قال الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية إن الأمة الإسلامية تواجه أخطر وأصعب موقف في تاريخها المعاصر، وسط محاولة سلب العرب والمسلمين حقهم الديني والتاريخي في القدس الشريف. وأضاف خلال كلمته أثناء مناقشات المحور الثاني للجلسة الرئيسية باليوم الأول لمؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس، أنه ليس غريبا على مصر ولا على الأزهر الشريف أن تحتضن محافل دولية دفاعا عن القدس التي كانت ولا تزال القضية الأولى للأمة الإسلامية لأنها مصير أمة ولم تكن قضية شعب بعينه، معتبرا أن التفريط فيها يعد خيانة لا يمكن لفرد أو لأمة أن تتحمل تبعاتها التاريخية أو الدينية. جاء ذلك في جلسة بعنوان "القدس وحضارتها.. التاريخ والحاضر"، وأدار النقاش فيها فؤاد السنيورة رئيس وزراء لبنان الأسبق، وشارك فيه الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية، والكاثوليكوس أرام الأول كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا، والشيخ محمد أحمد محمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية. وأضاف الدكتور شوقي علام، أن مدينة القدس القديمة وضع أساسها العرب قبل 5 آلاف سنة من الميلاد، وهي مهد الأديان السماوية التي اتفقت جميعها على قيم السلم والسلام والعدل والتسامح ومكارم الأخلاق. وأكد أن المسلمين توجهوا في بداية صلاتهم إلى القدس تأكيدا على وحدة الدعوة والرسالة، كما اختارها الله سبحانه وتعالى لتضم المسجد الأقصى مسرى النبي محمد عليه الصلاة والسلام في رحلة الإسراء والمعراج. وشدد على أنه لم ينقطع الاهتمام بالقدس الشريف في حضارة المسلمين، مستشهدا بعهد خليفة المسلمين عمر بن الخطاب حينما فُتحت مدينة القدس عام 16 من الهجرة وتسلم مفاتيحها وصلى خارج الكنيسة لكي لا يعطي حقا للمسلمين في استخدام دور عبادة المسيحيين، وفي ذلك احترام للأديان والمقدسات. وأضاف أن المكانة العظيمة التي أعطاها الإسلام للمسجد الأقصى تؤكد أن القدس الشريف معلم من معالم الحضارة العربية والإسلامية ومتجذر في قلب كل إنسان عربي ومسلم وسوف يأتي اليوم الذي تسترد فيها الحقوق ويتأخى فيه أصحاب الرسالات السماوية في سلام، مشددا على أن تاريخ فلسطين يشهد لمصر أنها لم تتخل يوما عن القدس الشريف ولا عن حقوق الفلسطينيين. من جانبه، قال الكاثوليكوس آرام الأول كاثوليكوس الأرمن الأرثوذكس لبيت كيليكيا، إن الاحتلال عمل على تغيير ديمغرافية مدينة القدس وتقليص المعالم الإسلامية والمسيحية، مشددا على أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أسهم في تأجيج الصراع وعواقبه غير محمودة ما لم تحدث اتفاقات مقبولة. وأضاف أن المجتمع الدولي لا بد أن يدرك أن القوة لن تقوض الحقوق ولن تعطي شرعية للاحتلال، معتبرا أن القدس في رأيه الخاص يجب أن تعلن عاصمة الأديان السماوية الثلاث حيث تمثل التواجد السلمي على مر القرون. وقال إن القدس لها دلالة عميقة في الديانة المسيحية حيث أنها المكان الذي ولد وتربى فيه السيد المسيح، وهي أيضا أرض كنيسة المهد تم نشر رسالة المسيحية منها إلى العالم. وأضاف أن الحقيقة هي أن السلام لا يمكن أن يتحقق بالقوة والسلام لا يمكن أن يشترى بالمال أو بما يطلق عليه المصالح السياسية أو الجغرافية ولا بد أن يؤسس فقط من خلال العدالة وقبول الآخر. وفي السياق ذاته، قال الشيخ محمد أحمد محمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية إن مدينة القدس هي التي تحتضن مسرى النبي وهي ثاني مسجد يوضع في الأرض لعبادة الله بعد البيت الحرام، فكيف لأحد أنه ينكر حق المسلمين فيها، لأنه مرتبط بالدين الإسلامي وللمسيحيين فيها كنائس ومقدسات. وأضاف أن القدس اليوم تستصرخ نخوة شعوب العالم وتئن من المحتلين وقرارات المتعجرفين، مشيدا بصمود أهل القدس في مواجهة العدوان الإسرائيلي المتكرر، مؤكدا أنهم صنعوا بطولات خلال الشهور الماضية بعدما تصدوا لمحاولات جيش الاحتلال الإسرائيلي بتركيب بوابات إليكترونية وكاميرات مراقبة داخل المسجد الأقصى. وعبر المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، عن أمله في يخرج المؤتمر بتوصيات عملية تخدم القدس وتضمد جراح الفلسطينيين.