عماد بركات شكل عدد من القنوات مجهولة الهوية منها حبيشة، عبده موتة، عفروتو، تتح، حلاوة روح، شنبو، قلب الأسد، ماجيستيك، أبلة فاهيتا، دربكة، توك توك، ستار سينما، مترو سينما، نعنشة، وغيرها من هذه النوعية خطرا حقيقيا على صناعة السينما فى السنوات الأخيرة، حيث تقوم بالقرصنة على أفلام دور العرض الحديثة وعرضها دون الحصول على موافقات من الشركات المنتجة لها، الأمر الذى تسبب فى خسائر تقدر بعشرات الملايين، وقد حاولت شركات الإنتاج بالاشتراك مع غرفة صناعة السينما وجهاز المصنفات الفنية التصدى لهذه الظاهرة التى تفشت عقب ثورة 25 يناير 2011، لكن كل المحاولات باءت بالفشل، خصوصا أن هذه القنوات تبث من خارج مصر وموجودة على أقمار تتبع دولاً أخرى تحقق أرباحا طائلة من وراء هذه القنوات، وليس من مصلحتها وقف بثها، «الأهرام العربى» تكشف سر انتشار مثل هذه القنوات وهل تحقق عائدا إعلانيا يغطى نفقاتها فى التحقيق التالى: تامر سليم، أحد العاملين فى مجال تسويق هذه القنوات يقول: على الرغم من انخفاض سعر الدقيقة الإعلانية للتلى شوب لأقل من 100 جنيه، فإن هذه القنوات تحقق مكاسب كبيرة من وراء عرض هذه الأفلام بطرق غير مشروعة، حيث تقوم القناة بعرض ما يقرب من 5:4 أفلام فى اليوم وتخصص باقى مدة الإرسال لعرض الإعلانات المختلفة، الأمر الذى يعنى أن هناك ما يقرب من 10 ساعات مخصصة للإعلانات بما يعادل 600 دقيقة، ووفقا لأسعار السوق الإعلانى لهذه القنوات، فإن القناة بإمكانها أن تحقق دخلا يوميا يتراوح بين 20 : 50 ألف جنيه فى اليوم الواحد بما يقرب من مليون ونصف المليون جنيه فى الشهر و18مليون جنيه فى العام، وفى المقابل نفقاتها قليلة جدا، بحيث لا تزيد على تكاليف إيجار التردد الذى لا يزيد سعره على ما يقرب من 100 ألف دولار فى العام، ومكتب خارج مصر وتحديدا فى الدولة التى تبث القناة من قمرها لاستقبال الشرائط المرسلة من مصر، وأجور ثلاثة أو أربعة عاملين تكون مسئوليتهم استلام الشرائط والإعلانات ووضعها على السيرفر، ومونتاج ما يلزم من أغان وأفلام وبرامج، وأضاف: تعتمد تلك القنوات بشكل أساسى على إعلانات المنتجات مجهولة المصدر التى تحقق مبيعات بملايين الجنيهات داخل مصر بحسب جهاز حماية المستهلك. ومن تلك المنتجات المنشطات الجنسية، ومستحضرات التجميل، والهواتف الصينية الرخيصة، ومنتجات طبية تدعى علاج أمراض عدة. اللواء أحمد أنيس، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية للأقمار الصناعية " النايل سات " أكد أن شركة النايل سات ليست لها صلة من قريب أو من بعيد بالقنوات سالفة الذكر، وأنها تبث من أقمار صناعية فى دول أخرى مثل البحرين والأردن ، وقال: القمر الصناعى المصرى يحمل ما يقرب من 750 قناة معتمدة من هيئة الاستثمار، وأكثر من 800 قناة يتم التقاطها من أقمار أخرى على نفس القمر ليس بشكل متعمد وإنما بسبب وقوع الأقمار بجوار بعضها فى مدار واحد. وقال المهندس صلاح حمزة، العضو المنتدب للشئون الفنية بالنايل سات سابقا، إن القنوات التى يتم التقاطها من الأطباق المنزلية، والتى يظن المشاهد أنها تبث عبر النايل سات يتم التقاطها من قنوات على تردد 7 غرب، وهو الموقع المدارى الذى يبث منه النايل سات، وهى قنوات مشتركة معنا وهذا خطأ كبير، حيث إننا نشترك فى هذا المدار مع أقماراً أخرى تبث ما تريد من قنوات لأن المدار المتزامن والذى تتواجد فيه أقمار البث التليفزيونى محدود وتشترك فيه كل دول العالم ويمكن أن توجد أكثر من دولة أو شركة أقمار فى نفس الموقع على المدار وفيما يخص المدار الذى نبث منه تشترك معنا شركة الإدارة الفرنسية فى حيز 7 غرب ومشتركين مع اليوتلسات الفرنسية، وأشار حمزة إلى أنه لا توجد دولة تستطيع أن تمنع قمراً آخر يبث فى نفس مدار قمرها الصناعي، وأقصى شيء تستطيع فعله هو حماية قمرها فى الفضاء، ولفت النظر إلى أن الاتحاد الدولى للاتصالات هو من يقوم بتوزيع الترددات والمدارات فى حيز 7 درجات غرب، حيث يشترك مع النايل سات 5 أقمار صناعية لدول أخري. د عدلى رضا، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة قال: انتشار ظاهرة هذه النوعية من القنوات هو استمرار لمسلسل الانفلات الإعلامى الذى أصبح يصعب السيطرة عليه، وبسبب انشغال أجهزة الدولة فى مجابهة أمور أخرى مهمة تمس الأمن القومى، استغل كثير من الأشخاص غير المسئولين وقاموا باستئجار ترددات على أقمار صناعية غير مصرية وسرقوا أفلاماً جديدة من دور العرض وعرضها دون وجه حق، وهؤلاء لا يمكن إلقاء اللوم عليهم لأنهم لا يدركون خطورة ما يفعلونه، ولا يعرفون المعنى الحقيقى لكلمة الإعلام، فهم أشبه بتجار المخدرات الذين يروجون لأفكار هدامة ولا يهمهم سوى الربح السريع، وعلى الدولة اتخاذ ما يلزم تجاه ذلك وإيجاد آلية هندسية لمنع دخول هذه القنوات فى مجال القمر الصناعى المصرى. المنتج كريم السبكي، أكد أن حجم خسائر المنتجين بسبب هذه المحطات وصل إلى ما يقرب من 120 مليون جنيه تقريبا فى العام الماضى فقط، ومعظم هذه الفضائيات المجهولة تحصل على الأفلام من خلال مواقع الإنترنت التى لابد من مواجهتها هى الأخري، لأن القرصنة السينمائية لابد من إيجاد حلول لها. وأشار كريم إلى أن سرقة الأفلام ظاهرة تدمر السوق الداخلى والخارجى للفن المصرى، فكل الأفلام والمسلسلات المعروضة حديثا مسروقة وموجودة فى كل المنازل وعلى أجهزة الكمبيوتر، وما يتحمله المنتجون من خسائر باهظة أمر لا يمكن أن يتقبله أحد وطالب السبكى بإطلاق حملة عامة لإغلاق المواقع والفضائيات التى تقدم إصدارات مقرصنة من الأفلام المصرية. وقال المخرج والمنتج شريف مندور، نائب رئيس غرفة صناعة السينما، الذى تم انتخابه أخيرا، إن الغرفة ستبدأ خلال أيام تشكيل لجنة لمراجعة لائحتها الداخلية، مشيرا إلى أن الغرفة بدأت أيضا فى اتخاذ عدة خطوات مهمة، منها مواجهة القرصنة التى تتعرض لها الأفلام السينمائية سواء من خلال الفضائيات المجهولة أو مواقع الإنترنت، مما يهدد صناعة السينما المصرية بأكملها. أما خبير الملكية الفكرية وأستاذ القانون الدكتور حسام لطفي، فأكد أن التعامل مع هذه القنوات التى تبث من خارج مصر ولا تتبع هيئة الاستثمار، يكون من خلال ما يسمى بنقطة الاتصال التابعة لوزارة التجارة والتموين ومقرها أرض المعارض بمدينة نصر التى تخاطب منظمة التجارة العالمية. وأشار لطفى إلى ضرورة تكاتف كل الجهات من أجل حماية صناعة السينما، وهذه القنوات المتجاوزة عندما تجد أنها يمكن أن تواجه مشاكل لا حصر لها ستتوقف عن سرقة حقوق الملكية لكل الأعمال الفنية.