كشفت أزمة الرهائن الغربيين فى الجزائر خلال الأيام القليلة الماضية ومطالب الخاطفين المنتمين لتنظيم «القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامي» بضرورة وقف العمليات العسكرية الفرنسية فى شمال مالى الملاصق لحدود الجزائر الجنوبية، عن مخاوف ذات أبعاد مختلفة تحمل فى طياتها علامات استفهام من عينة.. هل تتحول مالى إلى أفغانستان إفريقيا؟ وهل يتحمل الجوار الجزائرى مع القرب الليبى تبعات ذلك؟ يبدو أن رمال مالى المتحركة قد تجرف الأمور إلى أبعد من مجرد سعى فرنسا وبدعم أمريكى للقضاء على جماعات إسلامية مسلحة استولت على شمال مالى وأعلنت فصله عن الدولة الأم. وقد بدا واضحا منذ اللحظة الأولى للتدخل العسكرى فى شمال مالى، أن المشهد يشبه إلى حد كبير ما كان يحدث فى أفغانستان فى الفترة التى سبقت هجمات 11 سبتمبر 2001 ضد الولاياتالمتحدة. ويبدو أن رياح الربيع العربى التى قلبت الوضع فى ليبيا، ساعدت على توفير قدر من الفراغ الأمنى انعكست على تدفق الأسلحة الليبية إلى مالي، وهو ما مكن الإسلاميين هناك من السيطرة بسرعة على شمال البلاد, ومن المؤكد أن النيران التى يوجهها الغرب من خلال فرنسا حاليا ضد الإسلاميين فى مالى ستطال كل من يربطهم فى بلدان الشمال الإفريقى وتتجاوز الحدود الجغرافية. من هنا جاء الربط المباشر والسريع بين اختطاف 41 رهينة غربية فى الجزائر وما يحدث على الحدود الجنوبية الملاصقة لشمال مالي، بينما يتزايد الغضب من السماح للقوات الفرنسية باستخدام الأجواء الجزائرية فى حربها المستمرة ضد الإسلاميين فى مالى. هنا يشار إلى أن الحدود بين الجزائر ومالى تمتد على مسافة تفوق ال800 كيلو متر، أغلبها صحار. وقد تلجأ الحكومة الجزائرية فى وقت من الأوقات للدعم الغربى رافعة شعار التعاون فى الحرب على ما يسمى الإرهاب، فتجهض رياح التغيير فى مهدها، وتبقى المسألة محصورة فى بعدها الأمنى فقط. فى هذا السياق، يظهر مشهد عشرات الآلاف من الجنود الجزائريين وهم يتوجهون إلى الجنوب لتأمين الحدود مع مالي، وإغلاقها فى وجه عشرات الآلاف من النازحين. كما يفسر ذلك أيضا ما قالته الجزائر عن تسلل عناصر القاعدة من ليبيا إلى أراضيها لتنفيذ عملية خطف الرهائن الغربيين. فى هذا المشهد المضطرب، يظهر مختار بلمختار الذى تبنى اختطاف الرهائن بالجزائر، فهو أحد القادة التاريخيين لتنظيم القاعدة فى بلاد المغرب الإسلامى، وهو الذى أدخل التنظيم إلى شمال مالى برفقة عمارى صايفى المعروف باسم عبد الرزاق البارا (المظلى). وقد شارك بلمختار البالغ من العمر 40 سنة، فى 1991 إلى جانب “المجاهدين" فى أفغانستان قبل أن يعود بعد ثلاث سنوات إلى الجزائر لينضم للجماعة الإسلامية المسلحة والتى تم تفكيكها فى 2005.. وأخيرا، أعلن بلمختار تأسيس كتيبة جديدة من المقاتلين تحمل اسم “الموقعون بالدماء"، وهى الكتيبة التى أعلنت مسئوليتها عن الهجوم الذى استهدف موقعا للغاز بجنوب شرق الجزائر وعن خطف 41 أجنبيا وعشرات الجزائريين. من جهة ثانية، فإن الضربات الفرنسية فى شمال مالى قد تخلف تداعيات أمنية وإنسانية كبيرة على ليبيا التى بدأت إجراءات احترازية لمواجهة موجات من النازحين ومخاوف من تهريب أسلحة ومعدات عسكرية. . فى هذا السياق، يشار إلى جماعة تطلق على نفسها اسم جماعة “محمد ناجم"، وهى قوة عسكرية قلبت موازين المعادلة العسكرية فى مالي، وكانت تتمركز خلال الثورة الليبية بالقرب من مدينة غات، ورفضت القتال فى صفوف قوات العقيد الليبى الراحل معمر القذافي، لكنها بعد سقوط القذافى رجعت إلى شمال مالى، وانضمت إلى حركة تحرير أزواد، ومجموعة منها دخلت فى جماعة أنصار الدين.