فى الوقت الذى تقول فيه إثيوبيا إنه لا تأثير لسد النهضة على حصة مصر من مياه النيل، وستظل كما هى، فإن الدكتور محمد نصر الدين علام، وزير الرى الأسبق وعضو مجلس وزراء شئون مياه دول حوض النيل، يرى أن هذا الكلام نوع من المراوغة السياسية، وأن لإقامة هذا السد تأثيرات خطيرة على مصر، لن تؤثر فقط على الزراعة وإنما على مجالات أخرى مختلفة لا تقل أهمية. بداية ما التأثيرات بالتفاصيل؟ لإقامة سد النهضة تأثيرات جسيمة على حصة مصر من مياه النيل وتدفقه، حيث سيحرم مصر من 9 مليارات متر مكعب سنويًا من حصتها، وهذا النقص سيلقى بتأثيراته السلبية على مجالات أخرى كثيرة، حيث سينقص إنتاج الكهرباء فى مصر بنحو 20%، وهى نسبة كبيرة خصوصًا إذا وضعنا فى اعتبارنا أن إنتاجنا الحالي لا يكفي وجميعنا شعرنا بأزمة فى الكهرباء هذا العام، والأخطر من ذلك كله انخفاض هذه الكمية سيؤدى إلى تبوير 2 مليون فدان. كما يؤثر على مناسيب المياه فى نهر النيل، ويهدد السياحة النيلية، وعلى مآخذ مياه محطات مياه الشرب، وكذا مآخذ المصانع، ناهيك عن تأثير انخفاض حصة مصر من المياه على المياه الجوفية فى الوادى والدلتا، وتأثر آخر لا يقلل خطورة عن سابقه، سيقع على المزارع السمكية، ونوعية المياه فى البحيرات الشمالية. هذه المشكلة ليست وليدة اليوم.. لأنها بدأت منذ سنوات.. فلماذا لم يتم الانتباه لها من قبل؟ تم الانتباه لها من قبل وقامت مصر بضخ أكبر استثمارات لها داخل إثيوبيا عام 2010 و2011، بلغت 2 مليار دولار، لدفع عجلة التنمية فى إثيوبيا، فى محاولة لمساعدة إثيوبيا على إيجاد بدائل تنمية بعيدة عن بناء السدود على نهر النيل، إلا أن النتيجة المرجوة من هذا الاستثمار والتحرك، جاءت برد إثيوبي خارج السياق المتوقع، تمثل فى البدء فى إقامة «سد النهضة». أفهم من ذلك أن طرق الأبواب الإثيوبية عن طريق الاستثمار لم يعد مجديًا؟ يجب ألا نيأس، فنحن أمام رئيس وزراء جديد، وإن كان يسير على خطى سابقه فى هذا الملف، وربما إذا وجدت إثيوبيا مزيدا من الاستثمارات وبدائل تنمية أخرى قد تتراجع.. لكن الأهم فى هذا الملف أن ندافع عن حقوقنا، وتظل مصر متماسكة قوية وتحافظ على حقوقها، لأنه لن يعطيك أحد حقك طالما لم تطالب به وتحافظ عليه، ويجب أن ننتبه لحقيقة الدور الإسرائيلي فى هذا الملف وغيره، كما أن هناك دولا أخرى كثيرة، يهمها أن تظل مصر موجوعة وغارقة فى المشاكل. لكن الاتفاقيات الدولية الخاصة فى هذا المجال تصب فى صالح مصر؟ نعم، ولكن هذا دور رجال القانون، وقد حان دورهم الآن ليتحركوا وليقولوا لنا ماذا نفعل، وأى الطرق القانونية نسلك، وأى الاتفاقيات التى نعتمد عليها فى الدفاع عن حقوقنا فى مياه نهر النيل. ومتى سيتم الانتهاء من إنشاء سد النهضة ويصبح جاهزًا للعمل؟ حسب المعلن، سيتم الانتهاء من العمل به فى 2014، ليصبح جاهزًا للعمل، والآن توجد بعض المعوقات فى تمويله واستكمال إنشائه، ويجب ألا نركن إلى هذا التعطل، ونفترض أنه ربما لم يكتمل، لأنهم جادون فيما يقومون به، ولهذا قلت يجب على رجال القانون أن يتحركوا بسرعة، فهذه فرصتنا أن نوقف بناء هذا السد بشكل قانوني، طالما أن الاتفاقيات الدولية الموقعة فى صالحنا. ومن ناحية أخرى يجب أن نسعى ونساعد إثيوبيا فى بحثها عن بدائل أخرى للتنمية لديها.. يجب أن نسعى على كل الاتجاهات. ربطت أخيراً بين قرار الرئيس مرسى بإلغاء غرامات زراعة الأرز وموقف مصر فى التفاوض حول مياه النيل.. كيف ذلك؟ نعم إلغاء الغرامات عن مزارعى الأرز له تأثير سلبى كبير على موقف المفاوض المصرى، حيث يصعب عليه مهمته فى اجتماعات دول الحوض، كما يؤثر على قرارات الدول التى أجلت تمويل السدود الإثيوبية، فربما يدفعها هذا القرار، ويجعلها تعاود التمويل، فى ظل مكافأة من أهدروا 9 مليارات متر مكعب فى زراعات أرز مخالفة.