ملكيتها إلى متحف اللوفر، الذي احتفل عام 2004 بمرور 500 عام على رسمها.


كان عرضها الأول خارج مصر على خشبة «لاسكالا» بميلانو:

لماذا يحب الإيطاليون عايدة؟

شاء القدر أن يكون العرض الأول لأوبرا «عايدة» خارج مصر، على خشبة مسرح «لاسكالا» بمدينة ميلانو فى فبراير 1872، وهو المسرح الذى كان يعرض عليه مؤلف موسيقاها الإيطالى جوزيبى فيردى جميع أعماله، وقد شهد العرض الأول ل”عايدة” فى ميلانو نجاحا كبيرا، حيث استمر تصفيق الجمهور لأبطال العمل ومؤلفه الموسيقى بعد انتهائه لمدة طويلة، استدعت إعادة فتح الستار وإغلاقه 32 مرة.

ومنذ ذلك العرض الأول اكتسبت أوبرا “عايدة” شهرة كبيرة فى إيطاليا، ووضعها كثير من المخرجين الكبار فى قائمة ما يقدمون، وكانوا يطلبون من فيردى أن يقود الأوركسترا بنفسه، وما زالت عايدة حتى الآن من أنجح الأوبرات فى العالم وأكثرها عرضا، ويعتبرها المؤرخون الموسيقيون من أنجح أعمال فيردى، ويتم تنظيم مهرجانات سنوية فى عدد كبير من المدن الإيطالية لتقديم أوبرا عايدة، وتشهد هذه العروض إقبالا كبيرا ليس من الإيطاليين فقط، لكن من السياح الأجانب الذين يزورون البلاد.

ومن أشهر المسارح التى تقدم أوبرا عايدة بشكل سنوى المسرح الرومانى التاريخى المفتوح فى مدينة “فيرونا” الإيطالية، والذى يتسع لآلاف المشاهدين، ويتم تقديم عرض أوبرا عايدة فيه بأضخم ديكورات وأكبر أعداد من الممثلين والكومبارس، مع الملابس المبهرة ونماذج للهرم وأبو الهول والتماثيل الفرعونية التى تضفى للعرض مصداقية كبيرة.

عايدة وجولييت
ويكتسب عرض أوبرا عايدة فى مدينة “فيرونا” الإيطالية خصوصية شديدة، حيث إن المدينة التى شهدت قصة حب “روميو وجولييت” التى جسدها وليم شكسبير فى مسرحيته الخالدة، حيث إن قصة الحب الدرامية بين التى جرت فصولها فى المدينة قديما، واستلهم منها شكسبير مسرحيته “روميو وجولييت” لا تختلف كثيرا عن قصة الحب الدرامية التى جمعت بين الأميرة الحبشية الأسيرة “عايدة” وقائد الجيش المصرى المنتصر “راداميس”، الذى تم اتهامه بالخيانة بسبب هذا الحب والشك فى أنه سرب لوالدها الملك طريق الجيش المصرى لغزو الحبشة.
وكما كان النزاع بين العاطفة والواجب مسيطرا على قصة حب روميو وجولييت، حيث تحتدم الخلافات بين عائلاتيهما، فقد تجسد ذلك الصراع أيضا فى أوبرا عايدة، فكانت الأميرة الأسيرة حائرة بين انتمائها لبلادها وواجبها نحو وطنها، بعدما طلب منها والدها معرفة أسرار الجيش المصرى من حبيبها، وبين وإخلاصها ل”راداميس” القائد الذى يبادلها الحب.
وكذلك كما انتهت قصة الحب بموت الحبيبين فى حالة روميو وجولييت، فقد تم الحكم على راداميس بالدفن حيا بتهمة الخيانة، ليستسلم فى قبره الذى سبقته إليه عايدة، ويموت الاثنان.

سر رائعة فيردى
انبهار الأوروبيين وعلى رأسهم الإيطاليون بأوبرا عايدة يعود إلى عدة أسباب، من بينها الديكورات والملابس الفرعونية المبهرة بالنسبة للغربيين، وأيضا بسبب الموسيقى الفخمة التى وضعها فيردى لأوبرا، التى تحتاج إلى أوركسترا كبير لعزفها، بالإضافة إلى المجاميع الكبيرة من للممثلين التى تضفى على العرض عظمة شديدة، لكن السبب الأهم لهذا الانبهار، حسب أصدقاء إيطاليين يعملون فى مجال الصحافة الفنية، هو قصة أوبرا عايدة، خصوصا أن الأوبرا تتناول قصة حقيقية حدثت فى مصر الفرعونية.

وكان الخديو إسماعيل قد كلف عالم المصريات الفرنسى أوجست مارييت باشا، الذى كان مديرا للآثار فى عهده، بتأليف أوبرا يتم تقديمها خلال حفل افتتاح قناة السويس عام 1869 على مسرح دار الأوبرا الخديوية، التى كلف إسماعيل أيضا ببنائها لهذا الغرض، فكتب مارييت قصة أوبرا عايدة، معتمدا على مخطوطات اكتشفها عالم الآثار الفرنسى أوجست ماريتا، وكانت عبارة عن قصة من 4 صفحات تروى حكاية قديمة عن وقوع قائد مصرى فى غرام أميرة حبشية أسيرة، وقام مارييت بنفسه بتصميم الملابس والديكورات، وطلب تنفيذها فى فرنسا، كما قام بنسخ بعض المجوهرات والحلى من متحف بولاق فى ذلك الوقت.
ونظم القصة شعرا باللغة الفرنسية الشاعر الفرنسى كميل دى لوكل، قبل أن يقوم الشاعر الإيطالى أنطونى جيزلنزونى بترجمة النص إلى الإيطالية، ليقوم جوزيبى فيردى بوضع الموسيقى له مقابل 150 فرنكا من الذهب، وقد تعثر عرض أوبرا عايدة فى حفل افتتاح قناة السويس كما كان مخططا، بسبب عدم إمكانية شحن الملابس والديكورات التى تم تصميمها بقيمة 250 ألف فرنك من الذهب فى باريس، حيث كانت العاصمة الفرنسية محاصرة فى ذلك الوقت خلال الحرب مع ألمانيا.
وما زالت أوبرا “عايدة” تبهر الإيطاليين مع كل عرض جديد كما لو كان العرض الأول لها على الإطلاق، وتصل أسعار تذاكر حضور العرض لأرقام خرافية، نظرا لإقبال الكبير على الحضور، حيث تعتبر الأوبرا والبيتزا والمكرونة مع السياسة من أهم مكونات الحياة الإيطالية، لذلك يحب الإيطاليون “عايدة”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.