تفاقمت أزمة البطالة بصورة غير مسبوقة فى العالم العربى ،بخاصة فى دول الربيع العربى ،حيث أضيف الى سوء السياسات الاقتصادية وغياب البرامج التنموية الفعالة ، والاعتماد على الخارج فى معظم المقدرات الاقتصادية ،والممارسات الاحتكارية وغير المسئولة .. أضيف الى كل ذلك الانفلات الأمنى ، ومانجم عنه من تراجع النشاط الاقتصادى وخصوصا السياحى ، وانتشار الاضرابات والاعتصامات والمظاهرات الفئوية ، مما عرقل عجلة الانتاج وغيرها من مشاكل وتداعيات.. واجهنا بها الخبراء فى هذا التحقيق: فى البداية شددالسفير محمد الربيع الأمين العام لمجلس الوحدة الاقتصادية العربية علي أهمية رفع مستوى الوعي والاهتمام تجاه التحديات الاقتصادية المحلية والعالمية ودراسة كل ما يتعلق بهذه القضية مثل بيئة الأعمال والتجارة الدولية والتنمية المستدامة وتطوير الموارد البشرية ، وذلك لمواجهة أزمة البطالة التى تفاقمت بشدة فى العالم العربى ، بخاصة فى الدول التى شهدت ثورات الربيع العربى ، مشيراً إلى أهمية التسويق على أسس علمية للمنتجات العربية، ورصد تأثير المناخ السياسي على اقتصاديات الدول العربية، وكيفية المساهمة الإعلامية في دعم القدرة التنافسية للاقتصاد العربي. فيما أوضح الدكتور نادر رياض رئيس الاتحاد العربي لحماية حقوق الملكية الفكرية أن الإبداع التكنولوجي أحد أهم الركائز الأساسية في دعم المزايا التنافسية للدول والمؤسسات مؤكدا على ضرورة الحرص والسعي نحو تحسين القدرة التنافسية كمحرك للنمو والانطلاقة الاقتصادية من خلال تحديث وتطوير وتدعيم الصناعة المصرية بما يرفع القدرة التنافسية لها ويخدم أغراض تنمية وتفعيل التجارة الخارجية لمصر و الترويج لجذب الاستثمارات الخارجية المباشرة إلى إقامة المصانع الجديدة والتوسع فى الأنشطة الصناعية القائمة وتنمية موارد النقد الأجنبى والعمل على تحقيق الاستقرار فى سعر الصرف فضلا عن توفير المناخ الملائم لتنمية وتطوير الاستخدام الحديث للتكنولوجيا فى إنشاء وتطوير وإدارة قواعد المعلومات عن التجارة الخارجية والصناعة المصرية والعالمية. بينما أشار الدكتور على لطفى رئيس مجلس الوزراء المصري الأسبق إلى أن ظهور مبدأ التنافسية جاء كأساس لقيام مبدأ التبادل التجاري الدولي مؤكداً على أن قدرة المنشآت الانتاجية على الإنتاج بتكلفة أقل وجودة عالية وكذا التجديد والابتكار وبالرصيد المتوافر لدى الأمم من مهارات العمل وقدرات البحث العلمى والبنية الأساسية كل هذا يعد حجر الأساس في دعم اقتصاديات الأمم موضحا أنه يمكن قياس القدرة التنافسية للصادرات على مستوى الأمم بمؤشرين الاتجاه العام لوضع الميزان التجاري للدولة و الاتجاه العام لتطور قيمة العملة المحلية. أكد أحمد الوكيل رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية فى مصر أن القدرة التنافسية في عصر العولمة لم تعد مرهونة بالقدرة علي الإنتاج فحسب لكنها مرتبطة أيضا بشكل كبير بعملية النقل واللوجيستيات والتوزيع وتكنولوجيا المعلومات التي تعد منظومة متكاملة ، معربا عن أمله في استقرار السياسات النقدية والمالية الفترة المقبلة وكبح جماح الارتفاع المضطرد في أسعار صرف النقد الأجنبي حتى تنتعش الاستثمارات ويتاح مناخ جيد لجذب المزيد من الاستثمارات . من جانبها قالت الدكتورة مها بخيت رئيس وحدة الملكية الفكرية بجامعة الدول العربية إن المنطقة العربية لا تزال ينقصها الكثير لتعزيز التنافسية والإرتقاء بالعمل العربى المشترك من خلال الانفتاح مع المنظمات المدنية الأهلية. لفت ناصر جلال حسنين استاذ الاقتصاد بأكاديمية الثقافة والعلوم النطر الى أن مصر شهدت فى فبراير عام 2011 الأطاحة بالنظام الحاكم ومؤسساته التنفيذية والتشريعة والأمنية، مما أدى إلى أشاعة حالة من الفوضى الأمنية أنعكست على الأداء الاقتصادى والتنافسى لمصر، وأتضحت معالمه فى التدهور المتتالى فى مؤشرات سوق المال وخروج المستثمريين الاجانب والعرب من السوق المصرى . بينما أفاد الدكتور السيد أحمد النشار وكيل كلية التربية النوعية بجامعة كفر الشيخ أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة تواجه العديد من التحديات والتي تجعل أمر بقائها فى السوق صعبا , لذا عليها التكيف معها لضمان بقائها و استمرارها , ومن ضمنها تحديات خاصة بالموارد البشرية ولذلك عادة ما يدير المشروعات الصغيرة والمتوسطة مالكها حيث تكون إدارته لها غير محترفة بسبب ضعف تكوينه فى الميدان التجاري . أكد الدكتور عبد الوهاب شحاتة جلال رئيس بحوث متفرغ بمركز البحوث الزراعية أن الاقتصاد المصري يعتمد تقليدياً وبصورة ملموسة على القطاع الزراعي كمصدر للغذاء والألياف والمنتجات الأخرى ، كما يوفر القطاع الزراعي سبل الحياة لنحو 55% من المواطنين المصريين ويعمل به حوالى 30% من إجمالى القوة العاملة وبالإضافة إلى ذلك يساهم القطاع الزراعي بنحو 16% من الناتج المحلى الإجمالى وحوالى 19% من إجمالى الصادرات، مشيرا إلي أن مصر تعتبر حالياً فى مرحلة نشطة للتحول الزراعى تتسم بزيادة كبيرة فى إنتاج المحاصيل الرئيسية فقد زاد معدل النمو السنوى للإنتاج الزراعى من 2.6% فى الثمانينات إلى 3.4% فى التسعينات ثم الي 3.5 %خلال السنوات العشر الأولي من الألفية الثانية لتصل الي 2.7 % خلال عام 2012 كما زادت قيمة الصادرات الزراعية من 471 مليون جنيه عام 1980 إلى 536 مليون جنيه عام 1995 ثم إلى 2.6 مليار جنيه عام 2000، لتصل الي نحو 5.8 مليار جنيه عام 2005 ونحو 14 مليار جنيه عام 2011 . أشار إلي أن مساحة الأراضى المزروعة زادت من 6.2 مليون فدان عام 1980 إلى 7.8 مليون فدان عام 1995 ثم 8.1 مليون فدان فى عام 2000 لتصل إلي 8.6 مليون فدان عام 2011 ، بينما زادت المساحة المحصولية من 11.2 مليون فدان عام 1980 إلى 14.4 مليون فدان عام 1995 ثم 14.6 مليون فدان فى عام 2000 ثم الي 15.4 مليون فدان عام 2011، مع زيادة التكثيف المحصولى إلى حوالى 180%. وتابع قائلا :أنه في الوقت الحالى تمثل محاصيل الحبوب حوالي 46 % من المساحة المحصولية والأعلاف حوالي 18% والخضر حوالي14%، والفاكهة 10% والمحاصيل السكرية 5% بينما تمثل المساحة المزروعة من محاصيل الألياف والزيوت والبقول نحو 3%، 2% ، 1% وتمثل باقي المحاصيل الأخري والتي تشمل النباتات الطبية والعطرية والأشجار الخشبية النسبة الباقية والتي تمثل حوالي 1% مبينا أن الانتاج الكلى للمحاصيل الاستراتيجية الغذائية ارتفع حيث زاد إنتاج الحبوب من 8 مليون طن عام 1980إلى 16 مليون طن عام 1995 ثم الي نحو 20 مليون طن عام 2000 ليصل الي نحو 22 مليون طن عام 2011 . أضاف الدكتور السيد رشاد رئيس لجنة التراث بالاتحاد العربى لحماية حقوق الملكية الفكرية أن الصناعات الإبداعية أصبحت من أهم الصناعات الثقيلة التي تسهم في الناتج القومي الإجمالي بنصيب أكثر من الصناعات الأولية والتحويلية لما توفره تلك الصناعات من زيادة في الميزان التجاري وتحقيق أعلى معدل عائد و تكلفة أقل بكثير ،مقارنة مع الاستثمار في الصناعات الأولية،أو التحويلية ، وفي الوقت ذاته فإن الصناعات الابداعية رغم قلة تكلفتها الرأسمالية ، فانها تؤدي إلى تكوين ثروات هائلة واستثنائية قلما تحققها الصناعات الاخرى. وطالب رشاد بانشاء منظومة مؤسسية عربية خاصة بالاقتصاد الابداعى فى إطار مجلس الوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية تختص بكل ما يتعلق بهذا المجال ، وتتكامل مع الاتحادات والمؤسسات ذات العلاقة وفى مقدمتها الاتحاد العربى لحماية الملكية الفكرية وإنشاءغرف صناعية وتجارية متخصصة فى أنشطة اقتصادات المعرفة فى كل قطر عربى وانشاء غرفة عربية موحدة للصناعات الابداعية للجمع والتنسيق بين الغرف القطرية الخاصة بالاقتصاد الابداعى . من جانبه دعا المهندس طلعت زايد أمين عام الاتحاد العربى لحماية حقوق الملكية الفكرية الى تشجيع التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية الاقل استهلاكا للماء بهدف تحقيق زيادة فى القيمة المضافة من القطاع الزراعى .. كما طالب سبتوفير التمويل الكافي لإنجاح سياسات البحث والتطوير ، حيث إن الإنفاق علي البحث العلمي لا يتعدى 0.2% من الناتج المحلي العربى فى المتوسط ، بينما تخصص الدول المتقدمة من 2% إلي 5 % من ناتجها الإجمالي لهذا الغرض ، وعلي الحكومات أن تسعى إلي زيادة تدريجية في نسبة الأموال المخصصة للبحث والتطوير ؛ بحيث تصل إلي 2% ، علي أن يكون الإنفاق الحكومي المصدر الرئيسي لدعم البحث والتطوير إلي أن يزداد دور القطاع الخاص في تمويل البحث العلمي لتحسين إنتاجه كما وكيفا و تشجيع القطاع الخاص علي زيادة الإنفاق علي البحث والتطوير .