كان حديثه يصل لكل المستويات خصوصاً غير المتعلم باستخدام اللهجة الفلاحى التى تقربه من البسطاء الباقورى عاش فى صراع بين ما يؤمن به وما كان يطلب منه وحيد حامد لم يكتب أى تفصيلة دون مرجع تاريخى لوجودها
صاحب موهبة فنية كبيرة عرفه الجمهور من خلال مشاركته فى فيلم «الجزيرة»، عندما جسد شخصية الشقيق الأخرس للنجم «أحمد السقا»، انطلق بعدها وتوالت أدواره المتميزة، وخلال الشهر الكريم أعلن التحدى بتجسيده شخصية الشيخ أحمد حسن الباقورى فى مسلسل «الجماعة2»... إنه النجم الشاب نضال الشافعى، الذى كشف ل «الأهرام العربي» أسرار كثيرة من كواليس المسلسل المثير للجدل فى الحوار التالى:
كيف تم اختيارك لتجسيد شخصية الباقورى؟ الترشيح جاء عن طريق وحيد حامد وشريف البندارى، حيث وجدت اتصالا من الشركة المنتجة، وعندما ذهبت إليهم وجدت «وحيد» يبتسم وقال لى أنت ممثل جيد وأنا شاهدتك أكثر من مرة وأتمنى أن تكون عند حسن ظنى، وما هى إلا دقائق حتى دخل المخرج شريف البندارى قائلاً: هناك شخصية مهمة جداً فى الأحداث عليك أن تستعد لها بشكل جيد، لأن شخصية الشيخ أحمد تحتاج الكثير من التحكم فى انفعالاته سواء الخارجية أم الداخلية، وبالفعل أخذت السيناريو وقرأته، لكن المفاجأة بالنسبة لى كانت فى أن الشيخ أحمد الذى تحدثوا عنه لم أكن أعرف باقى اسمه، وخلال النقاش مع المخرج شريف البندارى قلت له إن الشيخ أحمد له أهمية كبيرة فى جماعة الإخوان، خصوصا فى فترة الأربعينيات فوجدته يقول نعم الشيخ الباقورى كان محورا مهما فى الأحداث فتوقفت أمام ما قاله وكأنى أعيد قراءة الشخصية من جديد .
كيف كان استعدادك للشخصية؟
بعدما عرفت الشخصية الحقيقية وأهميتها داخل الأحداث، كانت لى جلسات مطولة مع المخرج والمؤلف حتى أتعرف على خلفية الشخصية المكتوبة على الورق، ودارت بيننا نقاشات عديدة لتوضيح بعض الجوانب الخفية فيها، وفى كل مرة أعيد قراءة السيناريو أكتشف فى الشخصية جانبا جديدا، فأتحدث مع المخرج ثم المؤلف وأضع بعض النقاط فى مفكرتي، ورحت أبحث عن حلقات برنامج الشيخ الباقورى فى التليفزيون وأنظر إلى طريقة حركاته أثناء جلوسه وكيفية نطقه للكلمات، واكتشفت أننى أمام شخصية ثرية جداً على عكس المعنى المتعارف عليه بين الناس بالنسبة لرجال الدين، بمعنى أنه شيخ مودرن يحب الأدب ويستمع للموسيقى ولديه وعى كبير سواء دينياً أم سياسياً.
ما أهم النقاط التى ركزت عليها أثناء التحضير للشخصية؟
بنظرة دقيقة أستطيع القول إن هناك شكلا خارجيا للشخصية وانفعالا داخليا للأداء، بمعنى أن الشيخ الباقورى كان يرتدى الزى الأزهرى المتعارف عليه لكنه لم يرتكن للون الأسود، وإنما كان ينوع فى ألوانه بين الأسود والرصاصى وبعض الألوان الأخرى، فقد كان مهتماً بمظهره بشكل كبير، لكن بالنسبة للعمامة كان يبعدها للخلف حتى تظهر جبهته بأكملها لأنه يمسح بيده على جبهته ومقدمة رأسه باستمرار أثناء الوضوء، حسب أحد المذاهب، الأمر الآخر أن لهجته كانت بسيطه للغاية ولم يحاول تغليظ الحديث باستخدام مفردات معقدة، بل بالعكس كان حديثه يصل لكل المستويات خصوصاً غير المتعلم باستخدام اللهجة الفلاحى التى تقربه من البسطاء، وقد نجح فى ذلك بشكل كبير، أما الشخصية من الداخل فأعتقد أنها مركبة بشكل كبير خصوصا أن بداخله صراعا بين ما كان يراه صوابا وما آلت إليه الأمور، خصوصا بالنسبة لرفاقه، فقد انضم للإخوان فى عهد حسن البنا وكان مؤمنا بمبادئه، لكن بعد وفاة البنا تغير الوضع وأصبح الصراع داخل الجماعة عمن يخلفه، وبرغم أنه كان الرجل الثانى فى مكتب الإرشاد فقد رفض أن يكون مرشداً .
هناك اختلاف فى أداء الشيخ الباقورى قبل ثورة يوليو وبعدها ما السبب؟
هذه الملاحظة مهمة جداً لأننا لو تأملنا الوضع قبل ثورة يوليو كان لا يزال داخل الجماعة ويتعاملون معه باحترام، خصوصا أن مكانته كانت كبيرة عند مؤسسها وكان يحاول حل المشكلات التى تواجهها الجماعة بشىء من الحكمة والهدوء، وكان ذلك واضحا على تصرفاته وابتسامته التى لم تفارقه أثناء الاجتماعات، وكان أحد الذين باركوا اختيار المستشار حسن الهضيبى مرشداً للإخوان برغم أنه من خارج الجماعة، كان منطقه فى ذلك أن التناحر الكبير داخل الجماعة على مقعد المرشد سوف يؤدى إلى انقسامات عنيفة، ومن الأفضل أن يكون المرشد الجديد رجلا له خبرة وليست له حسابات داخل الجماعة، هو كان يؤمن بالعمل الدعوى بعيداً عن العنف والصدام، وكان يرى أن القرب من رجال الثورة سيفيد الجماعة أكثر فى هذه المرحلة، لكن الجماعة اتخذت موقفا مغايرا لقناعاته، فأصبح لديه صراع داخلى فى كل تصرفاته، هل يسير وراء ما يراه صحيحاً وهو مقتنع به أم يسير وراء رأى الجماعة، خصوصا أن عليه السمع والطاعة مهما كان الأمر؟ هذه الانفعالات الداخلية ظهرت على أدائه بشكل كبير وأصبح يقلب الأمر كثيراً فى رأسه أثناء اتخاذه أى قرار، من هنا كان الاختلاف فى الشكل العام للشخصية قبل ثورة يوليو وبعدها وهذا شىء منطقى تماماً.
ما أصعب المشاهد التى عملت لها حساباً أثناء التصوير؟
الشخصية بصفة عامة كانت صعبة ومركبة وفى كل المشاهد كنت أدخل فى نقاش مع المخرج شريف البندارى لأتعرف على وجهة نظره فى الشكل العام للموقف قبل أن تدور الكاميرا، حتى أكون على نفس التراك، لكن لا أنكر أن هناك مشهدين عندما قرأتهما على الورق توقفت أمامهما بشكل كبير، المشهد الأول عندما تم ترشيح الشيخ الباقورى للوزارة، فخلفية المشهد كانت معقدة، حيث الترشيح جاء أولاً من الإخوان وهو ما باركه الباقورى، حيث كان يرى أن وجوده فى الوزارة بالقرب من أعضاء الثورة خدمة كبيرة للجماعة، لكن المشهد تعقد ورفض الإخوان المشاركة فى الوزارة، وطلب منه أن يعتذر عن المشاركة، لكنه كان قد أعطى وعدا وقام بحلف اليمين، فهو بين نارين، إرضاء الجماعة من جهة وقناعاته من جهة أخرى، فكان يخرج من بيته يحاول السير فى الشارع وكأنه هائم فى ملكوت الله، لكن ذروة المشهد كانت فى المواجهة بينه وبين المرشد المستشار حسن الهضيبى عندما استدعاه، هذه اللحظة كانت صعبة جداً لأنه تعرض فيها للقمع حيث كان الاختيار بين بقائه فى الجماعة أو قبوله الوزارة، وكأنه أحد الصبية الصغار الذين يتلقون الأوامر، لكن الأصعب أن الذى يخيره هو نفسه الرجل الذى بارك الباقورى ترشيحه ليكون مرشداً، فقد كانت لحظة كتابة الاستقالة من الجماعة ثقيلة جداً على نفسه، لذلك ركزت على خلجات الوجه أكثر من الكلام لأنها لحظة انفعال داخلى أكثر منها كلمات، لدرجة أننى وجدت يدى ترتعش وأنا أكتب نص الاستقالة، هذا المشهد أخذ منى تفكيرا كثيرا قبل أدائه، أما المشهد الثانى فكان عندما حكمت محكمة الثورة على الإخوان ومن بينهم المرشد بالإعدام، فمن الطبيعى أن ينتقم الباقورى من الرجل الذى أساء إليه ويبارك إعدامه، لكنه ضرب المثل لصحيح الدين ونسى الإساءة، وقال لجمال عبد الناصر إن هؤلاء الناس قد قضيت معهم جزءاً من العمر فلا أستطيع أن أتجاهل أياماً بيننا، لذلك أرجو إعادة النظر فى أحكام الإعدام، كان يقول هذا وعيناه تفيض من الدمع برغم ما فعلوه به وهذا المشهد كان صعبا جداً فى انفعالاته بالنسبة لى، لكن الحمد لله أن الجمهور تفاعل من الشخصية بشكل كبير وهذا بالنسبة لى هو ما كنت أنشده .
المسلسل تعرض للكثير من الهجوم سواء من الناصريين أم الوفديين ما السبب؟
المسلسل أثار العديد من القضايا التى كانت بعيدة عن فكر رجل الشارع، وكل فصيل يريد أن يظهر رجُله بصورة معينة ليست بها أى نقاط سوداء، لكن وللحق كل مشهد رأيته فى العمل له توثيق فى أكثر من كتاب عند وحيد حامد، وهناك أيضاً أستاذ للتاريخ يراجع العمل فلماذا هذا الهجوم الشرس علينا أن نفكر هل الأمر منطقى فى زمانه أم لا?
أخيراً ما الجديد عندك بعد انتهاء شهر رمضان؟
بعد العيد سوف أكمل مسلسل «السر» الذى بدأت تصويره قبل رمضان, لكنه خرج من السباق وسوف يعرض فى وقت قريب، والعمل به العديد من الأسماء اللامعة مثل الفنان حسين فهمى وعزت أبو عوف ودينا وأحمد حلاوة, تأليف حسام موسى ومن إخراج محمد حمدى .