لم تحظ مواد التعليم بالمكانة التي تستحقها في الدستور الجديد، ففي البداية الموضوعية تحتم علينا أن نشير إلي الإيجابيات فيما يتعلق بالتعليم في مواد الدستور، أولاها الحرص علي توفير التعليم عالي الجودة. الثانية هي سيطرة الدولة علي منظومة التعليم واستمرار مجانيته، ولكن من الأسف أن تبقي فلسفة التعليم غائبة في الدستور الجديد. وتقييما للموقف بعد أن قرأت الدستور الجديد وقارنته بما سبقه وجدت سلبياته كثيرة، فقد حظي التعليم ب 6 مواد في دستور 71 في حين جاءت قضاياه في الدستور الجديد بما يشبه رؤوس المواضيع بشكل إنشائي، وغابت كل النصوص الخاصة بالحرية الأكاديمية واستقلال الجامعات، كما لم ترد أي إشارة إلي المعلم وتأكيد دوره السامي وتحسين وضعه المادي والأدبي ولم تتضح رؤية الدولة للقضاء علي الأمية وتعليم الكبار الذي يعني ويستوعب صيغاً واسعة من التعليم اللا نظامي متكاملا مع التعليم النظامي، كما لم يشر الدستور إلي الإبداع في وظائف ورؤية مستقبل التعليم المصري. وفي رأيي أن أخطر ما قصرت عنها هذه المواد هو عدم مد مظلة التعليم الإلزامي إلي المرحلة الثانوية والاقتصار علي مرحلة التعليم الأساسي، بالإضافة إلي عدم ربط التعليم بالبحث العلمي وتعظيم دور المجتمع المدني مع جهود الدولة في مجال توفير التعليم. باختصار فإن مواد التعليم في الدستور الجديد لا ترقي أن تكون مشروعاً قومياً للبلاد مع أن “التعليم تكمن فيه الأزمة والحل معنا “ ولا أتصور أن التنازل بهذه الصيغ مع عدم الإشارة عن تمويل التعليم وعلاقته بالبحث العلمي وهم رافعة التنمية البشرية والوسيلة للدخول إلي مجتمع المعرفة وتهيئة الكتلة اللازمة لإحداث اختراق للوضعية الحضارية للمجتمع المصري..وأشير في هذه اللحظة المهمة في عمر الوطن إلي وعي النخبة برسالة تدهور التعليم كما جاء في إطروحات «زويل، وجلال أمين، وحامد عمار، ونجيب محفوظ، والسيد ياسين» وتأكيدهم أن التعليم أحد أضلاع مثلث النهضة متكاملا مع ضلعي العدالة الاجتماعية والحياة الديمقراطية ... وفي النهاية أستعير عبارة نجيب محفوظ الشهيرة عن التعليم قائلا: (ليس في مصر تعليم، لكنه جهل بالغ الرداءة) لانه تعامل مع التعليم ب «لا تقربوا الصلاة». *أستاذ أصول التربية بجامعة عين شمس والخبير التربوى.