كوثر ذكى ما بين مفاجآت هذا العالم، وما بين الأكثر خطراً الذى يزهق أرواح المصريين مع انتهاء الصلاحية لمدة سنة، وإعادة تدوين تاريخ صلاحيته لسنة مقبلة، ربما تسلب الحياة للسنة التى تليها.. نواصل فتح الملف المؤلم والصادم لأزمة الضمير عند بعض تجار اللحوم وتجار أعضاء وأحشاء الحيوانات وفساد الذمم لبعض تجار اللحوم . من داخل مجزر البساتين حيث المساحة الخضراء التى تغطى ثلاثة أرباع المكان، والذى تفوح منه رائحة الزهور التى تغطى على رائحة دماء أرض المجزر، اصطحبنا موظف أمن البوابة حتى يوصلنا إلى أحد المسئولين هناك لنعرف إلى أى مدى تصل بنا الحال فى غذائنا وغذاء أطفالنا، ولكن فوجئنا بأن المسئول الأساسى عن كل تفاصيل هذا المكان غير موجود بهذا المكان وهى الدكتورة سعاد الخولى. وكيل أول وزارة الزراعة ومدير الطب البيطرى بالقاهرة، فكان علينا التوجه إلى المديرية البيطرية بعين الصيرة لتؤكد الدكتورة سعاد الخولى ما تحدث عنه الشاب إكرامى، حيث بدأت حديثها عن رحلة العجول بداية من الذبح انتهاء بوصولها للمستهلك تقول إن المجزر مبنى على مساحة 25 فدانا تكسوه مساحات كبيرة من الخضرة وبه صالات ذبح، وهذه الصالة تكون فى الطبيعى أصغر من الخط وهو به 6 خطوط و4 صالات ذبح ولكل نوع من الحيوانات مفصل ما بين خط للجمال – الجاموس البتلو والضأن بالإضافة إلى خط الخنازير فلكل منها خط خاص به هذا بالإضافة إلى مجمع محارق ويضم محرقتين بطاقة 2 طن لحرق الإعدامات وهى اللحوم المصابة لعدمها. وحتى يتأكد المستهلك من صلاحية هذه اللحوم، كما تقول د. سعاد الخولى، فلابد أن ينظر إلى الختم، حيث الختم الأحمر للعجول البلدى والختم الأزرق للعجول المستوردة، وعندما طرحت عليها السؤال: هل هناك حالات تزوير للأختام؟ أجاب نعم نحن لدينا معمل للمادة المستخدمة للختم، وهى مادة ملونة مكونة من سبرتو يحضر من شركة السكر بإجراءات قانونية، بالإضافة إلى مادة سرية ومادة الكروفرين، حيث تشترك فى تحضير الكميات لجنة إدارة التخطيط وهى مكونة من عدد من الأطباء وإدارة المجزر الآلى وطبيبة تتبع إدارة المجزر وعضو من مصلحة الكيمياء، أما بالنسبة للخطوط فيوجد بداخلها ثلاجات تجميد والخط «6» خاص بذبح الخنازير، وهو منفصل عن المجزر وله بوابة خاصة بالدخول وبوابة للخروج، أما عن كيفية تزوير الأختام فهو التزوير فى المادة المستخدمة فى الختم والبكرة، وكان فى الماضى يستخدم «أولاحة» الذرة مع لون تفتاه حمراء وحتى يتم التعرف عليها يكون من خلال طبيب التفتيش. وهذا المتحف يحتفظ فيه ببعض الأعضاء الحيوانية التى بها مرض، وذلك للشرح للطلبة الدارسين الذى تنظمه وزارة الزراعة. رحلة الفحص للحيوان تبدأ من منطقة "الكرانتينة"، وذلك بفحص ظاهرى للحالة الصحية ومطابقته للقوانين وهى عدم الذبح لأنثى صغيرة السن أو أنثى عشار أو الحيوان البقرى الذى يقل وزنه عن 300 كيلو أو الحيوان الذى غير القواطع الأمامية، لأن دورة الحياة الشريطية لا تظهر فى الحويصلات قبل السنتين ويتم تسجيل العجل برقم السيارة وصاحب الحيوان ليدخل صالة الذبح فلا يوجد داخل المجزر جزارون خاصون به ولكن كل جزار يأتى بذبيحته ويذبحها بعد التأكد من أنها خالية من الأمراض، فيتم ذبحها وسلخها وتجويفها وتترك فى السلخانة معلقة للكشف على الغدد اليمغاوية التى يكمن بها الدود فى منطقة القلب والكبد والرأس والرئة، فهذه الأماكن هى مفتاح الدخول للمرض لباقى أجزاء الحيوان، وهناك إعدامات جزئية وإعدامات كلية مثل اللحوم المحمومة والتسمم الصديدى والصفراء والحويصلات الديدانية فى العضلات والقلب، ولكن بعد الفحص والتأكد من صلاحيتها يصرح الطبيب بالختم، أما المريضة فتوجه إلى المحرقة، أما خط «6» الخاص بالخنازير فيوجد معمل التريكنيلا الذى يأخذ عينة من الحجاب الحاجز للكشف عن وجود ديدان التريكنيلا إذا وجدت وتعدم حتى لو كانت دودة واحدة، فهى خطيرة لأنها تؤدى إلى العمى أو الوفاة، وما بين أمراض الحيوانات وإعدامها إلى عدد المضبوطات من الذبائح تم ذبحها خارج المجزر وغير مطابقة لمواصفات الذبح، تضيف الدكتور سعاد الخولى – وكيل أول وزارة الزراعة ومدير الطب البيطرى بالقاهرة - أنه تم ضبط مجموعة من الخنازير التى ذبحت خارج المجزر، بالإضافة إلى اللحوم المفرومة التى بها دهن خنزير – بعدها قررنا إعادة خط الخنزير مرة أخرى بعد ضبط 500 كيلوجرام خنزير مفروم وغير معلومة الهوية. أما بالنسبة لنقطة الاستيراد، فهى خاصة بالإدارة المركزية للحجر البيطرى والفحوص حيث يتقدم إليها المستورد لطلب تصريح الاستيراد من مجموعة دول مثل كرواتيا – أوكرانيا – أستراليا – البرازيل – إثيوبيا – السودان – الهند، وهذه المجازر التابعة لدولة الاستيراد تذهب إليها لجنة معاينة لتأكد من أن المجزر مطابق للمواصفات وللذبح بالشريعة الإسلامية، ونفس الشىء مع المواشى الحية، وهناك مواش مستوردة تنتقل من محافظة إلى أخرى يطلق عليها فرش ولحوم مستوردة مبردة التى تأتى من أبو سنبل، وتعتبر محافظة القاهرة هى أول محافظة تنشئ منافذ مستوردة، وكان الجزارون يبيعون هذه اللحوم على أنها بلدى، وكانت هذه المنافذ يبدأ سعر الكيلوجرام بها 30 جنيها حتى وصلت 45 جنيها الآن، حيث بدأنا هنا فى القاهرة ب 5 منافذ وصلت الآن أكثر من 50 منفذا، ولكن بعد ثورة 25 يناير بدأ ظهور الشوادر العشوائية. وهنا يبدأ دور المديرية وإخطار الرئيس للتعاون لإزالة هذه الشوادر مثل أحياء السيدة زينب والمطرية وتمت إزالتها وإعادة فحصها، وإذا كانت هناك فى المنافذ لحوم غير صالحة نتيجة سوء التخزين يتم إعدامها، ولكن بالنسبة لأحشاء الذبيحة فليست هناك ثقافة للبيع، وتوجد محلات يومية من إدارة التفتيش تعمل 24 ساعة وخاصة فى المواسم . وقالت د. سعاد الخولى: نحن نعمل على الأسواق المفتوحة والأسواق الأسبوعية مثل سوق الخميس والاثنين والجمعة وقمنا بضبط 34 طنا من اللحوم المجمدة منتهية الصلاحية فى المرج ومجهولة المجزر وفاسدة فى إحدى الضبطيات، واستمرت اللجنة تعمل لمدة 15 ساعة وظلت بجوار الضبطية الفاسدة والمرض واضح بالعين إلا أن التحاليل جاءت نتيجتها سلبية! أما المشكلة الأخرى للضبطية والكلام على لسان الدكتورة سعاد هى دفن اللحوم الفاسدة، حيث من إحدى الضبطيات كانت الساعة 12 مساء ذهبت اللجنة إلى رئيس النيابة بالسيارات المخالفة 34 طنا برائحة غير قادر أحد على تحملها، وقرر رئيس النيابة إعدامها فى الحال فى مكان القمامة، ولكن حتى تعدم فى هذا المكان، فإن الأمر يحتاج إلى تكلفة باهظة، حيث إن تكلفة الطن الواحد 300 جنيه، بالإضافة إلى عدم وجود عمال كفاية وسيارات وسائقين، ووصل الأمر إلى أن الأطباء يحملون بأيديهم اللحوم لعدم وجود غطاء أمنى للأطباء، مما يؤدى إلى تعرض الأطباء للبلطجية فى الخصوص وعين شمس، حيث لم يوجد من الأمن سوى 2 ضباط مباحث تموين فقط، ووصل الأمر أن فى أحد المراكز أثناء التفتيش وجدوا خرطوشا داخل اللحوم الفاسدة، هناك فساد وتجاوزات كثيرة مثل محل الكبدة فى المقطم تم تحرير 60 محضرا لهذا المحل، ولكن التشريعات والقوانين المنظمة للعقوبات وللغش عقيمة جداً عقب تشميع أى محل يرفع بعدها مباشرة الشمع ب5 جنيهات وفى إحدى الضبطيات تحفظنا على كمية كبيرة 9452 كرتونة من أصابع سمك بطعم الكابوريا للشركة المصرية للحوم والدواجن، وعندما تم الحرز وجدنا 250 كرتونة فقط وتم تبديد الحرز فى ثلاجات مركز جيركو، أما الأكثر من ذلك فهو تحرير محضر كبير لأحد المجازر الكبيرة فى الشرقية خاص بالدواجن أولاً المفترض أن تكون هذه الدواجن مصرية ويكتب على الكيس مذبوحة بمزارعنا، ولكن كانت المفاجأة أن الفراخ موجودة فى البانيوهات وهى مجمدة ومنتهية الصلاحية ويعاد تجميدها مرة أخرى على الرغم أنها منتهية الصلاحية من سنة، ولن يكتب على الكيس مرة أخرى صالحة لمدة سنة، والكمية كانت 30 طنا وخلصت فى النيابة، كما أن المديرية تعمل من أول عربية الكبدة حتى الفنادق 7 نجوم ووزارة الصحة هى المسئولة. وأعربت سعاد الخولى عن أملها فى أن يضع رئيس الوزراء إبراهيم محلب، هذا الملف ضمن أولوياته، منبهة إلى بعض المخالفات الكبيرة التى تهدر المال العام للدولة مثل تأجير أرض لإحدى الشركات شركة "جيركو" بسعر جنيه واحد للمتر منذ عهد عبدالناصر، ويصل إجمالى المساحة 15 ألف متر تؤجر للمستوردين وللثلاجات التى لا تتم لها أى صيانة، مما يؤدى لإفساد السلع وإعادة طرحها فى الأسواق، ولكن المحافظ فسخ العقد بعد اكتشاف فساد اللحوم الإثيوبية، وتم سحب الأرض وأصدر قرارا بعدم تجديد العقد، فلو حصل على مثل هذه الأرض مجموعة مستثمرين لكان العائد منها لا يقل عن 2 مليون جنيه، ومن الممكن أيضاً أن تشيد مساكن للشباب. ووجهت د. سعاد نداء إلى كل المسئولين بأن يعمل كل فى موقعه على تطبيق القانون وعلى كل من تسول له نفسه أن يبدد أموال الدولة التى تنفق على علاج المصريين الذين أزهقت أرواحهم جراء عدم تطبيق القانون وتنفيذه على مثل هؤلاء الفاسدين. فى غياب دور وزارة الصحة وانتشار ظاهرة الرشوة الفجة لاستخراج شهادات صحية لمثل هؤلاء الذين يحملون المرض بأجسادهم ولحومهم ستكون الكارثة قريبة!