حوار حسناء الجريسى ظل حلم تحالف الأحزاب والقوي المدنية في تيار واحد يراود رئيس حزب التجمع، الذي كان أول من رحب بمبادرة عمرو موسي بتأسيس التحالف المصري، وبما أن الرياح تأتي دائما بما لا تشتهي السفن، فقد قرر موسي تعطيل أعمال التحالف بعد اجتماعه مع السيد البدوي رئيس حزب الوفد، مما جعل حزب التجمع يصدر بيانا يوضح فيه موقفه من هذا التحالف، مبينا أن رؤساء الأحزاب الأخري تحكمهم عقلية "اقتسام المغانم" في البرلمان.. كما أكد رئيس حزب التجمع أن مواقفه واضحة تجاه حكومة المهندس إبراهيم محلب، وفي حزمة القرارات التي اتخذها بشأن تقليل الدعم، ما جعله يعتبر ذلك إفشالا لحلف 30 يونيو، كما يستعد رئيس حزب التجمع حاليا لتجهيز مرشحيه لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة والتفاصيل في الحوار التالي. كيف تري مشروع محور قناة السويس؟ هذا المشروع جاء في وقت شديد الأهمية، خصوصا بعد المحاولات الكبيرة من إسرائيل، لاستبدال قناة السويس بطريق بري ما بين ميناء إيلات وأشدود عن طريق البر بقصد تقليل تكلفة نقل البضائع القادمة من شرق إفريقيا وآسيا، ولكن منطقة شرق قناة السويس تعد من المناطق النموذجية لتقديم العديد من الخدمات للتجارة والصناعة العالمية، وهذا المشروع بعد اكتماله سيكون فرصة جيدة لدفع الاقتصاد المصري إلي الأمام، والمشاركة في عملية التنمية، وهو سيوفر قدرة عالية لمصر علي جذب العديد من الصناعات إلي المنطقة الحرة في شرق قناة السويس، سواء صناعات جماعية أو إنتاج سلع، والأهم موانىء الحاويات موقع شرق قناة السويس، بالإضافة إلي شرق دمياط وميناء بورسعيد من الممكن أن يتحول إلي أكبر ميناء لنقل الحاويات في العالم، هذا المشروع يعتبر هو مشروع القرن بالنسبة للشعب المصري، وما قاله الرئيس السيسي عن الشركات الوطنية يبين مدي تفكيره المتميز عن الرئيس المعزول "مرسي" الذي كان يستعد لبيع هذه المنطقة للأجانب والمستثمرين القطريين. من ناحية أخري سيقضي المشروع علي مشكلة البطالة وذلك باستيعاب أعداد ضخمة من الشباب العاطلين سواء في حفر القناة أم في تجهيز المنطقة اللوجستية، فأول خروج لنا من المأزق الاقتصادي هو الحرب علي البطالة، وذلك سيتم بداية مع تنفيذ هذا المشروع العملاق، فهو بمثابة رأس حربة لحل الكثير من المشكلات، منها محاولات جعل أهل سيناء جزءا من المشروع مما يحد من شعورهم بأنهم مضطهدون كما يقولون، أيضا سيتم استيعاب كل القوي العاملة علي أرض الفيروز. بمجرد صدور قرار رئيس مجلس الوزراء بتخفيض الدعم علي الطاقة أصدرتم في حزب التجمع بيانا تنتقدون فيه هذا القرار.. فلماذا؟ أولا ذلك لحرصنا الشديد علي حلف 30 يونيو، والجسم الأساسي فيه ليس الأحزاب أو النخب لكن الطبقات الشعبية، التي خرجت من القري والعزب والنجوع، لتسقط سلطة الإخوان التي كان يحددها وحدة وسلامة الأرض المصرية وشعبها.. وجود هذا الحلف جاء نتيجة استشعار المصريين للخطر القادم من قبل سيطرة الإخوان علي الحكم، واستمرار هذا الحلف مطلوب وذلك لاستكمال المرحلة المتبقية وهو البرلمان، وهو مطالب بتقنين الدستور وتحويله إلي قوانين تحقق مبادئ وأهداف ثورتي 25 يناير و 30 يونيو. ألم تخش من أن تعتبر مؤسسة الرئاسة أو رئاسة مجلس الوزراء هذا البيان بمثابة التحريض علي المظاهرات الفئوية؟ أولا حتي لو هذا حدث، فحزب التجمع يحدد مواقفه انطلاقا من الجمهور الذي يدافع عنه، نحن ندافع عن الفئات الأكثر احتياجا في مصر وكذلك ثورتي 25 يناير و30 يونيو باعتبارهما نتاجا لغضب هذه الفئات، ضمان استمرار الثورة وتحقيق نجاح لا يمكن أن يحدثا دون أخذ مصالحهم الاقتصادية في الاعتبار، وبناء عليه لن يغضب منا رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لأنهما يتفهمان جيدا أننا كنا الحزب الوحيد الذي أعلن في مارس 2012 في ظل حكم مرسي أننا لن نشارك في الانتخابات برغم أن الأحزاب كلها كانت تستعد للمشاركة، وأعلنا أننا سنجاهد لإسقاط هذه السلطة. علمت أنكم أرسلتم كتابا به العديد من الدراسات التي قام بها الحزب إلي رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء.. فهل تم الاستفادة منها؟ نعم وحدث ذلك مع الرئيس عدلي منصور، حيث قمنا بتقديم مشروع متكامل، وتفضل الرئيس منصور بتوجيه التحية للحزب، حيث كنا قد قدمنا ورقة بها بعض الإجراءات المقترحة للنهوض بالاقتصاد المصري وأخذ منها ما هو مناسب، ووقف مشتريات مصر من السلع غير الموفرة للطاقة، وكذلك وقف مشتريات الحكومة من السلع التي لها نظير مصري، وعلي الفور أصدرت الحكومة قرارا بذلك، بخلاف اقتراحنا ضرورة تطبيق الحدين الأدني الأقصي، وإعماله لإضفاء مصداقية علي مدي انتماء السلطة للثورة، وتفضل الرئيس السيسي بتقديم مبادرة بهذا مما جعل الحكومة تبدأ في تنفيذه، حتي مشروع محور قناة السويس ومشروع الطاقة الشمسية في الصحراء الغربية، كنا نري أنهما يحملان الطابع القومي الذي يلتف حولهم الشعب المصري إلي 200 سنة مقبلة لخدمة الشعب المصري، وأخيرا قدمنا مجموعة من الدراسات التي صدرت في شكل كتاب، وأرسلناها لرئيس الجمهورية ورئيس مجلس الوزراء في جميع المجالات المختلفة. إذن ماذا كان رد فعلهم تجاه هذا الكتاب وماذا قالوا لكم؟ في الحقيقة المهندس محلب تجاوب، وأصدر بعض القرارت المتعلقة بهذه بالدراسات االتي قمنا بها، نحن لا ننتظر منهم القول إذا كانوا سيأخذون بها أم لا.. لكنها بالنسبة لنا رؤية يسترشد بها، لتسهل لهم اتخاذ بعض القرارات التي تمس حياة المواطنين في المرحلة المقبلة، أعتقد أن حكومة محلب الآن ليست تحت أي ضغوط مسبقة من قبل القوي الداخلية، سواء كانت ذات طابع رأسمالي إنتاجي أم طفيلي في البورصة أم في الأراضي، لذلك فهم في اتجاه تحقيق العدالة الاجتماعية، وهو من وجهة نظرنا لا يرتبط الآن بالنظام الرأسمالي أو الاشتراكي، إنما هي مرتبطة بكفاءة الاقتصاد المصري، نحن نريد اقتصادا مصريا يتمتع بدرجة عالية من الكفاءة التي نقيسها ليس بالمؤشرات الاقتصادية، لكن بالسؤال المهم: هل هذا الاقتصاد يحقق نسبة العدالة للمواطنين برفع معدلاتها كما يحدث في الدانمارك والسويد ودول أخرى، باعتبار العدالة الاجتماعية معيارا لكفاءة الاقتصاد، لذلك نتمني لمصر أن تحصل علي نصيب عال وعائد من فائض الاقتصاد المصري في شكل مرتبات أو خدمات صحية وتعليمية متميزة وكلها مفردات العدالة. كنتم أول من رحب بتحالف عمرو موسي، ما تفسيركم لقراره الأسبوع الماضي بتعطيل أعمال التحالف الذي جاء بعد اجتماعه بالسيد البدوي رئيس حزب الوفد؟ عمرو موسي كان قد أطلق مبادرة وكنا أول من يدعمها، وكانت قبل التحالف المصري وهي مبادرة للتحالف ما بين الأحزاب ليضم كل القوي المدنية، ومن يدخل البرلمان يكون مساندا للحكومة والرئيس في اتجاه تحقيق أهداف الثورتين، وتفعيل الدستور وتحويله إلي قوانين دون إجهاضه وتحويلها إلي أشياء شكلية.. كنا نرحب بهذه المبادرة وشاركنا في الحوارات الأولي، وفكرة عمرو موسي كانت مثل أفكارنا التي تقول إنه وصل إلي نفس النتيجة التي وصلنا نحن إليها، والتي أصدرنا بشأنها بيانا نؤكد فيه أن هناك بعض رؤساء الأحزاب تحكمهم عقلية اقتسام المغانم في البرلمان وليس حماية الثورة في البرلمان، وهذا يجعلهم يستبعدون من يريدون استبعاده، ويصطفون خلف تحالف يعقدونه، اعتقادا منهم أنهم بهذا يحصلون علي عدد كبير من المقاعد في البرلمان، بصرف النظر عن أن مصر تواجه حربا تشن عليها من الإرهاب المدعوم من الخارج مثل قطر وتركيا والولايات المتحدةالأمريكية، لذلك فنحن نحتاج أن نحدد هدفنا من هذا التحالف، ورفعنا شعارا في التجمع أن البرلمان المقبل لابد أن يكون خاليا من الإخوان المسلمين والآخرون يرون عكس ذلك. هل تعتقد أن عدم تحديد موقف حزب الوفد من هذا التحالف الذي دعا إليه عمرو موسي وراء تعطيله؟ (ضاحكا) من يجيب عن هذا السؤال عمرو موسي، لكن من خلال علاقتي به فهو رجل ذو خبرة طويلة وباع في العمل السياسي، ويتمتع بروح الفروسية والإقدام، في تقديري هذا الموقف محطة في رحلته من أجل توحيد القوي المدنية. منذ فترة ليست ببعيدة قلت لنا "إنكم ستسعون بكل ما أوتيتم من قوة لإفشال مشاركة حزب النور في البرلمان»؟ في الحقيقة ليس حزب النور بمفرده، لأننا نري أن الحزب السياسي ليس من حقه أن يستخدم المقدس الديني في العمل السياسي، وإلا أصبح ممارسا لعمليتين أخطر من بعض في آن واحد، وهي إهانة المقدس والدجل علي الجمهور بأن هذا هو حكم الله، وأعتقد أن التيار المتأسلم لن يكف عن استبعاد غيرهم من أن يشاركوا في العمل باسم الدعوة الإسلامية، هذا ما نواجهه بشدة ونختلف معهم جذريا في مسألة المرأة التي لا يعترفون بها مقوما من مقومات المجتمع، ويعتبرونها أحد توابع الرجل، والأقباط هم مواطنون ليس من حقهم الانتماء إلي وطننا، كما أن قضية تداول السلطة غير مطروحة عندهم في الأصل، فهم يعتقدون أن مشاركتهم في العملية الانتخابية هدفها السيطرة علي السلطة، وهذا ما لايسمح به الشعب المصري من جديد.. ومن هذه الزاوية سنظل نوجه انتقاداتنا للسلطة، التي تفسح لهم مجالا وهذه معركة قديمة يتبناها حزبنا منذ أيام السادات، وكذلك مبارك ومرسي. صرحت لنا من قبل بأن "مصر ستشهد اندماجا قويا بين جميع الأحزاب والتيارات" هل صدقت الرؤيا؟ إلي حد ما انتقلنا من مرحلة مناقشة الخلافات ما بين التيارات اليسارية، إلي مناقشة الاتفاقيات، وقضية العمل المشترك بيننا، وربما نصل فيما بعد إلي مرحلة الاندماج، خصوصا أن هذا التشرذم ليس له أي مبرر فكري، لكن كل ما نتمناه لن يتحقق لأننا نعمل مع بشر لهم تصورات مختلفة عن الوطن. البعض يري أن قانون الانتخابات ملىء بالعيوب فكيف ترونه؟ قانون الانتخابات صدر وفقا لما يقرب من 95 % من النظام ونحن موافقون عليه بهذا الشكل، والملاحظة الوحيدة لنا عليه هي أن التكلفة المالية عالية فيما يقرب من 3 آلاف جنيه وبالتالي يستبعد الفقراء، والشباب والمرأة، كما نعترض علي سقف الإنفاق الذي يصل إلي نصف مليون جنيه.. والقانون يفتح الباب واسعا للمشاركة في الأحزاب، ونحن مع الرأي الفردي في هذه الدورة، فنظام الانتخاب الفردي هو الأنسب لأن هدفنا إسقاط التيارات الدينية من المشاركة في البرلمان والقائمة تتيح لهم المشاركة. ما خططكم لخوض الانتخابات البرلمانية، كيف يستعد حزب التجمع لها؟ لدينا ما يقرب من 120 مرشحا، تم تخفيضهم إلي 80، ولدينا استعداد لزيادة تخفيض عددهم في كل المحافظات بحيث ندعم مرشحا واحدا في الدورة الواحدة، وفي حالة كون مرشحنا لا يتمتع بالقوة التي تؤهله لخوض هذه الانتخابات، سننصحه بسحب أوراقه علي الفور لصالح آخر يتمتع بدرجة عالية من القوة، في كل الأحوال سيكون في البرلمان المقبل عدد من أعضاء حزب التجمع، هذا العدد نثق في قدرته داخل البرلمان، علي أنه يتميز بحكم خبرته البرلمانية ومن ناحية أخري وضوح مواقفه، وأهدافه ومشروع القوانين التي نجهز لها، لندخل بها البرلمان والتي لاتضعنا فى موقف معارض. ونحن نعمل علي مدار العام في كل المدن والقري ونتفاعل باستمرار مع جماهيرنا وقمنا بتوجيه زملائنا في جميع المحافظات بالاستعداد للتجهيز للانتخابات عن طريق برامج التوعية والقيام بإعداد اللافتات لمرشحينا، برغم أننا حزب فقير ماليا، لكن لدينا إمكانيات وطاقات بشرية هائلة توفر الكثير من المساعدات والخدمات لمرشحينا. هناك من اطمأن للتدخل العسكري الأمريكي في العراق للقضاء علي تنظيم داعش.. كيف ترى ذلك؟ ما حدث في 30 يونيو أمر لا يصدق، خصوصا إذا قارنا الوضع المصري بما يحدث في باقي الدول العربية المجاورة، وهذا جاء نتيجة وعي الشعب المصري الذي أدرك مدي خطورة وجود الإخوان في المنطقة ومخططات التقسيم التي نراها، وأعتقد أن مصر أفسدت الكثير من الخطط لأمريكا وإسرائيل التي كانت ترغب للنفوذ عبر حدودها، فمصر الآن أصبحت شديدة الصعوبة بالنسبة لهم وذلك بقوة شعبها وتوحده مع جيشها في مواجهة هذا المخطط، وأي خطر سيتم إجهاضه سواء الإرهاب المتطرف بالتعاون مع أمريكا علي حدودنا في جنوب السودان أم فى الشرق فى غزةوسيناء.