نحن بحاجة إلي دستور.. لكنه تم بصورة جري حولها الكثير من اللغط، واختلفت حوله الرؤي والآراء حتي انقسم الشعب المصري كله أمامه إلي قسمين متعارضين، أحدهما يؤيد علي طول الخط والآخر يعارض تماما. وكانت المشكلة في اللجنة التي تكتب الدستور، وليست أدري من وضع شرط المئة حتي تكون ضيقة بهذا الشكل، ولماذا لم تكن مائتين أو ثلاثمائة أو حتي خمسمائة حتي تستوعب مختلف الفئات والشخصيات التي يتطلبها الدستور، كذلك فإن من بين العيوب التي لحقت باللجنة غياب أساتذة القانون الدستوري بالجامعات المصرية، وهم والحمد لله معترف بهم وشخصيات كبيرة وبعضها وضع دساتير البلاد العربية المحيطة بنا. من هنا جاءت المشكلات كذلك فإن مختلف الفئات في الشعب المصري لم يتم تمثيلها في اللجنة لذلك بدأ العمل في الدستور بصورة قاصرة أو معيبة، وهذا ما جعل المنتج الخارج منها غير معترف به، وهناك العديد من الصياغات والألفاظ والعبارات التي لا تتماشي مع روح الثورة المصرية، تلك الثورة التي جاءت لتعلي قيمة الحرية وكرامة المواطن والفصل بين السلطات وتقليص سلطات رئيس الجمهورية، وهذا كله مع الأسف ليس موجوداً في الدستور الجديد، ولا أريد أن أدخل في أمثلة فقد فسرها الدكتور (جابر نصار) أستاذ القانون الدستوري في أحد البرامج التليفزيونية. ولكني بحكم تخصصي في الفلسفة الإسلامية ألاحظ علي المادة (219) إنها تجعل مرجعية مبادئ الشريعة الإسلامية لمذاهب أهل السنة والجماعة، ومن المقرر في دراستنا لهذه المذاهب أنها تؤكد أن حاكم الدولة الإسلامية له عدة شروط من أهمها أن يكون «قرشيا « أي من قبيلة قريش كما جاء في (عقائد النسفي) وهو جزء من منهج أهل السنة والجماعة وهذا يعني أنه من الممكن تبعا لهذا المذهب أن يكون رئيس مصر المقبل أو بعد المقبل من غير المصريين، وأري أن هذه النقطة فاتت علي المشايخ الذين شاركوا في اللجنة التأسيسية وكتبوا هذا الدستور. لذلك كان من الضروري أن يجري إعداد الدستور بصورة اكثر عقلانية مما حدث، وأن يأخذ وقته الكافي لأن الدستور أبو القوانين التي ستسير عليها البلاد كل يوم, ولهذا أرجو من المسئولين ألا يتسرعوا في إقراره حتي نضع دستوراً يليق بمصر الجديدة. *أستاذ الفلسفة الإسلامية