هانى بدر الدين البروفيسور محمود الشريف، ليس فقط عالماً في مجال الإلكترونيات والطاقة، وليس فقط أحد أبطال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر، بل إنه أحد الغيورين على مصر والساعين إلى تقدمها، ويحاول أن يقدم خبراته التي اكتسبها من العمل في الجامعات ومراكز البحث في الولاياتالمتحدة، وحاول منذ أكثر من عقد أن ينقل خبراته لمصر في مجال الطاقة الجديدة والمتجددة والألياف الضوئية والإلكترونيات. "الأهرام العربي" التقت الدكتور الشريف، في حوار حول مستقبل مشروعه الطموح لنقل مصر من مصاف الدول النامية إلى أعتاب الدول المتقدمة، بإقامة مصانع لإنتاج خلايا الطاقة الشمسية، والتوسع في إنتاج الطاقة الشمسية في مصر. - كيف ترى مستقبل الطاقة الشمسية في مصر حاليا؟ الطاقة الشمسية هي الحل لمشكلات عددية في مصر حاليا، فهي الخطوة الأولى نحو اقتحام عالم صناعة التكنولوجيا، كذلك فإنها تدر أرباحا كبيرة، حيث إن مصر لديها فترة سطوع شمسي تعتبر طول العام تقريبا، فمصر مركز الطاقة الشمسية في العالم، نحو 2.8 ميجا وات على المتر المربع في السنة، ولدينا ملايين الأمتار في الصحراء، كما أن لدينا المواد الخام وهي السيلكا، وتكلفة تصنيع الخلايا الشمسية تعتبر قليلة، فتكلفة الكيلو وات نحو 20 قرشا، بينما يباع الكيلو وات بنحو 70 قرشا، أي أن لدينا ربح حوالي 50 قرشا، وهكذا سيكون لدينا أرباح مهولة، فالشمس قد تكون مصدر ربحا ورخاء لمصر تماما مثلما كان البترول لدول الخليج، حيث إننا سنستفيد اقتصاديا بشكل كبير، من خلال تصدير الطاقة الكهربائية الناتجة عن الطاقة الشمسية للدول الإفريقية، كما أن تصنيع الخلايا الشمسية وتوليد الطاقة منها سيوفر عشرات الآلاف من فرص العمل، بخلاف أن الطاقة الشمسية ستكون الحل لأزمة نقص الكهرباء في مصر التي نعاني منها منذ سنوات، وتفاقمت بشدة خلال العام الحالي، خصوصا في ظل تزايد السكان والطلب على الكهرباء، بينما يتزايد أسعار الوقود. -وكيف تنظر لوضع الاعتماد على الطاقة الشمسية اليوم في مصر؟ خطة وزارة الكهرباء المعلنة والتي اطلعت عليها تتضمن الاعتماد على 20 % من الكهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة، وتنقسم تلك النسبة ما بين 12 % طاقة رياح وللأسف، فإن هناك مشاكل في مصر في توليد طاقة الرياح، مقارنة بالطاقة الشمسية والتي لا تزيد نسبتها على 8 %، منها 5 % من خلال المرايات وتسخين الزيوت والسوائل، وهذه طريقة تتضمن خطوات صعبة وبها مشكلات وتحتاج لصيانة مستمرة، والنسبة المتبقية وهي 3 % هي توليد الطاقة الشمسية من خلال الخلايا الشمسية، وهي الطريق الأسهل والأهم، وعندما تحدثت مع المهندس شعبان خلف رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة شرحت له رؤيتي، بأن تزيد نسبة الاعتماد على توليد الكهرباء من الخلايا الشمسية إلى نسبة 30 % على الأقل، هذا بخلاف أهمية الطاقة الشمسية للمنازل والمصانع باعتبارها حلا نموذجيا. - كيف ذلك؟ كل المصانع التي تحتاج إلى طاقة كهربية عالية، مثل الإسمنت والحديد، أعتقد أن الأفضل أن يتم بناء محطة طاقة شمسية بجانبها لتوفير ما تحتاجه من كهرباء للتشغيل، أما بالنسبة للمنازل، فيمكن فهناك وحدات طاقة شمسية صغيرة توفر الكهرباء للمنازل، علما بأن أسعار تلك الوحدات ليست كبيرة، وهناك اقتراح قدمته بأن يكون تمويل شراء تلك الوحدات للمواطنين من خلال البنوك القومية، بحيث يشتريها المواطن كقرض من البنك، وتكون أقساطها ما يعادل قيمة استهلاكه الشهري الآن ما بين 50100 جنيه، وبهذا ستنتهى الأقساط في غضون 35 سنوات، ويتمتع المواطن بالكهرباء بشكل مستمر دون انقطاع، كما أنه سينعم بالكهرباء مجانا بعد انتهاء الأقساط، علما بأن خلايا الطاقة الشمسية عمرها الافتراضي 2530 عاما، كما أنه أيضا يمكن أن يحصل على دخل شهري من قيمة ما تولده وحدة الطاقة الشمسية لديه، إذا كان ما تقوم بإنتاجه أكثر من استهلاكه، والفارق هنا ستستفيد منه وزارة الكهرباء وتدفع له قيمته، وبحسبة بسيطة، إذا كانت وحدة الطاقة الشمسية لديه تقوم بتوليد 20 وات مثلا، واستهلاكه 15 وات، فالفارق 5 وات، وهذا الفارق يكون قيمة مضافة لشبكة الكهرباء ويحصل على مقابل مادي عنه. - هل هذه الأجهزة لتوليد الطاقة الشمسية بالمنازل متوافرة حاليا؟ بعضها موجود الآن، ولكنها مستوردة بالكامل، ما نسعى لتحقيقه هو أن نقوم بتصنيعها في مصر، وبالتالي سيؤدي ذلك لانخفاض أسعارها بشكل كبير، فإذا كانت تباع حاليا ب 5060 ألف جنيه، فإذا تمت صناعتها في مصر لن يكون ثمنها أكثر من 1520 ألفا على الأكثر، كما أن ذلك سيحقق ما تحدثنا عنه سابقا من اقتحام صناعة التكنولوجيا، وانتعاش اقتصادي كبير. - وهل المشروع الذي تتحدث عنه بدأ تنفيذه حاليا؟ بداية فقد عقدت اجتماعات مع كبار المسئولين، ومنهم المهندس شعبان خلف رئيس هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة، وبدأ من جانبه خطوات في اتجاه تسهيل الاتجاه للطاقة الشمسية، ومنها "عداد الكهرباء الذكي" الذي يقيس ما يحصل عليه المواطن في منزله من كهرباء، وما يقوم بضخه للشبكة الموحدة للكهرباء من كهرباء نتيجة وحدات توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية، ويمكن أن يتم تركيب وحدة توليد كهرباء من الطاقة الشمسية تكفي لاحتياجات عمارة سكنية بالكامل، وذلك وفقا لحسابات عن احتياجات كل شقة، وعدد الشقق السكنية، وحاليا المستثمرون موجودون ولكن للأسف الحكومة كانت غائبة، نتمنى أن نرى تحركا مساندا من الحكومة الجديدة، ولمسنا خلال الاجتماعات السابقة تجاوبا من مسئولي الكهرباء ونحن نعد لدراسة جدوى بالتفصيل كاملة للمشروع لإقامة 5 مصانع تتضمن تصنيع الخلايا الشمسية التي تقوم بتوليد الكهرباء، خصوصا أن أحد المصانع التابعة لجهة سيادية أبدى اهتماما كبيرا، وفور تجهيز الدراسة سيتم الإعداد لطرح عطاءات من الشركات الراغبة في المشاركة، في وجود هيئة استشارية كطرف محايد للتأكد من تنفيذ المشروعات بدقة، ولكن بالطبع فهناك احتياج لوجود حكومة قوية، لأن هذه المشروعات والمصانع تتضمن إدخال تكنولوجيا، وهذا يحتاج من المستثمرين والشركات صاحبة الخبرة أن يكون هناك طرف حكومي للتأكيد على الحفاظ على حماية الحقوق الفكرية ونقل التكنولوجيا. - ما المطلوب من الحكومة؟ وهل يمكن أن تتم إقامة المشروع من القطاع الخاص فقط؟ المشروع كان دور الحكومة به رمزيا للغاية من حيث المشاركة المادية، ولكن وجودها ضروري لطمأنة الشركات ذات الخبرة العالمية، فالمصانع تكلفتها حوالي 400500 مليون دولار، والبداية تحتاج ل 100 مليون جنيه، والحكومة دورها لن يزيد على 2030 مليون جنيه، والمصانع هي مصنع تنقية الرمال (السيلكا) ومصنع لتحويل الرمال إلى بلوكات وتقطيعها إلى شرائح، ومن الممكن أن يتم إقامة هذين المصنعين في مرحلة لاحقة لأنهما يتكلفان حوالي 60 % من التكلفة، باقي المصانع هي مصنع لمعاملة الشرائح ميكانيكيا وكيميائيا، والرابع هو مصنع لتحويل الشرائح لخلايا ضوئية، والمصنع الخامس والأخير هو مصنع تجميع الشرائح الضوئية وإعداد التوصيلات الخاصة بها، وهذه المصانع تهدف لإنتاج خلايا ضوئية تستطيع أن تنتج 100 مليون وات ساعة، والفترة السابقة أحجم كبار المستثمرين، ولكن الاستقرار النسبي حاليا أمر مشجع، وهناك أحاديث عن اتجاه كبار المستثمرين للمشاركة في هذا المجال.