أحمد سعد الدين أثيرت فى الفترة الأخيرة قضية عرض المسلسلات الدرامية على جهاز الرقابة على المصنفات الفنية قبل عرضها على الشاشة، وهو ما أثار حالة من الاستغراب داخل الوسط الإعلامى الذى يرى أن عمل الرقابة مقصور على مراقبة الأعمال السينمائية فقط ولا دخل لها بالدراما التليفزيونية، فى المقابل يرى البعض الآخر أن الرقابة على الدراما شىء ضرورى خصوصا بعد أن عرض على شاشة شهر رمضان فى السنوات الأخيرة بعض المسلسلات التى تحتوى على ألفاظ خادشة للحياء وبعض الإيحاءات الجنسية ومشاهد العنف، والتى شاهدها الأطفال، لذلك لابد من وضع حدود وضوابط لهذه الأعمال لأنها تدخل البيوت دون استئذان.. «الأهرام العربي» استطلعت رأى متخذ القرار وبعض صناع الدراما من خلال التحقيق التالى. فى البداية تحدثنا مع الدكتور عبدالستار فتحى رئيس الرقابة الذى بادرنا بالقول: هناك مفهوم خاطئ لدى البعض بأن الرقابة خاصة بالأعمال السينمائية فقط ولا تمت بصلة للدراما أو المسرح، فى سبيل أن الاسم الأصلى هو الرقابة على المصنفات الفنية بمعنى أن أى منتج فنى يقع تحت مسئولية الرقابة فهى الوحيدة المكلفة بفحص هذا المنتج وإعداد تقرير له وإعطائه صلاحية العرض من عدمه، وهنا لابد أن أفرق بين أشياء فى غاية الأهمية وهى أن القصة والرواية والشعر هى أعمال أدبية ليس لنا دخل بها، لكن عندما يتم تحويلها إلى أعمال فنية تدخل تحت طائلة الرقابة على المصنفات الفنية، أما أصل المشكلة فهى أن التليفزيون كان هو من ينتج المسلسلات وكانت لديه رقابة خاصة داخل قطاع الإنتاج، وكذلك شركة صوت القاهرة فلم تكن المسلسلات تعرض على الرقابة، لكن خلال العشر سنوات الماضية تراجع إنتاج الدولة بشكل كبير وتصدر القطاع الخاص المشهد الدرامى، لدرجة أننا وجدنا أعمالاً مكتوباً عليها فوق 18 سنة وهو ما يتنافى مع عادات وتقاليد الأسر المصرية وأطفالها التى تجلس أمام التليفزيون خصوصا فى شهر رمضان، كما وجدنا ألفاظا خادشة للحياء على الشاشة، من هنا فكرنا فى استخدام حق الرقابة فى عرض هذه المسلسلات عليها قبل العرض العام، وقد اتصلت بنقيب السينمائيين وتشاورنا معا فى هذا الأمر، واتصل بدوره بكل المنتجين الذين يعملون فى الحقل الدرامى، وحدث بيننا اجتماع واتفقنا على عرض السيناريو أولاً ثم بعد ذلك عرض الحلقات المصورة على الرقابة قبل عرضها على الشاشة، وقد وعدت المنتجين أن المسلسل بأكمله لن ينتظر فى الرقابة أكثر من عشرة أيام على أقصى تقدير، وهو ما حدث بالفعل لبعض المسلسلات التى صرحنا بعرضها على الشاشة، أما المسلسلات الأخرى التى لم يعرضها أصحابها على الرقابة فسوف يقابل بعدم منحه تصريح تصوير من وزارة الداخلية ثم يتم إيقاف مخرج العمل من قِبل نقابة السينمائيين، وأحب أن أقول إننا لم نخترع العجلة وإنما هذا ما كان يحدث فى السنوات السابقة فى الثمانينيات عندما كان القطاع الخاص يدخل فى إنتاج بعض الأعمال الدرامية خارج اتحاد الإذاعة والتليفزيون، لذلك أنا مستغرب من هؤلاء الذين يقولون الرقابة ليست طرفا فى الأعمال الدرامية، فنحن بهذه الخطوة لانقف فى وجه الإبداع كما يروج البعض وإنما نحن نحافظ على قيم المجتمع الذى نعيش فيه، فالفارق كبير بين السينما والتليفزيون، لأن السينما يذهب لها المتفرج وله الاختيار فى أن يدخل ما يعجبه من أفلام أو حتى لا يدخل أى فيلم، لكن التليفزيون هو الذى يدخل جميع البيوت رغماً عن أصحابها ويشاهده الكبار والصغار، لذلك لابد من أن تكون الأعمال خاليه من الألفاظ الخادشة للحياء ومن الحوارات الإيحائية التى تعطى أكثر من معنى جنسي، وهذا من صميم عمل الرقابة على المصنفات الفنية. أما المخرج الكبير محمد فاضل فقال: هذا الموضوع فى غاية الأهمية ويجب أن نأخذ فى الاعتبار عدة أشياء مهمة، أولاً الرقابة هى المنوطة بالتصريح للأعمال الفنية سواء كانت سينما أم مسرحا أم تليفزيونا، فهذا حق أصيل لها، وقد كانت المسلسلات الخاصة سابقاً تعرض على الرقابة قبل تصويرها وتأخذ الموافقة قبل التصوير، أما التليفزيون فكانت لديه رقابته الخاصة وهى عبارة عن لجنة مكونة من متخصصين فى العمل الدرامى سواء فى السيناريو أو الإخراج أو النقد أو علم النفس وكان يعرض عليها السيناريو أولاً ثم تشاهد العمل بعد تصويره وتصرح بعرضه على الشاشة، وهو ما كان يتم أيضا مع شركة صوت القاهرة، لذلك لم يكن هناك أى مشهد أو لفظ خارج عن المألوف طوال تلك الفترة لأننا كنا نراعى الحفاظ على الذوق العام، لكن فى الفترة الأخيرة توقف إنتاج التليفزيون وأصبح القطاع الخاص هو الذى ينتج، وأصبحت المشكلة فى أن كل واحد يضع وجهة نظره، ويستخدم كلمة حرية الرأى كما يشاء ويطوعها فى صالحه، بالإضافة إلى دخول بعض السينمائيين إلى العمل الدرامى، وهناك فارق كبير بين السينما والتليفزيون، فهل من المعقول أن نشاهد بالصوت والصورة مشهد الابن وهو يحرق والده"محمود الجندى" فى مسلسل "ابن حلال"على الشاشة ويراه الأطفال وحتى الكبار؟ هل من المعقول أن نرى مشهدا للفنان "عمرو يوسف" وهو يركب قنبلة بكل مكوناتها؟ هذا الأشياء قد تصلح للسينما وليس للتليفزيون، لذلك علينا أن نقنن هذا الأمر عن طريق عرض العمل على الرقابة، لكن هنا دعنى أتوقف أمام نقاط مهمة يجب وضعها فى الحسبان، على الرقابة أن تفعل القانون بكل حسم، بمعنى أن يتم عرض الحلقات عليها بعد تصويرها ولا تكتفى بالسيناريو فقط، ولا تخضع للمسكنات بأن هناك أعمالا تظل تصور حتى اليوم الأخير فى شهر رمضان فمن يرد عرض مسلسله فى الشهر الكريم عليه أن ينتهى من تصوير العمل بالكامل قبل العرض بشهر حتى يتيح للرقابة فرصة المشاهدة، الأمر الآخر لابد أن يكون الرقيب مؤهلا تأهيلا علميا لمشاهدة العمل الفنى، فلا يعقل أن يكون الرقيب موظفا خريج كلية التجارة ويأتى ليشاهد المنتج الفنى ويقول هذا مسموح به وهذا غير مسموح به، الرقابة هنا ضرورية لكن علينا أن ننتقى الرقباء حتى لا نقع فى مشاكل أخرى، فطوال الفترة منذ الستينيات والرقابة موجودة، لكن كانت هناك حالة إبداعية هائلة نظراً لوجود الرقيب الحقيقى المؤهل لمشاهدة العمل الفنى وهذا هو لب الموضوع. انتهاء التصوير قبل آخر رمضان مستحيل أما المنتج محمد العدل فقال: لابد أن نعى جيداً خطورة العمل الدرامى الذى يدخل للبيوت دون طرق الأبواب، لذلك من الأفضل أن تعرض الأعمال الدرامية على جهاز رقابى حتى يجيز العمل الذى يصلح للعرض على جميع أفراد الأسرة، هنا لابد من أن نعرف شيئا مهما أن الرقابة ليست من أجل التعنت وتحجيم الإبداع، وإنما من أجل الحفاظ على عدم إقحام مشاهد عنف من الممكن أن تؤثر فى الأطفال الصغار الذين يشاهدون التليفزيون رغماً عن الآباء والأمهات، لكن هناك نقطة فى غاية الصعوبة تتمثل فى أن المنتج لا يبدأ مسلسله إلا لو ضمن عرضه على قناة فضائية أو أكثر حتى تساعده فى الإنتاج وهذه النقطة تأخذ وقتا طويلا، من الممكن أن يؤخر التصوير ويجعل العمل فى المسلسل مستمراً حتى اليوم الأخير من شهر رمضان، هنا تكمن المشكلة كيف سيتم عرض الحلقات على الرقابة قبل عرضها والفارق الزمنى بضع ساعات؟ فى رأيى لابد أن تكون هناك بعض الثقة فى أن هذا المنتج لو أخل بالشكل العام للقصة فى الحلقات الأخيرة من الممكن أن يتم حرمانه من الإنتاج فى العام الذى يليه، أو أن يعرض جميع حلقات مسلسله على الرقابة قبل عرضها بوقت كاف طالما هو أخل بالاتفاق الذى أبرمه مع الرقابة فى مسلسله، لأن هذه النقطة صعبة ولابد من إيجاد حل لها، وإلا سوف تكون هناك مشكلات كبرى بين الرقابة والمنتجين.