شاهيناز العقباوى مصر فى حالة استثنائية منذ 2011 وعلينا جميعا استيعابها
مبارك رفض طلب البشير تخفيف قيود الإقامة على السودانيين حديثى العهد فى مصر بعد حادث أديس أبابا 1995
ضحينا بمدينة سودانية من أجل بناء السد العالى ونأمل تغليب مبدأ حسن النية فى مشكلة سد النهضة
الجالية السودانية فى مصر هى الأكبر عربيا وإفريقيا وتعدادها تجاوز المليون
برغم كل محاولات التشكيك فى العلاقة بين الشعبين المصرى والسودانى والزعم بأن الجالية السودانية فى مصر تعانى سوء المعاملة والعنصرية، ومحاولات البعض استغلال أزمة سد النهضة تارة، وأزمة حلايب وشلاتين تارة أخرى لإثارة الفتنة بين البلدين، فإن الدكتور حسين محمد عثمان رئيس المجلس الأعلى للجالية السودانية، يؤكد أن هذه الافتراءات لا محل لها من الإعراب ، مؤكدا أن السودانيين المقيمين فى مصر -كما وصفهم الرئيس البشير -متميزون فى علاقاتهم ببلدهم الأم وطبيعة تأقلمهم مع الظروف التى تمر بها مصر، لا سيما أنها تحتاج من الجميع تفهم الوضع جيدا والتعامل مع المواقف بشىء من سعة الصدر . ومبينا أن الجالية السودانية فى مصر تتسم بصفات خاصة وتركيبة متنوعة، تجعلها الأكبر على مستوى القارة والعالم العربى، إذ تجاوز تعدادها المليون نسمة، وقد حصلوا على الكثير من المميزات، لكنهم فى الوقت نفسه يعانون بعض المشاكل التى يسعون إلى حلها إما رسميا أو وديا. وهذا ما تناولته "الأهرام العربى" بالتفصيل فى حوارها مع الدكتور حسين عثمان رئيس الجالية السودانية بمصر.
كيف تصف الجالية السودانية فى مصر؟ هى جالية ذات صفات وتركيبة مختلفة عن كل الجاليات السودانية الموجودة فى مختلف دول العالم، لأنها تضم كافة قطاعات الشعب، فهناك أصحاب المعاشات والعمال والمهاجرون والدارسون والزائرون، ويبلغ تعداد السودانيين الموجودين فى مصر والمسجلين رسميا قرابة المليون .لكن الاحصاء الدقيق يبين وجود أعداد أكبر غير مسجلة . فالسودانيون أكبر جالية إفريقية وعربية فى مصر ونحن نعتز بذلك . ومن المسئول عن تقديم الدعم والرعاية لأبناء الجالية فى جميع المحافظات؟ هناك تسعة وعشرون دارا منتشرة فى مصر من أسوان حتى مرسى مطروح، وكل دار لها رئيس ومجلس إدارة، لكنهم جميعا يخضعون لمظلة بيت السودان فى محافظة القاهرة، هذا فضلا عن وجود ترابط وتعاون فيما بينهم، لتحقيق المصلحة العامة لأبناء الجالية. وما الذى تقوم به تلك الدور لخدمة الجالية السودانية فى مصر؟ هناك مجلس أعلى للجالية يتكون من خمسة عشر عضوا منتخبين من 29 دارا بمختلف المحافظات، يضم عددا من اللجان لتقديم الخدمات المختلفة للسودانيين من تعليم وإسكان وصحة، والذى يميز لجنة الصحة عن غيرها أن هناك قرار جمهورى منذ عهد الرئيس الراحل السادات، بمعاملة السودانيين واليمنيين والليبين والفلسطنييين معاملة المصريين فى المستشفيات الحكومية وهو مكسب كبير، لا سيما أن أعداد المرضى فى ازدياد، وتكاليف العلاج والرعاية لم تعد فى متناول الجميع وتتابع لجنة التعليم جميع الدارسين وتدفع لهم 10% من الرسوم المقررة . وهناك مدرسة سودانية من المقرر أن تفتح خلال الشهر المقبل ستدرس بها جميع المناهج السودانية بمختلف المراحل، ولدينا لجنة لتطبيق الحريات الأربع للجالية فى مصر وتتمثل فى : حرية التملك والتنقل والعمل والإقامة وهذه اللجان تعمل بالتعاون مع الحكومة السودانية فى الخرطوم والسفارة السودانية فى القاهرة التى تعتبر بمثابة الأب الروحى للجالية . هل تجدون صعوبة فى تسهيل إجراءات اللجان فى التعامل مع المسئولين فى مصر؟ هناك تعاون من جميع الجهات الحكومية المصرية لتذليل العديد من الصعوبات والمساعدة فى إيجاد حلول لمشاكل الجالية . التقيتم بالرئيس البشير خلال مشاركته الأخيرة فى مؤتمر شرم الشيخ.. ما أهم الموضوعات التى أثيرت خلال اللقاء؟ بالفعل كان لنا لقاء مع الرئيس وأثمر كثيرا، وفى حوارنا معه تحدثنا عن ظروف الجالية ومتطلباتها وأشار إلى أن السودانيين فى مصر يتميزون عن كل الجاليات الموجودة فى الخارج، لما يتمتعون به من الاهتمام بقضايا الوطن والانتماء إليه . وهل تقدم الحكومة السودانية دعما ماديا للجالية فى مصر؟ لا نتلقى أى دعم خارجى بل نعتمد على التمويل الذى يأتينا من الصناديق الموجودة فى الدور هذا فضلا عن الاشتراكات الشهرية، وللأسف الغالبية العظمى ليس لديها عمل نهائى، ففئة قليلة تعمل فى المنظمات الإقليمية الدولية، والآخرون يعملون فى عدد من المصانع، وهناك أصحاب التجارة الهامشية، وبرغم أن أعدادهم قليلة، فإنهم يسببون الكثير من المشاكل للجالية. فمن أين تحصلون على الدعم المادى؟ للأسف الشديد ليس لدينا ميزانية لكننا نعيش على الاشتراكات، هذا فضلا عن وجود صندوق تبرعات فى كل دار ونحن نتلقى بعض المساعدات المادية من السودانيين ميسورى الحال. فضلا عن بعض الدعم المقدم من المصريين لتقديم المساعدات للسودانيين . ما أهم المشاكل التى تواجه السودانيين فى مصر؟ البطالة، فهناك أكثر من 90%من السودانيين لا يعملون، وللأسف أغلب الشباب السودانى الذى يعيش فى مصر يرفض العودة إلى السودان. بل إن صلتهم بها انقطعت ونتمنى أن نغير هذا التوجه لديهم ليعودوا إلى وطنهم. فضلا عن أن نسبة كبيرة من أبناء الجالية من خريجى الكليات النظرية التى يصعب معها إيجاد عمل لهم وللأسف مصر لا تطبق الحريات الأربع للسودانيين، على الرغم من أنها مطبقة على المصريين المقيمين فى السودان. ففيما يتعلق بالإقامة والتملك، هناك صعوبة الحصول على تخفيضات فى تملك وحدات سكنية تناسب محدودى الدخل من أبناء الجالية، وهناك مشكلة فى الإقامة لأننا نحتاج إلى تجديدها كل ثلاثة أشهر، وبعد ستة أشهر نلزم بضرورة تحديد كيفية المعيشة وتوفير تكليفها، ونحن من جهتنا نحاول أن نحل بعض هذه المشاكل إن أمكن، بطرق ودية وشخصية أحيانا، أما أزمة العمل من الصعب حلها، لأننا ندرك ظروف مصر حاليا والصعوبة التى تواجهها فى توفير وظائف للمصريين أنفسهم. وهل أزمة تجديد الإقامة حديثة العهد على أبناء الجالية؟ حتى عام 1995 كانت الإقامات سهلة، لكن بعد حادث محاولة اغتيال الرئيس مبارك فى أديس أبابا تغيرت الأوضاع كثيرا، لا سيما فيما يتعلق بالإقامة. فأصبح هناك نوعان من التعامل مع أبناء الجالية القدامى منهم الذين قضوا سنوات طويلة فى مصر لم يطبق عليهم القرار. أما الذين انتقلوا حديثا، لا سيما بعد الحادث هم من يعانون وتطبق عليهم الشروط لا سيما أنها مرهقة للكثيرين . العلاقة بين مصر والسودان خلال فترة حكم مبارك كانت متميزة لما لم يطلب الرئيس البشير تعديل هذه الاجراءات؟ طلب مرارا وتكرار كانت الإجابة أنها إجراءات روتينية، ومصر لها سيادة وسلطة فيما يخص بأمنها الداخلى، لأنها تمثل قلب الأمة العربية ونحن ضيوف عليها . ألا تتفق معى أن الجالية السودانية وحدها التى تتعرض للكثير من المشاكل والأزمات بداية من حادث المهندسين وانتهاء بالأحداث الأخير ة؟ التصرفات من الطرفين أحيانا لا تتسم بالحكمة، فعلى سبيل المثال حادث مسجد مصطفى محمود فى المهندسين سببه الرئيسى أن عددا من سودانى الجنوب تقدموا بطلب اللجوء السياسى ورفض الطلب، فما كان منهم إلا أن تجمعوا فى الميدان، مما أثر على الأمن المصرى الذى يهتم بمصلحة البلد، أى تعارضت المصالح فحدث احتكاك تولد عنه المشكلة السابقة، وما حدث فى ميدان العتبة كان نتيجة لسوء تصرف، سواء من جماعات مصرية أم سوادانية فى قضايا تحويل عملة الدولار إلى الجنيه المصرى من بعض المتاجرين فى شوارع الميدان، نتج عنها الحادث الأخير والبلد فى ظروف غير طبيعية، فمصر منذ عام 2011 تمر بأحداث استثنائية، وعلينا جميعا أن نستوعب ذلك . مصر مضغوطة حاليا لديها العديد من الجاليات العراقية والسورية والليبية واليمنية والسودانية . لذا الوضع صعب جدا، والمشاكل التى ظهرت نتيجة للأحداث الحالية، سواء الظروف التى تمر بها مصر، كذلك الأحداث التى مرت بها السودان أخيرا، لذا توترت الأوضاع وليست الأمور التى حدثت مدبرة أو مخطط لها كما زعم البعض. الأمر يحتاج إلى بعض الصبر والتريث ووضع الأمور فى نصابها الصحيح . وماذا تعنى بقولك إن أبناء الجالية المصرية فى السودان يحصلون على حقوقهم كاملة؟ المصرى الذى يسافر إلى السودان لا يجد أى صعوبة، بل إن وصوله السودان أسهل من الإسكندرية، فهو لايحتاج إلى تأشيرة ويعامل كمواطن سودانى، وذلك ما هو إلا تأكيد على عمق العلاقات بين البلدين . هل تغيرت طبيعة تعامل المصريين مع أبناء الجالية بعد أزمة سد النهضة واتهام السودان أنها موالية لإثيوبيا؟ لم يتغير أى شىء، العلاقات المصرية - السودانية على أفضل مستوياتها للأسف الإعلام هو السبب الرئيسى فى تأجيج الأزمة وتحويلها إلى قضية . هل تقصد بكلامك أن الإعلام المصرى هو المسئول؟ إعلام الطرفين كلاهما موجه ويحاول جاهدا أن يوتر الأوضاع ويثير الأزمة. وعلى الإعلام أن يتحرى الدقة فيما ينشره من معلومات حرصا على مصلحة البلدين فى جميع القضايا المثارة . كيف تقيم الجالية السودانية فى مصر أزمة سد النهضة؟ الجالية السودانية بعيدة كل البعد عن الحديث عن سد النهضة، لأن أبناءها لديهم من المشاكل الاجتماعية والصحية والنفسية ما يكفيهم. ومشكلة سد النهضة عملية فنية فى الأساس لا تستحق كل هذه الدعاية، فنحن عند بناء السد العالى ضحينا بمدينة سودانية كاملة عن طيب خاطر حتى تحقق مصر هدفها. لذا لا بد من توافر حسن النية بين الطرفين لإصلاح الوضع والتوصل إلى حلول . وماذا عن رؤيتك لمشكلة حلايب وشلاتين؟ دعينى أقول إن المواطنين الذين يعيشون فى حلايب وشلاتين يتمتعون بمميزات لا يتمتع بها السودانيون أو المصريون أنفسهم، فلديهم جواز السفر المصرى والسودانى. وهم يستغربون عندما يسمعون عن الصراع المصرى - السودانى على المنطقة . فى ظل الأوضاع التى تعيشها مصر هل ما زالت الهجرة إليها من السودان تسير بالمعدلات القديمة نفسها؟ حاليا أغلب القادمين من السودان يقصرون مدة وجودهم، هذا فضلا عن أن الهجرة لمصر أصبحت قليلة جدا وأغلبهم يفضلون الوجود فى السودان، ونتوقع بعد الحوار الوطنى القائم والخطة الخماسية للاقتصاد السودانى وانفتاح علاقته مع دول الخليج ستفضل أعداد كبيرة من السودانيين ليس فى مصر وحدها، بل فى أنحاء العالم العودة إلى الخرطوم . كيف تقيم العلاقة بين الشعبين فى الوقت الحالى؟ العلاقة بيننا فريدة مقارنة بجميع الدول الإفريقية، لذا يسعى الكثيرون إلى إيقاع الفتنة ويلعب الإعلام دورا كبيرا فى تأجيجها على أرض الواقع، وما شهدته قمة شرم الشيخ تؤكد الترابط بين مسئولى كلا البلدين بما يتناسب مع عمق العلاقات بين الشعبين فى رأيك لماذا يركز الإعلام على الإيقاع بين البلدين مصر والسودان؟ لأنهما الجارتان الأكثر قربا وترابطا فى إفريقيا، وسياسيا هناك موجة عالمية وتخطيط عالمى للتفرقة بين الدول الأكثر تشابها .