ما تعيشه الإمارات اليوم، من مشهد حضاري، متقد بشعلات الأمل. وصفاء المقل، هو نتيجة فعلية لغرس جيد، وجهد أجاد التصويب باتجاه الأفق، والاحتفاء بالماضي والإرث الطيب، لهو من شيم الأوفياء وقيم النبلاء ونخوة النجباء الذين يؤصلون الحاضر، من جذور ماض، عتيد، شيد أركانه رجال، عانقوا الصحراء، بأعناق سامقة كأشجار النخل، ورافقوا البحر بسواعد باسقة، كأشرعة مترعة بالزهو والافتخار. والاحتفال بمرور 250 سنة على بناء قصر الحصن، لهو امتداد لمداد مد حبره في المدى حتى عانق السحاب، منسكباً، مطراً حثيثاً يروي، ويطوي سجل الأيام بسجادة من مخمل الحب، وحرير الوفاء، هذا الاحتفال الذي يؤسس عرفاً إماراتياً تحتذي به الأجيال، وتقتدي بمن هم القدوة والنخوة، والصبوة والنون والقلم هم الذين يسطرون المجد بوجد وجد وجهد، وكد، ويزخرفون الأرض، بعشب الحياة، وسنابل السعادة هم، المنارة والقيثارة التي على شدوها تنبض القلوب لحناً إماراتياً، نقياً صفياً شفياً عفياً، مترامياً في حدق الناس الصادقين المخلصين الذاهبين في أعماق الشغف، لهفة وعشقاً. هذا الاحتفال يرتب المعنى ويهذب المغزى، ويشذب الجملة الوطنية، ويبلل شِفة المتلظين شظفاً وشغفاً بما معنى وكان الأساس والمتراس، كان الرأس والحس، وكان الذروة القصوى في العطاء بلا حدود، والسخاء بلا صدود، والوفاء بلا ردود. هذا الاحتفال، هو شيء من نهل وما فاض مهج ولهج، هذا الاحتفال يقدم درساً ساطعاً، مانعاً رادعاً، شاسعاً في النفس واسعاً في الحس، متشعباً في الروح والجسد. مؤكداً أننا شعب، قدم للعالم من جهده وعرقه، ما يستحق الفخر والاعتزاز وما هذه الشعلة المتلألئة، على مدار الأفق، إلا صنيع تاريخ جليل، صاغت جُمله الفعلية عقول ورتبت حروفه قلوب أحبت التراب، كما أحبت فصيلة الدم. هذا الاحتفال، جزء من تفاصيل، العشق الأبدي لصحراء وفيحاء جزء من أحلام بهية سعت وترعرعت ونمت وتفرعت وسمقت وبسقت حتى حاذت نجوم السماء، وفاضت واستفاضت وحضت وفضت ومضت، وأحسنت تصوير الواقع، كما هو مزملة بإرادة الحق وعزيمة الحقيقة رافلة سندس المعاني الجليلة، واستبرق السمات الأصيلة. هذا الاحتفال، نتمنى أن يكون نهجاً سنوياً منهجاً دراسياً وطنياً، يؤرخ لمرحلة وما بعدها مراحل، لأن الأبناء بحاجة معرفة تضاريس التاريخ، وتاريخ التضاريس هم محتاجون إلى هذا الزخم المعرفي، فالوطن يحتاج إلى من يتعرف إلى أحلامه القديمة، لأنها أساس هذا الصرح العظيم. * نقلا عن جرية الاتحاد الإماراتية