تراجع سعر الفراخ.. أسعار الدواجن والبيض في الشرقية اليوم الخميس 4 يوليو 2024    وزير السياحة والآثار: نستهدف الوصول ل 30 مليون سائح بحلول 2030    ملابس داكنة ولافتات سوداء، متظاهرون داعمون لغزة يحتلون سطح البرلمان الأسترالي (صور)    قصف مدفعي إسرائيلي ل «حي الشجاعية» بقطاع غزة    دراسة: أغلب الأوربيين يساورهم الشك في قدرة أوكرانيا على هزيمة روسيا    رئيس الوزراء الكندي يرفض التنحي ويصر على مواجهة اليمين المتصاعد    «بي إن سبورتس»: الجيش الملكي يقترب من تعيين عموتة    نجم الاهلي السابق ينصح عبدالله السعيد بالاعتزال    انهيار عقار مكون من 5 طوابق بالمنوفية، والعناية الإلهية تنقذ السكان من الموت    حرب شوارع، قوات أمن مركزي ودعم سريع للسيطرة على مشاجرة بالأسلحة النارية بين عائلتين بأسيوط    محافظ الدقهلية: العمل الميداني سر نجاح أي مسئول وقيادة.. ونعمل على حل مشاكل المواطنين ومحدوي الدخل    فرنسا تسحب نوع "كوكاكولا" بسبب مخاطر صحية: لا تشربوه    وزير الري: نعمل على تطوير المنشآت المائية ومنظومات الري ووصول المياه لكل مزارع دون مشاكل    مع تصاعد الحرب في غزة ولبنان.. الشرق الأوسط يجلس على برميل بارود    أول تعليق من نجيب ساويرس على تعيين هالة السعيد مستشارا لرئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة رطب نهارا مائل للحرارة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمي بالقاهرة 39    أول تعليق من توفيق عبدالحميد بعد تعرضه لوعكة صحية..ماذا قال؟    مفاجأة من وزير التموين للمواطنين بشأن الدعم على البطاقات التموينية (فيديو)    6 نصائح للعناية بالأسنان والحفاظ عليها من التسوس    «هيئة الدواء» تسحب عقارا لعلاج السكر من الصيدليات.. ما السبب؟    «المصري اليوم» تقود سيارة كهربائية في شنغهاي: مصر سوق واعدة    عبد الرحيم علي يشكر الوزراء والمحافظين الذين غادروا مواقعهم    ملف يلا كورة.. قائمة الأهلي.. تعثر الزمالك.. وموقف بيراميدز من المنتخب الأولمبي    مصرع طفلين شقيقين غرقا في كفر الشيخ    العثور على شاب مصاب بطلقات نارية في ظروف غامضة بقنا    زيدان يكشف عن اللاعبين المنضمين لمنتخب مصر الأولمبي في رحلتهم إلى باريس    عمرو أديب الزمالك «نمبر وان».. وكريم عبدالعزيز يرد: أنا اهلاوي مجنون (فيديو)    حظك اليوم برج الجوزاء الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا    قصواء الخلالي: الحكومة الجديدة تضم خبرات دولية ونريد وزراء أصحاب فكر    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    الأهلي يبحث عن انتصار جديد أمام الداخلية بالدوري    عبدالرحيم علي يهنئ المحافظين الجدد ونوابهم    التشكيل الوزاري الجديد، مدبولي يعقد اليوم مؤتمرا صحفيا بالعاصمة الإدارية    وزراء خارجية روسيا والصين ومنغوليا يناقشون التعاون في المجالات الاقتصادية    "مين كبر ناو".. شيكو يحتفل بعيد ميلاده    3 أبراج تتوافق مع «الدلو» على الصعيد العاطفي    حر وقطع للكهرباء وأخطاء بالأسئلة.. دموع وشموع في امتحانات الثانوية!    «المصري اليوم» ترصد مطالب المواطنين من المحافظين الجدد    حزب الله يعلن قصف مقرين عسكريين إسرائيليين    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    ميدو: المنتخب الأولمبي «بيشحت» لاعبيه من الأندية    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    أفعال مستحبة في ليلة رأس السنة الهجرية    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    الكويت تعلن اعتقال مواطنين بتهمة الانضمام لتنظيم محظور    أبرز مشروعات وزير البترول الجديد بالقطاع الحكومي.. تعرف عليها    في أول تصريح صحفي له، محافظ بورسعيد الجديد يوجه رسالة إلى اللواء عادل الغضبان    حدث ليلًا| موعد إجازة رأس السنة الهجرية وحالة طقس الخميس    رئيس مجلس الوزراء يعلن موعد إجازة رأس السنة الهجرية    سعر الأرز الشعير اليوم الخميس 4 يوليو 2024 في جميع الأسواق المحلية    أدعية رأس السنة الهجرية.. يجعلها بداية الفرح ونهاية لكل همومك    اتحاد الصناعات: وزارة الصناعة تحتاج لنوعية كامل الوزير.. واختياره قائم على الكفاءة    والدة شاب تعدى عليه بلطجي بالمرج تكشف تفاصيل الحادث    أستاذ استثمار عن التغيير الوزاري: ليس كل من رحل عن منصبه مقصر أو سيئ    هاني سعيد: بيراميدز لم يعترض على طلبات المنتخب الأولمبي.. وهذا موقفنا النهائي    تعيين عبلة الألفي نائبة لوزير الصحة والسكان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الوضع مأساوى.. حمامات مشتركة.. و4 أرغفة نصيب كل فرد يوميًا.. «الأهرام العربى» تخترق «حياة اللاجئين» بمخيم «الزعترى» بالأردن
نشر في الأهرام العربي يوم 03 - 02 - 2014

رسالة الأردن: أحمد إبراهيم عامر
مؤتمر (جنيف 2).. وكما بدا ساعة افتتاحه فى تلك القاعة الرحبة الرائعة من قاعات فندق (البتى باليه) أو القصر الصغير.. وذلك العدد الهائل من الدول التى دعيت لحضوره فقد تم دعوة 42 دولة ! ممن تعنيهم الأزمة السورية، وممن لا تعنيهم ككندا والبرازيل وأستراليا أو المكسيك وكوريا الجنوبية وجنوب إفريقيا. مثلاً ؟! إلى جانب المنظمات الدولية الكبرى بداية من الأمم المتحدة بكل مؤسساتها مرورا بالاتحاد الأوروبى وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامى.. وقد خصص لكل وفد منها.. ثمانية إلى عشرة مقاعد، حتى كادت القاعة ألا تتنفس من شدة ازدحام الحاضرين لهذا اللقاء من الساعين له والراغبين فيه.. إلى الكارهين له.. والمضطرين لحضوره..ففى الوقت الذى نجد الطبيعة السياسية المتصارعة أو التناحرية على الأرض، والتى بلغت حد الاقتتال المرير بين (الموالين) و(المعارضين) وما أسفر عنه من دمار لفيحاء الشام.. دمشق، وشهبائه.. حلب ولمدينته التراثية الحضارية .. حمص إلى جانب ثغور الشام وأريافه ودرعا وغيرها من المدن والقرى التى دمرت بالكامل، نشاهد «جنيف 2» أكثر المسرحيات سذاجة فى التاريخ الحديث..يبدو للأسف أن الفشل سيد الموقف مهما زينه الأخضر الإبراهيمى لا تزال السلطة تعتبر أن الحسم على الأرض هو الفيصل، ولا يزال الائتلاف ومسلحوه يأملون بأن يؤدى الفشل إلى إقناع العالم بإيصال سلاح أكثر... فليستمر القتال بانتظار "جنيف 3" هذا إذا بقى شىء من سوريا للتفاوض عليه، وأثناء العرض الخاص لمسرحية "جنيف 2" قررنا أن نكون فى مكان آخر مكان أكثر واقعية، لكنه أيضا أشد قسوة ومعاناة للأبطال الحقيقيين إنه شارع الشانزليزية بمخيم الزعترى على الحدود الأردنية - السورية الذين لم يتم دعوتهم للمشاركة فى تحديد مصيرهم، إنهم لاجئو الشعب السورى هم وحدهم من يدفعون الثمن الباهظ.
مخيم الزعترى هو الأشهر بين مخيمات اللاجئين السوريين ليس لأعداده الكبيرة فقط، فالأرقام تتضارب، فها هو المتحدث الإعلامى لمفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة بالأردن بيتر كيسلر يصرح لنا أن العدد 165 ألف لاجئ سورى بالمخيم يمثلون نحو 20 % من أعداد اللاجئين المسجلين بالأردن، لنجد مفاجأة عند زيارتنا أن الرقم الجديد أو الحقيقى لا يتعدى 90 ألف لاجئ!
بالتنسيق ودعوة من المفوضية السامية لشئون اللاجئين تحركنا من العاصمة الأردنية عمان بالسيارة لنصل لمخيم الزعترى التابع إداريا لمحافظة المفرق، لنرى ونتحدث مع أصحاب القضية الحقيقيين الذين يعانون ويعيشون ظروفا إنسانية ليست صعبة فقط بل غير آدمية بسبب الاقتتال داخل وطنهم سوريا ليفروا من بحر الدم وجحيم الأوضاع .
بدأنا بجولة للتعرف على مجهودات فرق الإغاثة ومتابعة اللاجئين صحيا وتعليميا وكيفية توزيع الطعام والخبر يوميا على هذا العدد الهائل من اللاجئين السوريين.
فبدأنا بتفقد منافذ توزيع الخبر والتى شرحتها لنا دينا القصبى مستشارة الإعلام ببرنامج الأغذية العالمى، التى أوضحت أن المخيم متعاقد مع عدد من المخابز لخبز 90 ألف طن دقيق يومى وكل شخص له الحق فى أربعة أرغفة يوميا، كل رغيف يحتوى على 240جرام دقيق ..
وتوقفت أمام الرقم وسألتها هذا الرقم يعنى أن المستفيدين لن يتعدوا 92 ألف لاجئ ماذا يفعل باقى اللاجئين ؟
لتفاجأنى أن آخر إحصاء للمخيم يضم نحو 86 ألف لاجئ وليس 165 ألف !!
فى تأكيد على أن جميع الأرقام غير دقيقة حتى داخل مخيم الزعترى
وشرحت أيضا الطريقة الإلكترونية لتوزيع الخبز بالبطاقة التى تدخل بياناتها على الكمبيوتر من خلال مجموعة من الموظفين ويخرم جزءا منها وتستبدل كل 15 يوما فى عملية دقيقة لتفادى أى تلاعب أو عدم حصول اللاجئين على حصصهم المقررة، ثم انتقلنا لمكان توزيع المواد الغذائية وتنقسم إلى جزئين، توزيع عينى لعدد من السلع مثل السكر والأرز والعدس وتوزيع كوبونات شراء كل 15 يوما بقيمة 8 دينارات أردنية ما يوازى (80 جينهاً مصرياً) لكل فرد من أفراد الأسرة ليشتروا بها مباشرا من متاجر تم التعاقد معها من قبل الأمم المتحدة فتحت فروعا لها داخل المخيم .
والملاحظ مدى حماسة الشباب من موظفى مفوضية اللاجئين للعمل النشط المستمر بوتيرة سريعة رشيقة، لكنهم للأسف أمام أعداد غفيرة من اللاجئين لا يستطيع عددهم أن يلبى احتياجاتهم .
لنتفقد بعد ذلك أحد المستشفيات الميدانية الأربعة داخل المخيم ونرى أعداد اللاجئين منتظرين دورهم فى الكشف وصرف الدواء الذى يقدم مجانا .
واتجهنا إلى داخل خيم وكرفانات مخيم الزعترى لنجد أنفسنا فى شارع تجارى عشوائى طويل جدا يسمى شارع الشانزليزية تيمنا بأول مستشفى ميدانى أنشأته فرنسا بالمخيم .
لنجد أشقاءنا السوريين أوجدوا لهم حياة فى ظل هذه الظروف المعيشية الصعبة فهناك لوحة فوق كشك من الخشب مكتوب عليها مطعم وأخرى لبيع أنابيب الغاز وهذا ترزى وهنا بائع للخضراوات، حتى استوقفنى أحد المحلات "نت كافية" بداخله أطفال جالسون على أجهزة الكمبيوتر يلعبون ويتواصلون على الفيس بوك .. ويحتوى شانزليزية الزعترى على 3000 محل بينهم محل لشراء وبيع المجوهرات وصرافة، والغريب والمدهش أن وجود كل هذه السلع داخل المخيم غير قانونى ويدخل بطرق غير شرعية ولكنه أصبح واقعا على مرأى ومسمع من السلطات الأردنية والأممية المشرفة على مخيم الزعترى.
واستوقفنى عن بعد بطرق متفرع من الشانزليزيه منظر مختلف فذهبت لكى تتأكد عينى مما أرى فعلا أنه أحد اللاجئين يبيع عصافير ... فعلق خارج خيمته أقفاصا لعصافير الزينة لا فاجأه ويرد فى ذهنى سؤالا؟ هل هناك فى العقل والقلب مكان للإحساس بالجمال والتعامل مع الطيور فى ظل هذه المعاناة؟
لأجد الإجابة عند محمد هذا الشاب الذى يبيع أقفاص العصافير ... فقال: نحن نحاول ألا نفقد آدميتنا .. لو كنت زرتنا فى سوريا كنت ستجدنا شعبا يعشق الحياة ويحب العصافير وسمك الزينة والورود .
وفجأة صوت انفجار رج المخيم ولا يبعد بيننا وبينه سوى أمتار معدودة .. إنه كرفان ينفجر بداخله أنبوبة غاز لينفجر ويتفحم وهرول الأهالى وأنا معهم يحاولون إخماد الحريق بالماء والرمال لألتقط صورة نادرة لحرق كرفان .. وعلمت أن "الكرفانات" بدأت تدخل المخيم لتحل مكان بعض الخيام بعد المرور بالطقس السيئ هذا الشتاء فقط، وعددهم ليس كبيرا ومازالت الخيام تحتل العدد الأكبر.
والمفجع أن سبب الانفجار هو أنبوبة غاز اضطرت الأسرة إلى بيع المنظم الخاص للحصول على حفنة صغيرة من المال وتشغيل الأسطوانة بدون منظم !!
تركت مكان الحريق والحزن بدأ يملأ القلب على وضع الشعب السورى لأتجول فى مكان آخر من المخيم وتكلمت مع عبدالله فهو من درعا ومعه زوجته وخمسة من الأبناء ليدخلنى خيمته التى علق ستارة أو قماشة كبيرة ليعمل جزء من الخيمة مطبخ لا يحتوى إلا على بعض أدوات الطعام وعدد من البيض وكيس به بقوليات والجزء الآخر يستخدمه مع جميع أفراد عائلته للنوم وجردل به ماء عند سؤالى عنه قال: إنه ماء للشرب وللاستحمام لأن المخيم لايوجد فيه مكان لنستحم !!
ألا يوجد مكان لقضاء الحاجة أو الاستحمام ماذا إذن تفعلون؟
يوجد حمام جماعى بجوار كل مجموعة كبيرة من الخيم ولكن الاستحمام لا يوجد فنحن نستحم بتمرير قطعة قماش مبللة على أجسادنا داخل الخيمة فقط.
هل يتم توزيع ملابس أو بطاطين عليكم؟
بالنسبة للبطاطين تم تفريق بطانيتين لكل أسرة خلال هذا الشتاء الذى جاء شديد القسوة أما الملابس فلم يوزع علينا شئ.
كيف ترى مستقبل سوريا القادم وماذا تتمنى من مؤتمر جنيف2 ؟
سوريا انتهت ومؤتمر جنيف2 لن يفعل شيئا لنا وكل ما أتمنى أن يتوقف القتال ونرجع لبيوتنا إذا كانت مازالت موجودة أصلا .. نحن نموت كل يوم إن الشعب السورى المهجر فى الخارج والداخل لايريد شيئا غير حضن الوطن الدافئ.
لنترك عبدالله ونمشى نتنقل بين الخيم والعائلات السورية التى ليست أفضلا حالا من أسرة عبدالله بل تعيش نفس المأسأة.
لنستوقف سيدة تحمل طفلا رضيعا لا يتعدى عمره الثلاثة أشهر لنسألها منذ متى وأنت بالمخيم؟
لتجيب أنا ليلى ولى سنتان مع زوجى وثلاثة أولاد بالمخيم هربنا من القتل والحرب وانعدام الأكل إلى الأردن، ولأننا لا نحمل أوراقا تم توزيعنا على مخيم الزعترى.
هذا الطفل ابنك ولد بالمخيم؟
نعم عمره ثلاثة أشهر ولد بمستشفى المخيم.
ماذا يصرف له من مفوضية اللاجئين من حفاضات وحليب أطفال؟
يتم صرف حفاضات فقط ولايصرف حليب أطفال نهائيا ونعانى من شرائه فثمنه غال علينا وأحاول أن أرصفة طبيعيا ولكنهم يهتمون بالمتابعة الطبية وصرف الأدوية له إذا لزم الأمر
وأين زوجك؟
أنه يعمل بأحد المحلات بالمخيم من الصباح حتى المساء لنستطيع أن نعيش
ألا تصرف لك مفوضية اللاجئين خبزا وغذاء وكوبونات شراء سلع؟
نعم تصرف ولكن فى الحياة أشياء أخرى فمن أين نشترى حليب الرضيع وملابس للصغار وبطاطين؟ .. إن وضعنا صعب جدا وأنت ترى بنفسك.
يمر الوقت سريعا يداهمنا ليقرر فريق مفوضية اللاجئين أن علينا أن نتحرك خارج المخيم وأحسست أننى أريد أن ألمس وأعيش اليوم الكامل بالمخيم، فقررت أن أخترق القوانين وأبيت داخل المخيم وبالفعل اختفيت بعد أن أبلغت زميلى بالأهرام محمد السيد أن يبلغ أعضاء مفوضية اللاجئين بعدم عودتى معهم إلى عمان.
هرولت سريعا للاختفاء داخل الطوفان البشرى من اللاجئين السوريين لأتعرف بمجموعة من الشباب السورى بالقطاع الخامس داخل المخيم، لأطلب منهم أن أمكث ليلتى معهم وفى حمايتهم فرحبوا بشدة وأعدوا الشاى وأخذوا يرحبون بى وحل المساء وتوارت الشمس ليبدأ الحديث عن سوريا الوطن الذى خطف .. فها شخص يتحدث عن بداية الثورة وسلميتها ويقاطع شخص آخر ويقول هذه ليست ثورة هؤلاء جماعات تكفيرية خونة، ليشتبك آخر فى الحديث ويؤكد أن الثورة سرقت والشعب هو الوحد من يدفع الثمن بين نظام باطش وميليشيات إسلامية لاتنتمى للشعب السورى.
لأطرح سؤالاً مفاجئا على الجميع.. كيف ترون مؤتمر جنيف 2 وهل سيتفق الأطراف؟
بادر محمد بالكلام وقال: جنيف2 وجنيف 3 وحتى جنيف10 لن يغير فى الأمر شيئا، فالكل حاضر إلا الشعب السورى الحقيقى... أين ممثلو مخيم الزعترى.. أين ممثلو اللاجئين السوريين فى لبنان ومصر والأردن وتركيا والعراق...
إنها لعنة السياسة القذرة كل واحد يريد تحقيق مكاسب سياسية ولكن أين الشعب السورى وأين ما يريده؟
ماذا يريد الشعب السورى؟
الشعب السورى شعب بسيط مسالم لايريد سوى أن يرجع لبيوته لوطنه .. فالثورة بدأت ليس ليحدث بنا هذا ولكنها كانت تتطلع لمزيد من الديمقراطية والحرية وما كان ليتخيل أحد منا أن تؤل الأمور لهذا الوضع المأساوى، فنحن الآن كفرنا بالثورة . كفرنا بكل شىء لانتمنى سوى أن ترجع سوريا كما كانت فللأسف انكشفت المؤامرة للنيل من بلادنا
ليتدخل خالد ويقول ما يحدث فى سوريا الآن هو صراع سعودى - إيرانى وأيضا مؤامرة دولية على الشعب السورى من الأمريكان وانجرفنا جميعا وراء سراب .
وفجأة يقتحم المكان أفراد الأمن التابع للأمم المتحدة نحو الساعة الثامنة مساء ويبلغوننى أننى مطلوب معهم.
ويتم توقيفى وإرسالى لمكتب مدير أمن المخيم ليبدأ تحقيق عن سبب مخالفتى للقوانين بعدم المبيت داخل المخيم وكانت لهجته فى بداية الأمر لهجة غليظة ولكننى أصريت أن يتوقف عن الحديث وسماعى لدقائق.
فبدأت كلامى بأننا مصريون وأردنيون وكلنا كشعوب عربية شعب واحد، وأنا هنا ليس للفسحة أو مشاهدة أقفاص للحيوانات ولكننى جئت محاولا رسم صورة بالقلم عن معاناة شعب عن صرخة الم يمكن أن تكون جزء ولو ضئيل يمكن أن تكون نقطة فى بحر يقرأها أحد مسئولى الدول المانحة أو أحد المصريين على الحرب هناك على بعد بضعة كيلومترات من هنا داخل سوريا .. محاولة مبيتى داخل المخيم هى محاولة لاشعر بالبرد بالليل والخوف من عدم الأمان داخل جدران المنزل هى محاولة لخروج الكلمات من القلب والمشاعر ولا تكون الأرقام فقط هى الظاهر .. هى محاولة للشعور والإحساس بقهر وظلم شعب .
لتخرج كلماتى على مسامع «عمار سماعين» مسئول الأمن والسلامة الميدانى بمفوضية اللاجئين بمخيم الزعترى لتتأثر ملامحة التى كانت غليظة منذ لحظات ويعبر على أننا كلنا كعرب نتفهم معاناة الأشقاء السوريين ويؤكد أن هذه القوانين والمثول إليها تحمى اللاجئين وتحمى الزائرين أيضا وأخيرا ضحك وودعنى وحاولت معه أن يوافق على مبيتى ولكنه أكد أنه قرار السلطات الأردنية والقانون لايسمح. خرجت فى ظلمات الليل متوجها لباقى زملائى الصحفيين الذين لم يذهبوا وكانوا فى انتظار العثور على.
لينتهى يوم مع لاجئى مخيم الزعترى حاولت فيه عدم الغوص فى الأرقام والمساعدات برغم كبرها وأهميتها والدور والمجهود الكبير الذى تبذله مفوضية اللاجئين التابعة للأمم المتحدة وشركاؤها إلا أنه كان هدفى الأكبر هو التحدث مع أبطال القضية الشعب السورى أنفسهم فى نفس الوقت الذى تعرض فيه مسرحية جنيف2 الهزيلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.